«التضامن» تقر تعديل وتوفيق أوضاع جمعيتين في القاهرة والبحيرة    الثلاثاء 29 يوليو 2025.. البورصة المصرية تعاود الارتفاع ب0.29% خلال تعاملات اليوم    تراجع مؤشرات الأسهم الآسيوية مع ترقّب نتائج المحادثات الأمريكية - الصينية    أسعار الأسماك اليوم الثلاثاء 29 يوليو 2025 في شمال سيناء    منال عوض تبحث الموقف الحالي للتعاون مع شركاء التنمية والمشروعات البيئية الحالية    رصيف محطة هاتشيسون بميناء السخنة يستقبل 3 اوناش عملاقة من طراز STS    رئيس الوزراء: نتطلع لاستمرار التعاون مع المؤسسة الدولية الإسلامية لتمويل التجارة    وزير الخارجية يؤكد على استمرار مصر في جهودها الحثيثة للوساطة للتوصل لاتفاق لوقف إطلاق النار    انطلاق ثالث قوافل «زاد العزة» محملة بنحو 1300 طن من المساعدات الغذائية والطبية العاجلة إلى غزة    برنامج الأغذية العالمي: حاجة ملحة لزيادة المساعدات لغزة قبل فوات الأوان    محافظ كفرالشيخ يشهد انطلاق مسيرة مصر النهاردة رياضة احتفالا بأول إنجاز أوليمبي مصري    طقس الإسكندرية اليوم.. انخفاض تدريجى فى درجات الحرارة والمحسوسة تسجل 36 درجة    التعليم تعلن عن وظائف بمدارس التكنولوجيا التطبيقية.. الشروط والتفاصيل    العثور علي جثمان طبيب الأسنان بترعة السلام بعد يوم كامل من الحادث والبحث    المدارس الثانوية تواصل تسليم استمارات النجاح لطلاب الثانوية العامة    ضبط 117.6 ألف مخالفة مرورية متنوعة خلال 24 ساعة    يوسف معاطي يكشف كواليس وأسرار من مسيرته الفنية: "سعاد حسني تمنت العودة للمسرح ومحمود ياسين انسحب بسبب المرض"    «الصحة» توقع مذكرة تفاهم لتطوير رعاية مرضى التصلب المتعدد    رئيس هيئة الرقابة الصحية: التأمين الصحي الشامل يحفز القطاع الخاص لتحسين جودة الرعاية الأولية    تنسيق الجامعات 2025.. تفاصيل برنامج الدراسات القانونية باللغة الفرنسية ب "حقوق حلوان"    أسعار الدولار اليوم الثلاثاء 29 يوليو 2025    نقيب المهندسين ل طلاب الثانوية العامة: احذروا من الالتحاق بمعاهد غير معتمدة.. لن نقيد خريجيها    ترامب: لا أسعى للقاء جين بينج لكني قد أزور الصين تلبية لدعوته    ارتفاع حصيلة ضحايا إطلاق النار فى نيويورك ل5 أشخاص بينهم ضابط شرطة    معيط: دمج مراجعتي صندوق النقد يمنح مصر وقتًا أوسع لتنفيذ الإصلاحات    رئيس اتحاد طنجة: عبد الحميد معالي اختار الانضمام إلى الزمالك عن أندية أوروبا    عاجل.. الشرطة تلقي القبض على رمضان صبحي بعد عودته من تركيا    كريم رمزي يعلق على ستوري عبد القادر.. ويفجر مفاجأة بشأن موقف الزمالك    سميرة صدقي: محمد رمضان وأحمد العوضي مش هيعرفوا يبقوا زي فريد شوقي (فيديو)    العظماء السبعة في دولة التلاوة، خريطة إذاعة القرآن الكريم اليوم الثلاثاء    ثنائي المصري أحمد وهب وأحمد شرف ضمن معسكر منتخب الشباب استعدادًا لبطولة كأس العالم بشيلي    بعد القبض على رمضان صبحي.. تعرف على موقفة القانوني ومدة الحبس وموعد الأفراج عن اللاعب    حملة «100 يوم صحة» تقدم 19.2 مليون خدمة طبية مجانية خلال 13 يوما    رابط التقديم الإلكتروني ل تنسيق الصف الأول الثانوي 2025.. مرحلة ثانية (الحد الأدني ب 6 محافظات)    مصرع 30 شخصًا في العاصمة الصينية بكين جراء الأمطار الغزيرة    بفرمان من ريبيرو.. الأهلي يتراجع عن صفقته الجديدة.. شوبير يكشف    من «ظلمة» حطام غزة إلى «نور» العلم فى مصر    سفير تركيا: خريجو مدرسة السويدي