زلزال سياسي في هولندا| خلاف حول إسرائيل يطيح بالائتلاف الحاكم    تشيلسي يدك شباك وست هام بخماسية في الدوري الإنجليزي    بعد إعلان المجاعة.. الهلال الأحمر الفلسطيني: لم نعد نتوقع شيئا من المجتمع الدولي    الجرام يسجل أقل من 3900 جنيها.. أسعار الذهب والسبائك اليوم بالصاغة بعد الانخفاض الجديد    كأس السوبر السعودي.. هونج كونج ترغب في استضافة النسخة المقبلة    استخراج القيد العائلي 2025 أون لاين.. الخطوات والشروط والأوراق المطلوبة    محمد النمكي: الطرق والغاز جعلت العبور مدينة صناعية جاذبة للاستثمار| فيديو    أهداف إنشاء صندوق دعم العمالة غير المنتظمة بقانون العمل الجديد    عصابات الإتجار بالبشر| كشافون لاستدراج الضحايا واحتجازهم بشقق سكنية    بورسعيد.. أجمل شاطئ وأرخص مصيف| كيف كانت الحياة في المدينة الباسلة عام 1960؟    «مياه الأقصر» تسيطر على بقعة زيت فى مياه النيل دون تأثر المواطنين أو إنقطاع الخدمة    شريف حافظ: الحب هو المعنى في حد ذاته ولا يقبل التفسير... والنجاح مسؤولية يجب أن أكون مستعدًا لها    نوال الزغبي: ضحيت بالفن من أجل حماية أولادي بعد الطلاق    سعر السمك البلطي والكابوريا والجمبري في الأسواق اليوم السبت 23 أغسطس 2025    أبطال فيلم "وتر واحد" يشاركون ويجز تألقه على مسرح العلمين    «الشمس هتغيب قبل المغرب».. كسوف الشمس الكلي يظهر في سماء 9 دول بهذا التوقيت    تنسيق دبلوم التجارة 2025.. قائمة الكليات والمعاهد المتاحة لطلاب 3 سنوات «رابط وموعد التسجيل»    عميد تجارة القاهرة الأسبق: الجامعات الحكومية ما زالت الأفضل.. وهذه أسباب تفضيل البعض للخاصة    سهير جودة عن شيرين عبدالوهاب وحسام حبيب: «انفصال وعودة مزمنة.. متى تعود إلينا؟»    فيفي عبده تعلن وفاة الراقصة المعتزلة سهير مجدي    «الأستانلس أم التيفال»: هل نوع حلة الطبخ يغير طعم أكلك؟    طريقة عمل الملبن الأحمر في المنزل ل المولد النبوي (خطوة بخطوة)    ويجز يغنى الأيام من ألبومه الجديد.. والجمهور يغنى معه بحماس    أطعمة تسبب الصداع النصفي لدى النساء ونصائح للسيطرة عليه    رسميا.. جامعة الأزهر 2025 تفتتح أول كلية للبنات في مطروح وتعلن عن تخصصات جديدة    الإنتاج الحربي يستهل مشواره بالفوز على راية الرياضي في دوري المحترفين    التعليم تطلق دورات تدريبية لمعلمي الابتدائي على المناهج المطورة عبر منصة (CPD)    طارق فهمي: الإعلان الأممي عن تفشي المجاعة في غزة يعكس حجم الكارثة الإنسانية    بوتين: واثق أن خبرة ترامب ستسهم في استعادة العلاقات الثنائية بين بلدينا    ويجز يغنى الأيام من ألبومه الجديد.. والجمهور يغنى معه    مدحت صالح يتألق بغناء حبيبى يا عاشق وزى المليونيرات بحفله فى مهرجان القلعة    وزير الخارجية الأردني: على إسرائيل رفع حصارها عن قطاع غزة والسماح بإيصال المساعدات    نشرة التوك شو| موجة حارة جديدة.. وشعبة السيارات تكشف سبب انخفاض الأسعار    رسميا.. مدرسة صناعة الطائرات تعلن قوائم القبول للعام الدراسي الجديد 2025/ 2026    مصدر ليلا كورة: كهربا وقع عقدا مع القادسية الكويتي    غزل المحلة يبدأ استعداداته لمواجهة الأهلي في الدوري.. صور    أول تعليق من النني بعد فوز الجزيرة على الشارقة بالدوري الإماراتي    إسرائيل تشن هجومًا على مخازن تابعة لحزب الله في لبنان    ارتفاع الكندوز 39 جنيها، أسعار اللحوم اليوم في الأسواق    وزير الري يشارك في جلسة "القدرة على الصمود في مواجهة التغير المناخي بقطاع المياه"    مراسل من دير البلح: المنطقة باتت مستباحة بالكامل تحت نيران الاحتلال    3 أبراج على موعد مع التفاؤل اليوم: عالم جديد يفتح الباب أمامهم ويتلقون أخبارا مشجعة    تشيلسي يقسو على وست هام بخماسية في الدوري الإنجليزي (فيديو)    رياضة ½ الليل| إيقاف تدريبات الزمالك.. كشف