أقيم بمركز الهناجر فى حضور الغائب الحاضر صاحب نوبل والحرافيش وحضرة المحترم ندوة "نجيب محفوظ ميلاد يتجدد" ذلك الأديب الذي لم يكن كاتبًا أو أديبًا حصد الجوائز، بل كان الحارس الأمين على تراث مصر استطاع أن يعبر عن نبض الحارة المصرية ويرسم لنا ملامح وطن بضوضاء مصر وشوارعها المزدحمة وصراخ أطفالها وحديث مقاهيها وجدعنة أولاد حارتنا..عبر أكثر من 50 مؤلفًا والعديد من المقالات التي أثرى بها الحياة الثقافية. شارك في الندوة المخرج محمد فاضل، والكاتبة الصحفية بالأهرام سناء صليحة، والدكتور محمود الضبع أستاذ النقد بجامعة قناة السويس. في البداية تحدثت الدكتورة ناهد عبد الحميد "عراب" الندوة عن الأديب العالمي نجيب محفوظ والعديد من مؤلفاته، واستعرضت رسالة محفوظ لأصحاب جائزة نوبل حين أرسل ابنتيه فاطمة وأم كلثوم مع الكاتب محمد سلماوي لاستلام جائزته، حين توقع الحضور أن يتحدث محفوظ عن نفسه وأدبه لكنه كان معتزا بأنه عربي، فقال إنه ابن حضارتين حضارة الفرعونية والحضارة الإسلامية. كما تحدث المخرج محمد فاضل عن علاقة نجيب محفوظ بالسينما وأشار إلى أنها لم تبدأ منذ تحويل قصصه ورواياته إلى أعمال سينمائية، لكنها بدأت قبل ذلك في عام 1947 حين كتب سيناريو "مغامرات عنتر وعبلة"وفيلم "المنتقم". وأضاف فاضل أن محفوظ قدم للسينما 16 سيناريو منها روايتان لإحسان عبد القدوس وقدم مع المخرج صلاح أبو سيف 16 فيلما وهو الذي" جر رجل" صاحب نوبل إلى السينما فقدم عبث الأقدار فى الثلاثينيات كما أن علاقة محفوظ استمرت بالسينما فقد كان مديرًا عامًا للرقابة . وتم تحويل 26 قصة ورواية لمحفوظ إلى عمل سينمائي ورغم تغيير المخرجين لبعض نهايات أعمال محفوظ إلا أنه لم يغضب فقد كان يقول للمخرج الحق في البحث عن معادلات سينمائية من الكتاب إلى الشاشة. لكنه رفض أفلام الحرافيش التي تم تحويلها من أولاد حارتنا، كالجوع والفتوة والتوت والنبوت وغيرها وكان – والكلام على لسان المخرج محمد فاضل قد اتفق معي على تحويل الحرافيش إلى مسلسل من 3 أجزاء كل وكتب اسمى فى الاتفاق – العقد- إلا أن يوسف شاهين اشتراها وباعها بالقطعة وتم تحويلها إلى مسلسلات. وأضاف فاضل أن تحويل الثلاثية إلى مسلسل كان الأقرب إلى الرواية عنه في السينما، وأن نجيب محفوظ مارس كتابة السيناريو في رواياته واستخدم الحوار " قالب السيناريو" وأبطاله لم يغادروا المكان، وتعد أفلام قصصه ورواياته من ذاكرة مصر من ناحية المكان. الكاتبة الصحفية سناء صليحة قالت إن إبداع نجيب محفوظ الحقيقي في إنسانيته وروحانيته الإنسانية فقد كان إنسانا بسيطا متواضعا، وكان مكتبه بجريدة الأهرام التي أشرف بالعمل بها كصومعة نحج إليها ويجتمع فى مكتبه كبار الكتاب، فأنا من جيل التقى معظم الكبار. وتابعت، عبقرية محفوظ تتجسد فى تفاعله مع الشارع، وقد كتبت مقالا من قبل عن حرافيش الزمن الجديد وللأسف فقد تعرض محفوظ لهجوم شديد ممن وصفوه أنه تطاول على الذات الإلهية في " أولاد حارتنا" التي تعرض بسببها للطعن بسكين على يد شاب بعد كتابتها ب33 عامًا، كما أُتهم بأنه يقدم صورة سيئة عن المرأة في أفلامه، والحقيقة إن محفوظ كان يقدم الواقع المصري ولكنه قدم نماذج قوية للمرأة المصرية في شخصية " عين "في "عصر الحب " وميرامار وغيرها. وبحكم دراسته للفلسفة فقد كان محفوظ يبحث عن الأشياء التي تحير الإنسان كالبحث عن الذات وفكرة التدين. فنجيب محفوظ لم يكن ضد المرأة ولم يسع لتقديم نماذج سلبية عن المرأة بقدر إدانته لمجتمعها الذي جعل منها سوسن حماد في الثلاثية والصحفية في الطريق فمحفوظ كان يدين المجتمع، وتحدث عن المرأة بما يجول في نفوس الرجال. أما الناقد محمود الضبع فقال إن سيد قطب هو أول من قسم محفوظ إلى عدة مراحل تاريخية، رمزية، واقعية وغيرها بداية من كتابه أمام العرش الذى قدم فيه 63 شخصية بداية من مينا حتى الرئيس السادات ممن حكموا مصر وشكل لهم محكمة قضاتها إيزيس وأوزوريس وفى نهاية المحاكمة طلب من كل حاكم أن يقول كلمة لمصر فقالوا 10 كلمات تعد هي الدستور المصري. وأضاف الدكتور الضبع لا يجب أن ننظر إلى الكاتب الكبير نجيب محفوظ كمراحل جامدة مسلم بها بل نقرأه ونصنفه حسب رويتنا وفهمنا لكتاباته، ولا نرتكن إلى تصنيف محفوظ إلى مراحل. وأجاب المخرج محمد فاضل عن سؤال للناقدة ناهد عبد الحميد حول احتلال أعمال محفوظ للسينما؟ فقال فى البداية كانت أغلب الأفلام التي تقدم "ممصرة" ومترجمة من الإنجليزية والفرنسية، ومحفوظ حين كان رئيسًا للرقابة رفض أن يكتب سيناريو لأى من أعماله الروائية، فأفلام محفوظ حققت نجاحات حتى لو كان مستواها الفني متوسطًا،إلا أن السينما كان لها دور في توصيل رسالة الأديب وتقريبها كما حدث في كفاح طيبة وغيرها من أعماله التي تحولت إلى أعمال سينمائية. وأُختتمت الندوة بعزف على العود من الفنانين السوريين غادة عبد الحميد وغسان اليوسف اللذين قدما العديد من الأغاني مثل يا صلاة الزين وميرامار وبعض الأغاني الدينية والسلام الوطني المصري وتفاعل معهما الحضور بالتصفيق الحار. أقيمت الندوة تحت رعاية المخرج خالد جلال، رئيس قطاع شئون الإنتاج الثقافي، بالتعاون مع وزارة الشباب، بمركز الهناجر للفنون بدار الأوبرا المصرية، تحت إشراف الفنان محمد دسوقي.