الرئيس ينتصر للعدالة الناجزة |إشادة حزبية بقرار رد قانون الإجراءات الجنائية إلى البرلمان    رئيس جامعة الأزهر يفتتح معملي الحاسبات والواقع الافتراضي ونظم المعلومات الحضارية بكلية الهندسة للبنين    جوائز ل «ضى» بمهرجان بغداد    خطوة للأمام.. تعديلات ببرنامج تنمية صناعة السيارات لتعزيز التصنيع المحلي    موعد صرف معاشات شهر أكتوبر 2025 وفقًا للهيئة القومية للتأمينات الاجتماعية    عمرو سليمان: السوق العقاري المصري يتمتع بصلابة استثنائية    «بركات» الزيارة الملكية |غرفة السياحة: دفعة قوية للسوق الإسبانى واللاتينى.. و63% نموًا بالوافدين    بعد انتهاء الصيف.. متى يعود التوقيت الشتوي 2025 في مصر؟    انتخاب هيئة الدواء نائبًا لرئيس اللجنة التوجيهية لبرنامج تابع لوكالة الاتحاد الإفريقي للتنمية    ماكرون: لم يعد بوسعنا الانتظار للاعتراف بالدولة الفلسطينية    13 دولة جديدة تعترف بفلسطين ومباحثات حول مستقبل غزة    ألونسو: مباراة ليفانتي صعبة والفريق يتحسن تدريجيًا    شيكو بانزا ينضم لقائمة الزمالك أمام الجونة ..وغياب الجزيري    زد يفوز على الاتحاد السكندري بهدف في الدوري    برونو لاج يدخل دائرة اهتمامات الأهلي لتدريب الفريق    جورجي جيسوس يستقر على حارس النصر أمام اتحاد جدة    الحبس 6 أشهر وغرامة 100 ألف جنيه للبلوجر أم سجدة    عاجل.. حجز محاكمة 16 متهم ب " مرابطيين " التابعة للجان الإعلامية للأخوان للحكم    نظر استئناف المتهمين بمطاردة فتيات طريق الواحات على حبسهم 4 سنوات الأربعاء    وثائق رسمية تكشف توقيعًا مزيفًا باسم رمضان صبحي في امتحان معهد السياحة (مستند)    شقيقة مسلم توجه له رسالة نارية:«هو أنت بتأكلنا؟»    باحث ل"إكسترا نيوز": نشهد لحظات تاريخية مع الاعتراف بدولة فلسطين    البحوث الإسلامية: الأمة الإسلامية في حاجة ماسة إلى تجديد الصلة بالنبي    تصل إلى عشرين ركعة.. أمينة الفتوى توضح ما هي صلاة الغفلة وكيفية أدائها (فيديو)    مع انتهاء الصيف.. احذري من استخدام أدوية البرد للأطفال دون وصفة طبية (تفاصيل)    محافظ الدقهلية: «مركز الكلى» صرح يعكس قيمة مصر وريادتها بالمجال الطبي    محافظ بني سويف يتابع حالة طالبة ادعت تناول حبة غلال.. ويوجه بنقلها لمعهد السموم    مواقيت الصلاة اليوم الأثنين 22 سبتمبر في بني سويف    من هم ال70 ألفًا الذين يدخلون الجنة بغير حساب ولا عذاب؟ الشيخ رمضان عبد المعز يوضح    فيديو.. أبو الغيط: قرار قمة الدوحة بشأن مراجعة العلاقات مع إسرائيل يجب أن يؤخذ بالجدية الواجبة    كرارة يغير جلده الفني بمسلسل رعب جديد ويكشف موقفه من دراما رمضان 2026    تعرف على مواقيت الصلاه اليوم الإثنين 22سبتمبر 2025    رئيس مياه الأقصر يتفقد محطة معالجة الدبابية ويتابع شبكات الصرف الصحي في المساوية    يونيسف: مقتل 11 طفلا في غارة بطائرة مسيرة على مسجد بالفاشر السودانية    أحمد السيد: عماد النحاس الأنسب للأهلي بالفترة الحالية.. والقمة لا تخضع لأي حسابات    أول رد من أرملة إبراهيم شيكا على رغبة وفاء عامر في استرداد شقتها    حفل استقبال الطلاب الجدد بكلية العلوم جامعة الفيوم.. صور    الداخلية تكشف ملابسات فيديو تعاطي المخدرات أسفل أحد العقارات