للتكنولوجيا يكتسبون مهارات قيّمة    وزير الثقافة يشهد العرض المسرحي «حواديت» على مسرح سيد درويش بالإسكندرية    لا تليق بمسيرتي.. سميرة صدقي تكشف سبب رفضها لبعض الأدوار في الدراما    تحت عنوان «إتقان العمل».. أوقاف قنا تعقد 126 قافلة دعوية    بدء اختبارات مشروع تنمية المواهب بالتعاون بين الاتحادين الدولي والمصري لكرة القدم    مرشح الجبهة الوطنية: تمكين الشباب رسالة ثقة من القيادة السياسية    لجنة للمرور على اللجان الانتخابية بالدقهلية لبحث جاهزيتها لانتخابات الشيوخ    تشييع جثمانى طبيبين من الشرقية لقيا مصرعهما فى حادث على الدائرى.. صور    صراع على السلطة في مكان العمل.. حظ برج الدلو اليوم 29 يوليو    غادة عادل vs صبا مبارك.. انطلاق تصوير «وتر حساس» الجزء الثاني    محافظ سوهاج يوجه بتوفير فرصة عمل لسيدة كفيفة بقرية الصلعا تحفظ القرآن بأحكامه    «النادي ممكن يتقفل».. رسائل نارية من نصر أبوالحسن لجماهير الإسماعيلي    الرئيس الفلسطيني يثمن نداء الرئيس السيسي للرئيس الأمريكي من أجل وقف الحرب في غزة    الاندبندنت: ترامب يمنح ستارمر "الضوء الأخضر" للاعتراف بدولة فلسطينية    لها مفعول السحر.. رشة «سماق» على السلطة يوميًا تقضي على التهاب المفاصل وتخفض الكوليسترول.    للحماية من التهاب المرارة.. تعرف على علامات حصوات المرارة المبكرة    مي كساب بإطلالة جديدة باللون الأصفر.. تصميم جذاب يبرز قوامها    ما الوقت المناسب بين الأذان والإقامة؟.. أمين الفتوى يجيب    هل "الماكياج" عذر يبيح التيمم للنساء؟.. أمينة الفتوى تُجيب    إلقاء بقايا الطعام في القمامة.. هل يجوز شرعًا؟ دار الإفتاء توضح    أحمد الرخ: تغييب العقل بالمخدرات والمسكرات جريمة شرعية ومفتاح لكل الشرور    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



مناقشة رواية " قيد الدرس " في منتدى إطلالة بمكتبة الاسكندرية
نشر في صوت البلد يوم 19 - 12 - 2016

استضاف منتدى إطلالة بمكتبة الاسكندرية الكاتبة لنا عبد الرحمن لمناقشة روايتها " قيد الدرس"، حيث أدارت الكاتبة والشاعرة أماني خليل اللقاء بمشاركة الناقد محمد عمر، والقاص مصطفى زكي.
في كلمتها عن "قيد الدرس" تناولت أماني خليل فكرة دائرية السرد في الرواية التي تبدأ في بيروت 2012 ثم تمضي في سرد فلاش باك لحياة الأبطال رجوعا إلى عام 1982 وبين التاريخين ثلاثين عامًا من المعاناة. لتكون " قيد الدرس " حكاية أسرة باسم عبدالله المقاتل الذي قضيته هي بندقيته, تسحره الحرب من أجل تحرير فلسطين وجنوب لبنان، هويته فقط هي بندقيته لأن باسم ينحدر من القرى السبع وهي القرى الواقعة علي الحدود اللبنانية الفلسطينية, أما نجوى زوجته الكردية التي ترحّلت بأولادها من وداي أبو جميّل في بيروت إلي بلدة "شتورة" في سهل البقاع فإن لديها معاناة أخرى تتعلق بالحياة نفسها، بالحصول على أبسط مقومات العيش للاستمرار. تهرب نجوى مع امها سعاد المرأة القوية العفية التي تحرك الأحداث والتي تكبرها بسبعة عشرة عاما فقط بسيارة من بيروت الى شتورة, وهي تخاف انكشاف هويتها, تخاف القتل لو عرف جنود نقاط التفتيش الكتائبيين هويتها وأنها زوجة لفدائي. تستقر الأسرة في دير السرو وتنجب نجوى طفلها الرابع " حسن. يمثل أبناء نجوى افكاراً واتجاهات مختلفة في القناعات، منهم المتطرف،الحالم, المكافحة، والمحبة للحياة. أما قرية دير السرو فتمثل الموزاييك الطوائفي والعرقي الذي يميز لبنان .
