أثار تنازع جماعة الإخوان المسلمين والتيار السلفي المتمثل في حزب النور على تولي حقيبة وزارة التنمية المحلية جدلاً واسعاً، حيث يرغب الطرفان في تولي أحد أعضائهما الحقيبة الوزارية نظراً لما تمثلة من قوه سياسية شعبية على مستوى المحافظات، كما تعتبر المحليات المدرسة الأولى التي يتعلم فيها الأعضاء السياسية، وينغرس في قاع المجتمع ليكون قيادة مستقبلية وكادر سياسى على معرفة ببواطن الأمور، وتبقي المجالس المحلية أحد أطراف اللعبة السياسية التي تتسابق علىها القوى السياسية وبالأخص التيارات الإسلامية التي انتهزت فرصة سقوط نظام الرئيس السابق ، لتبدأ في حشد قواها إستعداداً لشغل الفراغ السياسي في البلاد، وبالفعل نجحت في تحقيق الأغلبية البرلمانية، والفوز بالرئاسة، وأخيراً تستعد لمعركة المجالس المحلية التي تتكون من ألف وسبعمائة وخمسون مجلساً محلياً، تضم إثنان وخمسون ألف عضو. وقال د. عماد جاد الخبير بمركز الأهرام للدراسات السياسية والإستراتيجية، إن الإخوان والتيار السلفي لا يعنيهم شىء سوى الوصول إلى قاعدة سياسية شعبية من خلال المحليات والمجالس الشعبية، لأنها المدرسة التي سوف يتعلم فيها شباب التيارين السياسية من بدايتها، كما أن التيار الإسلامى يريد إعداد قيادات وكوادر سياسية ذات صلة مباشرة بالمواطن البسيط .. مؤكداً بأن سيطرة وإنفراد التيار الإسلامي بالقاعدة المحلية ستؤدي إلى السيطرة التامة على مفاصل الدولة من القاع، للوصول إلى القمة. وأضاف علاء عبد المنعم عضو مجلس الشعب السابق، بأن تنازع التيار الإسلامى على تولي حقيبة وزارية خدمية هامة مثل التنمية المحلية، يعكس رغبة الإسلاميين في السيطرة الكاملة على المجالس المحلية الشعبية، بعد الانتخابات البرلمانية المقرر إجراؤها فور الإنتهاء من الدستور الحالى، وأن ما يحدث من فوضى على تقاسم الوزارات يجعل من رئيس الوزراء الجديد "ديكور" لخدمة وإرضاء الإسلاميين، لأنهم السبب الحقيقي في وصوله إلى هذا المنصب القوى والحساس، بإعتباره رئيس وزراء مصر. بينما أوضح د.عمرو الشوبكى الخبير السياسى، بأنه لا يوجد صراع سياسي بين حزب الحرية والعدالة المنبثق عن جماعة الإخوان المسلمين، وحزب النور السلفي على اقتناص الوزارات الخدمية، ومن بينها بالطبع وزارة التنمية المحلية، بسبب وجود رئيس وزراء قادر على تحديد إختيارات الوزراء ؛ ولا يخضع لأهواء أحد التيارات الإسلامية ذات الضط الشعبى، مشيراً الى أن تشكيل الوزارة سوف يكون بالتراضي بين المجلس العسكري والقوى السياسية حتى لا ينفرد تيار معين بالسيطرة على الوزارة الجديده. ومن جانبة أشار د.جمال حشمت القيادى بحزب الحرية والعدالة المنبثق عن جماعة الإخوان المسلمين، الى أن حزب الحرية والعدالة يطمع في تولي أحد أعضاؤه وزارة التنمية المحلية، لتطهيرها من الفساد الذى إستشري في جميع جنباتها، والدليل العمارات والمبانى التي تتهاوي على رؤس أصحابها، بخلاف الإختلاسات المالىة في لمشاريع الخدمية مثل "الرصف، والإنارة، وتوصيل المرافق" وغيرها، مؤكداً على ضرورة النهوض بهذه الوزارة لتطهيرها من الفساد ومحاسبة المخطئين. صراع سياسي وأكد د.