منشطات بالدوري.. تعديلات بالمباريات.. وتألق الفراعنة بالإمارات    اليوم، دار الإفتاء تستطلع هلال شهر ربيع الأول لعام 1447 هجريا    المنوفية تقدم أكثر من 2.6 مليون خدمة طبية ضمن حملة 100 يوم صحة    صحة المنوفية تواصل حملاتها بسرس الليان لضمان خدمات طبية آمنة وذات جودة    سعر الدولار الآن أمام الجنيه والعملات العربية والأجنبية السبت 23 أغسطس 2025    قدم لكلية الطب وسبقه القدر.. وفاة طالب أثناء تركيبه ميكروفون لمسجد في قنا    مقتل عنصر من الأمن السورى فى هجوم انتحارى نفذه "داعش" بدير الزور    هل يجوز شرعًا معاقبة تارك صلاة الجمعة بالسجن؟.. أحمد كريمة يجيب    هل إفشاء السر بدون قصد خيانة أمانة وما حكمه؟ أمين الفتوى يجيب    خدعوك فقالوا: «الرزق مال»    ثورة جديدة بتطوير المناهج «2»    خطيب الجامع الأزهر: أعداء الأمة يحاولون تزييف التاريخ ونشر اليأس    شنوان.. القرية التي جعلت من القلقاس جواز سفر إلى العالم| صور    إمام مسجد بكفر الشيخ: لابد أن نقتدى بالرسول بلغة الحوار والتفكير المنضبط.. فيديو    رابطة الصحفيين أبناء الدقهلية تؤكد انحيازها التام لحرية الإعلام    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



فلسفة الهند وتحولاتها التاريخية من خلال موسيقاها
نشر في صوت البلد يوم 14 - 12 - 2017

عندما تحدث ريجنالد ماسي عن خصوصية وأزلية وأهمية علاقة الإنسان بالموسيقى؛ فهو بذلك يؤكد أن فن وعلم الموسيقى هو أنبل أثر لروح الإنسان، فالإنسان في حاجة للموسيقى، ولهذا ابتكرها منذ زمن موغل في القِدم ليضفي بُعداً أعمق على أسلوب تعابيره الخيالية والروحية والعاطفية. وبما أن لكل شعب موسيقاه؛ فقد عدّ ماسي، الموسيقى الهندية في أشكالها الكلاسيكية واحدةً من أعرق الأنواع الموسيقية التي ظلت حيه إلى يومنا هذا، ورغم ما شابها من تغيّر إلا أنها تبدو إلى حد بعيد مثلما كانت عليه منذ أزيد من ألفي سنة، والمقصود بموسيقى الهند تلك التي تعتمد بُنية نغمية وإيقاعية تميزت بها شعوب شبه القارة الهندية الباكستانية البنغلاديشية، ولِما أصبحت عليه هذه الموسيقى؛ فثمة كُتب عديدة تناولتها؛ إلا أن بعض تلك الكُتب شوشت الصورة؛ وهو ما دفع ريجنالد ماسي، وهو شاعر وكاتب وناقد، دَرسَ الموسيقى والرقص الهنديين لسنوات عديدة، مع زوجته جميلة ماسي، وهي ممثلة وكاتبة شديدة الاهتمام بالموسيقى إلى تأليف كتاب «موسيقى الهند»، الذي نقله للعربية عبدالوهاب المقالح وصدر عن «مشروع كلمة» في أبو ظبي؛ في 255 صفحة من القطع المتوسط.
البدايات
تتبعت الأقسام الأولى تأريخ موسيقى الهند وعلاقتها بالعوامل الدينية والسياسية والاجتماعية والثقافية، انطلاقاً من مرحلة النصوص المقدسة القديمة (التراث الفيدي)؛ وهو تاريخ ما قبل الهند وصولاً إلى التاريخ الآري، وهو تاريخ قدوم الآريين للهند؛ وسميت تلك المرحلة كلها من تاريخ الهند بالمرحلة الفيدية، وهي نحو ألفي سنة قبل الميلاد. وتطرق الكتاب إلى نظام الطوائف الاجتماعية الذي وضعه الآريون بعد أن أخضعوا البلاد لسيطرتهم، وهو نظام ينقسم إلى طوائف رئيسة، وكانت تحت كل طائفة طوائف ثانوية؛ ففي طائفة الفنون هناك طوائف متخصصة في الموسيقى والرسم والرقص، وكانت الطوائف تتوارث المهن بصورة منتظمة وفق أشكال محددة، ولأن طائفة البراهمانيين كانوا يحجمون عن تدوين التواريخ فقد ظلوا يتناقلون الموضوعات في صورة أساطير وأوامر دينية ارتبطت بالآلهة، وجمعت المعارف في أسفار سميت ب»الشارسترات»، وخوفاً من وقوعها بيد الأشرار؛ فقد كانت تدون بمفردات رمزية. هذه الأسفار ارتبطت ارتباطاً وثيقاً بالموسيقى؛ لأن الأبيات الشعرية كانت تنشد في أدوار موسيقية منتظمة. وقد قُسمت الموسيقى إلى نوعين: نوع تسرّ الآلهة وأخرى تسرّ البشر، إضافة إلى الموسيقى الشعبية التي كانت جزءاً من الحياة اليومية للإنسان الهندي العادي.
