وقع" عبده " في حبها من أول نظرة فقد بهره جمالها وأنوثتها المتفجرة، فملكت عليه منذ اليوم الأول قلبه وكيانه كله ولم يجد في نفسه الشجاعة الكافية لمحادثتها والبوح بحبه لها، حتي جاء يوم وأتت هي إليه، فقد كانت ذاهبة لحفل زفاف إحدي صديقاتها، وأتت إليه بفستان ليكويه، كان الفستان أنيقا رغم أنه ليس جديدا، خمن أنها تدخره لمثل هذه المناسبات إذ لم يرها بفستان مثله من قبل فأغلب ثيابها بسيطة رخيصة السعر، وعدها بأن يحضر الفستان بعد أقل من ساعة، ترك كل ما في يديه وبدأ يكوي الفستان، لكن طيف "ليلي" شاغله، أهاج أشواقه المكبوتة فبثها الفستان وتوهم أن الفستان ينطق ويحدثه عن مفاتن الجسد الذي يحتويه ولم يفق من أوهامه إلا علي رائحة احتراق الفستان. تهاوي جسده فوق المقعد وهو يري البقعة المحترقة، لم يدر ماذا يفعل؟ أشار علي صديقه الطالب الجامعي والذي يعمل بائعا للأحذية في المحل المجاور فأقترح عليه أن يشتري لها فستانا بديلا حتي يتقرب منها وليأمن أيضا انفجار غضبها.. أسرع "عبده" بتنفيذ الاقتراح، غاب ساعة عن المحل وعاد ومعه فستان يشبه الذي احترق بين يديه، ولم يكن يدر صديقه أن صاحبة الفستان جاءت تطلبه، فأحضر لها كرسيا وأجلسها حتي يحضر المكوجي، لكنها لم تكتف بالجلوس، تسللت بالنظر إلي الملابس المنتظرة للكي، فوجئت بفستانها قد احترق، جن جنونها، علا صوتها غاضباً، أتت أمها لتري ماذا حدث لابنتها، فرأت الفستان المحروق، شاركت ابنتها غضبها وسألت عن ذلك المكوجي الهارب لتقتاده إلي قسم الشرطة، جاء المكوجي وأقسم أنه لم يكن هاربا بل ذهب ليشتري فستانا بديلا، قالت الأم: "من أتلف شيئا فعليه إصلاحه" وقبلت الفستان البديل، لكن الأب لما علم بالأمر ذهب للمكوجي وعرض أن يدفع له ثمن الفستان فلما أصر علي الرفض دعاه لتناول الشاي ليصالحه. فرح "عبده" بالدعوة ولباها، فقد استشعر أنها ستكون بداية الطريق للوصول إلي الحبيبة، وكان شعوره صادقا، فبعد شهور تقدم لخطبتها ولما ترددت أفهمها الأب أن فقره لا يجعل لجمالها سعرا، كما أن المكوجي متعلم ومعه شهادة متوسطة، أفاق عبده من ذكرياته علي صوت صديقه يحذره من التأخير علي العروسة، فأسرع بإكمال لبسه، مضت أيام الزواج الأولي في سعادة وهناء، لكن أحوال الحبيبة بدأت في التغير كانت تثور عليه لأتفه الأسباب وتختلق له الأزمات، وذات يوم صارحته: إلي متي سأعيش في هذا الفقر؟ باغته السؤال، تحدث عن ظروف مهنته التي أوشكت علي الانقراض، وعن استحالة الحصول علي وظيفة، ضحكت ساخرة فالوظيفة لن تجعلهم أحسن حالا.. أصبحت تترك له البيت كثيرا، تعيش لدي أسرتها لمدة أسبوع أو أسبوعين، ولما تعود إليه لا يهنأ بها، تكدر عليه حياته أياما قبل أن تعاود الغضب. ذات مرة خيرته بين أحد أمرين إما أن يطلقها وإما أن يحقق لها مطالبها، قال: ماذا أفعل؟ فشرحت له خطتها، في البدء، رفض، غادر البيت، شكا لصديقه الطالب الجامعي، صارحه بكل شيء، فوجئ بالصديق يؤيدها، حوصر بينهما، كل منهما يلح حتي اقتنع بأن ينفذ الخطة، عرض عليه صديقه أن يشاركه، وافقت الزوجة علي أن توزع الغنيمة بينهم.. أدار الطالب الجامعي موتور دراجته البخارية، قفز "عبده المكوجي" جالسا خلفه، انطلقت الدراجة في الشوارع وعند الهدف توقفت، محل بيع المشغولات الذهبية في شارع جانبي قليل المارة، دخل المحل تاركاً صديقه بجوار الدراجة، طلب من البائع أن يريه سواراً ذا مواصفات معينة، وضع البائع أمامه بعض المشغولات الذهبية، وفجأة أخرج عبده المسدس، أشهره في وجه البائع، أمره أن يملأ الحقيبة بالذهب وإن لم يفعل سيموت، نفذ البائع أمر عبده، الذي جري بالحقيبة مغادراً المحل، لمحه صديقة.. فأدار موتور الدراجة البخارية، إنطلقت الدراجة في الشارع الجانبي الضيق لكن صراخ بائع الذهب جمع المارة، الذين ساعدهم ضيق الشارع في محاصرة الدراجة، وأمسكوا بالمكوجي وصديقه، وفي قسم الشرطة اعترفا تفصيليا بجريمتهم.