عقب الأراء الساخنة من قائد شرطة دبي "ضاحي خلفان" على جماعة الإخوان المسلمين في مصر، واتهامهم بالسعي لإسقاط الأنظمة العربية، تم اعتقال ستين شخصًا ينتمون لجماعة "الإخوان المسلمين" المحظورة قانونًا في الإمارات، حيث أفادت التحقيقات بأنهم ينتمون لتنظيم سري عسكري هدفه الاستيلاء على السلطة وإقامة حكومة دينية في الإمارات بوسائل غير مشروعة، بالإضافة إلى الانتقاد الرسمي من وزير الخارجية الإماراتي الشيخ عبدالله بن زايد آل نهيان الذي دعا دول الخليج للتعاون المشترك لمنع جماعة الإخوان المسلمين من التآمر على حكومات منطقة الخليج، واتهم الإخوان بأنهم حركة لا تؤمن بالدولة الوطنية ولا بسيادة الدول، ولهذا السبب ليس غريباً أن يقوم التنظيم العالمي للإخوان بالتواصل والعمل على اختراق هيبة الدول وسيادتها وقوانينها، وتخوف خبراء سياسيون مصريون من حدوث أزمة عربية بين "مصر والإمارات" بسبب الحرب الكلامية بين شخصيات غير مسئولة من الإخوان، وشخصيات مسئولة في الإمارات، مما ينبىء بأزمة قادمة في حال تدخلت الحكومة المصرية في الجدل الكلامي المحتدم، وطالب الخبراء عدم تدخل الدولة المصرية في الأزمة ، حيث تهاجم الإمارات جماعة الإخوان على المستوى العالمي، ولا تخص إخوان مصر تحديداً، كما أن الرئيس المصري "محمد مرسي" رئيس حزب الحرية والعدالة السابق المنبثق عن جماعة الإخوان المسلمين، عليه نسيان "إخوانيتة" نهائياً، ويظل رئيساً لكل المصريين، حتى لا يقع في الحرب الكلامية، ويدافع عن جماعتة، ضد مصلحة الدولة المصرية. وفي رأي السفير عبد الرءوف الريدى رئيس المجلس المصري للشئون الخارجية: إن المسئولين بوزارة الخارجية يجب عليهم عدم الالتفات لمثل هذه التصريحات، التي قد تؤثر على العلاقات المصرية الإمارتية، في حال تدخل الحكومة المصرية في "الحرب الكلامية" بين مسئولي الإمارات، ومسئولي جماعة الإخوان المسلمين في مصر، موضحاً بأن مصر عليها تقدير الموقف جيداً، ولا تتدخل .. معتبراً التصريحات التي أطلقها "آل نهيان" ومن قبله "خلفان" لا تخرج عن كونها آراء شخصية انتهكت العرف العام .. موضحاً بأنها ليست المرة الأولى التي يحدث فيها مثل هذه الانتقادات الحادة لمصر، والتي تخرج في الأساس من انتقاده لجماعة الإخوان المسلمين التي ينتمي إليها الرئيس. ويختلف مع الرأي السابق د.جمال زهران أستاذ العلوم السياسية بجامعة قناة السويس: بأن الحكومة المصرية عليها أن تتدخل رسمياً لوقف هذه "المهازل" التي ستؤدي في النهاية إلى قطيعة بين مصر والإمارات، بسبب آراء شخصية وصراعات كلامية .. مطالباً الحكومة الإماراتية بضرورة التدخل لوقف التصريحات المعادية لجماعة الإخوان المسلمين في مصر، لأن الهجوم عليها غير مبرر، لأن العالم يدرك أن الإخوان هم من يحكمون مصر حالياً، مؤكداً بأن الإمارات بعد أن تحولت إلى "محطة" لرموز النظام السابق التي كانت ترتبط معهم بعلاقات واسعة، أصبحت لا تجد مانعاً من الهجوم على "الإخوان" لأنها كانت تريد عدم محاكمة الرئيس السابق "حسني مبارك"، بالإضافة إلى أنها أصبحت إحدى محطات تهريب الأموال المصرية من خلال استقبالها لبعض رموز نظام مبارك مثل "رشيد محمد رشيد" وزير التجارة والصناعة السابق، والفريق "أحمد شفيق" آخر رئيس وزراء في عهد مبارك، مما يساعد على المدى الطويل في توتر العلاقات بين البلدين إذا لم يتم اتخاذ خطوات لتهدئة الأوضاع السياسية بين البلدين، وتنقية الأجواء الخلافية. خلاف في وجهات النظر ومن جانبه أكد د.