الكفراوي: لم يعرف القاهرة من لم يقرأ لمحفوظ بهاء الدين:محفوظ أحب عبدالناصر كثيرا .. وعبدالحكيم عامر خطط لسجنه القعيد: مشروع تخليد محفوظ مازال حبيس الأدراج القليوبى: نجيب محفوظ كتب سيناريو " ريا و سكينة "و " عنتر و عبلة " حمودة : محفوظ وصل للصيغة الأمثل للثورة فى " الحرافيش " حفنى : فى طفولتى كانت أعمال نجيب محفوظ ممنوعة فى السعودية كان يعرف أن "آفة حارتنا النسيان" هو المبدع العالمى " نجيب محفوظ " الذى احتفى به المقهى الثقافى فى ختام فعالياته ، في لقاء شارك فيه الناقد حسين حمودة والروائي سعيد الكفراوي والمخرج محمد كامل القليوبي والكاتبة السعودية زينب حفني، والسياسي أحمد بهاء الدين شعبان. أدار الندوة الروائي يوسف القعيد الذي تحدث عن مشروع تخليد محفوظ المحفوظ فى الأدراج حتى الآن منذ 2006 حين شكل فاروق حسنى لجنة برئاسة القعيد لتخليد ذكرى نجيب محفوظ . و حسب رسالة المعرض كان من المقرر إنشاء مركز ثقافي باسم محفوظ يضم مقتنياته وأعماله والمكتبة السينمائية الخاصة به، وكان من المفترض تأسيسه في وكالة محمد بك أبو الدهب وهي من أجمل الأماكن الأثرية الموجودة في الحسين ذلك الحي الذي نشأ فيه محفوظ وظل متصلا به حتى آخر أيامه ،لكن هذا المشروع للأسف لم يرى النور منذ ذلك الوقت. وبادر المجلس الأعلى للثقافة بإصدار دورية نجيب محفوظ التي تعد العمل الوحيد الذي اهتم بالأستاذ بعد وفاته، رأس تحريرها الدكتور جابر عصفور ثم الكاتب والناقد حسين حمودة، وفي هذا اللقاء نلقي الضوء على دورية نجيب محفوظ ونحتفي بهذا الرجل العظيم. دورية محفوظ من جانبه تحدث حسين حمودة عن دورية نجيب محفوظ التي يرأس تحريرها ، وهي دورية سنوية تصدر في ديسمبر من كل عام. بدات الفكرة باقتراح من د. يحيى الرخاوي قبل أن تنشأ فعليا بسنوات طويلة، وهذا النمط من الدوريات الخاصة بكاتب واحد كانت مطروحة عند عدد من الكتاب العالميين أمثال جيمس جويس، بلزاك، جورية، وشكسبير حيث تصدر عنهم دوريات سنوية ضخمة تتناول أعمالهم. وقد صدر من دورية نجيب محفوظ 6 أعداد حتى الآن، تغطي الجوانب المختلفة لأعمال نجيب محفوظ. فكان العدد الأول عن فكر نجيب محفوظ ومشروعه الأدبي، والكتابات الأولى التي كتبها في الثلاثينيات وقصصه القصيرة وأعماله الروائية، بينما تناول العدد الثاني فكرة نجيب محفوظ والتراث الإنساني. وقال حمودة أن محفوظ اكتشف مخطوطة البحث عن الزمن الضائع لمارسيل بروست فى وكالة الغورى الذى أحب تمضية وقته بها، وتأثر محفوظ كثيرا بالمخطوطة . واتصل العدد الثالث من الدورية بتجربة الزمن في أعمال نجيب محفوظ ، أما العدد الرابع فتعرض لتجربة نجيب محفوظ والسينما. وكان "نجيب محفوظ والثورة" هو محور العدد الخامس، و تصور محفوظ للثورة المكتملة ، حيث نجد في مشروعه الأدبي أن هناك شروطا للثورة كي تكتمل ، الأمر الذى ينطبق على وضعنا الحالى ، و الصيغة الأمثل للثورة وصل لها في نهاية الحرافيش. و تابع حمودة أن العدد الأخير من الدورية يتناول فكرة التعددية في عالم محفوظ . ففي تجربته كلها ظل مهتما بأن يعبر عن التيارات الفكرية والسياسية والانتماءات الاجتماعية المختلفة. وقال حمودة إن هذه الأعداد شارك في صياغتها فنيا فنانون كثر أمثال حلمي التوني، عدلي رزق الله، عادل السيوي، أحمد اللباد والفنان محمد الشربيني ، ولكن المشكلة الرئيسية فيما تخص الدورية أنها لا توزع على نطاق واسع. محفوظ فى ذاكرة الأدب أكدت الكاتبة السعودية زينب حفني أن نجيب محفوظ لا يعتبر أديبا مصريا لكنه عربيا وعالميا، فتأثيره في حياة من عاصروه ومن أتوا بعده كان عظيما، كل أديب يتمنى أن يخلد في ذاكرة الأدب ونجيب محفوظ فعل ذلك دون أن يقصد. و تابعت حفنى أنها تعلمت منه الكثير ، أثناء ابحارها فى أعمالهبداية بكفاح طيبة، ميرامار، ثرثرة فوق النيل وحكايات حارتنا، وعلاقتها بأدب نجيب محفوظ بدأت منذ الطفولة . كان أبي يصحبني إلى مكتبة مدبولي أثناء زيارتنا لمصر، وكنت أخرج منها محملة بكل أعماله لأنها كانت ممنوعة في السعودية آنذاك ،تمنيت أن ألتقي به يوما، نجيب محفوظ لم يمت وسيظل مخلدا بأعماله. ما لا تعرفه عن محفوظ عبر المخرج محمد كامل القليوبي عن المرارة التي تسكنه عندما يرى كيف يحتفي العالم بأسره بنجيب محفوظ بينما تنساه بلاده. أما عن علاقة محفوظ بالسينما قال القليوبي: علاقة نجيب محفوظ بالسينما وطيدة جدا وشائكة في نفس الوقت، فإذا كنا نعرف أن عدد الأفلام المأخوذة عن أعماله 45 فيلم . إلا أن كثير منا لا ينتبه لعلاقة محفوظ بالسيناريو فقد كتب للسينما 18 عمل عظيم لا يذكر عنهم شيئا، كان معني بالمكان والزمن، واستطاع أن يقدم صورة حية عن مصر للعالم الخارجي، وأول من التقط موهبته في السيناريو المخرج العظيم صلاح أبوسيف سنة 1947 عندما قرأ عبث الأقدار فذهب إليه وقال له أنت كاتب سيناريو، وألح عليه إلى أن وافق نجيب محفوظ، فكتب أول ما كتب فيلم عنتر وعبلة لكنه للأسف لم يأخذ حقه. بعدها تلازم مع صلاح أبو سيف الذي أخرج له 10 من السيناريوهات التي كتبها، ومن أهمها لك يوم يا ظالم، ريا وسكينة، الوحش، شباب امرأة، الفتوة، الطريق المسدود، أنا حرة. كما كتب قصة ملفتة جدا في فيلم بين السماء والأرض. وانقطعت صلة محفوظ تماما بالسيناريو بعد كتابته للحرافيش. و قال القليوبى : ليس هناك مخرج في جيلنا لم يراوده أن يخرج فيلم عن رواية لنجيب محفوظ ولكن كان ذلك بحذر وخوف، فالمخرج يخشى أن يوضع في مقارنة مع النص الأصلي. وفي هذه المرحلة لن نجد أفلاما عبرت فعلا عن جوهر رواياته إلا القاهرة 30 ، أما الأفلام التي تنتمي إلى المرحلة الجديدة فقد كانت منسجمة تماما مع السينما لأنها استخدمت أساليب التعامل مع الزمن مثل