خادمات المعابد
مما سبق يتضح ارتباط الموسيقى الهندية في تأسيسها بالتراث الفيدي (النصوص المقدسة) وبالتالي فقد أخذت تكرّس حضورها انطلاقاً من مكانتها في المعابد؛ وهنا تشكلت مرجعيتها الدينية من خلال اعتماد المعابد عليها، ومن هذا الاهتمام نشأ ما كان يُعرف بنظام (الديفاديسيات) أو خادمات المعابد، اللواتي كن عبارة عن فتيات يهدين من العائلات لخدمة آلهة المعبد، وعادة ما تكون العائلة موسيقية؛ فتمارس أجمل فتياتها الموسيقى والرقص والبغاء خدمة للمعبد، في ما يتولى أبناء العائلة تعليم الموسيقى، وهو نظام استمر حتى أوائل القرن العشرين. وتحظى (الديفاديسيات) بمنزلة وثروة كبيرتين وقد أسهمت هذه العائلات في الدفاع عن فنون الموسيقى والرقص وحافظت عليها عبر عصور، حتى بدأت حركة الاحتجاج ضدها خلال الاحتلال البريطاني؛ فبدأت في التراجع والاختفاء، وبعدما كانت موسيقى الهند دينية، أصبحت الآن أكثر دنيوية، وصارت الهند تعج بصالات الحفلات الموسيقية وأكاديميات التعليم الموسيقي وبالتالي ظهور عدد كبير من الموسيقيين.
شعوب كثيرة أغان كثيرة
كما مثلت التركيبة الاجتماعية المتنوعة للهند مرجعية أخرى أسهمت في تغذية الموسيقى وتطويرها. وتميزت الهند ب845 لغة ولهجة محلية، في مؤشر لحجم التنوع والصراع الذي عاشته شبه القارة، سواء من الغزاة أو في ما بين الممالك التي قامت في هذه الأراضي، وما مارسته تلك الإمبراطوريات إلى ظهور الإسلام ووصوله للهند، وما شهدته العلاقات بين الإمبراطورية العباسية الإسلامية والهند من علاقات تبادل ثقافي، بما فيها الموسيقى على المقامين الموسيقيين، اليماني والكافي، اللذين يدلان بوضوح على أصولهما العربية. وعلى صعيد العلاقة بالإسلام فقد واصل الأتراك اجتياحهم للهند بعد سيطرتهم على الخلافة العباسية، وكانوا هم الذين شرعوا بإقامة مستوطنة إسلامية في الهند خلال القرن الحادي عشر ميلادية، وكان أولئك المسلمون، تركا وفرسا وأفغانا ومغولا، قد أسهم كل منهم بثقافته وأعرافه في صناعة النسيج المتعدد الأعراق للمجتمع الهندي، خلال تاريخ النفوذ الإسلامي الذي أمتد لأكثر من أربعمئة سنة قبل الغزو المغولي، ليؤكد الكتاب أن شبة القارة الهندية هي الأكبر ثراء وفتنة موسيقية بسبب الأعراق الكثيرة التي عاشت فيها.
البلاط الموسيقي
بالإضافة إلى تأثير الدين والمجتمع فإن الحُكام والساسة اعتنوا بالموسيقى في الهند؛ وهو ما كرّس عِلم الموسيقى مبكراً. ولهذا نجد الكتاب يتحدث عن تاريخ عِلم الموسيقى في الهند، من خلال أسماء وإسهامات عددٍ من العلماء في مناطق متفرقة من شبه القارة؛ الذين قدّموا إضافات لعلِم الموسيقى، متوقفاً عند ما قدمه لوكاناكافي، وهو البنغالي العالِم في الشعر والنقد الموسيقي صاحب كِتاب «راغا تارانغيتي» عام 1160، الذي ميّز 12 راغا (نغمة) أساسية اشتقت منها 86 راغا ثانوية، منوهاً بالموسيقيّ «سارانغاديفا» ومكانته المهمة في الموسيقى الهندية. كما نوه الكِتاب بإسهامات الحُكام في خدمة الموسيقى في الهند، من خلال احتضان بلاطاتهم لعددٍ من الموسيقيين والراقصين ورعايتهم، بمن فيهم الحُكام المسلمون هناك، وكان التأثير الإسلامي شديد الوضوح في ذلك الزمن، حيث كان أمير خسرو المولود عام 1234 أول عاِلم موسيقيّ مُسلم عظيم في الهند. لقد كان أمير خسرو شغوفاً بالموسيقى؛ فدرَس الموسيقى الفارسية والعربية والهندية، وأدخل عناصر فارسية وعربية للموسيقى الهندية، كما غيّر نظام ترتيب الأوتار.