بالقاهرة    وسط فرحة الطلاب.. محافظ المنوفية يفتتح مدرستين ببروى وبكفر القلشى للتعليم الأساسي    الرئيس السيسي يقرر العفو عن علاء عبد الفتاح و5 آخرين    عبد الله السعيد: أتمنى تتويج منتخب مصر بكأس الأمم وجاهز للعودة إذا طُلب مني    فليك بعد الفوز على خيتافي: أركز فقط على فريقي وأريد حمايته    طقس الإسكندرية اليوم.. أجواء معتدلة ودرجات الحرارة العظمى تسجل 30 درجة مئوية    هينسحبوا تمامًا.. 3 أبراج لا تقبل العلاقات السامة «التوكسيك»    "الغردقة لسينما الشباب" يكشف عن لجان تحكيمه .. وداود رئيسا لمسابقة الأفلام الطويلة    اللجنة المصرية لإغاثة أهالي غزة تتوصل لطفلي طريق الرشيد بغزة.. ووالدتهما: بشكر الرئيس السيسي    مصرع فتاة وإصابة 6 في تصادم ميكروباصين بطريق العوايد بالإسكندرية    ضبط 6 آلاف علبة جبنة فاسدة داخل مخزن خلال حملة تموينية في الأقصر    "البحوث الزراعية" ينظم المنتدى العلمي الأول حول تطبيقات الإدارة المتكاملة    بالصور - محافظ أسوان يتفقد 1540 مدرسة استعدادًا للعام الدراسي    الآن.. انطلاق تنسيق الثانوية الأزهرية للقبول بالجامعات والمعاهد العليا    وسط ترقب كبير .. يامال يقود وفد برشلونة لحضور حفل الكرة الذهبية لعام 2025    ب "التايجر".. ريم سامي تخطف الأنظار بإطلالة أنيقة    رئيس جامعة القاهرة يتلقى تقريرا عن مؤشرات الأداء بمستشفيات قصر العيني    وزارة الصحة: تقديم 17 ألف خدمة طبية في طب نفس المسنين    خلال لقائه مع نظيره الكويتي .. وزير الخارجية يؤكد رفض مصر القاطع لأي محاولات للمساس بأمن واستقرار الخليج    بعد الظهور الأول لهما.. ماذا قال ترامب عن لقائه ب ماسك؟    أحمد العوضي: لو هتجوز مش هقول.. ومشغول بمسلسل «علي كلاي» لرمضان 2026    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



القومية أولا، وليس الطائفة. إيران مثالا
نشر في صوت البلد يوم 12 - 09 - 2015

من الأمور التي يجهلها كثيرون عن الشيعة العراقيين العرب أن لهم سجلا طويلا وعميقا من النفور العنصري المتبادل بينهم وبين الجارة الشرقية، من قرون، لم تستطع الرابطة الطائفية التغلب عليه وتحويله إلى ثقة ومودة وأخوة راسخة. وقد كان هذا النفور أكثر ظهورا أيام الشاه، بسبب ارتفاع منسوب الكبرياء القومية والعنجهية والتعالي على جيرانه العرب، بمن فيهم أبناء طائفته العراقيون.
وقد كان، بتعدياته على مناطق الحدود مع العراق، وتدخلاته ونشاط مخابراته ورجال الدين الإيرانيين الذين كان يرسلهم للتبشير بزعامته وبأفكاره وأهدافه السياسية، يتسبب بإحراجهم، ويضعهم في موضع الشك والريبة أمام عشائرهم ومواطنيهم في ولائهم الوطني والقومي، ويجعل حكومتهم تتوجس منهم، وتتخوف من تحولهم إلى طوابير خامسة إيرانية، وهم من ذلك براء.
وقد زاد نفورهم منه، ومن (فارسيته) المتضخمة، وسياساته العدائية المتغطرسة، حين أقدم على احتلال جزر الإمارات العربية الثلاث، طنب الكبرى وطنب الصغرى وأبو موسى، وما رافق ذلك من تصريحات عنصرية متعالية على العرب أجمعين، أطلقها إعلامه وأعوانه ووزراؤه الكبار.
وتُروى حكايات عديدة عن تحرشات الشاه بالعراق، أرضا وشعبا، وعن جهود الحكام العراقيين الجهيدة التي كانت تبذل لتفادي الصِدام.