تسير الحياة بالأسرة التي تلقي بكل ولد من أولاد نجوى في طريق مختلف ليبلعهم الشتات والإغتراب النفسي والبحث عن الذات في لبنان وخارجها.. ليلي الابنة الكبيرة التي تبحث عن الحب في قصص حب وزواجين فاشلين,ياسمين الأبنة الصغرى تبحث عن ذاتها فهي تحب الحياة والرقص والفن, حسان الذي يتناوب السرد مع أخته ليلى بالتوازي والذي يغترب في فرنسا ليعود للبحث عن هويته مرة أخرى وسط الإغتراب الحضاري واللغوي, حسن الإبن الصغير يسافر للقتال مع احدى التنظيمات المتطرفة تاركا ورائه زوجة وابنا بلا اوراق ثبوتية وكأن قدر الأسرة هو توريث قضية قيد الدرس لابنائها جيلا بعد جيل.
وتضيف أماني خليل : شخوص "قيد الدرس" تجسد معاناه حية غبر لغة متجاوزة للكلفة اللغوية والزخارف البلاغية، معاناة مغموسة في الواقع من خلال قضية لم يلقى الضوء الكافي عليها في السرد العربي, الزمان طويل نسبيا لكن السرد يتميز بالخفة والسلاسة، رغم وجود عدد كبير من الشخصيات إلا أنها تظهر بلا كلفة أو تزيد أو ترهل في الحكي.. نهاية ذكية تبقي القارئ على تماس مع قضية الرواية المعنية بالغربة وفقدان الذات والاغتراب.
سؤال الهوية
الناقد محمد عمر جنادي تناول في مداخلته سؤال الهوية، الذي تطرحه الرواية ليس بوصفها صفة قارة داخل الإنسان، فالنص لا يتسائل عن كنه الهوية ومركزيتها قدر ما يُسائل الهوية نفسها: هل هناك هوية معطاة سلفا؟ وهل يوجد مفهوم محدد لها؟ ترصد الرواية علاقة الهوية بالفردانية من جهة وارتباطها بالمحددات السياسية والتاريخية من جهة أخرى ، حيث يتعدد الرواة داخل " قيد الدرس"، وقد منح تعدد الأصوات للرواية نوعا من " الديموقراطية" أي أنها تناهض " الهوية" كمعطى شمولي، فلا يوجد موقف أخلاقي أو إيديولوجي في الرواية معصوما من الطعن فيه ومخالفته، وهو ما عبر عنه السرد بتضمين وجهات النظر المختلفة، ومن خلال الدروب المتشعبة التي اتخذتها الشخصيات في البحث عن هويتها، فكان "القتال" هو درب باسم ، و"الفن" هو درب ياسمين، والتطرف هو درب حسن. ويصبغ الخطاب الروائي، عبرالأصوات المختلفة، النسبية على مواقف وأفعال الشخصيات، ليتباعد النص عن اليقينيات الجامدة أو المقولات الجاهزة حول مسألة "الهوية".
ويضيف عمر: لبنان هي الإطار الذي تتكون فيه الأحداث، أو بالأدق "بيروت" و"دير السرو". يُطرح المكان بوصفه خبرة شعورية للأفراد، لا كسلسلة من العبارات البيانية و السرد الوصفي، وهو الفضاء الذي يكشف عن الأبعاد السياسية والاجتماعية للتاريخ.