المغول
عقب فترة النفوذ الإسلامي في الهند دخلت شبه القارة تحت مظلة المغول، وشهدت الفنون وموسيقى الهند خلال فترة حكم المغول لقرنين من الزمن نهضة وتطورا جراء ما كانوا يولونه من اهتمامٍ، خصوصاً في أواخر عهدهم؛ حيث كان بلاط كل واحد منهم يكتظ بالفنانين الموسيقيين والرسامين والشعراء؛ وكان كثير من حكامهم المتأخرين شعراء وموسيقيين ومؤلفين، وتأسست في عهدهم فرقة موسيقية مؤلفة من ستين موسيقيا، وكان بهادر شاه، آخر أباطرتهم في الهند، شاعرا ذائع الصيت ومؤلفاً موسيقياً، وقد نفاه البريطانيون إلى بروما حيث مات والهند تحت حكم التاج البريطاني.
التطور الموسيقي
ظلت الموسيقى الدنيوية على عهدها حتى القرن السادس عشر، وازدهرت في امبراطورية فيجايانغار، وقد بلغ فيها الموسيقي والراقص درجة رفيعة من الإجادة، منوهاً بما شهده جنوب الهند من تطور في تجميع الراغات (السلالم النغمية) تحت اثنين وسبعين سلماً أصيلاً؛ وهو نظام براكاشيكا، الذي ما زال مستخدماً إلى اليوم، فيما أشار إلى ما شهده شمال الهند من محاولة مشابهة لإعادة تنظيم الموسيقى قام بها «تانسن»، وفي نهاية القرن السابع عشر بلغت الموسيقى الهندية الكلاسيكية في الشمال والجنوب درجة من الثبات والاستقرار، وهو ما لوحظ في القرن التالي بولادة عصر ذهبي حلّ بولادة تياغاراجا عام 1760 في تيروفارور، الذي ظهر موسيقياً دينياً قوياً من خلال تراتيله الشهيرة؛ فحجبت شهرته موسيقياً قديساً إنجازاته في الموسيقى الدنيوية، وقد شكل مريدوه ثلاث مدارس موسيقية مختلفة أسهمت في تطوير موسيقى الهند.
البريطانيون
ناقش الكتاب واقع الموسيقى الهندية منذ أصبح التجار البريطانيون في منتصف القرن الثامن عشر الحُكام الاقتصاديين للهند، وحتى أصبحوا بعد معركة كلايف عام 1757 الحُكام السياسيين المؤثرين، منوهاً بإسهامات عددٍ من المستشرقين، بعد أن درسوا وأجادوا موسيقى الهند، ولهم إسهاماتهم الإيجابية في دراسة تراث الهند؛ ومن أبرز هؤلاء كان ماكس مولر، إضافة لما أسهمت به جامعة كلكتا التي أسستها بريطانيا شبيهة بجامعة لندن، وخرّجت عدداً من الشبان الذين شكلوا طبقة مثقفة جديدة، وصولاً إلى مرحلة النهضة الثقافية في الهند، التي بلغت ذروتها التعبيرية في حياة رابندرانات طاغور بين1861 1914.
كليّات الموسيقى
شهد العقد الأخير من القرن التاسع عشر إسهامات عظيمة لفينشول نارايان بهاتكاندي، أعظم عالِم موسيقي هندي حديث، ومن أهم إسهاماته تثبيت حقائق كل مدرسة موسيقية هندية، تلا ذلك إنشاء كليات للموسيقى، منها: كلية مادهاف في غاليور ومدرسة ولاية بارودا للموسيقى، حتى أصبحت مهنة الموسيقى مقبولة لدى الطبقات الوسطى. وفي عام 1916 عقد مهراجا بارودا مؤتمر «موسيقى عموم الهند الأول» في بارودا، وتوالت دورات المؤتمر، وبدأت مرحلة تطوير الآلات الموسيقية وظهور العديد من الكتب في هذه المجالات لعددٍ من علماء الموسيقى في الهند. ساعد على ذلك أن الموسيقى والرقص كانا يحظيان برعاية الأمراء والزمندرات الاقطاعيين، وكان الموسيقيون يتنافسون في ما بينهم في البلاطات.
ومع تحرر الهند من الحكم البريطاني جاء جواهر لال نهرو، وهو أول رئيس وزراء في الهند الجديدة، وكان مُدركاً لحقيقة تراث الهند باعتباره كنزا نفيسا. وكانت سياسته داعمة للفنون في مختلف مستوياتها؛ فتأسست وزارة للشؤون الثقافية، وتواصل تأسيس أكاديميات للفنون والموسيقى، وأتاحت الإذاعة الحكومية مساحات لائقة بالموسيقى، وتم تكريم رموز الموسيقى الذين وجدوا من خلال الإذاعة جمهوراً جديداً.
الموسيقى والسينما
لا يمكن تجاهل علاقة السينما الهندية بالموسيقى، حيث تنتج صناعة السينما الهندية نحو 400 فيلم سنوياً، ولابد أن يتضمن كل فيلم خلفية موسيقية ومجموعة من الأغاني، انطلاقاً مما تشكله الأغاني من أهمية للسكان باعتبارها الغذاء الموسيقي الرئيس لغالبية الهنود.
وأشار الكِتاب إلى الجدل المحتدم منذ سنين حول أثر هذه الألحان الأوركسترالية السطحية وتلك الألحان المنتحلة من مصادر أجنبية، وذلك المزج بين آلات هندية وآلات غربية على الحساسية الموسيقية للشعب الهندي. وانتقد الكتاب موسيقى الأفلام؛ فأغلبها ليس هندياً تماماً بقدر ما هو شكل من أشكال التهجين التجاري المستقى من مصادر عدة.
