التي تتناول قضايا شائكة وحساسة فاصبح البعض يدين الفن بنشر الفساد والانحلال في المجتمع ويحرمه ولم ينظروا له علي انه رسالة هادفة تقدم رؤية فكرية تساهم في عملية التنمية والوعي بمشاكل الناس الحقيقية والسؤال الذي يطرح نفسه: هل بحق مصادرة ومنع الافلام من العرض لتطرقها لقضايا جريئة تمس الواقع الذي نعيشه؟ هل يحق الحكم علي الفن من منطلق ديني ونحرمه وندينه؟ كل هذه التساؤلات يجيب عنها النقاد والمخرجون واهل الفن من خلال هذا التحقيق. بداية يشدد الناقد طارق الشناوي علي عدم خلط الدين بالأمور الحياتية أو الفنية أو السياسية.. ويري أنه لابد أن يتجرد الفن من النزعات الطائفية والعنصرية لأنه في النهاية مرآة للواقع، ولا يمكن إنكار فضله علي المجتمع، حيث انه يستطيع تحقيق ما عجزت عنه المقالات الصحافية والمطبوعات، خصوصاً من ناحية التأثير في المشاهد في مدة زمنية لا تتجاوز ساعتين حيث ساهم الفن في عملية التنمية فبالتالي لا تجوز محاكمة السينما إلا إذا نادت بقيم فاسدة مثل الكفر والإلحاد.. مؤكدا حق السينما في تقديم قضايا مختلفة بأسس ومعايير فنية ورؤية فكرية دون أن تتعرض للمصادرة أو الملاحقة أو المنع. ويشير الناقد محمود قاسم إلي أن المجتمع يتعامل دائماً مع الدين بوصفه الأساس وعلي الرغم من انه يتّسم بالمرونة والسلاسة فأنه يصطدم مع ما يقدمه الفن أحياناً ويسيران بشكل متوازٍ أحياناً أخري، صحيح أنهما في مواجهات دائمة، لكن في النهاية تسير الأمور علي ما يرام فالمشكلة أننا نعيش في مجتمع محافظ، وجمهور السينما في غالبيته من الشباب الذين يملكون وجهات نظر مختلفة ومتنوعة، بالتالي فلا بد من عرضها كلها عبر أعمال قد يراها المجتمع ضد الدين. وتؤكد الناقدة ماجدة موريس أنه لا يمكن أن نحكم علي الدين بمعايير الفن والعكس صحيح: الصراعات دائمة بين الفن والدين نتيجة اختلاف الثقافات والأذواق، مما يساهم في تكوين فهم مختلف للأشياء، لذلك يبرز السؤال الدائم حول ما إذا كان الفن حلالاً أم حراماً؟ كما توضح المخرجة هالة خليل أن المجتمع وصل اليوم إلي حالة من التطرف والرجعية الشديدة، وقد نصبت طوائف معينة نفسها كجهات رقابية أكثر تطرفاً من الرقابة في ادهي عصورها وتري أنه من الأفضل أن تتفرغ هذه الطوائف لمصالحها بعيداً عن الشعارات والهتافات التي تطالب بالمنع والمصادرة، فالفن للفن ولا يحكم عليه إلا بأسس ومعايير فنية من الدرجة الأولي، بعيداً عن هؤلاء الذين يدعون معرفتهم بالدين ويحاولون إقحامه في الإبداع الفني". ويؤكد المخرج والمنتج هاني جرجس فوزي أن المشكلة الحقيقية هي أن المجتمع اليوم يتبع سياسة المشي وراء القطيع فظهر تيار منذ فترة مهمتها الأساسية إقناع الناس بأن الدين ضد الفن، وهو تيار غير أخلاقي وغير منطقي، لأن الفن إبداع من عند الله. ويرفض فوزي تدخل المؤسسات الدينية في الأعمال الفنية، حيث واجه هذه المشكلة أثناء عرض فيلم "بحب السيما" من الرقابة التي طلبت عرضه علي الكنيسة فرفض ذلك بشكل قاطع، "لأن الرقابة هي جهة الاختصاص وليست الكنيسة". واخيرا تري المطربة والممثلة ماريا أننا نعيش في مجتمع لا يقبل الرأي الآخر رغم أنه يدّعي عكس ذلك، ومع كل فيلم يتناول قضية شائكة أو موضوعاً حساساً، ترتفع الأصوات التي تحرّم الفن وتعتبره قبحاً ووسيلة لنشر الفساد والانحلال مؤكدة انه: "يحق للفن تقديم جميع القضايا خاصة القضايا المسكوت عنها في المجتمع• كذلك يحق للمجتمع أن يتقبل وجهة النظر أو يرفضها، لكن ليس من حقه تحريمها ومهاجمتها بهذه الصورة العنيفة التي أصبحت ترافق أي فيلم يعالج قضية جريئة، وخير دليل علي ذلك الجدل الذي أحدثه عرض "بالألوان الطبيعية" والدعاوي التي طالبت بمنع "أحاسيس" من العرض رغم انه يناقش قضية مهمة وواقع نعيشه".