لأنه كان يرشد ويكشف عن حامله في الظلام، وفي عصر الدولة الفاطمية كان الخليفة يخرج لاستطلاع هلال رمضان وكان الصبية تمشي حاملة الفوانيس لإضاءة الطريق أمامه، وبعد استطلاع الهلال كان يأمر الخليفة بإضاءة الشوارع بالفوانيس طوال الشهر، ومنذ ذلك العهد ارتبط الفانوس برمضان. وانطلق الفانوس من مصر إلي الدول العربية والإسلامية، ورغم اكتشاف الكهرباء بقي الفانوس من أهم مظاهر شهر رمضان، حيث يستخدم لتزيين الشوارع وإدخال الفرحة علي قلوب الأطفال بحلول شهر الخير والبركات. وتركزت صناعة الفوانيس في مصر في القاهرة القديمة، في حي السيدة زينب وفي حي الجمالية الملاصق لحي الحسين. محمد علام 67 عاما، من أقدم صناع الفوانيس في مصر، يقول: أعمل في المهنة منذ 57 عاماً توارثتها أباً عن جد، وبصراحة لم نتقدم في صناعة الفانوس فنحن حتي الآن نقوم بتصنيع الفانوس التقليدي من الزجاج الملون والصاج واقتصر إنتاجنا علي صناعة الحجم الكبير فقط والذي يستخدم في إنارة الشوارع والأزقة وتزيين واجهات المحلات، ولم نستطع التقدم في صنع الفانوس الصغير الذي يحمله الأطفال بعد أن دخلت عليه تقنيات عالية وتكنولوجيا حديثة غير متوفرة لدينا كصناع تقليديين . ويضيف: للفانوس أشكال كثيرة منها "المحرود" الذي تنسحب قمته بضيق تجاه القاعدة،والمربع والمسدس، وأشهرها "أبو حشوة" وله حلية منقوشة من الصفيح أسفل شرفته، وهذه الأشكال لها مراحل تصنيع واحدة. حيث يتم تشكيل الصفيح في البداية وقصة بالشكل المطلوب لتصنيع الجسم مع ترك فتحات لتركيب الزجاج، ثم نقوم بقص شرائح لتصنيع القاعدة والرأس، ويتم لحام كل هذا بواسطة القصدير ثم يتم تقطيع الزجاج وتلوينه وتركيبه، وهكذا يكون الفانوس جاهزاً لتزويده بمصباح كهربائي ليضيء الشوارع إلي جوار فروع الورق الملون والتي تزين الشوارع خلال شهر رمضان. حسن عبد الله، أحد أصحاب ورش تصنيع الفوانيس، يقول: تطور الفانوس بشكل سريع بعد أن دخلت دول كثيرة المنافسة في تصنيعه من الصين وتايوان، وبعد أن كان الفانوس محتفظاً بسعره ولا يقل بأي حال عن 30 جنيها وصل البعض منه إلي خمسمائة جنيه، وأصبح هناك فوانيس صينية صغيرة للغاية لا يتعدي طولها أصبع اليد ويتم وضعها في سلسلة المفاتيح وهذه الأنواع تضاء بأحجار صغيرة مثل التي تستخدم في تشغيل ساعات اليد ولا يتعدي سعرها جنيهين ونصف الجنيه. ويقول علاء منصور، صاحب محل لبيع الفوانيس: شهد سوق الفوانيس تراجعاً ملحوظاً بعد أن غزت الأسواق الفوانيس الصينية التي أدخلت التكنولوجيا الحديثة علي الفوانيس، فأصبح هناك فوانيس تعمل بالريموت كنترول، وفي الوقت ذاته أسعارها زهيدة حيث تتراوح بين 15 و50 جنيهاً. وأطلق عليها أسماء عديدة مثل "المفتش كرمبو" و"بطوطة" و"الفرخة" و"علاء الدين" وغيرها من الأسماء الجاذبة للأطفال، وهذا العام تراجعت نسبة المبيعات كثيراً عن العام الماضي نظراً للارتفاع الجنوني للاسعار.