ووفق الكتاب فقد أخذ هذا التهافت الاوروكسترالي يؤثر الآن في موسيقى الفلاحين الشعبية. وحذر من كارثة هائلة ستحدث إن استمرت ما اعتبرها تلفيقات الموسيقيين الحاذقين في ستديوهات بومباي، في إلحاق الضرر بذلك التقليد الشعبي الثري. وحسب الكتاب فإن قلة قليلة من الأفلام مثلت قناة نقل جيدة للموسيقى الرائعة، وأشار إلى ما أسهمت به الجامعات والكليات المتخصصة اليوم في الهند من جهود رائعة؛ فتوسعت بذلك أصول تقاليد الموسيقى الكلاسيكية، ولم تعد الموسيقى حكراً على طبقة معينة، على الرغم من ذلك ما زالت الطبقية مشكلة أمام ممارسة الموسيقى في الهند؛ إذ لا يمكن لابنة عامل مصعد من فئة «الشودرا» المنبوذة أن تفكر مجرد تفكير أن تكون عازفة بيانو مثلاً أو فنانة في مجال ما.
الهند والغرب
وعن علاقة الغرب بالموسيقى الهندية، قامت الحكومة الهندية بإرسال بعثات ثقافية إلى بلدان عديدة، وهو ما أسهم في إيجاد تفهم دولي عظيم للثقافة الهندية وفنونها، إلا ان هذا لا يخلو من جوانب سلبية، انعكس أثرها على الداخل من خلال المنظمات الخيرية ذات الأنشطة الثقافية الدولية، وطالب المؤلف متعهدي تقديم الهند للغرب بإزالة البهرجة والسطحية والغرابة، ونوه بالتأثيرات التي شهدتها الموسيقى الهندية من الثقافات الأخرى، حيث نجحت في احتضان تلك المؤثرات وتمثلها بما فيها التأثير الإسلامي الذي كان واضحاً. وفيما يتعلق بالفنون المرتبطة بموسيقى الهند تتبع الكِتاب مراحل علاقة الراقص بالموسيقى الهندية، بالإضافة إلى علاقة الموسيقى بالشعر، وكذلك الدراما وغيرها وترابطها كأنها في بنية واحدة.
الهند والشرق
امتد تأثير موسيقى الهند إلى ثقافات بعض بلدان الشرق منها البلدان التي خضعت لاحتلال هندي مثل: لاوس، كمبوديا، فيتنام، تايلند وإندونيسيا، وما مصطلح الهند الصينية إلا دليل على التأثير الهندي في ذلك الجزء من العالم، كما أشار الكتاب إلى أن المبشرين الهنود خلال نقلهم تعاليم بوذا إلى آسيا نقلوا معها آداب الهند وفنونها، بما فيها الصين واليابان وكوريا. وفي الأخير أفرد الكتاب أربعة أقسام لتناول البنية النغمية والإيقاعية للموسيقى، إضافة إلى سرد لأسماء الآلات الموسيقية وآخر لأسماء أشهر الموسيقيين.
....
الكتاب: «موسيقى الهند»
المؤلف: ريجنالد ماسي، جميلة ماسي
ترجمة: عبدالوهاب المقالح
الناشر: هيئة أبو ظبي للثقافة والتراث، كلمة، 255 صفحة
عندما تحدث ريجنالد ماسي عن خصوصية وأزلية وأهمية علاقة الإنسان بالموسيقى؛ فهو بذلك يؤكد أن فن وعلم الموسيقى هو أنبل أثر لروح الإنسان، فالإنسان في حاجة للموسيقى، ولهذا ابتكرها منذ زمن موغل في القِدم ليضفي بُعداً أعمق على أسلوب تعابيره الخيالية والروحية والعاطفية. وبما أن لكل شعب موسيقاه؛ فقد عدّ ماسي، الموسيقى الهندية في أشكالها الكلاسيكية واحدةً من أعرق الأنواع الموسيقية التي ظلت حيه إلى يومنا هذا، ورغم ما شابها من تغيّر إلا أنها تبدو إلى حد بعيد مثلما كانت عليه منذ أزيد من ألفي سنة، والمقصود بموسيقى الهند تلك التي تعتمد بُنية نغمية وإيقاعية تميزت بها شعوب شبه القارة الهندية الباكستانية البنغلاديشية، ولِما أصبحت عليه هذه الموسيقى؛ فثمة كُتب عديدة تناولتها؛ إلا أن بعض تلك الكُتب شوشت الصورة؛ وهو ما دفع ريجنالد ماسي، وهو شاعر وكاتب وناقد، دَرسَ الموسيقى والرقص الهنديين لسنوات عديدة، مع زوجته جميلة ماسي، وهي ممثلة وكاتبة شديدة الاهتمام بالموسيقى إلى تأليف كتاب «موسيقى الهند»، الذي نقله للعربية عبدالوهاب المقالح وصدر عن «مشروع كلمة» في أبو ظبي؛ في 255 صفحة من القطع المتوسط.
