تباينت الآراء السياسية الحزبية والثورة حول حصار مدينة الإنتاج الإعلامي من الجماعات الإسلامية والحملات الإرهابية التي شنتها مؤخرًا على الإعلاميين وضيوف القنوات الفضائية داخل مدينة الإنتاج، وتهديد الصحفيين ومقرات الصحف والأحزاب السياسية، حيث وصف مراقبون ما يحدث بالجريمة المنظمة التي يقوم بها أنصار التيار الاسلامي ؛ لهدم دولة القانون لصالح السيطرة الكاملة للتيار الإسلامي المتشدد بقيادة جماعة الإخون المسلمين . وأكد سياسيون ليبراليون أن كلمة الرئيس مرسى أعطت الشرعية لهؤلاء بالهجوم المنظم لهذه الميليشيات الإخوانية في محاصرة واقتحام مقرات المعارضة من أجل تكميم الأفواه وإرهابهم عن موقفهم من الهيمنة الإخوانية. الأمر الذي أعلنت على إثره القوى الثورية عن تنظيم مظاهرات حاشدة تحت شعار "لا لدولة الميليشيات"، ردًا على أحداث المقطم، حيث تتضمن القرار ضبط وإحضار كل من أحمد دومة، وحازم عبد العظيم، وعلاء عبد الفتاح، وكريم الشاعر، وأحمد عيد حلمي، واستدعاء نوارة نجم للمثول أمام النائب العام ، وللمطالبة بتراجع النائب العام عن إعلانه الضبطية القضائية للمواطنين ورحيل النظام. د. محمد أبو الغار رئيس حزب المصري الاجتماعي، قال إن موقف النائب العام من المعارضة متوقعًا من قبل اتخاذه باعتباره تابعًا وموظفًا لمكتب الإرشاد العام لجماعة الإخوان المسلمين التي أتت به إلى هذا المنصب، لخدمة النظام الحاكم ومساعداته في توجيه الاتهامات لجبهة الإنقاذ الوطني والتي بدأت بتوجيه اتهامات لقياداتها بالخيانة العظمى والتأمر على قلب نظام الحكم، وإثارة الفوضى وآخرهم بتهم الاعتداء على مقر مكتب الإرشاد بالمقطم ونشر العنف والفوضى، في حين كان الاستعداد للعنف من قبل الجماعة بتوجيه الميليشيات المسلحة نحو المتظاهرين للاعتداء عليهم بالضرب والإهانة، بداية من الاعتداء على الاعلاميين والنشطاء السياسيين وتكرارها في مليونية رد الكرامة، دون أن يتحرك الرئيس مرسي ساكنًا نحو تلك الإحداث، بل قام بتوجيه التهديد بالانتقام من المعارضة، حتى تحرك النائب بتنفيذ تلك الوعود التي أكدت أن بقاء الرئيس الإخواني في الحكم أمر محال لفشله في أن يصبح رئيسًا لكل المصريين، وكذلك فشله في إدارة حالة الانفلات الأمني الاقتصادي. وفي سياق متصل استنكر د. أحمد سعيد رئيس حزب المصريين الأحرار، التهديدات التي وجهها الرئيس مرسي للمعارضة ووصفها ب" غير مقبولة " ولن تسمح المعارضة بالتلويح بها بعد أن سقط نظام القمع والخوف وجاء الشعب برئيس مدني شرعي ليحفظ للشعب المصري والثورة حقوقها، إلا أن الرئيس لم يدرك ذلك حتى يقوله لشعب ثورة الخامس والعشرين من يناير لعام 2011، منتقدًا تحرك النائب العام واتخاذه مثل هذه الإجراءات ضد معارضي الجماعة والرئيس وضد الثوار الذي توجهوا لمكتب الإرشاد، في حين لم يتخذ جزءًا منها عندما انتهكت الحقوق الإنسانية بالاعتداء على الصحفيين والنشطاء السياسيين والمثقفين سواء عند مؤسسة الرئاسة ومحيط الاتحادية من سحل وتعدٍ بالضرب على المواطنين، والآن أمام مقر مكتب الإرشاد الإخواني. وتابع رئيس