لا تقع قرية "وردان" داخل الحدود الجغرافية لغزة أو رام الله لكنهما تابعة لمركز إمبابة بمحافظة 6 أكتوبر أما صاحب قرار إزالة بيوت المواطنين فهم رئيس مجلس مدينة ومنشأة القناطر ورئيس اللجنة الهندسية ورئيس الوحدة المحلية أما الرخصة التي سمحت لهم بذلك فهي تطبيق قانون الاسكان رغم أن الأهالي يقيمون مع أسرهم فيها منذ أكثر من 5 سنوات وينعمون بجميع المرافق من مياه ونور وكهرباء منذ عام 1986. وكانت قمة المأساة عندما فوجئ الأهالي بتحرير محاضر الإدارة الهندسية ضدهم ومحاسبتهم بأثر رجعي رغم أنهم قاموا بإعادة بناء منازلهم منذ سنوات لسوء حالتها وخوفًا من انهيارها حيث توجه الأهالي وقتها إلي مديرية الزراعة والوحدة المحلية بوردان لطلب معاينة الهدم والبناء فكان ردهم شفهيا "اهدم وابن بدون الترخيص" الحال نفسها لموظفي الوحدة المحلية الذين هدموا وبنوا بدون ترخيص.. وأمام ما يتعرض له المواطنون من تعسف وإحساس بالظلم قرروا التصدي لهذا الإجحاف بإعلان عشرة مواطنين الإضراب عن الطعام والشراب بالمستشفي المركزي بوردان بل إنهم رفضوا المحاليل واضعين الأمور أمام المسئولين إما الموت أو الحصول علي حقوقهم. "صوت البلد" التقت أهالي قرية وردان والتي تبعد حوالي 60 كيلو مترًا عن منطقة إمبابة ومنذ وصولنا إلي هذه القرية التي تلمس في أهلها طيبة الفلاح المصري المضياف رغم حالة الخوف التي تسيطر علي العديد من الأسر خشية إصرار المسئولين علي تنفيذ تهديداتهم وهدم منازلهم دون اهتمام بتشريدهم وأولادهم في الشوارع.. في البداية يقول عبد الرحمن عبد الله مخلوف - 45 سنة - أحد المضربين عن الطعام بمستشفي وردان المركزي: لم نكن من هواة الإضراب وبالتالي إقدامي علي هذه الخطوة بسبب شعوري بالظلم من فساد المحليات في القرية ومجلس المدينة والإدارة الزراعية فقد كانت بيوتنا مبنية بالطين ومهددة بالانهيار فقمنا بهدمها وإعادة بنائها من جديد بمعاينة من المجلس القروي الذي قال لنا اهدموا وابنوا خاصة أن المتبع عندما يكون المنزل مهددًا بالسقوط أن نذهب لإخطار لجنة من الزراعة والمجلس المحلي ليقوموا بالمعاينة للهدم والتصريح بالبناء ولكن شفهيا وبعد الهدم والبناء بثلاث سنوات فوجئنا بتطبيق قانون الإسكان الموحد 119 لسنة 2008 ولجنة من المحافظة ومجلس المدينة في 22 / 12 / 2009 لتحرير محاضر تنظيم من قبل الإدارة الهندسية بأثر رجعي. وأضاف فوزي محمود قطب 65 سنة - رئيس الجمعية الزراعية للائتمان - أن الأهالي قاموا بالبناء منذ زمن طويل وتثبت العقود التي بحوزتهم ذلك وتساءل: أين كان المسئولون وقت البناء خاصة أن الأهالي لديهم إيصالات المرافق والخدمة كما أن بعضهم استدان لإتمام البناء والبعض الآخر باع المواشي أو جزءًا من أرضه؟ وبالتالي فالأهالي يتعرضون لظلم كبير. وأكد سمير السيد أبو العينين - 55 سنة - أحد المضربين عن الطعام - أن من قاموا بتحرير المحاضر هم أنفسهم من قاموا بالبناء دون ترخيص، الأمر الذي يعني أن الغلابة ضحية والمسئولون يفعلون ما يريدون. الغريب: أن منزلي مبني علي مساحة 100 متر إلا أنني فوجئت بهم يقولون إن المساحة 150 مترًا وسأستمر في الإضراب للحصول علي حقي أو الموت لأن محضر الغرامة بمبلغ 25 ألف جنيه بالإضافة إلي إزالة المنزل. وقال طارق عبد الله محمد مخلوف - 37 سنة وأحد المضربين - قمت ببناء بيت مساحته 93 مترًا عام 2006 وبه جميع المرافق والخدمات وأعلنت الإضراب في 24 / 12 / 2009 صباحًا ومستمر في الإضراب لحين الحصول علي حقي أو الموت لأننا لا نستطيع تحمل هذا الظلم. وأشار أحمد رزق جمعة - 36 سنة- فني أشعة بجامعة القاهرة وأحد المضربين عن الطعام- إلي أنه قام بإعادة بناء المنزل منذ عامين وتحديدًا في 2007 ويضيف قمت بتركيب عداد في الدور الثاني وفوجئت في 25 / 12 / 2009 بمحضر تنظيم وإدارة رغم أن البناء حدث منذ أعوام وبالتالي فإن ما يحدث تعسف لا مبرر له. وأكد سلامة محمد عمار 42 عاما، موظف بشركة الكهرباء - أن بيته قديم منذ 15 عامًا ومساحته 160 مترًا وكان يهدد حياتنا فقمنا بهدمه في 2005 وإعادة بنائه شقتين وفوجئت باللجنة رغم وجود موافقة بإدخال الكهرباء من جانب الوحدة المحلية تحرر لنا محاضر فلا نملك إلا قول حسبي الله ونعم الوكيل. وأضاف شاهين محمد شاهين - مأمور بالضرائب العقارية وأحد المضربين - أن ما يحدث هو إهدار لحقوق المواطن فأنا لدي منزل والدي وكان قديمًا وتم بناؤه منذ 5 سنوات لي ولأشقائي وبعد وفاته فوجئت بمحضر باسمي وعندما حاولت الاستفسار قالوا لنا في شكوي للتحري وفي اليوم التالي جاء محضر الإدارة الهندسية وتوجهت في يوم 24 / 12 / 2009 إلي المستشفي للانضمام للاضراب خاصة وأنا لدي إيصالات مياه من عام 1984 وكهرباء من عام 1980. وأكد أشرف الهباب - محامي المواطنين - أن المضربين قاموا ببناء منازلهم منذ ما يقرب من خمس إلي عشر سنوات والقانون رقم 119 لسنة 2008 الصادر بتاريخ 12 / 5 / 2008 وبذلك يكون المضربون قد قاموا بالبناء قبل صدور القانون ولا يجوز تطبيقه بأثر رجعي.. ويتفق توفيق السحار - عضو المجلس الشعبي المحلي عن قرية وردان - مع الرأي السابق مؤكدًا أن القانون طبق علي أهالي القرية بأثر رجعي دون أن يتمتع الأهالي بأي مزايا مثل المدينة خاصة أن بيوت الأهالي جرت العادة علي عدم تشطيب الواجهات من الخارج، الأمر يجعلنا عرضة لاستغلال الموظفين بدليل أن كل بيوت قرية وردان بدون ترخيص بل إن هذا الأمر لا يطبق في 6 أكتوبر.. فأين كانت الوحدة المحلية عند البناء منذ سنوات .. والآن يقدمون الغلابة ضحايا لاستغلالهم. وما يهمنا هنا هو الإشارة إلي أن الصورة لاتزال بنفس الملامح حقوق مهدرة ومواطنون لا يعرفون أين يذهبون وموت محقق ينتظر المضربين عن الطعام خاصة في ظل اهمال متعمد لدراسة حالتهم من قبل المسئولين وبالتالي عدم علاج الأمر الذي يهدد بكارثة حقيقية لا يعلم آثارها سوي يتحملون أخطارها!