البدايات
تتبعت الأقسام الأولى تأريخ موسيقى الهند وعلاقتها بالعوامل الدينية والسياسية والاجتماعية والثقافية، انطلاقاً من مرحلة النصوص المقدسة القديمة (التراث الفيدي)؛ وهو تاريخ ما قبل الهند وصولاً إلى التاريخ الآري، وهو تاريخ قدوم الآريين للهند؛ وسميت تلك المرحلة كلها من تاريخ الهند بالمرحلة الفيدية، وهي نحو ألفي سنة قبل الميلاد. وتطرق الكتاب إلى نظام الطوائف الاجتماعية الذي وضعه الآريون بعد أن أخضعوا البلاد لسيطرتهم، وهو نظام ينقسم إلى طوائف رئيسة، وكانت تحت كل طائفة طوائف ثانوية؛ ففي طائفة الفنون هناك طوائف متخصصة في الموسيقى والرسم والرقص، وكانت الطوائف تتوارث المهن بصورة منتظمة وفق أشكال محددة، ولأن طائفة البراهمانيين كانوا يحجمون عن تدوين التواريخ فقد ظلوا يتناقلون الموضوعات في صورة أساطير وأوامر دينية ارتبطت بالآلهة، وجمعت المعارف في أسفار سميت ب»الشارسترات»، وخوفاً من وقوعها بيد الأشرار؛ فقد كانت تدون بمفردات رمزية. هذه الأسفار ارتبطت ارتباطاً وثيقاً بالموسيقى؛ لأن الأبيات الشعرية كانت تنشد في أدوار موسيقية منتظمة. وقد قُسمت الموسيقى إلى نوعين: نوع تسرّ الآلهة وأخرى تسرّ البشر، إضافة إلى الموسيقى الشعبية التي كانت جزءاً من الحياة اليومية للإنسان الهندي العادي.
خادمات المعابد
مما سبق يتضح ارتباط الموسيقى الهندية في تأسيسها بالتراث الفيدي (النصوص المقدسة) وبالتالي فقد أخذت تكرّس حضورها انطلاقاً من مكانتها في المعابد؛ وهنا تشكلت مرجعيتها الدينية من خلال اعتماد المعابد عليها، ومن هذا الاهتمام نشأ ما كان يُعرف بنظام (الديفاديسيات) أو خادمات المعابد، اللواتي كن عبارة عن فتيات يهدين من العائلات لخدمة آلهة المعبد، وعادة ما تكون العائلة موسيقية؛ فتمارس أجمل فتياتها الموسيقى والرقص والبغاء خدمة للمعبد، في ما يتولى أبناء العائلة تعليم الموسيقى، وهو نظام استمر حتى أوائل القرن العشرين. وتحظى (الديفاديسيات) بمنزلة وثروة كبيرتين وقد أسهمت هذه العائلات في الدفاع عن فنون الموسيقى والرقص وحافظت عليها عبر عصور، حتى بدأت حركة الاحتجاج ضدها خلال الاحتلال البريطاني؛ فبدأت في التراجع والاختفاء، وبعدما كانت موسيقى الهند دينية، أصبحت الآن أكثر دنيوية، وصارت الهند تعج بصالات الحفلات الموسيقية وأكاديميات التعليم الموسيقي وبالتالي ظهور عدد كبير من الموسيقيين.
شعوب كثيرة أغان كثيرة
كما مثلت التركيبة الاجتماعية المتنوعة للهند مرجعية أخرى أسهمت في تغذية الموسيقى وتطويرها. وتميزت الهند ب845 لغة ولهجة محلية، في مؤشر لحجم التنوع والصراع الذي عاشته شبه القارة، سواء من الغزاة أو في ما بين الممالك التي قامت في هذه الأراضي، وما مارسته تلك الإمبراطوريات إلى ظهور الإسلام ووصوله للهند، وما شهدته العلاقات بين الإمبراطورية العباسية الإسلامية والهند من علاقات تبادل ثقافي، بما فيها الموسيقى على المقامين الموسيقيين، اليماني والكافي، اللذين يدلان بوضوح على أصولهما العربية. وعلى صعيد العلاقة بالإسلام فقد واصل الأتراك اجتياحهم للهند بعد سيطرتهم على الخلافة العباسية، وكانوا هم الذين شرعوا بإقامة مستوطنة إسلامية في الهند خلال القرن الحادي عشر ميلادية، وكان أولئك المسلمون، تركا وفرسا وأفغانا ومغولا، قد أسهم كل منهم بثقافته وأعرافه في صناعة النسيج المتعدد الأعراق للمجتمع الهندي، خلال تاريخ النفوذ الإسلامي الذي أمتد لأكثر من أربعمئة سنة قبل الغزو المغولي، ليؤكد الكتاب أن شبة القارة الهندية هي الأكبر ثراء وفتنة موسيقية بسبب الأعراق الكثيرة التي عاشت فيها.
