ثناء فتاة مصرية تعيش في عزبة "الهجانة".. لم يتجاوز عمرها 22 ربيعًا.. انتظرت قطار الزواج لينقلها إلي محطة السعادة التي تتمناها الكثيرات في عمرها وعندما دق "غريب السيد" بابها يطلبها للزواج وافقت علي الفور دون أن تعرف شيئًا عن هذا الغريب وطغت فرحتها وأسرتها علي أي قلق أو مخاوف أو تساؤلات مشروعة حول الوافد الجديد. مرت الأيام سريعًا وتم عقد القران في منزل العروس وانتقلت للعيش مع زوجها في "عش" الزوجية المكون من غرفة واحدة فوق أحد أسطح المنازل. عاشت ثناء الشهور الأولي من زواجها سعيدة وهانئة حتي كشر لها القدر عن أنيابه.. فجأة اختفي غريب وبحثت وأهلها عنه في كل مكان دون نتيجة فذهبوا للمأذون الذي عقد قرانها فكانت المفاجأة التي تتوالي فصولها في السطور التالية: اختفي المأذون هو الآخر وليس له أثر فاضطرت وأهلها للجوء إلي المحكمة التي تتبعها دائرة سكنهم لمعرفة اسم ومحل إقامة مأذوني المنطقة وتحصلوا علي المعلومات في المحكمة حولهم بقوله بأنه لا يملك أي وثيقة زواج ل"ثناء" كما أنه لم ير هؤلاء الأشخاص من قبل ووقعت ثناء وأهلها فريسة سهلة جراء الجهل والفرحة الطاغية التي خدعتهم وغيبتهم عن أهمية السؤال والتقصي. ببساطة اكتشفت الأسرة تدريجيًا أن المأذون ما هو إلا سمسار زواج انتحل شخصية مأذون المنطقة وقام بجريمته التي أنكرها في المحكمة وتتعدد التبعات التي يلاقيها المقبلون علي الزواج من سماسرة ودخلاء يمارسون مهنة المأذونية ولا يسلم حتي المتزوجين من ويلات تسرب هؤلاء للمهنة حتي وإن كانت عقودهم صحيحة فها هو "أمين" الموظف الكادح الذي اختار زوجته منذ 10 سنوات يكتشف زواج زوجته من شخص آخر وهي مازالت في عصمته فيتوجه لمأذون المنطقة ثائرًا متوعدًا باعتباره المسئول وأنه وثق عقد زواج لزوجته من آخر وثبت في العقد أنه مأذون مدينة نصر هو الموثق حيث يتبع له سكن الزوجة ولكن بمواجهة المأذون ثبت أن التوقيع الموجود علي الوثيقة مزور وأن هناك من انتحل صفته ليقوم بذلك الفعل المشين في ظل وجود موانع شرعية وقانونية يكون الدخلاء علي غير علم بها. يقول شوقي عبده الساهي مأذون شرعي: أعمل بالمهنة منذ 20 عامًا اكتشفت خلالها العديد من المخالفات خاصة بعد أن ظهرت أعداد كبيرة من اللافتات التي تعلن عن وجود مأذون شرعي لتوثيق العقود في دوائر واحدة لافتًا إلي ضرورة وجود مأذون واحد فقط بكل دائرة. ويشير إلي أن بعض هؤلاء المعلنين يعملون سماسرة لبعض المأذونين ويحصلون منهم علي أوراق لتسجيل العقود رغبة في الانتشار، وقد لا يحصلون ويقومون بتصوير بعض الوثائق وتسجيل أسماء متعاملين معهم عن طريق النصب والاجتياز، والغريب أن الذين يعملون بالمهنة يعلمون أن تواجدهم في غير دائرة اختصاصهم مخالف للقوانين وبخاصة قانون الأحوال الشخصية رقم 100 لسنة 1985 الذي ينص علي أنه لابد للمطلق وأن يوثق شهادة طلاقه لدي الموثق المختص، والمختص هو مأذون ناحية الزوجة أو المطلقة. ويرجع ممدوح الوسيمي - المحامي بالنقض والدستورية العليا - السبب في انتشار ظاهرة اعلانات الحوائط عن المأذونين مجهولي الهوية والتي تصاحبها مشاكل عديدة إلي عدم الحرص علي اختيار مأذون يقطن بنفس الدائرة التي يوكل بالقيام بأعمال المأذونية بها ومن ثم يلجأ الكثيرون منهم إلي بعض من أهالي الدائرة ممن كانوا يتعاملون مع المأذون السابق. فيحتفظون بأحد الدفاتر التي يتسلمونها من المحكمة ويؤجرون الدفاتر الأخري سعيًا وراء الانتشار وتحقيق أرباح ومكاسب كبيرة ويقوم الموكلون من قِبَل المأذونيين بكتابة الوثائق وعمل الإشهارات لتكون النتيجة وجود دخلاء ينتحلون تلك الصفة وقد توحد دفاتر مزورة علي غرار الرسمية لتسبب كوارث اجتماعية كما حدث في محافظة "كفر الشيخ" بعد أن اكتشف ما يقرب من 500 زوج وزوجة أن وثائق زواجهم التي حصلوا عليها مجرد أوراق لم يتم توثيقها في السجلات المدنية وبالتالي فهم في نظر الدولة غير متزوجين رسمياً وأبناؤهم يتعرضون لمشاكل عدم الاعتراف بهم. فضلا عن أن وجود نقابة سيمنع وجود الدخلاء علي المهنة. ومن جانبه يؤكد محمود عبد الجليل - مأذون شرعي - أن المأذون مظلوم. فمازالت ال 30 مليمًا هو المبلغ الذي يحصل عليه عن كل عقد زواج أو طلاق أو رجعة ويؤول المبلغ للجمعية الشرعية ولا يوجد له تأمين صحي ولا معاش مع أنه يقوم بتحصيل موارد تدخل خزينة الدولة ومع ذلك لا يتساوي مع الموظف العام. وبالتالي فوجود نقابة سيساهم في تنظيم العلاقة بين المأذونين والآخرين. فيما يوضح عوض محمد عوض - مدير جمعية المأذونين الشرعيين ومدير عام المأذونين والموثقين بوزارة العدل سابقًا - أن هناك مجموعة من الخطوات والاشتراطات التي يجب استيفاؤها قبل تعيين المأذونين. ففي حالة خلو مأذونية سواء كانت بالوفاة أو العزل أو الاستقالة أو في حالة إنشاء مأذونية جديدة يتم فتح باب الترشيح فيها من قبل محكمة شئون الأسرة التابع لها المأذونية ولمدة 3 أشهر كاملة يتقدم من يرغب بأوراقه للمحكمة شاملة مسوغات التعيين الخاصة بالموظفين الحكوميين. ويلفت عوض إلي أن القانون يشترط وجود محضر ترشيح أو تزكية للمأذونين بحيث يرشح المأذون من أهل الجهة المراد التعيين فيها أو النقل إليها بحيث لا يقل عددهم عن 10 أشخاص تتوافر فيهم السمعة الحسنة وحسن السير والسلوك، وألا يكون قد صدر ضدهم أحكام قضائية. ونظرًا للتزاحم الشديد علي المهنة يتم غلق باب الترشيح بعد مرور 3 أشهر وترفع الأوراق لرئيس الدائرة لتحديد جلسة. لتصدر الدائرة قرارًا بتعيين من تتوافر فيه الشروط ولوزارة العدل الحق في التعديل. وينوه بأن أعداد المأذونين 8 آلاف مأذون ويوجد قرابة 3000 موثق للعقود. ويعترف - مدير جمعية المأذونين - بأن العمل كمأذون مربح جدًا والمأذون الشرعي هنا وإن كان القانون قد وصفه بكونه موظفًا عامًا إلا أنه لا ينطبق عليه قانون العاملين المدنيين إذ لا يتقاضي راتبًا عن تحصيل رسوم العقود سوي تلك التي حددتها الدولة فيأخذ منحًا من أصحاب العقد ليست بقليلة قد تصل علي الأقل إلي 5 ٪ من قيمة الصداق عاجله وآجله.