أحمد أبو بركة القيدى بحزب الحرية والعدالة المنبثق عن جماعة الإخوان المسلمين، بأنه لا ينبغى إدراج كلمة صراع بين أكبر قطبين سياسيين في البلاد حالياً وهما حزب الحرية والعدالة الإخواني، وحزب النور السلفي، بسبب تولي حقيبة وزارية، خاصةً وأن رئيس الوزراء يختار أهل الكفاءه وليس أهل الثقة والمحسوبية .. مستنكراً ما يشاع حول ميول قنديل الإخوانية، حيث أنه رجلُ مستقل ولا ينتمي إلى أي أحزاب أو تيارات سياسية، متمنياً أن يعمل على جمع كافة التيارات السياسية في قالب وزاري واحد للنهوض بالبلاد. ويري د. يسري حماد المتحدث باسم حزب النور السلفي، بأن الأحزاب الليبرالية والإسلامية لن تترك المجالس المحلية تضيع من بين أيديها، لأنها الشريك الفعلي والحقيقي في خلق كوادر سياسية تبدأ من القاع حتى تصل إلى قمة الهرم السياسي.. مشيراً الى أن شباب التيار السلفي يعملون على حل مشاكل البسطاء في الأحياء والقرى لتفعيل دور المجالس المحلية ولكن بشكل غير تنظيمي، لضمان معرفة المواطن بالشخص المرشح على مقعد المحليات والحصول على الأصوات الإنتخابية، مشددًا على ضروة خلق بيئة تنافسية واضحة بين جميع الأحزاب والقوى السياسية للمساهمة في تحقيق ما يربوا إليه المواطن من خلال الأجهزة الشعبية التي تراقب سياسات المحافظ أو رئيس الحي. وأشار علاء عبد المنعم سكرتير حزب الوفد الأسبق، الى أن التيار الإسلامي هو الأقدر والأكفأ تنظيمياً وإحتكاكاً بالمواطن البسيط، ويستطيع حل مشكلتة البسيطة التي لا تتعدي أنبوبة غاز أو الحصول على رغيف العيش، بسبب الأموال الخارجية التي توفرها بعض الدول لأجنبية، ومن ثم يوفرها الحزب الإسلامي لأعضاء قاعدتة في المحافظات والقرى لحل مشاكل المواطنين، مؤكداً بأن الصراع الإخواني السلفي حول وزارة التنمية المحلية يعكس حالة الاهتمام بهذه الوزارة تحديداُ، لأن السيطرة علىها معناه إعادة تشكيلها بما يتلاءم مع سياسات الوزير ذو المرجعية الإسلامية، من ثم انتشار أنصاره في المجالس المحلية وعلى جميع أصعدة المحافظات والقري. فمن جانبه أوضح عبد المنعم الشحات المتحدث باسم الدعوة السلفية، أن هدف الدعوة السلفية هو الإصلاح السياسي والإداري في الدولة، ومن هنا يستعد السلفيين للقيام بهذا الدور من خلال البرلمان لتفعيل الىات الإصلاح السياسى، وأجهزة الحكم المحلى لتحقيق الإصلاح الإداري، مضيفاً بأن المحليات في عهد الرئيس السابق حسنى مبارك كانت مرتعاً للفساد ونهب ميزانيات المحافظات وتوزيعها على شلة منافقي المحافظ وأصحاب المصالح، لذلك لابد من إعادة إصلاح مصر من القاع المتمثل في الحكم الحلي والوصول تدريجياً الى القمة، حتى تتطهر مصر نهائياً من الفساد والمفسدين. الأقرب للفوز وأكد د.عمار على حسن الباحث في علم الإجتماع السياسي، بأن التيار الإسلامي الأكثر قرباً مع المواطن، ولذلك هو الأقرب للفوز بممقاعد المجالس المحلية، مشيرا إلى أن تحركات التيارات الإسلامية في المحافظات تدل على إستعدادهم المبكر للخوض في سباق المحليات، وسيجد التيار الليبرالي نفسه في موقف العاجز في منافسة شباب التيار الإسلامي، مشيراً الى أن التحالف بين القوي الليبرالىة يضمن منافسة قوية ين جميع الأطراف للفوز بمقاعد المحليات التي ستعتبر الأهم من معركة البرلمان القادمة.. محذراً من سيطرة تيار أو حزب على مقاعد المجالس المحلية لأنه سيضمن توجه المحافظ أو رئيس الحي الى هذا التيار رغبةً منه في تجنب الصدام، والأفضل أن يكون التنوع السياسي بمزيد من الرقابة المتبادلة على الأجهزة التنفيذية، خصوصاً أن المحليات هى التي تتخذ قرارات الخدمات المباشرة للمواطنين.