البلاط الموسيقي
بالإضافة إلى تأثير الدين والمجتمع فإن الحُكام والساسة اعتنوا بالموسيقى في الهند؛ وهو ما كرّس عِلم الموسيقى مبكراً. ولهذا نجد الكتاب يتحدث عن تاريخ عِلم الموسيقى في الهند، من خلال أسماء وإسهامات عددٍ من العلماء في مناطق متفرقة من شبه القارة؛ الذين قدّموا إضافات لعلِم الموسيقى، متوقفاً عند ما قدمه لوكاناكافي، وهو البنغالي العالِم في الشعر والنقد الموسيقي صاحب كِتاب «راغا تارانغيتي» عام 1160، الذي ميّز 12 راغا (نغمة) أساسية اشتقت منها 86 راغا ثانوية، منوهاً بالموسيقيّ «سارانغاديفا» ومكانته المهمة في الموسيقى الهندية. كما نوه الكِتاب بإسهامات الحُكام في خدمة الموسيقى في الهند، من خلال احتضان بلاطاتهم لعددٍ من الموسيقيين والراقصين ورعايتهم، بمن فيهم الحُكام المسلمون هناك، وكان التأثير الإسلامي شديد الوضوح في ذلك الزمن، حيث كان أمير خسرو المولود عام 1234 أول عاِلم موسيقيّ مُسلم عظيم في الهند. لقد كان أمير خسرو شغوفاً بالموسيقى؛ فدرَس الموسيقى الفارسية والعربية والهندية، وأدخل عناصر فارسية وعربية للموسيقى الهندية، كما غيّر نظام ترتيب الأوتار.
المغول
عقب فترة النفوذ الإسلامي في الهند دخلت شبه القارة تحت مظلة المغول، وشهدت الفنون وموسيقى الهند خلال فترة حكم المغول لقرنين من الزمن نهضة وتطورا جراء ما كانوا يولونه من اهتمامٍ، خصوصاً في أواخر عهدهم؛ حيث كان بلاط كل واحد منهم يكتظ بالفنانين الموسيقيين والرسامين والشعراء؛ وكان كثير من حكامهم المتأخرين شعراء وموسيقيين ومؤلفين، وتأسست في عهدهم فرقة موسيقية مؤلفة من ستين موسيقيا، وكان بهادر شاه، آخر أباطرتهم في الهند، شاعرا ذائع الصيت ومؤلفاً موسيقياً، وقد نفاه البريطانيون إلى بروما حيث مات والهند تحت حكم التاج البريطاني.
التطور الموسيقي
ظلت الموسيقى الدنيوية على عهدها حتى القرن السادس عشر، وازدهرت في امبراطورية فيجايانغار، وقد بلغ فيها الموسيقي والراقص درجة رفيعة من الإجادة، منوهاً بما شهده جنوب الهند من تطور في تجميع الراغات (السلالم النغمية) تحت اثنين وسبعين سلماً أصيلاً؛ وهو نظام براكاشيكا، الذي ما زال مستخدماً إلى اليوم، فيما أشار إلى ما شهده شمال الهند من محاولة مشابهة لإعادة تنظيم الموسيقى قام بها «تانسن»، وفي نهاية القرن السابع عشر بلغت الموسيقى الهندية الكلاسيكية في الشمال والجنوب درجة من الثبات والاستقرار، وهو ما لوحظ في القرن التالي بولادة عصر ذهبي حلّ بولادة تياغاراجا عام 1760 في تيروفارور، الذي ظهر موسيقياً دينياً قوياً من خلال تراتيله الشهيرة؛ فحجبت شهرته موسيقياً قديساً إنجازاته في الموسيقى الدنيوية، وقد شكل مريدوه ثلاث مدارس موسيقية مختلفة أسهمت في تطوير موسيقى الهند.
البريطانيون
ناقش الكتاب واقع الموسيقى الهندية منذ أصبح التجار البريطانيون في منتصف القرن الثامن عشر الحُكام الاقتصاديين للهند، وحتى أصبحوا بعد معركة كلايف عام 1757 الحُكام السياسيين المؤثرين، منوهاً بإسهامات عددٍ من المستشرقين، بعد أن درسوا وأجادوا موسيقى الهند، ولهم إسهاماتهم الإيجابية في دراسة تراث الهند؛ ومن أبرز هؤلاء كان ماكس مولر، إضافة لما أسهمت به جامعة كلكتا التي أسستها بريطانيا شبيهة بجامعة لندن، وخرّجت عدداً من الشبان الذين شكلوا طبقة مثقفة جديدة، وصولاً إلى مرحلة النهضة الثقافية في الهند، التي بلغت ذروتها التعبيرية في حياة رابندرانات طاغور بين1861 1914.
كليّات الموسيقى
شهد العقد الأخير من القرن التاسع عشر إسهامات عظيمة لفينشول نارايان بهاتكاندي، أعظم عالِم موسيقي هندي حديث، ومن أهم إسهاماته تثبيت حقائق كل مدرسة موسيقية هندية، تلا ذلك إنشاء كليات للموسيقى، منها: كلية مادهاف في غاليور ومدرسة ولاية بارودا للموسيقى، حتى أصبحت مهنة الموسيقى مقبولة لدى الطبقات الوسطى. وفي عام 1916 عقد مهراجا بارودا مؤتمر «موسيقى عموم الهند الأول» في بارودا، وتوالت دورات المؤتمر، وبدأت مرحلة تطوير الآلات الموسيقية وظهور العديد من الكتب في هذه المجالات لعددٍ من علماء الموسيقى في الهند. ساعد على ذلك أن الموسيقى والرقص كانا يحظيان برعاية الأمراء والزمندرات الاقطاعيين، وكان الموسيقيون يتنافسون في ما بينهم في البلاطات.