ومن يقرأ مذكرات توفيق السويدي الذي عمل سفيرا للعراق في طهران، ثم وزيرا للخارجية، ورئيسا للوزراء، يضع يده على الحقيقة التي تقول إن العنصرية القومية هي التي كانت تحرك الشاه ونظامه، والمؤسسة الدينية، والحركات القومية الفارسية على كره العراقيين ومعاداتهم، وتحرك العراقيين على الشاه وعلى الأمة الفارسية، ذاتها، وكرهها ومعاداتها.
وحين بدا أن القرار (الأممي) برحيل نظام الشاه قد صدر، وأن الإمام الخميني قادم إلى طهران من باريس على متن طائرة فرنسية، مرفوقا بعشرات المعممين، لحكم إيران تفاءل العراقيون، والشيعة منهم بوجه خاص، وتمنوا أن يكون العهد الجديد أكثر اتزانا وعقلانية، وأشد رغبة في إحلال التفاهم والتعاون والمسالمة والمسامحة في علاقات الدولة الجديدة مع جيرانها العرب. وتوقعوا أن يكون أول قرار يتخذه الإمام هو إعادة الجزر الثلاث إلى دولة الإمارات، ليطمئن إخوته في الدين، من العرب وغيرهم، وليطوي صفحات التعالي القومي العنصري الذي ميّز عهد الشاه، لسببين، الأول إعلانه، وهو في باريس قبل تسلّمه السلطة، أن نظامه ديني إسلامي يناصر المسلمين ويدافع عن قضاياهم، وخاصة قضية فلسطين. والثاني أنه (الخميني) عاش سنوات في النجف ضيفا معززا ومكرما على الشعب العراقي، وبالأخص على شيعة النجف ومراجعها، ولا بد أن يكون وفيا لتلك الضيافة، وراغبا في إنهاء حالة التعالي القومي على العرب، وإنهاء سياسات الاستفزاز والتعدي والتعالي عليهم بعلاقات أخوية جديدة حقيقية، مثمرة وراسخة تقوم على الاحترام المتبادل، وعلى حسن الجوار.
ولكن أمل الجميع بدأ يخيب. فقد تبيّن أن الخميني حاقد أكثر من الشاه، ليس على صدام الذي طرده من النجف لأسباب سياسية لا علاقة لها بأي شيء آخر، بل على العراقيين والعرب أجمعين، وراغب في احتلال أوطانهم وفرض ثورته عليهم بقوة السلاح.
ومن أول وصوله، في مطلع شهر فبراير عام 1979 إلى ايران، بدأ يبشّر بنظريته الجديدة القائمة على فكرة تصدير الثورة إلى دول الجوار، مستهدفا العراق أولا، للانطلاق منه إلى الدول العربية الأخرى، وإعادة أمجاد الإمبراطورية الفارسية من جديد بقيادته، معلنا أنه ينوب عن الإمام الغائب، وجاعلا نفسَه الولي الفقيه.
وقد ألغى جميع قرارات الشاه وأفعاله، وجرّم سياساته جميعها، ما عدا قرار احتلاله للجزر العربية الثلاث. حيث أصر على اعتبارها أملاكا إيرانية مستعادة، متمسكا بنفس الذرائع والحجج التي استخدمها الشاه، رافضا أي حوار أو أي تحكيم بشأنها.
ثم بدأت تحرشاته الإعلامية والأمنية بالعراق تتكرر وتتكاثر، وتتحول إلى حرب باردة غير معلنة، عامدا إلى استخدام العباءة الطائفية لتأليب الشيعة العراقيين على نظام صدام حسين، وتجنيدهم لخدمة حربه الجديدة ضده.
ولكن صدام حسين، وهو العارف الجيد بعمق البغض القومي التلقائي المتأصل في أعماق الشيعة العرب العراقيين ضد الفرس، ماضيا وحاضرا، واجه طائفية خطاب الخميني بالعنصرية القومية العربية، جاعلا حربَه معه حربَ (القومية) العربية ضد (القومية) الفارسية، دفاعا عن (البوابة) الشرقية للوطن العربي.