حزب المصريين الأحرار أن الحملة التي تقوم بها الجماعة والنائب العام الساقط شرعيًا تهدف للانتقام من جميع المتظاهرين والقيادات التي تدعو لذلك لضمان تراجع المعارضة عن موقفها، وترك الساحة أمام الجماعة التي تدعو للعنف والانتقام وحشد لأنصارها من المحافظات المختلفة للاعتداء على المتظاهرين أمام النظام الفاشي. فيما رفض د. سيد عبد العال رئيس حزب التجمع، البلاغ الذي تقدمت به جماعة الإخوان المسلمين ضد المعارضة والتي يأتي استمراراً لمحاولة قمع وانتهاك الحقوق والحريات في سبيل الصمت عن أخونة الدولة، خاصة وأن الرئيس مرسي أعطي الضوء الأخضر لأهله وعشيرته الفرصة في الانتقام من المعارضة من خلال الحوار الذي يحمل لغة التهديد المرفوض شكلًا وموضوعًا، خاصة وأن محاولات الضغط التي تمارسها الجماعة على الرئيس كان الدافع القوي إصدار تلك التهديدات الكلامية، وقام بتطبيقها النائب عام الإرشاد من خلال تحقيقات النيابة العامة في البلاغ المقدم من الإخوان المسلمين، والذي تتهم فيه الجماعة 14 من القوى والرموز السياسية بالتحريض على أحداث المقطم، واتخاذ إجراءات استثنائية تتضمن اعتقال وتتبع للرموز أو الشخصيات السياسية المعارضة أمر لا يتناسب مع مقتضيات المرحلة التي قررت مصر أن تعيشها والتي تقوم على مبادئ الديمقراطية والحرية في التعبير عن الرأي بكل حرية. وأوضح د. خالد داود المتحدث الإعلامي لجبهة الإنقاذ الوطني، إن الإجراءات الضبطية التي اتخذها النائب العام ضد رموز المعارضة وقياداتها وكذلك الشخصيات الثورية، عكس حقيقة المنصب الذي شغله النائب العام وهو الحفاظ على النظام القائم والذي اختاره لأجل تلك الإجراءات التي تزيد من حالة القمع والعنف في ظل اللجوء إلى الإجراءات التصاعدية ضد المعارضة، مؤكدًا أن جماعة الإخوان المسلمين تسعى لهدم دولة القانون وإنشاء دولة الميليشيات المسلحة بديلة عن الشرطة التي تم أخونتها لمثل هذه الأعمال الإجرامية التي تشنها الجماعة عن طريق النظام الفاسد الذي وضع نفسه رئيساً للجماعة وإن كان في حقيقته سكرتيراً للمرشد العام للجماعة . وأضاف: إن قرار ضبط وإحضار النشطاء السياسيين والصحفيين بهذه الطريقة المهينة التي ترجع البلاد إلى ما قبل عصر مبارك من ممارسات القمع والاضطهاد التي لم يستطع النظام السابق على استخدامها ضد معارضيه وضد الثورة التي خرجت عليه حتى أسقطته، وجاء مرسي وجماعته ليحصدوا مجهود الثوار والشهداء ضحايا الظلم والقمع والاستبداد، والتي يحاول النظام الحالي عودتهم بصورة أكثر بشاعة. وبدوره قال أحمد بهاء الدين شعبان منسق الجمعية الوطنية للتغيير والقيادي بجبهة الإنقاذ، أن تلك البلاغات التي تقدمت ضد أعضاء جبهة الإنقاذ الوطني والقوي الثورية يعد بداية لتنفيذ تهديد الرئيس محمد مرسي أمس، باتخاذ الإجراءات اللازمة ضد من تثبت إدانته في أعمال العنف التي تشهدها البلاد، موضحاً أن هذه البلاغات والتهديدات التي يرسلها التيار الإسلامي في وجه المعارضة سواء القتل أو الحصار الشخصي أو المؤسسي كما هو الحال في مؤسسة الإنتاج الإعلامي التي تعاني انتهاكات وتطاول أولاد أبو إسماعيل المستمرة دون تتدخل من قبل النظام الحاكم، والذي أثبت فشله وعجزه في إدارة الحكم وكذلك مواجهة المتطرفين.