وتتبدى تمثلات المكان من خلال الأفراد، خبرة حزن جماعية ناتجة عن التاريخ الدامي للبلاد ، الثورة الفلسطينية،الحرب الأهلية، الاجتياح الإسرائيلي وحصار بيروت ، لهذا يتجلى المكان عبر "التاريخ" لا الزمان. فالزمان مفهوم أكثر تجريدا، يوحي بمرور الفصول وتبدل الهيئة والأحوال. أما "التاريخ" فهو صراعات الأمم أو ذبح السكان أو تكوين وإسقاط الدول. ويمكننا القول بأن الرواية تراوحت بين المفهومين، بين الزمن كتاريخ داخلي وجودي للشخصيات وأزماتها، وتاريخ حقيقي للعالم المحيط بنا.
لم تتباين مستويات اللغة على مستوى النبرة والأسلوب. وينحو السرد إلى التماثل الأسلوبي، لكنه يتغلب على التماثل والجمود بتضمينه دفتر حسن، كنوع من الميتاسرد، وبمنولوجات "ليلى" و"حسان" المتباينة من حيث الذهنية والحالة الشعورية، وبتنوع الضمائر من فصل إلى آخر.
تستدعي الرواية سؤال "الأب" وترصد تبعيات غيابه، وربما هو السؤال الأكثر مركزية داخل السرد. يشكل غياب "الأب" العقبة الرئيسية أمام الحياة "الطبيعية" لأبنائه، هم رغم استعادتهم للهوية الرسمية في الفصل الثالث، لكنهم ظلوا ممزقين في حالة من البحث اليائس عن الذات.
تعمد الرواية إلى تقويض "الهوية" وتنجح في هذا التفكيك من خلال خطابها الروائي، وشخصياتها النابضة بالحياة، حيث اعتنى السرد بتفاصيل الشخصيات ورسم الذوات من الداخل والخارج، ليصيغ من عائلة "عبد الله " أفرادا يعيشون في ذاكرة المتلقي، لا مجرد نماذج روائية غايتها التمثيل الرمزي للمجتمع اللبناني.
دلالة المكان الروائية
أما القاص مصطفى زكي فقد تناول في مداخلته دلالة المكان في الرواية قائلا : المكان يمثل بطلا مهما في الرواية، إذ من دون المكان سوف تختلف مجريات الأحداث تماما، انتقال الأسرة من بيروت المدينة إلى بلدة " دير السرو" أدى إلى حدوث تحول كامل في حياتها، صحيح أن هذا يحدث بفعل الحرب، لكن المكان بهويته الريفية على الأسرة يفرض عليهم تحول سلوكي، ومعرفي أيضا، في احتياجهم الملح إلى آليات دفاعية جديدة لا يمتلكونها تجعلهم قادرين على مواصلة الحياة وسط جماعات مختلفة الانتماءات والقناعات.
من هنا يمكن اعتبار " قيد الدرس" رواية تستند في بنيتها الأساسية على علاقة الأبطال بالمكان سواء في وجودهم في بيروت، أو انتقالهم إلى "دير السرو"، أو حتى في سفر حسان إلى فرنسا، فهو يتحدث عن المكان واللغة بأسلوب المواجهة لتمثيلهم تحد قائم بالنسبة له. هذه الأمر ينطبق أيضا على حسن الذي اختار طريق العنف والارهاب، إلا أن انتماءه الأصلي نحو بيروت يظهر حين يقرر أن يرسل زوجته وابنه ليعيشان في كنف أسرته، هكذا تبدو مدينة بيروت الملجأ الأخير للأسرة ككل، حيث يعود الجميع إليها، وتتقاطع مصائرهم فيها.
استضاف منتدى إطلالة بمكتبة الاسكندرية الكاتبة لنا عبد الرحمن لمناقشة روايتها " قيد الدرس"، حيث أدارت الكاتبة والشاعرة أماني خليل اللقاء بمشاركة الناقد محمد عمر، والقاص مصطفى زكي.
