أسعار الفاكهة بأسواق مطروح اليوم السبت 23-8-2025.. الكنتالوب ب20 جنيها    "اتحاد المقاولين" يطالب بوقف تصدير الأسمنت لإنقاذ قطاع المقاولات من التعثر    محافظ أسوان يتفقد مشروع مركز شباب النصراب والمركز التكنولوجى بالمحاميد    رئيس مدينة الأقصر يناقش مع رؤساء الأحياء ملفات تحسين الخدمات المقدمة للمواطنين    61 شهيدا برصاص الاحتلال فى غزة خلال 24 ساعة.. وعدد الضحايا يرتفع ل62622    8 وفيات نتيجة المجاعة وسوء التغذية في قطاع غزة خلال ال24 ساعة الماضية    خبير علاقات دولية: إعلان المجاعة في غزة يكشف سياسة التجويع الإسرائيلية الممنهجة    مصر ترحب بخارطة الطريق الأممية لتسوية الأزمة الليبية    رغم تبرئة ساحة ترامب جزئيا.. جارديان: تصريحات ماكسويل تفشل فى تهدئة مؤيديه    قدوس يقود تشكيل توتنهام ضد مانشستر سيتي بالدوري الإنجليزي    محاضرة فنية وتدريبات خططية في مران الأهلي استعدادًا للمحلة    وزيرة التضامن: تتابع تداعيات حادث غرق عدد من الطلاب فى محافظة الإسكندرية    تعرف على حالة الطقس ودرجات الحرارة اليوم السبت 23-8-2025 فى الإسماعيلية    ضبط وتحرير 18 محضرا فى حملة إشغالات بمركز البلينا فى سوهاج    ظهر أحد طرفيها عاريا.. النيابة تحقق في مشاجرة بمدينة نصر    «شجاعة عم طارق»| السكة الحديد تستعد لتكريم عامل مزلقان أنقذ شابًا من دهس القطار    «الصحة»: 6 حالات وفاة وإصابة 24 آخرين في حادث غرق الطلاب بالإسكندرية    نور القلوب يضىء المنصورة.. 4 من ذوى البصيرة يبدعون فى مسابقة دولة التلاوة    قافلة طبية مجانية لأكثر من 1050 مواطنًا بقرية عزاقة بمركز المنيا    مصر تستضيف النسخة الأولى من قمة ومعرض "عالم الذكاء الاصطناعي" فبراير المقبل    لا دين ولا لغة عربية…التعليم الخاص تحول إلى كابوس لأولياء الأمور فى زمن الانقلاب    صراع الأجيال وتجديد الدماء    البابا تواضروس يترأس قداس تدشين كنيسة القديس مارمينا العجايبي بالإسكندرية    محافظ أسوان يتفقد سير العمل بوحدة صحة أسرة العوينية بإدفو (صور)    محافظ الجيزة يشدد علي التعامل الفوري مع أي متغيرات مكانية يتم رصدها واتخاذ الإجراءات القانونية    تفاصيل وأسباب تفتيش منزل مستشار الأمن القومي الأمريكي الأسبق جون بولتون    إسلام جابر: تجربة الزمالك الأفضل في مسيرتي.. ولست نادما على عدم الانتقال للأهلي    «متبقيات المبيدات» ينظم ورشة عمل لمنتجي ومصدري الطماطم    تفعيل المشاركة المجتمعية لتطوير وصيانة المدارس واستكمال التشجير بأسيوط    تحرير 125 محضرًا للمحال المخالفة لمواعيد الغلق الرسمية    «صحح مفاهيمك».. مبادرة دعوية خارج المساجد بمشاركة 15 وزارة    ما أسباب استجابة الدعاء؟.. واعظة بالأزهر تجيب    مركز الأزهر العالمي للفتوى الإلكترونية يحيي ذكرى وفاة العالم الكبير الشيخ مصطفى المراغي    ثلاثة أفلام جديدة فى الطريق.. سلمى أبو ضيف تنتعش سينمائيا    مستشفى الأهلى.. 