تتعدد المشكلات التي يواجهها المقبلون علي الزواج من ودخلاء يمارسون مهنة المأذونية ، ولا يسلمون منهم حتي إذا كانت عقودهم موثقة، علاوة علي آخرين يقومون بالنصب وامتهان المأذونية، واتمام عقد القرآن علي أوراق تخصهم وحدهم. ففي واقعة لاحدي السيدات اللاتي فاتهن قطار الزواج حكت أنها تزوجت من رجل أخذها إلي مأذون المنطقة وتم عقد قرانهما عنده، وحين هرب الزوج ولم تستطع الاستدلال علي مكانه، لجأت إلي المأذون ففوجئت به ينكر واقعه عقد قرانها وقال إنه لا يعلم شيئاً عن الأمر، لتكتشفت أسرتها أنه عبارة عن سمسار زواج، انتحل شخصية مأذون المنطقة وقام بجريمته التي أنكرها حتي في المحكمة. يقول شوقي عبده الساهي الذي يعمل مأذون شرعياً منذ عشرين عامًا: ظهرت في الآونة الأخيرة أعداد كبيرة من اللافتات التي تعلن عن وجود مأذون شرعي لتوثيق العقود في دوائر واحدة.. لافتًا إلي أن الضرورة تقتضي وجود مأذون واحد فقط بكل دائرة. وكشف أن بعض هؤلاء المعلنين يعملون سماسرة لبعض المأذونين ويحصلون منهم علي أوراق لتسجيل العقود رغبة في الانتشار، وقد يقومون بتصوير بعض الوثائق وتسجيل أسماء متعاملين معهم عن طريق النصب والاحتيال. ويضيف: الغريب أن الذين يعملون بالمهنة يعلمون أن تواجدهم في غير دائرة اختصاصهم مخالف لقانون الأحوال الشخصية رقم 100 لسنة 1985 الذي ينص علي أنه لابد للمطلق أن يوثق شهادة طلاقه لدي الموثق المختص، والمختص هو مأذون ناحية الزوجة أو المطلقة. ويرجع ممدوح الوسيمي المحامي بالنقض والدستورية العليا السبب في انتشار ظاهرة اعلانات الحوائط عن المأذونين مجهولي الهوية والتي تصاحبها مشاكل عديدة إلي عدم الحرص علي اختيار مأذون يقطن بنفس الدائرة الذي يوكل بالقيام بأعمال المأذونية بها ومن ثم يلجأ الكثيرون منهم إلي بعض من أهالي الدائرة ممن كانوا يتعاملون مع المأذون السابق فيحتفظون بأحد الدفاتر التي يتسلمونها من المحكمة ويؤجرون الدفاتر الأخري سعيًا وراء الانتشار وتحقيق أرباح ومكاسب كبيرة ويقوم الموكلون من قِبَل المأذونيين بكتابة الوثائق وعمل الإشهارات لتكون النتيجة وجود دخلاء ينتحلون تلك الصفة وقد توحد دفاتر مزورة علي غرار الرسمية لتسبب كوارث اجتماعية كما حدث في محافظة كفر الشيخ بعد أن اكتشف ما يقرب من 500 زوج وزوجة أن وثائق زواجهم التي حصلوا عليها مجرد أوراق لم يتم توثيقها في السجلات المدنية وبالتالي فهم في نظر الدولة غير متزوجين رسمياً وأبناؤهم يتعرضون لمشاكل عدم الاعتراف بهم، وقال إن وجود نقابة سيمنع وجود الدخلاء علي المهنة، و يساهم في تنظيم العلاقة بين المأذونين والآخرين. فيما يوضح عوض محمد عوض مدير جمعية المأذونين الشرعيين ومدير عام المأذونين والموثقين بوزارة العدل سابقًا أن هناك مجموعة من الخطوات والاشتراطات التي يجب استيفاؤها قبل تعيين المأذونين: في حالة خلو مأذونية سواء كانت بالوفاة، أو العزل، أو