في كلمتها عن "قيد الدرس" تناولت أماني خليل فكرة دائرية السرد في الرواية التي تبدأ في بيروت 2012 ثم تمضي في سرد فلاش باك لحياة الأبطال رجوعا إلى عام 1982 وبين التاريخين ثلاثين عامًا من المعاناة. لتكون " قيد الدرس " حكاية أسرة باسم عبدالله المقاتل الذي قضيته هي بندقيته, تسحره الحرب من أجل تحرير فلسطين وجنوب لبنان، هويته فقط هي بندقيته لأن باسم ينحدر من القرى السبع وهي القرى الواقعة علي الحدود اللبنانية الفلسطينية, أما نجوى زوجته الكردية التي ترحّلت بأولادها من وداي أبو جميّل في بيروت إلي بلدة "شتورة" في سهل البقاع فإن لديها معاناة أخرى تتعلق بالحياة نفسها، بالحصول على أبسط مقومات العيش للاستمرار. تهرب نجوى مع امها سعاد المرأة القوية العفية التي تحرك الأحداث والتي تكبرها بسبعة عشرة عاما فقط بسيارة من بيروت الى شتورة, وهي تخاف انكشاف هويتها, تخاف القتل لو عرف جنود نقاط التفتيش الكتائبيين هويتها وأنها زوجة لفدائي. تستقر الأسرة في دير السرو وتنجب نجوى طفلها الرابع " حسن. يمثل أبناء نجوى افكاراً واتجاهات مختلفة في القناعات، منهم المتطرف،الحالم, المكافحة، والمحبة للحياة. أما قرية دير السرو فتمثل الموزاييك الطوائفي والعرقي الذي يميز لبنان .
تسير الحياة بالأسرة التي تلقي بكل ولد من أولاد نجوى في طريق مختلف ليبلعهم الشتات والإغتراب النفسي والبحث عن الذات في لبنان وخارجها.. ليلي الابنة الكبيرة التي تبحث عن الحب في قصص حب وزواجين فاشلين,ياسمين الأبنة الصغرى تبحث عن ذاتها فهي تحب الحياة والرقص والفن, حسان الذي يتناوب السرد مع أخته ليلى بالتوازي والذي يغترب في فرنسا ليعود للبحث عن هويته مرة أخرى وسط الإغتراب الحضاري واللغوي, حسن الإبن الصغير يسافر للقتال مع احدى التنظيمات المتطرفة تاركا ورائه زوجة وابنا بلا اوراق ثبوتية وكأن قدر الأسرة هو توريث قضية قيد الدرس لابنائها جيلا بعد جيل.
وتضيف أماني خليل : شخوص "قيد الدرس" تجسد معاناه حية غبر لغة متجاوزة للكلفة اللغوية والزخارف البلاغية، معاناة مغموسة في الواقع من خلال قضية لم يلقى الضوء الكافي عليها في السرد العربي, الزمان طويل نسبيا لكن السرد يتميز بالخفة والسلاسة، رغم وجود عدد كبير من الشخصيات إلا أنها تظهر بلا كلفة أو تزيد أو ترهل في الحكي.. نهاية ذكية تبقي القارئ على تماس مع قضية الرواية المعنية بالغربة وفقدان الذات والاغتراب.
سؤال الهوية
الناقد محمد عمر جنادي تناول في مداخلته سؤال الهوية، الذي تطرحه الرواية ليس بوصفها صفة قارة داخل الإنسان، فالنص لا يتسائل عن كنه الهوية ومركزيتها قدر ما يُسائل الهوية نفسها: هل هناك هوية معطاة سلفا؟ وهل يوجد مفهوم محدد لها؟ ترصد الرواية علاقة الهوية بالفردانية من جهة وارتباطها بالمحددات السياسية والتاريخية من جهة أخرى ، حيث يتعدد الرواة داخل " قيد الدرس"، وقد منح تعدد الأصوات للرواية نوعا من " الديموقراطية" أي أنها تناهض " الهوية" كمعطى شمولي، فلا يوجد موقف أخلاقي أو إيديولوجي في الرواية معصوما من الطعن فيه ومخالفته، وهو ما عبر عنه السرد بتضمين وجهات النظر المختلفة، ومن خلال الدروب المتشعبة التي اتخذتها الشخصيات في البحث عن هويتها، فكان "القتال" هو درب باسم ، و"الفن" هو درب ياسمين، والتطرف هو درب حسن. ويصبغ الخطاب الروائي، عبرالأصوات المختلفة، النسبية على مواقف وأفعال الشخصيات، ليتباعد النص عن اليقينيات الجامدة أو المقولات الجاهزة حول مسألة "الهوية".
