"الأمريكان والروس والإيرانيون والعلويون وحزب الله ينسقون حربهم ضدنا، فهل عجزنا أن نوقف القتال بيننا حتى نوجه جهدنا كله ضدهم"، بهذه الكلمات دعا أيمن الظواهري، زعيم تنظيم القاعدة إلى لم شمل الجماعات الجهادية، وتنفيذ عمليات على غرار أحداث على 11 سبتمبر. وشنَّ الظواهري في تسجيل صوتي تم بثه على الإنترنت، هجومًا كبيرًا على جماعة الإخوان، الذي كان واحدًا منهم في نهاية السبعينيات، قائلاً: "معركتنا في الشام ومصر هي معركة واسعة وشاملة لإعادة الخلافة الإسلامية، وهي معركة بالجهاد السياسي". ويرى باحثون في الشأن الإسلامي، هذه التصريحات بأنها محاولة لاستمالة الجماعات الجهادية على اختلاف أيدلوجياتهم وفي مقدمتهم تنظيم "داعش" الإرهابي، مؤكدين أن الاختلاف بينهم فرعي، ويوحدهم الخطر المشترك تحت سلاح الجهاد. قال أحمد بان، الباحث في شئون الجماعات الإسلامية، إن هناك نوعين من التناقض بين الجماعات الجهادية أحدهما فرعي والآخر رئيسي، لافتًا إلى أن هناك تناقضات فرعية بين تنظيمي القاعدة وداعش، والتناقض الرئيسي الذي يجمعهم، هو اعتبار الولاياتالمتحدةالأمريكية العدو البعيد، وانضمت إليها روسيا الآن. وأضاف أنه من الوراد اجتماع الأعداء على حرب الحالة الجهادية، ويقدم القاعدة خدماته لمواجهة الخطر المشترك، وبمنطق الضرر البرجماتي يستميل "الظواهري" الفصائل الجهادية لعمل مسلح. وأشار إلى أن هذه المجموعات اجتمعت تحت لواء واحد في أفغانستان في مواجهة الاتحاد السوفيتي، كما اجتمعت في وجه الولاياتالمتحدة وحلف الناتو، فيذكرها الظواهري بتاريخ حمل السلام المشترك لتتحد في مواجهة العدو. ولم يستبعد "بان" أن تلقى دعوة الظواهرة استجابة من الفصائل المسلحة بالتوحد وتنحية خلافاتها جانبًا، ولا تظهر إلا في حالة واحدة، وهي تحقيق الانتصار والغنيمة، فعندما تواجه خوف مشترك من الوارد أن تعمل في قالب واحد. وعن احتمالية تنفيذ أعمال إرهابية في الولاياتالمتحدةالأمريكية والدول المستهدفة، قال: “إن هذا يقع في إطار الممكن خاصة أن تنظيم القاعدة له خلايا نائمة في هذه الدول، وسيُعمل على تنشيطها لإحداث عمل كبير يطمئن قواعده ويدفها للتعبئة، والاستعداد لمعركة طويلة مع أمريكاوروسيا”. وأوضح "بان" أن هجوم الظواهري على جماعة الإخوان في مصر وتونس، يأتي في سياق الظروف الحالية، منوهًا بأن زعيم تنظيم القاعدة كان عضوًا في جماعة الإخوان حتى أواخر السبعينيات، وخرج منها، وأصدر كتاب "الحصاد المر"، ويرى أن الجماعة "مايعت" في عقائد المسلمين وتنازلت للمجموعات العلمانية لأن تحتل مكانها، وفشلت في إدارة المعركة السياسية؛ لذا يجب أن تنتصر عليها في معركة السلاح. من جانبه، قال هشام النجار، الباحث الإسلامي، إن حديث "الظواهري" يأتي في سياق محاولة القاعدة منافسة تنظيم داعش، وإثبات حضورها إزاء ما تعرضت له من ضربات من داعش ذاتها؛ لذا فهي تحارب على صدارة المشهد الجهادي. وأضاف أنه يطرح فكرة لم شمل التيارات الجهادية في ظل ما تعانيه؛ بسبب ضربات التحالف الدولي ضدها، والتدخل العسكري لروسيا في سوريا، مشيرًا إلى أن الظواهري يطرح خدماته، وما يمكن أن يقدمه لتكوين شراكة مع داعش، ليخفف الضغط على القاعدة والتيارات القتالية الأخرى في المنطقة، ونقل المعركة إلى داخل أمريكا. ورأى أن الظواهري يحاول تشتيت جهود قوات التحالف، ويستخدم الحرب ضد أمريكا كورقة ضغط ضد القوة ويجبرها على المساومة، وإلا تواجه رد فعل قوي من التيارات الجهادية داخل عمق الولاياتالمتحدة والغرب. وتابع: “إن كلمة الظواهري محاولة لاستمالة داعش لشراكة قتالية، ومن الممكن أن تستجيب داعش في ظل هذه الأزمة، إذ تحاول جذب عوامل قوة جديدة إليها؛ لإن قوتها بمفردها لن تصمد أمام الضربات المتنوعة سواء من روسيا أو التحالف العربي والأمريكي؛ لذا تريد أذرع لها تضرب في خارج المنطقة، وفي عمق البلاد المستهدفة وخاصة بلاد التحالف الغربي”. ولفت إلى أن زعيم تنظيم القاعدة سعى من خلال حديثه عن جماعة الإخوان، إلى جذب أنصار جدد من الساخطين على فشل الإخوان في مصر، في رسالة مبطنة إلى شباب الجماعة المحبط من قيادات الإخوان والمنهج المتبع، بحيث يجذبهم للتيار الجهادي، والتأكيد على أن الحل سيكون من خلال ميادين الجهاد. واختلف معهم ماهر فرغلي، الباحث في شئون الجماعات الإسلامية، إذ استبعد التعاون ما بين تنظيم القاعدة وداعش؛ نظرًا للاختلافات الأيدلوجية والفكرية بين الطرفين. وأشار إلى أن تنظيم القاعدة له أفرع في كل البلاد وموجود في أوروبا، وكل العمليات في تونس وفرنسا كانت بتوقيع تنظيم القاعدة، مضيفًا أن تنظيم القاعدة له قدرات خارجيًا، وامتدادات إقليمية أكبر من تنظيم داعش الموجود في الشام والعراق. وأوضح ان القاعدة تسعى إلى جذب عناصر تابعة لداعش، وبعض عناصر جماعة الإخوان الغاضبة من التجربة الفاشلة، والحديث عن أن الديمقراطية لا تجدي والحل الآن هو السلاح.