أفلام السمان والخريف، الكرنك، واللص والكلاب. ومما لاشك فيه أن تحويل أعمال نجيب محفوظ إلى السينما ساهم في ترويجها وتعريف الجمهور بها. محفوظ السياسي من جانبه قدم أحمد بهاء شعبان رئيس لجنة الشباب في المجلس الأعلى للثقافة قراءة سياسية لمواقف نجيب محفوظ المتعددة وقال: ،في مطلع السبعينات خرج الطلاب في مظاهرات من أجل استعادة الأراضي التي احتلت بعد هزيمة 67، وحدث صدام بين الطلاب والأمن وتم اعتقال عدد كبير من الطلاب، وقادت أجهزة الإعلام حملة دعائية لتشويه صورتنا، وفي هذا الوقت انتفض المثقفون وتباروا في التضامن مع الحركة الطلابية وأصدر المثقفون بيانا للدفاع عنا، و كان منهم نجيب محفوظ ويوسف إدريس ولويس عوض، وذكروا فيه أن الحركة الطلابية حركة وطنية لا شبهة في وطنيتها. أحدث ذلك صدمة هائلة للسلطة وأفرجت عنا. و تابع قائلا :مخطئ من يتصور أن نجيب محفوظ كان مواليا للسلطة أو منافقا لها، فعندما كتب ثرثرة فوق النيل قال أنه حاول تمرير انتقاده للسلطة على لسان مجموعة من الحشاشين، وقال عبدالحكيم عامر أن محفوظ تجاوز الحد ولابد من تأديبه. وبالفعل صدر وقتها قرار باعتقاله لكن عبدالناصر أوقف هذا القرار. وأوضح بهاء الدين أن اتصال نجيب محفوظ بالأحداث السياسية بدأ منذ طفولته، حيث شهد ثورة 1919 وهو طفلا وكان يحب سعد زغلول لكنه لم يره وشارك في جنازته التي قال عنها فيما بعد أنها أول مظاهرة يشارك فيها، كما كان يكن محبة غامرة لجمال عبدالناصر، ويصف نفسه بأنه ناصري غير منتم، فهو لم ينضم لحزب الوفد يومًا رغم إعجابه به في الأربعينيات، ولم يكن ناصريا بالشكل العملي، لكنه رأى في جمال عبدالناصر زعيما ونصيرا للفقراء . ورغم ذلك عبر عن انتقاداته للنظام من خلال رواياته خاصة ثرثرة فوق النيل وميرامار التي تحدث فيها عن التسيب الذي اعتبر نذيرا بالهزيمة. و في الكرنك وصف نظام الرعب وهاجم القمع والديكتاتورية والاستبداد، وفي كل هذه القضايا كان ناقدا بحسم وشجاعة لأخطاء النظام السياسي والسلطة القائمة. محفوظ كما عرفته استرجع الروائي والقاص سعيد الكفراوي ذكرياته مع نجيب محفوظ قائلا: عشنا حول محفوظ كتلاميذ الكتاتيب بعد أن وصلت إلى قرانا كتبه فقرءناها على المراعي والسواعي وشطوط الأنهار وعلى لمبات الجاز، فكان محفوظ أول الوعي الذي لفت انتباهنا لأول الأسئلة المهمة عن علاقتنا بالكتابة ومعرفتنا بالرواية. كما عرفنا على المدينة الصاخبة صاحبة الأسرار " القاهرة "حيث كان من حيثيات قبول نوبل أنه أحيا مدينة، لا يعرف أحد مدينة القاهرة إلا إذا قرأ نجيب محفوظ، فهل أحد يتصور أن الزقاق الذي لاتتعدى مساحته بضعة أمتار ينقله إلى العالمية . عندما عرفنا نجيب محفوظ عن قرب واظبنا على لقاءاتنا به في مقهى ريش نتحلق حوله نستمد الدفء من وهج روحه الطيبة .كان أديبا فذا وإنسان لن يتكرر .