ومع تحرر الهند من الحكم البريطاني جاء جواهر لال نهرو، وهو أول رئيس وزراء في الهند الجديدة، وكان مُدركاً لحقيقة تراث الهند باعتباره كنزا نفيسا. وكانت سياسته داعمة للفنون في مختلف مستوياتها؛ فتأسست وزارة للشؤون الثقافية، وتواصل تأسيس أكاديميات للفنون والموسيقى، وأتاحت الإذاعة الحكومية مساحات لائقة بالموسيقى، وتم تكريم رموز الموسيقى الذين وجدوا من خلال الإذاعة جمهوراً جديداً.
الموسيقى والسينما
لا يمكن تجاهل علاقة السينما الهندية بالموسيقى، حيث تنتج صناعة السينما الهندية نحو 400 فيلم سنوياً، ولابد أن يتضمن كل فيلم خلفية موسيقية ومجموعة من الأغاني، انطلاقاً مما تشكله الأغاني من أهمية للسكان باعتبارها الغذاء الموسيقي الرئيس لغالبية الهنود.
وأشار الكِتاب إلى الجدل المحتدم منذ سنين حول أثر هذه الألحان الأوركسترالية السطحية وتلك الألحان المنتحلة من مصادر أجنبية، وذلك المزج بين آلات هندية وآلات غربية على الحساسية الموسيقية للشعب الهندي. وانتقد الكتاب موسيقى الأفلام؛ فأغلبها ليس هندياً تماماً بقدر ما هو شكل من أشكال التهجين التجاري المستقى من مصادر عدة.
ووفق الكتاب فقد أخذ هذا التهافت الاوروكسترالي يؤثر الآن في موسيقى الفلاحين الشعبية. وحذر من كارثة هائلة ستحدث إن استمرت ما اعتبرها تلفيقات الموسيقيين الحاذقين في ستديوهات بومباي، في إلحاق الضرر بذلك التقليد الشعبي الثري. وحسب الكتاب فإن قلة قليلة من الأفلام مثلت قناة نقل جيدة للموسيقى الرائعة، وأشار إلى ما أسهمت به الجامعات والكليات المتخصصة اليوم في الهند من جهود رائعة؛ فتوسعت بذلك أصول تقاليد الموسيقى الكلاسيكية، ولم تعد الموسيقى حكراً على طبقة معينة، على الرغم من ذلك ما زالت الطبقية مشكلة أمام ممارسة الموسيقى في الهند؛ إذ لا يمكن لابنة عامل مصعد من فئة «الشودرا» المنبوذة أن تفكر مجرد تفكير أن تكون عازفة بيانو مثلاً أو فنانة في مجال ما.
الهند والغرب
وعن علاقة الغرب بالموسيقى الهندية، قامت الحكومة الهندية بإرسال بعثات ثقافية إلى بلدان عديدة، وهو ما أسهم في إيجاد تفهم دولي عظيم للثقافة الهندية وفنونها، إلا ان هذا لا يخلو من جوانب سلبية، انعكس أثرها على الداخل من خلال المنظمات الخيرية ذات الأنشطة الثقافية الدولية، وطالب المؤلف متعهدي تقديم الهند للغرب بإزالة البهرجة والسطحية والغرابة، ونوه بالتأثيرات التي شهدتها الموسيقى الهندية من الثقافات الأخرى، حيث نجحت في احتضان تلك المؤثرات وتمثلها بما فيها التأثير الإسلامي الذي كان واضحاً. وفيما يتعلق بالفنون المرتبطة بموسيقى الهند تتبع الكِتاب مراحل علاقة الراقص بالموسيقى الهندية، بالإضافة إلى علاقة الموسيقى بالشعر، وكذلك الدراما وغيرها وترابطها كأنها في بنية واحدة.
الهند والشرق
امتد تأثير موسيقى الهند إلى ثقافات بعض بلدان الشرق منها البلدان التي خضعت لاحتلال هندي مثل: لاوس، كمبوديا، فيتنام، تايلند وإندونيسيا، وما مصطلح الهند الصينية إلا دليل على التأثير الهندي في ذلك الجزء من العالم، كما أشار الكتاب إلى أن المبشرين الهنود خلال نقلهم تعاليم بوذا إلى آسيا نقلوا معها آداب الهند وفنونها، بما فيها الصين واليابان وكوريا. وفي الأخير أفرد الكتاب أربعة أقسام لتناول البنية النغمية والإيقاعية للموسيقى، إضافة إلى سرد لأسماء الآلات الموسيقية وآخر لأسماء أشهر الموسيقيين.
....
الكتاب: «موسيقى الهند»
المؤلف: ريجنالد ماسي، جميلة ماسي
ترجمة: عبدالوهاب المقالح
الناشر: هيئة أبو ظبي للثقافة والتراث، كلمة، 255 صفحة


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.