أكد محمد رمضان الأمين العام لاتحاد حماة الثورة، أن الهدف من محاصرة جماعة الإخوان لمدينة الإنتاج الإعلامي هو تكميم الأفواه والقضاء على الصوت الحر، ومحاولة الإخوان في السيطرة على الإعلام الحكومي والجرائد القومية، لافتًا إلى أن محاصرة لمدينة الإنتاج الإعلامي تظهر نواياهم الحقيقية في إرادتهم للسيطرة على الإعلام الخاص والمستقل والصحافة المستقلة أيضًا وذلك بالتحضير لوضع قوانين تعمل على مصادرة الحريات عن طريق مجلس الشورى الإخواني والذي يتحدث ويصدر قوانين مفصلة بأؤامر من مكتب الإرشاد . وأضاف : إن اللجوء للعنف واستخدام تلك الأساليب القمعية والإرهابية ستأتي عواقبه النظام الحاكم، معتبراً أن الدعوة لمحاصرة الإنتاج الإعلامي وعدد من مقرات الأحزاب بمثابة تحريض على العنف يعكس فشل النظام الحالي في إدارة الدولة وعدم قدراتهم على حكم البلاد. استخدام العنف وعلى صعيد آخر أوضح د. سيف عبد الفتاح أستاذ العلوم السياسة بجامعة القاهرة، أن العنف الذي يتصدر المشهد السياسي الآن لم يكن وليد جماعة الإخوان المسلمين أو تيار بعينه، وإنما هو حالة تولدت لدى المجتمع، حتى أصبح أسلوب حياة وربما أسلوب ثورة بنهج بعض الشباب الذين خرجوا في بداية ثورة 25 يناير، للتأكيد على أن استخدام العنف وسيلة الثورة الناجحة في تحقيق أهدافهم التي عجزوا عن تحقيقها بالمظاهرات السلمية، لافتاً إلى أن لغة العنف أصبحت وسيلة جميع الأحزاب السياسية سواء المعارضة أو المؤيدة على حد سواء حتى أصبح العنف سمة عامة في المرحلة الراهنة فى إطار تشكيل المجتمع. ورفض د. طارق الزمر المتحدث الرسمي باسم حزب البناء والتنمية الذراع السياسية للجماعة الإسلامية ما قام به أنصار الشيخ حازم أبو إسماعيل وأنصار الحرية والعدالة من حصار لمدينة الإنتاج الإعلامي أو التهديد بحرق وحصار مقرات الأحزاب السياسية المعارضة وكذلك محاصرة منازل بعض الإعلاميين، خاصة وأن العنف لن تأتي نتائجه سوى بالعنف رداً على دعوات أبو إسماعيل عقب أحداث جمعة "رد الكرامة" أمام المقر العام لجماعة الإخوان المسلمين بالمقطم، والتي شهدت حلقة متصلة من الاعتداءات سواء على المساجد أو المقرات أو الأشخاص المتظاهرين والمدنيين في آن واحد. كما انتقد د. ناجح إبراهيم القيادي السابق بالجماعة الإسلامية، لجوء الجماعات الإسلامية لحصار المؤسسات العامة بالدولة والتي بدأت بمحاصرة وزارة الداخلية ووزارة الدفاع ومحاولة اقتحامها والآن حصار مدينة الإنتاج الإعلامي .. نحن أمام حالة من الترهل من قبل القائمين على البلاد أمام هذه الممارسات التي ترفضها جميع القوانين بالعالم، والتي تعبر عن حالة من الفوضي والانتهازية تسعى من خلالها القوى السياسة بفصيلها السياسي الإسلامي والليبرالي على حد سواء من خلال منع أو حصار للمؤسسات العامة بالدولة، حتى تحولت على أيديهم الثورة إلى صراع سياسي من أجل تغليب المصلحة الشخصية والحزبية على المصلحة العامة للوطن.