6 لاعبين خارج الخدمة فى مباراة غزل المحلة بسبب الإصابة    ابنة سيد مكاوي عن عودة شيرين لحسام حبيب: فقدت تعاطفي معها    طلقات تحذيرية على الحدود بين الكوريتين ترفع حدة التوتر    شباب في خدمة الوطن.. أندية التطوع والجوالة يعبرون رفح ويقدمون المساعدات لقطاع غزة    تحقيق استقصائى يكتبه حافظ الشاعر عن : بين "الحصة" والبطالة.. تخبط وزارة التعليم المصرية في ملف تعيين المعلمين    الأوقاف: «صحح مفاهيمك» تتوسع إلى مراكز الشباب وقصور الثقافة    العمل والبيئة ينظمان دورة تدريبية حول الاستخدام الآمن لوسائط التبريد والتكييف بسوهاج    جامعة القاهرة تُطلق قافلة تنموية شاملة لمدينة الحوامدية بالجيزة    حملة «100 يوم صحة» تقدّم 59 مليون خدمة طبية مجانية خلال 38 يومًا    إصابة 3 أشخاص في حادث سير بوسط سيناء    إعلام فلسطينى: مصابون من منتظرى المساعدات شمال رفح الفلسطينية    «الإفتاء» تستطلع هلال شهر ربيع الأول اليوم    حسن الخاتمة.. وفاة معتمر أقصري أثناء أدائه مناسك الحج    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم السبت 23-8-2025 في محافظة قنا    تنسيق الجامعات 2025| مواعيد فتح موقع التنسيق لطلاب الشهادات المعادلة    موعد مباراة النصر ضد الأهلي اليوم في نهائي كأس السوبر السعودي والقنوات الناقلة    ملف يلا كورة.. خطة انتخابات الأهلي.. رسائل الزمالك.. واعتماد لجنة الحكام    شريف حافظ: الحب هو المعنى في حد ذاته ولا يقبل التفسير... والنجاح مسؤولية يجب أن أكون مستعدًا لها    نوال الزغبي: ضحيت بالفن من أجل حماية أولادي بعد الطلاق    ما هي اختصاصات مركز التسوية والتحكيم الرياضي المصري بقانون الرياضة بعد التصديق عليه؟    إرهاب الإخوان في ثلاجة القرارات الأمريكية.. لعبة المصالح فوق جرائم الجماعة    ويجز يغنى الأيام من ألبومه الجديد.. والجمهور يغنى معه بحماس    مدحت صالح يتألق بغناء حبيبى يا عاشق وزى المليونيرات بحفله فى مهرجان القلعة    3 أبراج على موعد مع التفاؤل اليوم: عالم جديد يفتح الباب أمامهم ويتلقون أخبارا مشجعة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



أرض تعجّ بالأشباح
نشر في صوت البلد يوم 05 - 11 - 2015

ليس سراّ أن باتريك موديانو من أسماء الهجس بالماضي في قالب روائي، وإن دفع به ذلك الى شفا الإصرارالمُفرط.
يحلو للكاتب الفرنسي الذي بات مرجعا عالميّا من طريق ظفره ب "نوبل" الآداب في 2014، بأن يكتفي بتقديم طيف الحقيقة على واقعها، فيجعل نصه على هذا النحو مرتَعا للشخصيات الشبحيّة المُعلقة بين عالمين.
ليست روايته "آحاد أغسطس" المنقولة إلى العربية أخيرا لدى "دار الساقي" مختلفة عن قريناتها التأليفية، بهذا المعنى. ها هنا أيضا يحترف الماضي التدخّل بالحاضر، في حين تفوح رائحة الذكريات الملتبسة من المطارح "نيس وسماؤها الزرقاء وبناياتها المضيئة" ومن وجوه الناس "تفرّست في وجوه المارة القلائل الذين نزلوا من القطار" ومن تلوينات الطبيعة وجمود الأشياء حتى.
