آخر تحديث.. أسعار العملات مقابل الجنيه اليوم الأحد 5-5-2024    «الإسكان»: تخصيص الأراضي بالمدن الجديدة تنمية شاملة وفرصة للاستثمار    مصدر: مدير الاستخبارات الأمريكية توجه إلى قطر لبحث مفاوضات الهدنة في غزة    أحد الناجين من الهولوكوست: أنا والكثير من اليهود ندعم قضية الشعب الفلسطيني    صور| ملحمة جماهيرية لدعم محمد صلاح.. ولد ليكون أسطورة ليفربول    3 ظواهر تضرب البلاد خلال ساعات.. «الأرصاد» تحذر من نزول البحر    عمرو أديب: «مفيش جزء خامس من مسلسل المداح والسبب الزمالك» (فيديو)    أمين الفتوى: الله شرف مصر أن تكون سكنا وضريحا للسيدة زينب    نافس عمالقة ووصل بالأغنية السعودية للقمة.. تعرف على رحلة «فنان العرب» محمد عبده    قصواء الخلالي: مصر لا تحصل على منح مقابل استقبال اللاجئين    نقابة البيطريين تحذر من تناول رأس وأحشاء الأسماك المملحة لهذا السبب    لدعم صحة القلب والتخلص من الحر.. 5 عصائر منعشة بمكونات متوفرة في مطبخك    إصابة 3 أشخاص في تصادم 4 سيارات أعلى محور 30 يونيو    وزير السياحة يشارك كمتحدث رئيسي بالمؤتمر السنوي ال21 للشرق الأوسط وشمال إفريقيا    وكالات الاستخبارات الأوروبية: روسيا تخطط لأعمال تخريبية في أنحاء القارة    الفيضان الأكثر دمارا بالبرازيل .. شاهد    وزيرة الهجرة: نستهدف تحقيق 5 مليارات دولار قيمة أوامر الدفع بمبادرة المصريين في الخارج    منافسة بين آمال وأنغام وشيرين على أغنية نجاة.. ونبيل الحلفاوي يتدخل (فيديو)    حزب الله: استهدفنا مستوطنة مرغليوت الإسرائيلية بالأسلحة الصاروخية    نجل الطبلاوي: والدي مدرسة فريدة فى تلاوة القرآن الكريم    الهلال يحقق بطولة الوسطى للمصارعة بفئتيها الرومانية والحرة    أفراح واستقبالات عيد القيامة بإيبارشية ميت غمر |صور    فحص 482 حالة خلال قافلة طبية مجانية في الوادي الجديد    أعراضه تصل للوفاة.. الصحة تحذر المواطنين من الأسماك المملحة خاصة الفسيخ| شاهد    نائب سيناء: مدينة السيسي «ستكون صاعدة وواعدة» وستشهد مشاريع ضخمة    .تنسيق الأدوار القذرة .. قوات عباس تقتل المقاوم المطارد أحمد أبو الفول والصهاينة يقتحمون طولكرم وييغتالون 4 مقاومين    «ظلم سموحة».. أحمد الشناوي يقيّم حكم مباراة الزمالك اليوم (خاص)    الوزير الفضلي يتفقّد مشاريع منظومة "البيئة" في الشرقية ويلتقي عددًا من المواطنين بالمنطقة    لوائح صارمة.. عقوبة الغش لطلاب الجامعات    هل يجوز تعدد النية فى الصلاة؟ دار الإفتاء تجيب    ظهر على سطح المياه.. انتشال جثمان غريق قرية جاردن بسيدي كرير بعد يومين من البحث    روسيا تسيطر على قرية جديدة في شرق أوكرانيا    لجميع المواد.. أسئلة امتحانات الثانوية العامة 2024    "العطاء بلا مقابل".. أمينة الفتوى تحدد صفات الحب الصادق بين الزوجين    أمينة الفتوى: لا مانع شرعيا فى الاعتراف بالحب بين الولد والبنت    «العمل»: جولات تفقدية لمواقع العمل ولجنة للحماية المدنية لتطبيق اشتراطات السلامة والصحة بالإسماعيلية    تامر حبيب يعلن عن تعاون جديد مع منة شلبي    نقل مصابين اثنين من ضحايا حريق سوهاج إلى المستشفى الجامعي ببني سويف    انطلاق مباراة ليفربول وتوتنهام.. محمد صلاح يقود الريدز    فى لفتة إنسانية.. الداخلية تستجيب لالتماس سيدة مسنة باستخراج بطاقة الرقم القومى الخاصة بها وتسليمها لها بمنزلها    وزير الرياضة يتفقد مبنى مجلس مدينة شرم الشيخ الجديد    التخطيط: 6.5 مليار جنيه استثمارات عامة بمحافظة الإسماعيلية خلال العام المالي الجاري    الحكومة الإسرائيلية تقرر وقف عمل شبكة قنوات الجزيرة    ندوتان لنشر ثقافة السلامة والصحة المهنية بمنشآت أسوان    تقرير: ميناء أكتوبر يسهل حركة الواردات والصادرات بين الموانئ البرية والبحرية في مصر    5 مستشفيات حكومية للشراكة مع القطاع الخاص.. لماذا الجدل؟    ميسي وسواريز يكتبان التاريخ مع إنتر ميامي بفوز كاسح    لاعب فاركو يجري جراحة الرباط الصليبي    الإفتاء: كثرة الحلف في البيع والشراء منهي عنها شرعًا    كنائس الإسكندرية تستقبل المهنئين بعيد القيامة المجيد    طوارئ بمستشفيات بنها الجامعية في عيد القيامة وشم النسيم    موعد استطلاع هلال ذي القعدة و إجازة عيد الأضحى 2024    البابا تواضروس: فيلم السرب يسجل صفحة مهمة في تاريخ مصر    "خطة النواب": مصر استعادت ثقة مؤسسات التقييم الأجنبية بعد التحركات الأخيرة لدعم الاقتصاد    اليوم.. انطلاق مؤتمر الواعظات بأكاديمية الأوقاف    عودة المهجرين لشمال غزة .. مصدر رفيع المستوى يكشف تفاصيل جديدة عن المفاوضات    مختار مختار: عودة متولي تمثل إضافة قوية للأهلي    شم النسيم 2024 يوم الإثنين.. الإفتاء توضح هل الصيام فيه حرام؟    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