وليس عن عبث ولا عن جهل بالتاريخ، أطلق على حربه تلك اسم (القادسية)، معيدا على الفرس الخمينيين أوجاع هزيمة الدولة الفارسية، واقتحام الخيول العربية لمعاقل الإمبراطور كسرى أنو شيروان، وسبْيِ بناته وهدم قصوره ونهبها، وإدخال الأمة الفارسية، كلها تقريبا، في الدين الجديد. وهو، بهذا قصد أمرين، الأول إهانة الأمة الفارسية وتعييرُها بالتاريخ، والثاني تحفيزُ النعرة القومية لدى الشيعة العرب في العراق، وتوظيفُها لحشدهم خلفه، والانخراط في حربه تلك.
وهكذا كان. فتسعون في المئة من ضباط الجيش العراقي وجنوده الذين حاربوا نظام الخميني الشيعي، وصمدوا في قتاله ثماني سنوات وهزموه، كانوا شيعة. وهذا هو السبب الرئيسي لقيام جواسيس المخابرات الإيرانية، وعناصر ميليشياتها العراقية، بعد الغزو الأميركي، وهيمنة إيران على العراق، بشنّ حملة اغتيالات طالت كبار القادة العسكريين والطيارين والخبراء والعلماء العراقيين الذين استبسلوا في مقاتلة الجيش الإيراني وهزْمِه.
وقد كانت أكثرية هؤلاء المغدورين على أيدي نظام الملالي في طهران ووكلائهم العراقيين الشيعة شيعة أيضا، لم تشفع لهم صلة العقيدة لدى النظام الذي يدعي بأن دافعه لاحتلال العراق، وفرض هيمنته على الدولة وأهلها، هو الدفاع عن الطائفة وأبنائها وحمايتها ونصرتُها، بعد مظلوميةٍ دامت قرونا طويلة، كما يدعي.
إلا أن تلك الاغتيالات والملاحقات لعلماء العراق وضباطه كانت سلاحا ذا حدين على النظام الإيراني. فقد نبّهت الشيعة العراقيين إلى قوة الحقد العنصري الفارسي التي يختزنها الملالي لكل عرب العراق، دون أن يستثنوا منها إخوتهم في المذهب والعقيدة.
ويروي عراقيون كثيرون من الذين قام نظام صدام بتهجيرهم إلى إيران بحجة كونهم من التبعية الإيرانية قصصا وحكايات مثيرة جدا عن احتقار المواطنين الإيرانيين الفرس لهؤلاء اللاجئين، برغم أنهم من الطائفة.
يقول المواطن العراقي (ع. خ التميمي) الذي كان يسكن مدينة كاشان الإيرانية قبل أن يعود إلى بغداد “كنا نظن إيران دولة إسلامية تطبق الشريعة ويعمّها العدل والمساواة. لكن بعد تركنا العراق وذهابنا إلى هناك تم توطيننا في مخيمات غير صالحة للسكن، وكأننا نعيش في العراء” ويكمل “أنا وبعض اللاجئين العراقيين كنا نعمل في المزارع تحت ظروف شاقة ونتقاضى نصف الأجر مقارنة بالعمال الإيرانيين. عندما كنا نسأل أصحاب المزارع عن سبب اقتطاع نصف الراتب اليومي يكون الجواب: “أنتم عرب ولا تستحقون نفس الراتب الذي يتقاضاه العامل الإيراني” ويتابع “أطفالنا لم يسمح لهم بالتسجيل في المدارس الإيرانية ولم تفتح لهم مدارس عربية. بعد ثلاث سنوات توسط لنا أعضاء في فيلق بدر فسجلنا أطفالنا في المدارس الإيرانية. فُرِضَت علينا رسومٌ باهظة مقارنة بالمواطنين الإيرانيين”.
أما العراقي (ع. الزرقاني) فقد قضى عدة سنين في إيران ثم عاد للعراق ويعيش الآن في القرنة. يقول “أنا من التيار الصدري وزوجتي من حفظة القرآن وتلقت تعليمها في الحوزة العلمية. سكنت فترة في قم ثم طهران ثم الأحواز” ويضيف “كان المسؤولون يحتقروننا. أثناء احتكاكنا معهم يصفوننا بالوحوش والبرابرة. يقولون لنا: أنتم حاربتمونا ثماني سنوات، وقتلتم أبناءنا، ولن نغفر لكم، وسنأخذ حقنا وحق أولادنا وأجدادنا”.
ويكشف أبو زينب “معسكراتنا لم تكن مستقلة، بل كانت جزءا من معسكرات الحرس الثوري، وكنا نخضع لإدارة الحرس الثوري ومراقبته. لم يثق بنا الإيرانيون لحظة واحدة”.
