أنا صيدلانية عمري 38 سنة و لم أتزوج، مش دي هي المشكلة؛ المشكلة إن ليّ أخت أكبر مني لم تتزوج أيضا و تتهمني أني السبب فىي عدم زواجها لأني قلت مرة وأنا في سن 24 إنها بييجي لها عرسان و أنا لأ و تقول لي إني حسدتها وإني السبب فى كل فشلها فى كل حاجة لأني حسودة و كمان بتقول لي حاولي تتعالجي لأنك ممكن تكوني بتؤذي حد تاني. المهم إني ملاحظة إن كل اللي حوالي عندهم مشاكل و مش سعداء حتى أصحابي فهل أنا فعلا حسودة بجد و أعرف منين إذا كنت وحشة و لا إيه؟
ss
صديقتي العزيزة.. الحسد هو تمني زوال النعمة من شخص آخر، وهو صفة ذميمة والإنسان الحسود لا يحب أي حال سعيد لغيره ولكنه قد لا يدرك أنه يضر نفسه في المقام الأول فبالإضافة إلى عقاب الشخص الحسود عند الله فهو لا يتمكن أبدا من العيش بسعادة بسبب تطلعاته إلى ما في يد غيره وبالتالي لا يتمكن أبدا من رؤية الجوانب الايجابية في حياته هو لأن عيناه مع غيره فلا ينظر إلى ما في يده. أنت وحدك من يستطيع أن يحدد اتجاه مشاعره داخله ونوعيتها ولذلك تحدثت معك عن شعور الحسد، ولكن هناك شعور آخر يشبهه ولكنه شعور صحي وهو الغبطة، بمعنى أنك عندما ترى آثار نعمة الله على عبده تغبطيه على ذلك فتتمني حاله السعيد ولكنك لا تتمنى زوال النعمة من عنده، وهذا هو الشعور الذي يمكنك الشعور به حينما تتمنين شيئا دون أن تخافي من نفسك أو تشعري أنك شخصية سيئة. عزيزتي.. إن ما يقوله لك أي شخص لا يعني الحقيقة ولا يعني أن حكمه سليم تماما، قد يكون شخصا قريبا منك يحاول أن يلفت نظرك لصفة يخشى أن تكبر فيك خاصة حينما يهمه مصلحتك وسعادتك، لذا حينما ترين أن أحدا يرى فيك شيء اختبري مشاعرك الحقيقية حتى تدركي هل فعلا تذهبين في هذا الاتجاه دون أن تشعري بذلك. صارحي نفسك بما هو داخلك من حقك الشعور بالألم كانسانة إذا تمنيت شيئا وافتقدته فالله سبحانه وتعالى لا يحاسبنا على ألمنا الداخلي تجاه شيء نتمناه ولكن يحاسبنا على تصرفاتنا وما يمكن أن نؤذي به أنفسنا أو نؤذي به الآخرين، لذلك في نفس الوقت عليك أن تعلمي نفسك الرضا بالحال وحمد الله في جميع الأحوال فهو تعالى عليم خبير بكل انسان فينا يخلق له ما يناسبه، وهذا الرزق لا يؤثر على غيره فليس معناه أن فلانة حصلت على شيء فهي الرابحة، الحياة ليست مباراة يتم قياسها بهذا الشكل، فقد تكون مثلا الفتاة التي لم يقدر لها الله الزواج أفضل حالا بعشرات المرات من التي لا تقدر حياتها الزوجية و يوجد فيها مشاكل تفسد عليها الاحساس بحياتها، أو حتى تفشل في أن تكون زوجة، وإذا نظرت لحالهم الأصلى لاكتشفت أنك لا تتمنين أبدا أن تكوني مكان أي شخصية أخرى غيرك. لأن كل شخص خلق بداخله القدرة على تحمل ظروفه، وحياته بها من جوانب السعادة ما يجعله يشعر بالرضا إذا أراد وفيها من جوانب النقص ما هو اختبار له على صبره وايمانه ورضاه عن الله وفي نفس الوقت تربية له، ولكي يدرك أنه ما اكتلمت سعادة أحد أبدا في هذه الدنيا وإلا لما أطلق عليها لفظ دنيا من الدنية، فالله تعالى حينما يحب شخص يريده بقربه ويريد أن يلجأ له في كل شيء ويدرك أن بيده الرزق ولا يركن إلى الدنيا وبالتالي يرى المسبب وليس السبب، لا يجعل الدنيا في قلبه بل يجعلها في يده، يدعو الله بما يريد وهو راضي عن اختيار الله سبحانه وتعالى له، يسير في حياته يحاول تحقيق النجاح ولكن لا يتعلق بها وكأنها آخر المطاف وهي دنيا حقيرة لا تساوي شيئا . لذا إذا نظرت إلى حياتك ستكتشفين السعادة موجودة فيها ولكنك لم تحاولي تقديرها كذلك في حياة أختك، فالله يا عزيزتي لم يظلم أحد وإن لم يرضى الانسان عن حياته الآن كما هي لن يرضى عنها حتى لو تحقق ما يريد لأنه لم يربي نفسه على الرضا ولم يعرف أن كل حالة لها جوانب سلبية وايجابية فإذا تعود على رؤية السلبي دائما كيف سيرى الايجابي حتى في ما تمناه؟ تذكري دوما أن الرزق الذي ترينه فيمن حولك هو خاص بهم هم، وليس معناه أنهم حصلوا عليه فقد ربحوا السعادة وليس معناه كذلك أنهم أفضل حالا منك وأنهم أخذوا رزقا كان سيأتيك "وَلَا تَتَمَنَّوْا مَا فَضَّلَ اللَّهُ بِهِ بَعْضَكُمْ عَلَىٰ بَعْضٍ ۚ لِلرِّجَالِ نَصِيبٌ مِمَّا اكْتَسَبُوا ۖ وَلِلنِّسَاءِ نَصِيبٌ مِمَّا اكْتَسَبْنَ ۚ وَاسْأَلُوا اللَّهَ مِنْ فَضْلِهِ ۗ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمًا " ادعي الله بكل ما تتمنيه وانكسري بين يديه وأنت كلك ثقة ويقين أنه يحب سماع صوته ويستجيب دعائك في الخير دوما، وكل أقدار الله لك خير ولكن قد تظنين في حال معين أن ذلك خير لك في حين يصرف الله عنك سوءه " وَيَدْعُ الْإِنْسَانُ بِالشَّرِّ دُعَاءَهُ بِالْخَيْرِ وَكَانَ الْإِنْسَانُ عَجُولًا " . انظري إلى نفسك نظرة رضا وادعي للغير دائما أن يرزقهم الله السعادة ورددي دائما كلمة الحمد لله حتى تشعري بالسكينة، وكلما رأيت أثر نعمة الله على أحد قولي فورا بسم الله ما شاء الله ولا حول ولا قوة إلا بالله، وهنا لن تصيبي أحد بأي حسد لأنك ذكرت الله وذكرت أنه كل ما يحدث بحول الله وقوته، وبالتالي لن يراودك الشعور بأنك شخصية سيئة أو حسودة . مع تمنياتي لك بالسعادة ونتمنى استقبال المزيد من رسائلك لنطمئن على أحوالك .