د. سحر الموجي تكتب: مصر 1862
نشر في بص وطل يوم 04 - 04 - 2010

جاءت ليدي "لوسي داف جوردن" إلى مصر عام 1862 بعد أن أخبرها الأطباء بأن حالتها الصحية لا تتحمل شتاء إنجلترا، وكانت في العام السابق لمجيئها قد ذهبت إلى جنوب أفريقيا؛ لكن حالة رئتها لم تتحسن هناك، وقضت ليدي جوردن ما تبقّى لها من سنوات في مصر، في الأقصر تحديداً؛ حيث تعلمت العربية وعايشت المصريين واطّلعت عن قرب على سلوكهم وأفكارهم؛ الشيء الذي يعكسه بوضوح كتابها "رسائل من مصر".
يمثّل الكتاب تأريخاً مهماً لمصر في الفترة 1862- 1869، وهو تأريخ لا يتسم بالنبرة السياحية التي تصم بعض كتابات الرحّالة الغربيين، ولا يهتم بعالم السياسة؛ إلا فيما له علاقة بأحوال الفلاحين المصريين، الذين عانوا من سياسات إسماعيل باشا؛ سواء فيما له علاقة بالزراعة والأرض أو بحفر قناة السويس؛ لكن ما استوقفني على مدار الكتاب هو "الشيخ يوسف".
كان الشيخ يوسف مسئولاً عن تدريس اللغة العربية لليدي جوردن؛ لكن الأهم أنه كان الواجهة المنيرة التي قدمت الإسلام والمصريين لامرأة إنجليزية. على مدار رحلة السنوات السبع الأخيرة من عمر الكاتبة يظهر الشيخ يوسف في مواضع عدة؛ نراه يُصرّ أن يقرأ أحمد "الكتاب المقدس".
وأحمد الطفل هو ابن أحد المعارف المصريين الذي كان من المقرر أن يسافر إلى إنجلترا لاستكمال تعليمه. تقول جوردن إنها لم توافق على قراءة الكتاب المقدس معه؛ إلا بعد أن استأذنت والده، وعندما سمعها الشيخ يوسف، أظهر إصراره على أن يقرأ أحمد الكتاب المقدس؛ حتى تحميه المعرفة من الأفكار الخاطئة، التي قد تقابله في أوساط الإنجليز من الطبقات غير المتعلمة.
ومثلما نرى الشيخ يوسف يسأل ليدي جوردن عن قوانين الزواج والإرث في المسيحية حتى لا يصدر حكماً ظالماً لقبطي مصري؛ فهو يؤكد في موضع آخر أنه لا القرآن ولا رأي العلماء يدين المسيحي أو اليهودي لاختلاف الديانة ولا حتى الكافر.
وفي إحدى مناظراته مع رجل دين آخر (الشيخ عبد الرحمن)؛ يؤكد الشيخ يوسف أن الله قد أرسل الديانات من خلال رسله؛ لكنه ترك كل فروع المعرفة الأخرى مفتوحة أمام عقل الإنسان؛ فلماذا لا نتعلم من ثقافات أخرى سبقتنا في فروع العلم؟!
إن رسائل ليدى جوردن من مصر، التي تغطي الفترة بين 1862 و1869، ترسم صورة بعيدة كل البعد عن الخطاب الديني المصري، الذي علا صوته في نهايات القرن العشرين وبدايات الألفية.

إنها صورة التديّن السمح الذي لا يدّعي تميّزاً على الآخرين، ولا يرفع نبرة خشنة في وجه امرأة مسيحية؛ بل يدعو لها بالشفاء في مولد سيدي أبو الحجاج الأقصري؛ حيث عاشت جوردن بجواره، ودفنت في أرضه وبين أتباعه من المسلمين.
تؤكد جوردن على مدار الكتاب أن كلاً من المسيحية والإسلام في مصر يعودان بطقوسهما إلى آلاف السنين حين عرف المصري القديم الإله وقدّسه واحتفى به. إنه الدين الذي يؤكد كرامة البشر والمساواة الكاملة بينهم بغض النظر عن اعتبارات الثروة والنفوذ.
رحم الله الشيخ يوسف وأمثاله من العلماء المستنيرين ذوي العلم الواسع والتسامح الفياض، الذين كانوا المقدمات الطبيعية لظهور الإمام محمد عبده بأفكاره، التي ساهمت في بناء النهضة الليبرالية المصرية في بدايات القرن العشرين.
عن المصري اليوم
4 أبريل 2010


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.