الاستقالة، أو في حالة إنشاء مأذونية جديدة، يتم فتح باب الترشيح فيها من قبل محكمة شئون الأسرة التابع لها المأذونية ولمدة 3 أشهر كاملة يتقدم من يرغب بأوراقه للمحكمة شاملة مسوغات الترشيح. ويعترف عبدالمنعم عوض الله رئيس مجلس إدارة جمعية المأذونين بالقاهرة بوجود كثير من الدخلاء علي مهنة المأذونية من غير الحاملين لمؤهلات شرعية أو أزهرية، وأكد أن وظيفة المأذون كانت تقتصر علي حاملي المؤهل الأزهري فقط ولكن، بعد انفجار مشكلة البطالة والأزمة الاقتصادية بالبلاد دخل غير المؤهلين فأصبح مأذون بالمعادي يحمل مؤهلا متوسطًا ومأذون آخر يحمل مؤهل إعدادية، وأصبح هناك العديد من المأذونين ليسوا حاصلين علي أي مؤهل شرعي، خاصة في ظل عدم وجود رقابة واستمرار المحسوبة والوراثة . ويؤكد الشيخ عبدالمنعم أن من يعين في مهنة المأذون لا بد أن يعقد له امتحان بالمحكمة الشرعية التابع لها في الشريعة الإسلامية ومن يحصل علي أعلي الدرجات هو من يرشح مأذونا للمنطقة التابع لها، إلا أن المحسوبية والواسطة لها دخل كبير في تمرير الناجحين، وعن شروط المأذون يوضح أن لائحة المأذونين تشترط فيمن يعين في وظيفة المأذون أن يكون مصريا مسلما متمتعا بالأهلية وألا تقل سنه علي إحدي وعشرين سنة، وأن يكون حائزا علي شهادة جامعية من إحدي كليات جامعة الأزهر الشريف، أو من كلية جامعية أخري تدرس فيها الشريعة الإسلامية كمادة أساسية، وأن يكون حسن السمعة وألا يكون قد صدرت ضده أحكام قضائية أو تأديبية ماسة بالشرف أو النزاهة. وعن الحكم الشرعي في تولي مهنة المأذون لغير حاملي مؤهلات شرعية يقول د. صبري عبدالرءوف أستاذ الفقه المقارن بجامعة الأزهر الشريف، إن وظيفة المأذون لها مكانتها الخاصة لأن المأذون يكون القاضي بين الطرفين في فض المنازعات والطلاق بخلاف عقد القران لذلك يجب أن يكون علي علم بأحكام الشريعة الإسلامية وأصولها وما جاء بها خاصة أن الزواج تقابله بعض المشاكل وقد يصدر من الزوج كلمة تؤدي إلي الطلاق طلقة بائنة أو طلقة أولي أو ثانية ولم يرجع الزوج زوجته إلا بعد انتهاء العدة أو يكون الطلاق بائنا أو لا رجعة فيه، أو قد يصدر من الزوج كلمة لا يترتب عليها طلاق وإنما يترتب عليها الظهار وهو أن يقول الزوج لزوجته" أنت محرمة علي كظهر أمي "أو" أنتِِ محرمة علي مثل أمي واختي فهذه العبارة يترتب عليها تحريم وكفارتها صيام شهرين متتالين من قبل أن يتماسا، فإذا لم يستطع الصيام فعليه اطعام 60 مسكينًا ولا تحل له الزوجة حتي ينتهي من الكفارة فكل هذه الأمور لا يعلمها إلا عالم درس العلوم الشرعية.. وأضاف أنه لذلك ظهرت المشاكل حينما وجد بعض المأذونين الشرعيين لا يحملون مؤهلات شرعية ويفتون فتاوي باطلة لأنهم نالوا هذه الوظيفة عن طريق الوراثة وإن كان هذا الأمر مخالفا لقانون المهنة فإن كل قانون له ثغراته ومن خلال هذه الثغرات نجد أن البعض من غير المؤهلين أصبحوا مأذونين.