شهد عام 2010 أحداثًا دينية كبري علي خلفية سياسية، أثرت في العالمين الإسلامي والمسيحي، كما شهد العام ذاته وفاة العديد من رجال الدين والمفكرين ففي شهر مارس توفي الإمام الأكبر السابق شيخ الازهر الشريف محمد طنطاوي، عن عمر يناهز ال82 عاما بعد اصابته بأزمة قلبية مات علي اثرها، ودفن بالمدينة المنورة وكان يعاني من مرض في القلب؛ حيث سبق وتم تركيب دعامة بقلبه عام 2006 وكان رحمه الله يعاني من تذبذب في مرض السكري، وتعرض لأزمة صحية نهاية العام 2008 اثر اصابته في إحدي ساقيه بالتهابات حادة في اعصاب الساق. كما شهد العام تعيين د. أحمد الطيب شيخا للأزهر في شهر مارس، والذي أكد مراقبون أن مؤسسة الأزهر الشريف تحولت في عهده إلي مؤسسة تشتبك مع الأحداث العالمية والمحلية، ولها دور أكثر فعالية وعملية في الإعلاء من منهج وفكر الإسلام الوسطي؛ حيث أشاد علي فضل الله نجل المرجع الشيعي اللبناني الراحل محمد حسين فضل الله، بتحذير د. أحمد الطيب من دور بعض الفضائيات في تكفير المسلمين الشيعة.. مؤكدا أن هذا الموقف يمهد لمشروع إسلامي وحدوي لحماية الوحدة الإسلامية ووأد الفتنة. وشهد العام 2010 وفاة العالم الجليل د. عبد العزير أحمد إسماعيل أستاذ الفقه والتفسير والخبير بمركز البحوث التابع لوزارة الشئون الإسلامية والأوقاف والدعوة والإرشاد بالمملكة العربية السعودية عن عمر يناهز ال68 عاماً رحل في صمت في أحد مستشفيات مدينة الرياض بالمملكة العربية السعودية، ويذكر أن الراحل هو من قام بكتابة التفسير الميسر بالاشتراك مع ثلاثين عالماً من مصر والسعودية والأردن ولكنهم توقفوا عند سورة الأنعام وأكمل د. عبد العزيز التفسير بمفرده، كما ذكر في مقدمة إهدائه في أحد النسخ أنه كتبه بدموعه وعرقه ودمه، وتولي طباعته مجمع الملك فهد لطباعة المصحف الشريف، وكان من أسهل وأبسط التفاسير التي ظهرت في العصر الحديث. ويذكر أن الراحل من مواليد محافظة "قنا" في العام 1942 وحفظ القرآن الكريم قبل أن يكمل عامه التاسع ثم التحق بالمعهد الإبتدائي الأزهري بقنا، وانتقل إلي القاهرة لتكملة الدراسة الثانوية وكان من أوائل الجمهورية والتحق بكلية اللغة العربية وكان أول الدفعة، ثم حصل علي الماجستير والدكتوراة في إعراب القرآن الكريم، ثم التحق بهيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية بالرياض بكلية أصول الدين وكان أول من قام بإنشاء قسم للقراءات بالجامعة بعد أن ساهم في نشر القراءات في المملكة العربية السعودية من خلال استقطاب علماء القراءات في العالم وعلي رأسهم العلامة الراحل الشيخ أحمد عبد العزيز الزيات الذي كان أعلي سند موجودا في القراءات علي ظهر الأرض وكان الراحل من أنجب تلاميذه، وقام بتسجيل القرآن الكريم كاملاً بصوته لإذاعة القرآن الكريم بمكة برواية "قالون عن نافع" والتي حققت شهرة واسعة في دول شرق آسيا، وقام كذلك بتسجيل مصحف كامل برواية قنبل عن ابن كثير بإذاعة القرآن السعودية، ولا يزال يذاع. كما قدم دروساً في اللغة العربية في برنامج حواري في الإذاعة نفسها، ترك الفقيد للمكتبة الإسلامية مئات الكتب في التفسير والفقه والقراءات، وأشرف علي مئات رسائل الدكتوراة في مصر والسعودية وفي العديد من دول العالم. وشهد شهر سبتمبر وفاة الكاتب والمفكر الإسلامي د. عبد الصبور شاهين عن عمر يناهز