هل هذا بسبب الإغراء المادي أم لأنها تشبع رغباتهم؟: سؤال يبحث عن إجابة ففي السطور التالي اجابات المشاهير عن هذه الظاهرة. في البداية لا يري المخرج محمد أبو سيف أي عيب في خوض مجال الإعلان التليفزيوني، مادام أنه ليس رخيصاً أو مبتذلاً، لأن إخراج الإعلان فن في ذاته، خصوصاً إذا توافرت له الإمكانات اللازمة، مشيراً إلي أن العمل في هذا المجال أضاف إليه سينمائياً، لا سيما فيما يتعلق بالإيقاع السريع الذي يخوّله اختزال رسالته في دقائق. بدوره، يؤيد المخرج سعد هنداوي الإعلان شرط تقديمه بشكل جاد وبموازنة معقولة، مؤكداً أنه لو سنحت أمامه فرصة مهمة لن يتردّد في قبولها. ويوضح هنداوي أن إخراج الإعلانات لا ينتقص من قدر المخرج، قائلاً: "من الضروري أن يخوض هذا الأخير تجارب الإخراج كافة، سواء في مجال الفيلم التسجيلي أو الروائي القصير أو الإعلان، لأنها بمثابة إضافة له تتيح الاطلاع علي التطوّر الذي يحدث في هذا المجال". يلاحظ هنداوي أن تجارب المخرجين الإعلانية تتنوّع بين المتميز والعادي، متمنياً ألا يقدم هؤلاء علي هذه التجربة إلا في حال التميز، وليس عيباً، في رأيه، أن يكون هدفهم الكسب المادي شرط عدم التنازل أو الابتذال، والإصرار علي تقديم الجيد. يتفق المخرج علي عبد الخالق مع هنداوي في أن الإعلان فن مستقل .. مشيراً إلي أن نجاح المخرج في توضيح الرسالة المطلوبة من الإعلان في ثوانٍ أو دقائق تحسب لبراعته وتبين إمكاناته الإبداعية. مؤكداً أن مخرجي السينما العالميين خاضوا تجربة الإعلان رغم وجود مخرجين متخصصين في هذا المجال، إذاً ليس هذا الأمر حكراً علي المصريين فحسب، ولا يستبعد الإقدام علي هذه التجربة شرط أن تكون إعلانات متميزة وهادفة. فيما يري المخرج مجدي أحمد علي أن إخراج الإعلانات يؤثر سلباً في المخرج، فلا علاقة لها بالإخراج السينمائي لأن إيقاع الدراما يختلف عن إيقاعها، إضافة إلي حصر اهتمام المخرج فيها بالجوانب البصرية التي تجذب الأنظار أكثر من الاهتمام بالجوانب الفنية. أما الكارثة الكبري- برأي مجدي- فتتعلق بالخضوع التام لمنتجي الإعلانات، إذ يتحوّل المخرج إلي مجرد منفّذ لأوامر المنتج بعيداً عن الإبداع وتؤكد التجارب ذلك، أما السبب الوحيد الذي يجعل مخرجي السينما يتجهون إلي الإعلانات، فيعزوه إلي العائد المادي، لذا يفضّل العمل في التليفزيون في حال عدم وجود عروض سينمائية مناسبة بدلاً من العمل في الإعلانات. يختلف الناقد السينمائي مجدي الطيب مع ما طرحه أحمد علي، مشيراً إلي أن إقبال هذا الكمّ من مخرجي السينما المتميزين علي إخراج الإعلانات ليس لهدف مادي بل ثمة رغبة في تقديم إعلانات باهرة علي مستوي الصورة وإيصال رسالة الإعلان في أقل وقت ممكن، يقول: "يثبت نجاح هؤلاء في الإعلانات براعتهم في الإخراج السينمائي ويخلّصهم من رهبة التجريب في السينما، إذ يقومون بالتجارب في الإعلانات ثم يطبّقونها في السينما في حال نجاحها ". ويضيف الطيب: " قدّم المخرجون تجربة ثرية للغاية وإعلانات أفضل من المتخصصين في هذا المجال من بينهم محمد سامي وعادل مكين، وإن كانوا اقتبسوا عن الإعلانات " الأمريكية". كما يستغرب إصرار المخرجين علي عدم وضع أسمائهم علي الإعلانات التي يخرجونها، فيعرفها الجمهور عن طريق الصدفة، وكأنهم يعتبرون ما يفعلونه وصمة عار في مسيرتهم الفنية، أو للهروب من الاتهام بالجشع والطمع المادي. بينما تشير الناقدة ماجدة موريس إلي أن المخرجين الذين يتجهون إلي الإعلانات لا يخرجون إلا فيلماً سينمائياً كل أربع أو خمس سنوات، مما يعني تعطّل أدواتهم، لذلك فمن المفيد، برأي موريس، إشباع رغبتهم في ممارسة المهنة، خصوصاً أن الإعلان مجال خصب للتجربة وفيه تجريد للإطار والصورة والاستعراض. وتضيف موريس أن الإعلان يتميز بالثراء مثل الفيلم القصير، يواجه فيه المخرج تحدّي الاختزال لتقديم المطلوب في ثوانٍ أو دقائق، خصوصاً أن إمكانات ضخمة تتاح للإعلان تساعد المخرج علي الابتكار وتبرز قدراته الفنية وليس عيبا فإن الإعلان صورة من صور الفن.