يشهد موسم الانتخابات رواجًا كبيرًا لبعض المهن كالخطاطين و"الهتيفة " من محترفي الدعاية الانتخابية، وكذلك أصحاب المطابع والملصقات وبائعي الأقمشة؛ وذلك نتيجة تنافس المرشحين لحشد أكبرعدد منهم في انجاز دعايته. ففي سوق الخطاطين، ازداد النشاط لدرجة أن أسعار رسم اللافتات المصنوعة من القماش ارتفعت لتصل إلي 70 وفي بعض المناطق إلي 150 جنيهاً، بينما اللافتات المصنوعة من الجلد، فيصل سعر المتر الواحد منها الي 150 جنيهاً. ويقول علي سالم (خطاط): إن موسم انتخابات مجلس الشعب أو الشوري يحقق فيه الخطاطون مكاسب كبيرة، فجميع أهالي الدائرة التي يكون منها عضو مرشح يأتون اليه ويطلبون منه عمل لافتات كمجاملة لهذا العضو واظهار تأييده. ويضيف "سالم" أنه قبيل موعد الانتخابات بشهر واحد، يكتب الخطاط ما بين 8 إلي 10 لافتات يومياً، بأطوال تتراوح ما بين نصف متر للافتة التي يتم تثبيتها علي أعمدة الانارة و3 أمتار للافتات التي يتم تثبيتها ما بين أعمدة الانارة، و30 متراً للافتات التي يتم تثبيتها لتغطي عمارة سكنية بأكملها. ويشيرالخطاط محمود حسن إلي أن متر القماش الواحد يتكلف عشرة جنيهات علي الأقل، كما يدفع صاحب اللافتة نحو 30 جنيهاً عن كل متر يكتبه الخطاط، فمثلاً اللافتات المصنوعة من القماش وطولها 5 أمتار يصل سعر الواحدة منها لأكثر من 100 جنيه. أما "اليفط" الجلد، فتختلف في سعرها علي أن يبدأ سعر المتر الواحد من 120 جنيهاً، وقد تتكلف اليافطة الكبيرة منها حوالي 300 جنيه. ويضيف حسن: إن كل مرشح يطلب الدعاية التي تتناسب مع امكانياته، فالمرشح البسيط يطلب الأقمشة توفيراً للنفقات بينما اللافتات الجلدية يطلبها المرشحون الاثرياء. ويرتبط بعمل الخطاطين تجار الاقمشة الذين تزداد مبيعاتهم في موسم الانتخابات، فيقول سيد أحمد أحد تجار القماش في منطقة الحسين: "تزاد المبيعات في موسم الانتخابات لأن كل نائب يشتري مئات الأمتار من القماش لصنع اللافتات، ويكلفه متر القماش الواحد عشرة جنيهات، كما يدفع أيضاً نحو مائة جنيه مقابل كل لافتة للخطاط الذي يتولي كتابة هذه اللافتات، وبالطبع فإن السعر يتوقف علي حجم اللافتة ونوعها وما إذا كانت تشتمل علي صور بريشة رسامين محترفين". بينما ينشط عمل المطابع الصغيرة لانتاج أشكال متعددة من الدعاية ما بين "بوسترات" صغيرة و"أجندات" وصور دعاية بل يقوم البعض بطبع برنامجه الانتخابي، فضلاً عن توزيعها في دور العبادة والمؤسسات الحكومية التابعة لدائرة العضو والتجمعات.. أما عن الملصقات الورقية، فيكون سعرها حسب حجمها بحيث يصل سعر 1000 ملصقة من الورق "A4" 250 جنيها بينما يبلغ سعر 1000 اخري بحجم (40 في 70 سنتيمتراً) من الورق المقوي180جنيهاً. ويرتفع سعرها حسب الخامة وعدد الالوان، فالصور التي تكون جيدة تباع بسعر 620 جنيهاً لكل ألف. في حين توجد أنواع فاخرة من الملصقات تسمي "بوستر" من الورق الفاخر المقوي مرتفعة السعر وتباع بالمتر الذي يصل سعره الي 250 جنيهاً. ويلجأ الي هذه الأنواع من الملصقات الأعضاء الاغنياء وذلك للصقها علي السيارات وأعمدة الانارة في الشوارع. وتعتبر المؤتمرات الانتخابية من أهم أنواع الدعاية التي يلجأ اليها المرشحون وتصل تكلفة المؤتمر للمرشح إلي حوالي 25 ألف جنيه بعد ارتفاع قيمة تأجير "السرادق والكراسي والميكروفونات" والسماعات، اضافة الي تكلفة اللافتات والمنشورات، وعلي كل مرشح عمل مؤتمر في كل منطقة من مناطق دائرته الانتخابية أي ما لا يقل عن عشرة مؤتمرات أثناء الحملة الانتخابية، كما يخصص كل مرشح ميزانية "للهتيفة" الذين يضمنون له أن المؤتمر الانتخابي سوف يسير لصالحه، ويمنعون خصومه من الهجوم عليه. و"الهتيفة" لهم أجور في كل مؤتمر يحضرونه وأسعارهم تختلف من مكان لاخر بحيث لا تقل في القاهرة عن 500 جنيه. ودور "الهتيفة" مهم للمرشح لأنهم يسيرون خلفه ويرددون الشعارات المؤيدة ويردون علي الخصوم، ويعتبر دورهم في الدعاية من أهم الأدوار المؤثرة علي الناس مثل استئجار السيارات المزودة ب "الميكروفونات" والسيارات العادية الملصق عليها اللافتات المؤيدة للمرشح ولايقل إيجار السيارة الواحدة عن مائة جنيه في اليوم. ويقول د. محمد حسين أستاذ العلوم السياسية بكلية الاقتصاد والعلوم السياسية جامعة القاهرة: إن هناك فروقًا كبيرة في تكاليف الحملة الانتخابية، يحدد ذلك عدة عوامل أهمها موقع الدائرة الانتخابية وعدد المنافسين للمرشح وقوتهم، وما اذا كان مرشحا لأول مرة أم خاض التجربة قبل ذلك، ومدي انجازاته في دائرته الانتخابية؟ وتقل تكاليف الدعاية في الريف عنها في المدن بكثير، لأن الدعاية في الريف تعتمد بشكل أكبر علي العلاقة بين القبائل والعائلات، ورغم ذلك لا يمكن الاستغناء عن اللافتات والملصقات. بينما في المدينة، تعتمد الدعاية بصورة أكبر علي اللافتات والملصقات والمؤتمرات الانتخابية؛ مما يؤدي إلي تتضاعف تكاليف الحملة الانتخابية، خاصة اذا كان المرشح نائباً سابقا.