قال: صديقة من كفر الشيخ، قرأت الخبر في قناة الجزيرة• قلت له: اهدأ ، وسوف أبحث الأمر• أسرعت إلي التليفزيون، وبحثت عن قناة الجزيرة ، فلم أجد شيئا • عدت إلي مكتبتي، فدق جرس التليفون ثانية ، قال صبري أبو علم وقد هدأ: - اتضح أن الخبر غير صحيح، فقد اتصلت باتحاد الكتاب ، سألتهم عن محمد السيد عيد، فأخبروني بأنه في اجتماع مجلس الإدارة الآن• قال صبري لهم مؤكدا: - حقيقة ، هو في الاجتماع الآن ؟ قالوا: لقد حيانا ودخل الاجتماع أمامنا• فحكي صبري لهم ما حدث• بعد أن انتهت المكالمة مع صبري ، اتصلت به ثانية • وقلت له: - أكيد الدكتور محمد السيد سعيد مات ، فالفرق بين اسمه واسم محمد السيد عيد حرف ( السين ) ، كما أنه مريض جدا• فقال صبري: - أكيد، والأديبة التي اتصلت بي لتخبرني بالخبر، ظنته محمد السيد عيد ، واتصلت بي لأنها تعرف مدي العلاقة بيني وبينه• لم اتقابل مع الأستاذ الدكتور محمد السيد سعيد ولا مرة واحدة• وقد فوجئت بتليفون منه ، قبل صدور جريدته، البديل بشهور قليلة • قال لي : - أنا الدكتور محمد السيد سعيد • كان هذا يوم الخميس الذي يجتمع فيه ابني واسرته وبناتي وأطفالهم، فيصنع الأطفال دوشة وجلبة في البيت لا تطاق• وقتها كنت أحدثه وأنا واقف علي قدمي، والأطفال يمرحون حولي • قال لي: - إنني أتابع كتاباتك ومعجب بها ، وأريدك أن تكتب في جريدتي ” الجديدة البديل"• قلت: ياريت يادكتور • فأنا أعرف مواقفك الشجاعة ، وأتابع كتاباتك الجريئة• قال: لا أريد أن ترسل لي قصصا، أريد المواضيع التي تتناولها في قصصك تتحول إلي مقالات• لم أكن مركزا في تتابع ما يقول، فقد تعودت أن أترك أحفادي يوم الخميس ليرتعوا في الشقة كما يشاءون ، واعتبر اليوم أجازة من العمل • قال لي : - مثال ، الفتاة التي تحمل إناء الماء من حنفية الصدقة ، حيث إن بيتها مازال بلا ماء• وقتها أسرع ابن ابني خلف ابنة ابنتي يريد أن يضربها لأنها ضربته وأسرعت لتتخفي خلفي• وضاع مني ما يقوله الدكتور محمد السيد سعيد • كان يقترح علي مواضيع لكي أتناولها في مقالاتي • يعرف أنني أكتب عن الأحياء الشعبية في الإسكندرية ، عن سكان الأكواخ التي تقام فوق سطح البيوت الكبيرة في غربال لكي يسكنها الذين لا يجدون سكنا، خاصة الذين يأتون من قراهم بحثا عن لقمة العيش ، فيبيعون السميط والجبنة علي شواطيء الإسكندرية ، ويمسحون أحذية الجالسين في الحدائق العامة في محطة مصر والمنشية ، أو الجالسين علي المقاعد في المقاهي الكثيرة • أردت أن أسأله عن الذي تفضل وأعطاه رقم تليفوني• وللأسف لم استجب بسرعة لطلباته كعادتي وعندما أرسلت إليه كان المرض قد اشتد عليه ، وترك الإشراف في الجريدة لغيره ، لكنني بفضل هذه المكالمة اتجهت لكتابة المقالات ، وكنت قد حاولت هذا كثيرا منذ سنوات عديدة وفشلت• حاولت هذا بعد صدور جريدة أخبار الأدب• وقد قال لي الأستاذ جمال الغيطاني: - اعتبر نفسك محررا معنا • واكتب لي عن الإسكندرية• وحاولت وقتها لكن مقالاتي لم تكن صالحة للنشر• وعندما كتبت أول مقالة لي بعنوان " هل أدباء الإسكندرية دود تحت الطوب " ونُشرت في جريدة أخبار الأدب، لم تعجب الأستاذ محمد محمود عبد الرازق ، ظننته غير موافق علي الأفكار التي طرحتها فيها مثل الكثيرين لكنني فوجئت برأيه ، فقد أعجبته الأفكار، وقال لي متضامنا مع رأيي: المحافظة الثانية لمصر ، وتعامل بهذه الكيفية ؟! لكن تناولي للموضوع لم يعجبه ، قال لي : - كنت مختزلا ، وكل فكرة من الأفكار كان يجب أن تأخذ حقها في التناول • لكن مبادرة الأستاذ الدكتور محمد السيد سعيد أعطتني الثقة ثانية ، فكتبت في شتي المواضيع بطريقة قريبة من طريقتي في كتابة القصة • رحم الله الدكتور محمد السيد سعيد الذي لم ألتق به مرة واحدة ، لكنني كنت معجبا بدوره الوطني في وقت تعتبر فيه البطولة الوطنية نوعا من المغامرة والفدائية••