ويضيف عمر: لبنان هي الإطار الذي تتكون فيه الأحداث، أو بالأدق "بيروت" و"دير السرو". يُطرح المكان بوصفه خبرة شعورية للأفراد، لا كسلسلة من العبارات البيانية و السرد الوصفي، وهو الفضاء الذي يكشف عن الأبعاد السياسية والاجتماعية للتاريخ.
وتتبدى تمثلات المكان من خلال الأفراد، خبرة حزن جماعية ناتجة عن التاريخ الدامي للبلاد ، الثورة الفلسطينية،الحرب الأهلية، الاجتياح الإسرائيلي وحصار بيروت ، لهذا يتجلى المكان عبر "التاريخ" لا الزمان. فالزمان مفهوم أكثر تجريدا، يوحي بمرور الفصول وتبدل الهيئة والأحوال. أما "التاريخ" فهو صراعات الأمم أو ذبح السكان أو تكوين وإسقاط الدول. ويمكننا القول بأن الرواية تراوحت بين المفهومين، بين الزمن كتاريخ داخلي وجودي للشخصيات وأزماتها، وتاريخ حقيقي للعالم المحيط بنا.
لم تتباين مستويات اللغة على مستوى النبرة والأسلوب. وينحو السرد إلى التماثل الأسلوبي، لكنه يتغلب على التماثل والجمود بتضمينه دفتر حسن، كنوع من الميتاسرد، وبمنولوجات "ليلى" و"حسان" المتباينة من حيث الذهنية والحالة الشعورية، وبتنوع الضمائر من فصل إلى آخر.
تستدعي الرواية سؤال "الأب" وترصد تبعيات غيابه، وربما هو السؤال الأكثر مركزية داخل السرد. يشكل غياب "الأب" العقبة الرئيسية أمام الحياة "الطبيعية" لأبنائه، هم رغم استعادتهم للهوية الرسمية في الفصل الثالث، لكنهم ظلوا ممزقين في حالة من البحث اليائس عن الذات.
تعمد الرواية إلى تقويض "الهوية" وتنجح في هذا التفكيك من خلال خطابها الروائي، وشخصياتها النابضة بالحياة، حيث اعتنى السرد بتفاصيل الشخصيات ورسم الذوات من الداخل والخارج، ليصيغ من عائلة "عبد الله " أفرادا يعيشون في ذاكرة المتلقي، لا مجرد نماذج روائية غايتها التمثيل الرمزي للمجتمع اللبناني.
دلالة المكان الروائية
أما القاص مصطفى زكي فقد تناول في مداخلته دلالة المكان في الرواية قائلا : المكان يمثل بطلا مهما في الرواية، إذ من دون المكان سوف تختلف مجريات الأحداث تماما، انتقال الأسرة من بيروت المدينة إلى بلدة " دير السرو" أدى إلى حدوث تحول كامل في حياتها، صحيح أن هذا يحدث بفعل الحرب، لكن المكان بهويته الريفية على الأسرة يفرض عليهم تحول سلوكي، ومعرفي أيضا، في احتياجهم الملح إلى آليات دفاعية جديدة لا يمتلكونها تجعلهم قادرين على مواصلة الحياة وسط جماعات مختلفة الانتماءات والقناعات.
من هنا يمكن اعتبار " قيد الدرس" رواية تستند في بنيتها الأساسية على علاقة الأبطال بالمكان سواء في وجودهم في بيروت، أو انتقالهم إلى "دير السرو"، أو حتى في سفر حسان إلى فرنسا، فهو يتحدث عن المكان واللغة بأسلوب المواجهة لتمثيلهم تحد قائم بالنسبة له. هذه الأمر ينطبق أيضا على حسن الذي اختار طريق العنف والارهاب، إلا أن انتماءه الأصلي نحو بيروت يظهر حين يقرر أن يرسل زوجته وابنه ليعيشان في كنف أسرته، هكذا تبدو مدينة بيروت الملجأ الأخير للأسرة ككل، حيث يعود الجميع إليها، وتتقاطع مصائرهم فيها.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.