تحتفظ الرواية المترجمة - بعد ولادتها الأولى بالفرنسية في 1986 (لدى دار "غاليمار") – بأوراقها الثبوتية فتمنح عنوان "آحاد أغسطس" الذي يظلّ من دون تبرير ناجع إلى حين نصل إلى خاتمة النص وتحديدا إلى آخر سطر فيها، حيث ينصرف الراوي جان، وأخيرا، إلى هنيهات السعادة المرجوة فنقرأ "كنا مثل سائر الناس، لا شيء يميّزنا عن الآخرين في أيام الآحاد تلك من شهر أغسطس".
والحال اننا لا نتعرّف إلى هوية جان سوى في لحظة متقدمة من السرد بينما يجري الإحتفاظ بشهرته مغفلة تماما. أما ما نعيه فاحتضانه ثلاث حيوات تتوزّع في ثلاثة أزمنة. وفي حين يلفّ الغموض شخصية جان تنسحب هذه الحال على سيدة بإسم سيلفيا أيضا يرتبط بها جان ويُخصص لها موديانو حياتان فحسب، بينما يرصد لها الإختفاء، في حركة السرد الثالثة.
في هذا المطرح يمارس موديانو هوايته الأحب والمنوطة بإيهامنا بأن ما نحن في صدد مطالعه على بساطة فاقعة، بينما يخفي في ثنايا القصّ تركيبا متكلّفا يحوم في ثيمات مختلفة ومن بينها مخلّفات العمالة إبان الحرب العالمية الثانية.
يلوذ موديانو وعلى عادته بمقتربه السردي الخاص حيث يعمد إلى أن يلقينا بداية في غمامة الإستفهامات قبل أن يمدّنا تدريجا بالمفاتيح الضرورية بغية فهم ما يحدث، ليسعنا عندئذ وإنما في إيقاع متمهل، أن نذيب الشمع الأحمر عن الألغاز المزروعة في قعر النص فنفهم ما يدور بين جدران الحكاية الموسومة بالتشعب.
يلتزم النص في صيغته العربية منطق الروائي وهو من عُرف عنه رغبته الملحّة في الإفصاح عن الطارىء والداهم، فينسخ بنية النص الفرنسي لاسيما على مستوى الفصول الستة عشرة المحرومة من أرقام والمقسّمة وفق أحجام متفاوتة تمنح القدرة على الإسراع ثم الإبطاء، مما يسهل اللوذ بجو الحبكة المبطّنة.
والحال ان النص المنقول يلاحق تقطيع الجمل كما في النص الفرنسي، وعلى قدر ما يسمح به تمرين التعريب بلا شك، وها إنه لا يتردد في استعارة العاميّة "الشغل ماشي؟ - بين بين. وأنت؟" عندما يلوذ النص الأصلي بفرنسية محكية. تشوب الترجمة المرضية إلى حدّ بعيد، بعض الأخطاء المطبعية البسيطة أحيانا، كأن تتسلل إلى النص كلمة "ديل" مكان "دليل" في الفصل الأول.
يسطو على الرواية المناخ الشبحي العزيز على موديانو والمشار إليه آنفا ليجعل الإبهام يُطبق على التطورات وعلى صانعيها أيضا، فنظلّ غير واثقين من فعل وجود الأشخاص ومن بينهم الثنائي نيال الذي يلتحق بمسار الكاتب الأثير، أي تشويش الهوية، وفي هذه الحال تتراءى هويتهما مغشوشة حتى." آحاد أغسطس" نص محكوم بثيمات مختلفة تبدأ بالفرار وتمرّ بالإختفاء والعزلة والإختناق والعتمة والأماكن التي تنطبع ألوانها كما شذاها على قاطنيها أو المارين بها فقط. في النص لا يلبث الحدث يختلط بآخر الى حدّ يجعل الراوي يفقد القدرة على تمييزهما، فيستدرج في لحظات إلى الشعور بالتعفّن في مطرحه.
موديانو سليل أصوات لا تكلّ من التنقيب في الهوية ومفاهيمها، وإذا كان يجعلنا نظنّ أن موقفه ملتبس في ما يخصّ الحقيقة والوهم، فمن أجل أن يعيد التأكيد انه نصير الذاكرة إزاء أي خطر يتهدّدها.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.