في الماضي، وفي الحاضر، ثبت أن الإيرانيين الفرس، سواء في عهد الملكية الشاهنشاهية أو الجمهورية الإسلامية، يتحركون بالدوافع القومية العنصرية ولا يعيرون أي احترام أو اعتبار لرابطة الطائفة.
وأكبر دليل على ذلك فظاظة ضباط الحرس الثوري المنشورين في دوائر الحكومة العراقية ومؤسساتها المدنية والدينية، في معاملة العراقيين، وخصوصا في المحافظات ذات الأغلبية الشيعية ذاتها. فاعتماد النظام الإيراني على سياسيين فاسدين تسببوا بإفقار المدن الشيعية وتجهيلها وحرمانها من أبسط الخدمات، وزجوا أبناءها في حروبهم مع خصومهم السياسيين، بالمفخخات والتفجيرات والأحزمة الناسفة.
ثم جاء خروج الملايين البشرية، أخيرا، عن صمتها، ولجوؤها إلى التظاهر ضد وكلاء النظام الإيراني، وتمزيق صور الخميني وخامنئي في مدن شيعية عديدة، رغم معرفة المتظاهرين بأن إيران وراء النظام ورؤوسه الفاسدة، ليبرهن على أن الطائفة الشيعية العراقية، من جهتها، أيضا، أثبتت أن الحمية القومية والوطنية تسبق الولاء للطائفة، عند الشدائد.
زدْ على ذلك إقدام الولي الفقيه، شخصيا، على استقبال نوري المالكي، المطلوب رقم واحد من قبل أبناء الطائفة، والمسؤول الأول عن تجويعهم وتبذير أموالهم، ليؤكد للجماهير الغاصبة أن مصالح النظام الإيراني، الفارسي المتعصب لفارسيته، أقوى وأهم من حياة الطائفة وأمنها وكرامتها، وأن الولي الفقيه أراد بحماية المالكي ومدحت المحمود وغيرهما من كبار الرؤوس الفاسدة أن يهين المتظاهرين ويحتقر مطالبهم، ويعلن موافقة ضمنية على سلوك معتمديه اللصوص والمزورين الذي خرّبوا حياتهم.
وما التفاف الملايين من الشيعة العرب العراقيين حول مرجعية السيد السيستاني، في هذه المرحلة بالذات، إما عن إيمان ثابت ومبدئي بعدالتها ومواقفها وتوجيهاتها وفتاواها، أو برغبة في الاستقواء بها على عملاء الولي الفقيه في التحالف (الوطني) ودولة القانون وميليشيات بدر والعصائب وحزب الله العراقي، إلا برهان على عمق الشرخ القومي العنصري المتوارث بين شيعة العراق العرب والفرس الإيرانيين.
ولسنا هنا في حاجة إلى التذكير بمدى احتقار المرجعيات الفارسية في إيران للعنصر العربي، حين جعلت الدستور الإيراني ينص على أن “رئيس الدولة يجب أن يكون شيعيا، من أبويْن فارسيْين”.
وقد فهم الشيعة العرب من هذا النص العنصري الخارج عن حدود العقيدة الإسلامية التي لم تفضّل عربيا على أعجمي إلا بالتقوى، أن الإمام الغائب لو عاد فلن يكون مسموحا له بقيادة الشعب الفارسي، أسوة بالشعب العربي، وذلك لأنه عربي هاشمي من قريش، وليس فارسيا من أبوين فارسيين.
ويعرف الشيعة العرب أكثر من سواهم أن النظام الإيراني منع التحدث باللغة العربية في الأماكن العامة، كما منع تسمية المواليد الجديدة بأسماء عربية.
خلاصة هذه المقالة أن المخاوف العربية من تحول الهلال الإيراني القومي الفارسي إلى قمر شيعي، بقيادة فارسية، مخاوف لا مبرر لها. فقد يَضعُف الولاءُ القومي والوطني، أحيانا، وتطغى عليه العصبية الطائفية، بفعل عوامل طارئة، منها جهالة بعض المواطنين العرب السنة، وتحاملهُم غير العادل وغير العاقل على إخوتهم الشيعة، وسياسات طائفية تهميشية لبعض الأنظمة الحاكمة السنية ضدهم، إلا أنه يظل الأقوى والأكثر حسما، مهما أنكر ذلك المُنكرون.
...
العرب اللندنية


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.