يبدو أن تاريخ جماعة الإخوان المسلمين على مدار أكثر من ثمانين عاماً منذ أن تم تأسيسها في عام 1928 وموقفها من النظام الحاكم في مصر بجميع توجهاته على مدار العقود الماضية لم يتغير بعد؛ حتى وإن حاولت إظهار ماتخفيه الحقيقة لبعض الوقت دون جدوى ،وهذا ما أكده خبراء استراتيجيون على أن العلاقة بين الجماعة والحكم في مصر غير مستقرة على الإطلاق، في ظل محاولاتها الدؤوبة على الانقلاب على كل رؤساء مصر السابقين، باستخدام شتى الطرق والمحاولات التي تهدف للوصول لسلطة باستخدامها الشعارات الدينية كوسيلة لهذا الحُلم الذي طالما سيطر على عقول جميع قيادات الجماعة وورثته للأجيال المتعاقبة عليها من مؤيدها ومريديها أثناء فترة توليهم الرئاسة التي لم تستغرق طويلا . ومن جانبه أكد اللواء "محمد قدري سعيد" الخبير العسكري: أن جماعة الإخوان المسلمين افتضح أمرها سريعاً أمام المصريين الذين خاضوا -ولأول مرة- حكم الإخوان المسلمين وسط العديد من الأكاذيب والمحاولات المباشرة والمراوغات في سبيل الوصول إلى السلطة التي طالما سعوا إليها خلال تاريخهم السياسي على مدار 80سنة حتى قامت ثورة 25 يناير لعام 2011 العظيمة واستغلالهم للأوضاع الأمنية والسياسية المحتدمة في الاستفادة من مكتسبات تلك الثورة والسيطرة على مؤسسات الدولة وسلطاتها التشريعية والرئاسية والتنفيذية, ومحاولاتهم الجادة في السيطرة على السلطة القضائية إلا أنها فشلت في ذلك حتى قامت الثورة الثانية التي أطاحت بهذا الحكم حتى النهاية ،إلا أن تاريخ الجماعة حافل بالمواجهات مع الأنظمة الحاكمة, بداية من عهد الراحل جمال عبد الناصر وحتى الرئيس السابق حسني مبارك ووصولاً الآن بمواجهاتها الدامية للشعب المصري وترويعه ومحاولاتها القضاء على المؤسسة العسكرية للقضاء على هيبة الدولة وسيادتها واستعدادها لخروج الميلشيات المسلحة, في مواجهة المعارضة لهم .. لافتاً إلي أن الإخوان تحاول جاهدة استفزاز الجيش لخروجه للمواجهة معها؛ حتى يتم استدراجه لمؤامرة انقلاب عسكري خطيرة, وإن كان من الممكن أن تتعامل القوات المسلحة مع تلك العناصر المتطرفة بالقوة الحاسمة وفق القواعد القانونية والعسكرية التي تؤكد على عدم جواز الاقتراب من المنشآت العسكرية على الإطلاق. وأوضح اللواء "فؤاد علام" الخبير الأمني ، أن جماعة الإخوان الآن في حالة مواجهة مع الشعب المصري خاصة الذين طالبوا برحيل النظام من المعارضة الحاشدة التي خرجت في 30يوينو لإسقاط الرئيس مرسي الذي أسس معه النظام والهيكل الإخواني الذي سعت الجماعة لتحقيقه إلا أن فشلت سريعًا وهو أفقدهم رشدهم ، حتى دخلوا في مواجهات مسلحة ودامية مع الجيش العريق من أجل إرهاب الجميع ومحاولة منها للضغط على العسكري؛ لأن يقبل بالهدنة مقابل عدم ملاحقتهم أمنياً وقضائياً علي الجرائم الفاشية التي ارتكبها أنصار الرئيس بدعوة تحريضية من قيادات الجماعة، موضحاً أن تاريخ الجماعة الدموي التي نشأت عليه منذ الثمانينيات وحتى الآن لم ينتهِ بعد، خاصة وأنها تمارس الأساليب ذاتها في مواجهة المعارضة لها والجيش المصري بالقتل والإرهاب والسلاح وحرق المعسكرات التابعة للقوات المسلحة في كثير من محافظات الجمهورية فضلاً عن ملاحقة المتظاهرين المعارضين بالقتل والسحل والاشتباكات التي من شأنها ترويع المواطن . وطالب اللواء علام, جميع الأحزاب التي تنتمي للتيار الإسلامي السياسي أن يعيدوا هيكلة أحزابها كأحزاب مدنية وليست إسلامية، وعلى النظام في مصر الآن عدم تكرار سيناريو الرئيس الراحل جمال عبد الناصر بالحكم عليهم بالإعدام سوى في الجرائم التي تستحق ذلك، مستنكراً واقعة الاعتقالات السياسية التي تعرض لها المتظاهرون من كافة الفصائل السياسية والتوجهات الدينية، التي تؤدي لعدم استقرار الدولة. وفي سياق متصل أشار اللواء "زكريا حسين " المدير الأسبق لأكاديمية ناصر العسكرية العليا, إلى أن جماعة الإخوان تحاول الانتقام من الفريق أول "عبد الفتاح السيسي" وزير الدفاع لإقراره بعزل الرئيس "محمد مرسي" من الحكم ووقوفه في صف الجماهير من الشعب المطالب برحيله، وهو ما جاء مخيباً لآمال الجماعة ومعتقداتهم التي جعلتهم بتصرفون بتلك الحالة الجنونية مع مؤسسات القوات المسلحة والعناصر