ال82 عاما.. وعمل شاهين أستاذا بكلية دار العلوم في جامعة القاهرة، وأصبح من أشهر المفكرين والدعاة بمصر والعالم الإسلامي، وشغل عضوية مجلس الشوري.. كما عمل أستاذا بقسم الدراسات الإسلامية والعربية في جامعة الملك فهد للبترول والمعادن، وكان "شاهين" خطيبا لمسجد عمرو بن العاص في القاهرة، وله أكثر من 70 كتابا؛ حيث كان يجيد اللغة الفرنسية وترجم العديد من المؤلفات الفرنسية إلي العربية.. وألف شاهين عشرات الكتب المهمة ومن أشهرها كتاب "أبي آدم" الذي أثار ضجة كبيرة بعد أن طرح فيه وجهة نظر جديدة حول خلق سيدنا آدم عليه السلام، إضافة إلي كتب "مفصل آيات القرآن" و"ترتيب معجمي" و"تاريخ القرآن" وموسوعة "أمهات المؤمنين" و"صحابيات حول الرسول". وعلي صعيد الاعلام الديني، فقد أوقفت الشركة المصرية للأقمار الاصطناعية "نايل سات" بث 12 قناة وأنذرت 20 آخرين لأسباب تتراوح بين التحريض علي الفتنة الطائفية مخالفة شروط الترخيص، والترويج للسحر والشعوذة - بحسب زعمهم. وكانت الحكومة المصرية أعلنت في وقت سابق انها بصدد مراجعة القنوات التليفزيونية التي تبث علي القمر المصري "نايل سات" للتأكد من التزامها بتعاقداتها بعدم بث مواد ذات طبيعة دينية متشددة. توحيد الاذان من الاحداث من أبرز الأحداث التي شهدها العام 2010 عندما أعلن وزير الأوقاف محمود زقزوق، أن الوزارة ستبدأ تنفيذ مشروع الآذان الموحد بالقاهرة في شهر رمضان علي أن يعقبه مباشرة تطبيقه في محافظة الإسكندرية وقرار إلغاء جميع مكبرات الصوت من الزوايا والمساجد الصغيرة التي تقع بين المناطق السكنية. ووجد مشروع توحيد الأذان في مصر معارضة شديدة من قبل بعض نواب البرلمان المصري وأعضاء المجالس الشعبية المحلية، ومن الاحداث الدينية المسيحية اصدار قانون جديد للاحوال الشخصية يحكم قواعد الزواج والطلاق لغير المسلمين في خطوة تستهدف احتواء الغضب بعد أن أصدرت محكمة حكما مناقضا لقرار للكنيسة القبطية الارثوذكسية. ودعت الكنيسة القبطية المصرية كثيرا الي تعديل قانون الاحوال الشخصية لغير المسلمين والذي يطبق الشريعة الاسلامية علي زيجات غير المسلمين باستثناء أن يكون الزوجان من نفس الملة والطائفة. وعلي سبيل المثال، فإن القانون الحالي يطبق الشريعة الاسلامية اذا كان الزوج كاثوليكيا وكانت زوجته ارثوذكسية. وأكد محللون ان هذا الاعلان جاء لتهدئة الغضب بعد أن قضت محكمة مصرية لصالح رجلين قبطيين بما يسمح لهما بالزواج مرة أخري بما يخالف جهود الكنيسة للسيطرة علي أبنائها في مصر التي يمثل المسلمون أغلبية سكانها. ومن الاحداث التي كانت أكثر جدلاً في العام 2010 فكان اختفاء كاميليا شحاتة بعد أن أعلنت إسلامها، واتهمت أطراف مسيحية وراء اختفائها ورفعت جهة أمنية إلي الجهات السيادية تقريرا رسميا عاجلا أبدت فيه قلقها من اتساع نطاق التوترات الطائفية في المجتمع بفعل المظاهرات التي يقوم بها الجانب القبطي. وأشار التقرير إلي تنامي مشاعر السخط والغضب في الشارع المصري تجاه بعض الممارسات التي تقوم بها شخصيات دينية مسيحية كبيرة خاصة عمليات الحشد المتكرر للمظاهرات في الكنائس أو الكاتدرائية والصدامات المتتالية مع أجهزة الدولة الإدارية والأمنية بصورة أعطت انطباعا خاطئا عن مجاملات من قبل الأجهزة الأمنية والإدارية الرسمية لطرف علي حساب الطرف الآخر.