وحيد عبد المجيد نائب مدير مركز الأهرام للدراسات السياسية والإستراتيجية: بأن استمرار الهجوم الإماراتي على جماعة الإخوان المسلمين في مصر، مجرد خلاف في وجهات النظر، مع العلم بأن قيادات الجماعة لا تتردد في رد الإساءة بطريقتها الخاصة، وطالما ظل الأمر بعيداً عن الدولة المصرية فالأزمة لا تتعدى كونها "تراشق بالألفاظ" بين الطرفين، مستبعداً حدوث أزمة في العلاقات بين البلدين بسبب ما يحدث، قائلاً: ليس من مصلحة دول الخليج، أن يحدث توتر في العلاقات بينها وبين مصر، مطالباً الحكومة بالتحرك الفوري لوقف هذا التراشق ، واحترام السياسية العامة والنظام الداخلي للأنظمة العربية بدلاً من الانتقادات غير المسئولة، مؤكداً بأن الحكومة الإماراتية والمصرية تتعامل مع هذه التصريحات باعتبارها مجرد توجهاً شخصياً لبعض الشخصيات، وفي حال تطور الأمر فإن النظام الحاكم في البلدين لن يترك الأمور تصل لمرحلة التوتر وسيسعى للتدخل لتهدئة الأوضاع، وتصحيح الملابسات. بينما يرى د.رفعت السعيد رئيس حزب التجمع اليساري، بأن العلاقة بين مصر والإمارات أصبحت "فاترة" منذ تولي الرئيس محمد مرسي المنتمي لجماعة الإخوان المسلمين مقاليد الأمور في البلاد، أي من قبل تصريحات "خلفان" و " آل نهيان"، موضحاً بأن الإمارات تتعامل بحذر مع الرئيس المصري وجماعته، لأنها غير متأكدة من نوايا الإخوان الدفينة حول منطقة الخليج، ولذلك على الرئيس أن يثبت لجميع دول الخليج أنه لا يتحدث باسم جماعة الإخوان، وأنه منفصل في قراراته وسياساته الخارجية عن سياسة الإخوان، وعليه أن يتخذ قراراته وفقًا للمصلحة العليا لمصر في إطار العمل العربي المشترك، بدلاً من الانحياز والانتصار لجماعته التي تعتبر نفسها المتحدث الوحيد باسم الدولة المصرية، والتي ستخسر كثيراً في حال قطع علاقتها مع الإمارات اقتصادياً، بخلاف التأثير السلبي على الجالية المصرية بالإمارات، مؤكداً بأن دخول القاهرة في علاقات سياسية، واقتصادية، وتجارية، مع "طهران" سيقود في المقابل توتر في علاقات القاهرة بمعظم العواصم الخليجية، وستكون النتيجة بالتالي فتورًا وتراجعًا في العلاقات المصرية الخليجية. وفي نفس السياق قال د.حمدي عبد العظيم رئيس أكاديمية السادات للعلوم الإدارية والاقتصادية السابق، إن التصريحات السياسية تطل بظلالها على الوضع الاقتصادي المشترك بين البلدين، نتجية تخوف المستثمرين من التصعيد السياسي بين البلدين بسبب "الحرب الكلامية" ، موضحاً بأن الإمارات أصبحت تتخوف من دول ثورات الربيع العربي تخوفاً من انتقال عدوى تلك الثورات إلى أراضيها، وهذا ما جعلها توقف تأشيرات العمل ومنعت استقدام أي عمالة من مصر، بجانب شكاوى المصريين المقيمين هناك حول تعقيد إجراءات الإقامة وتجديدها، مؤكداً بأن العلاقات بين البلدين عميقة وسيتم احتواء الموقف السياسي بشكل سريع خاصةً وأن تقرير البنك المركزي المصري يؤكد بأن تعاملات مصر الخارجية مع الإمارات حققت أعلى نسبة نمو في تعاملات مصر مع الدول العربية بنسبة 24% تلتها السعودية ثم الكويت، واستمرار الموقف كما هو عليه ملتبسا قد يدفع المستثمرين لتجميد استثماراتهم.