حيث ادعت الحكومة المصرية التزامها بتنفيذها حماية وتعزيز الحق في حرية الدين والمعتقد والاستجابة الفعالة لحالات العنف الطائفي، خاصة ضد الأقباط، وهو مالم يحدث خلال الشهور الماضية، والتي شهدت العديد من أعمال العنف الطائفي، وعدم ملاحقة مرتكبيه جنائيا، إضافة إلي تقييد حرية ممارسة الشعائر الدينية والملاحقات الأمنية المستمرة للشيعة وأتباع الطائفة الأحمدية. وأورد التقرير العديد من الانتهاكات التي وقعت من الحكومة ضد الاقباط فقد تعرضت منازل وممتلكات الأقباط بمنطقة الريفية بمحافظة مرسي مطروح لاعتداءات شديدة علي مدار عدة ساعات يوم الجمعة 12 مارس. وطبقا لتحقيقات المبادرة المصرية للحقوق الشخصية فإن الأحداث انفجرت علي خلفية قيام الكنيسة الأرثوذكسية ببناء سور يسد ممراً بين مبني خدمات تابع لها وبين قطعة أرض خلفه تملكها الكنيسة أيضا. فقد تجمع مئات المسلمين حاملين أسياخاً حديدية وأوعية بنزين وكرات لهب وحجارة وعصياً خشبية وحاولوا اقتحام مبني الخدمات، وعندما فشلوا في الوصول إلي أبوابه تحولوا إلي شوارع منطقة الريفية ذات الوجود المسيحي المكثف (منطقة عشوائية شوارعها غير مخططة). وأسفرت الاعتداءات علي الأقباط وممتلكاتهم، والتي استمرت من السادسة مساء حتي منتصف الليل عن إصابة 24 قبطياً وأحد المسلمين فضلا عن إصابة 3 مجندي أمن. كما نتج عن الاعتداءات تدمير وحرق 17 منزلاً و4 ورش وحرق 4 سيارات بالكامل وتحطيم 13 سيارة أخري ودراجتين ناريتين. وعلي حسب ما ورد في التقرير قال شهود عيان للمبادرة المصرية: إن قوات الأمن التي كانت تحيط بمبني الخدمات قامت بإلقاء القبض علي 38 متهما منهم 15 قبطيا، وتم الإفراج عن جميع المتهمين يوم 25 مارس بعد إجراء جلسة مصالحة في 17 مارس، وذلك بالرغم من أن القانون لا يسمح بالتصالح في الجنايات ويلزم النيابة باستكمال التحقيقات وإحالة الدعوي إلي القضاء. في السياق ذاته، تعرضت أرض تمتلكها مطرانية شبرا الخيمة يوم الجمعة 30 مايو بقرية ميت نما التابعة لمركز قليوب بمحافظة القليوبية لاعتداء من سكان القرية المسلمين, وذلك لمنع بناء مبني خدمات تابع للمطرانية. وقال بعض رجال الدين المسيحيين بالمنطقة: إن المطرانية كانت قد قامت بشراء قطعة الأرض منذ عام 2002 لإنشاء مبني خدمات لخدمة خمس قري متجاورة لا توجد بها أي كنائس، وإن المطرانية قدمت طلباً إلي الجهات الإدارية بتاريخ 15 فبراير 2002 للبناء وهو ما وافقت عليه، إلا أن جهاز مباحث أمن الدولة بوزارة الداخلية امتنع عن الموافقة حتي 23 مايو 2010، حيث أعطت القيادات الأمنية "موافقة شفهية" لبناء سور حول الأرض تمهيداً لبناء مبني الخدمات. وأفاد شهود العيان بأن نحو ألفين من السكان المسلمين قاموا عقب صلاة الجمعة بردم حفر الأساسات للمبني وفرش الأرض بالحصر وإقامة صلاة العصر فيها بالرغم من الوجود الأمني المكثف، والذي لم يتدخل لمنع المتظاهرين كما أنه لم يلق القبض علي أي متهمين. وأضافت المصادر أن الأرض حاليا في حوزة الأمن وقد توقف البناء عليها. وكشف التقرير قيام قوات من قسم العامرية التابع لمحافظة الإسكندرية في يوم الجمعة 21 مايو بالقبض علي 7 من المسيحيين الإنجيليين من بينهم القس ماجد بشري، المسئول عن خدمة الافتقاد والرعاية بالكنيسة الإنجيلية بمنطقة العطارين، بدعوي "التبشير بالمسيحية"، وتمت إحالة المقبوض عليهم إلي فرع مباحث أمن الدولة وعرضوا علي النيابة التي حققت معهم وأفرجت عنهم يوم الأحد 23 مايو. وقال بعض المسئولين الدينيين: إن قوات الأمن ألقت القبض علي المجموعة أثناء وجودها داخل منزل إحدي السيدات المسيحيات في المنطقة