الأمنية في جميع محافظات مصر في توقيت واحد محدد لإجهاد وتشتيت الجيش وإسقاطه أمام العالم؛ نتيجة مخاوفها الشديدة من تكرار واقعة جمال عبد الناصر في تعذيب واعتقال وقتل عدد كبير من الجماعة في الستينيات عقب محاولاتها الانقلاب على الحكم في ذلك الوقت ،إلا أن تمكين النظام من الجيش قضى على هذا التشكيل الإرهابي المتطرف في ذلك الوقت ؛إن التاريخ يعيد نفسه مرة أخرى ولكن الموقف الآن أشد اختلافاً نظراً لانقلاب الشعب مصدر السلطات والجيش المصري على تلك الجماعة التي باتت مرفوضة اجتماعيًا . وأضاف اللواء "محمد علي بلال" الخبير الاستراتيجى، أن الجماعة تفتعل الأكاذيب من أجل تمرير الوقت وزعزعة موقف الجيش بعد أن وقف بجانب الشعب ضد الرئيس مرسي وجماعته الفاشية ،واتهامها للجيش بالانقلاب على الشرعية، ومحاولته السيطرة على مقاليد الأمور ،وإن كان هذا غير صحيح خاصة وأن المجلس العسكرى طالما طالب بالحكم المدني للبلاد حتى آخر لحظة عندما تولى إدارة البلاد للفترة الانتقالية لرئيس المحكمة الدستورية العليا لحين الانتهاء من تعديل الدستور وإجراء انتخابات النواب والرئاسة وفق مطالب وأهداف ثورة 30يونيو 2013 التي انتهت بنهاية حكم الجماعة, الذي يعود تاريخها ل84عاماً من التكتيك السري والتنظيم الذي يمكنها من الحكم في لحظة تاريخية لن تتركه مرة أخرى, إلا أن سقط الكيان الإخواني في مصر والعالم الخارجي أيضاً . واستطرد اللواء بلال: إن تاريخ الجماعة مع الأنظمة الحاكمة قائلاً :"إن تاريخ ممارسة الجماعة للعنف ومواجهة الشعب والحاكم متأصلة في فكر الجماعة بداية من استخدامها العنف في عهد الرئيس جمال عبد الناصر, ولكن سرعان ما واجهها النظام وقام بقمعها سياسياً, واستمرت العلاقة حتى الآن بين الجماعة و الأنظمة المتعارضة مع تلك الأهداف التخريبية التي تتبناها قيادات الجماعة، والتي تسببت في إسقاطهم سريعاً في30 يونيه الماضي، برغم ذلك لم يتطرق الجيش لمواجهاتهم وذلك من أجل الحفاظ علي استقرار الدولة ومنع الفوضى والعنف . وأوضح اللواء "حسن الزيات" الخبير العسكري، أن جماعة الإخوان المسلمين لم تتصدر المشهد السياسي في عهد الأنظمة السابقة مرورًا بالرئيس جمال عبد الناصر والسادات والرئيس السابق حسني مبارك، ولكنهم تصدروا المشهد بشكل واضح عندما تم انتخابهم في مجلس الشعب في عهد الرئيس مبارك، وكان ذلك بالاتفاق مع النظام في ذلك الوقت, مقابل التأييد الكبير من قبل جميع قيادات الإخوان لبقاءه بالحكم واتفاقهم الواضح والصريح على تولي نجله جمال مبارك للحكم خلفاً لوالده سواء كان ذلك بنفس راضية أم لا ، ولكن عندما قامت ثورة الشباب في الخامس والعشرين من يناير لعام 2011 التي رفضت الجماعة في بداية الأمر مثل هذه الانتفاضة في ذلك الوقت واعتبرونها خروجاً على الحاكم ، وبعد تأكدهم من نجاح هذه الثورة ومع تصاعد المطالب وزعزعة عرش حكم النظام السابق واقترابه من السقوط خرجت معهم في تظاهرات يوم 28 يناير, وبعد ذلك بدءوا يزعمون أنهم أصحاب الثورة،وبعد وصول الإخوان للحكم في مصر عقب ثورة يناير عملوا على إقصاء جميع القوى الثورية المشاركة في الثورة من المشهد السياسي، وتوالت أساليب الجماعة في الإقصاء والاضطهاد المباشر للمعارضة الأمر الذي أدى لانقلاب الجميع على الإخوان وفقدانها المصداقية والشعبية في آن واحد وتصاعدت حدة الرفض الشعبي والثوري ضد الجماعة حتى تم إسقاطها في الثالث من شهر يوليو لعام 2013 من خلال خروج الجموع الحاشدة في تظاهرات حملة "تمرد" التي أطاحت بالرئيس الإخواني السابق محمد مرسي من سدة الحكم، وقضت على التجربة الإخوانية في مصر, ومنذ تلك اللحظة وتشعر الجماعة بأن سيناريو الانتقام الذي طبقه الرئيس الراحل جمال عبد الناصر في مثل هذه الأيام منذ أكثر من ستين عامًا تكرر مجدداً على أيدي الفريق عبد الفتاح السيسي وزير الدفاع المصري ، الذي وقف مع الإردة الشعبية ضد الحكم, وهو مااعتبره الإخوان المسلمين انقلاباً عسكرياً علي الشرعية، متوعدة بالانتقام من كافة الأطراف السياسية والعسكرية ومواصلة موقفها من خلال التظاهرات والمواجهات التي من شأنها ممارسة المزيد من الضغوط على القائمين على المرحلة الانتقالية حتى عودة الرئيس مرسي للحكم مرة أخرى .