وهل يتم ذلك من خلال أعماله الفنية، أم أن الأمر يقتضي نزوله إلي الشارع لمشاركة الناس همومهم علي أرض الواقع؟! وهل سنري قريباً تدفق الفنانين علي أرصفة مجلس الشعب لمشاركة المواطنين آلامهم. يؤكد حمدي أحمد أن الفنان، بطبيعته، صاحب رؤية وموقف تجاه الحياة، وقد ينغمس في العمل السياسي لانتمائه إلي قضية محددة لا يحيد عنها مهما كانت المصاعب والعقبات. أما خالد الصاوي فتحدث عن المبدعين الذين يفضلون حصر أنفسهم في المهنية البحتة بمعزل عن الواقع السياسي والاجتماعي ويجدون المبررات للابتعاد عن الشأن العام، فيما لا يستطيع آخرون، بفعل النشأة والتكوين والإحساس العميق الشعور بالهموم التي يعانيها المواطن، إلا أن يكون لسان حال هذا الأخير والتعبير الواضح عن مشاكله . ويضيف أن الفنان مهموم بالواقع عموماً والشأن السياسي خصوصاً يعيش تحت دائرة الضوء وموقفه تحت المجهر لاسيما إذا كان مناهضاً لنظام الحكم، لذا فقد يتعرض للمشاكل بشكل أكبر من بينها الرقابة والمنع وقمع إبداعه وغيرها من العراقيل . يري الفنان سامح الصريطي ضرورة الفصل بين الفنان ومواقفه وبين الإبداع الذي يقدمه، لأن العملية الإبداعية نتاج وجهات نظر متعددة، ومن ثم لا يمكن الحكم علي موقف فنان عبر دور يقدمه، إنما من خلال إبداء رؤيته، كمواطن، حول الأمور المتعلقة بالشأن العام في المجالات كافة، ولا يتحقق ذلك إلا بوعي ثقافي لكل ما يدور حوله. يؤمن المخرج علي بدر خان بضرورة الخروج من النظريات إلي التطبيق وأعطي مثالاً علي ذلك مشروعه الجديد مكتبة بدر خان الذي أسسه بجهوده الذاتية وهدفه التثقيف وصولاً إلي تحقيق التغيير بطرق غير مباشرة. في هذا الإطار، يلاحظ المخرج خالد يوسف أن المبدع يصطدم غالبا مع الرقابة، في صراعه من أجل التغيير، فتهدر طاقاته في نقاشات عقيمة وقد لا ينجح بعد ذلك في التعبير عن وجهة نظره بحرية، تضاف إلي ذلك العوائق التي يواجهها المبدع، صاحب الموقف السياسي المناهض، مثل تقديرات الضرائب الجزافية أو الملاحقة والتعسف، علي غرار ما حدث للإعلامي المشهور حمدي قنديل في برنامجه رئيس التحرير. ويفي السياق نفسه، يري الناقد طارق الشناوي أن نخبة من المبدعين في عالمنا العربي عموماً وفي مصر خصوصاً أصبحت تحرص علي مكتسباتها المعنوية والمادية التي حققتها ومن ثم لم تعد تصلح لفعل التغيير. ويضيف الشناوي: للأسف، يخشي الفنانون والمبدعون في معظمهم مجابهة النظام ومعارضته ويعجزون عن مقاومة سياسة العصا والجزرة المتبعة. وفي ظل الحالة التي تشهدها مصر الآن من تحرك سياسي وحركات احتجاج شعبية هل ستشهد الساحة خروجاً مكثفاً للفنانين إلي الشارع؟.. سؤال يبقي مطروحاً ليجيب عنه المستقبل القريب!