وأنهم لم يقوموا بالتبشير بين المسلمين كما ادعي الأمن، بل كانوا يقومون برعاية أو "افتقاد" المسيحيين في المنطقة، وأن الجهات الأمنية تعاملت معهم كأنهم مجرمون بالرغم من عدم تجريم التبشير في القانون المصري من الأساس. واحتوي التقرير أيضاً علي التحرش الأمني بالمسلمين الشيعة. حيث هاجمت قوات من مباحث أمن الدولة منزل "عبد الولي نصر" بقرية سلوي بحري التابعة لمركز كوم أمبو بمحافظة أسوان بعد منتصف ليل 16 مارس بدعوي انتمائه إلي المذهب الجعفري الشيعي. واستمرت عملية التفتيش حتي الثالثة صباحاً وقامت القوات بالاستيلاء علي مئات الكتب من مكتبته ثم تم احتجازه من الأربعاء 17 مارس وحتي الأحد 21 مارس، وهي الفترة التي شهد أنه تعرض خلالها لضغوط من قبل الأمن للتخلي عن معتقداته والتوقف عن مهاجمة الوهابية. كما قامت قوات من مباحث أمن الدولة في يوم 15 مارس 2010 بشن حملة اعتقالات استهدفت عدداً من أتباع المذهب الأحمدي في ست محافظات، هي: القاهرة، والقليوبية، وسوهاج، والمنيا، والمنوفية، وقنا.. أسفرت عن اعتقال تسعة أفراد ومصادرة عدد من الكتب وأجهزة الحاسب الآلي . وتشير معلومات إلي أن أربعة آخرين تم القبض عليهم في إطار حملة الاعتقالات التعسفية ذاتها، وأنهم جري الإفراج عنهم بعد احتجازهم لبضعة أيام. وحسب المعلومات ذاتها فقد تم احتجاز المعتقلين التسعة المتبقين داخل عدد من مقار مباحث أمن الدولة لمدد تجاوزت ستة أسابيع دون عرضهم علي أي هيئة قضائية أو توجيه أي اتهامات لهم. وأفاد عدد من المعتقلين بأنهم تعرضوا للتعذيب بالضرب والصعق الكهربائي خلال الأيام الأولي لاعتقالهم بمقار مختلفة لمباحث أمن الدولة. وفي نهاية شهر أبريل الماضي تم عرض المعتقلين علي نيابة أمن الدولة العليا، التي وجهت لهم تهمة "ازدراء الدين الإسلامي" وفقاً لنص المادة 98 من قانون العقوبات. كما رصد التقرير أحداث عنف بين مسلمين ومسيحيين علي أساس ديني بمدينة مرسي مطروح بشمال مصر، وذلك في مشهد تكرر كثيرا في الأعوام القليلة الماضية بمختلف مناطق مصر. انتهت الأحداث دون أن تقدم الدولة المصرية حلولا للمشكلة ولكن استدعت مشهدًا متكررًا من جلسات الصلح بين رجال الدين الرسميين من كلا الطرفين، فمصر من الدول التي تستدعي من مواطنيها إثبات ديانتهم في الأوراق الرسمية وهو ما ينتج عنه الكثير من القضايا المتعلقة، إما بالقدرة علي تغيير الديانة، أو إثبات ديانة لا تعترف الدولة بوجودها، وظهر هذا جليا في الحكم برفض دعوي إثبات الديانة المسيحية لطفلين علي خلفية عدم الاعتداد بشهادات تغيير الديانة من الكنيسة، وعدم وجود إلزام قانوني لوزارة الداخلية ومصلحة الأحوال المدنية بتغيير الديانة للطفلين، وهذا يتعارض مع حقوقهما طبقا للمادة 18 من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان والتي تنص علي حق الأفراد في اعتناق دين معين أو تغيير ديانته، وأيضا يتعارض مع المواد 1و46 من الدستور المصري واللتين تنصان علي أن المواطنة أساس الدولة وأيضا حرية العقيدة. وذكر التقرير قيام محام برفع دعوي ضد الدولة المصرية يطالب فيها بحذف خانة الديانة من أوراق إثبات الشخصية في مصر، باعتبار هذا الفعل يخل بالمساواة بين المصريين جميعا، وقد تم رفض دعواه، وهذا إخلال أيضا بالمواد المذكورة أعلاه من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان والدستور المصري. فيما أوقفت محكمة القضاء الإداري دعوي المسلمين الراغبين في تغيير ديانتهم ببطاقات الرقم القومي إلي المسيحية، لحين حصولها علي تفسير لبعض مواد قانون الأحوال المدنية من قبل المحكمة الدستورية.