أسعار الخضراوات والفاكهة بداية تعاملات اليوم السبت    أسعار الفراخ البيضاء في الأسواق المحلية    المبعوث الأمريكي: إسرائيل وسوريا تتوصلان لوقف إطلاق النار    فاينانشيال تايمز: ترامب يصعد ضغوطه ويخطط لفرض 20% رسوما على بضائع الاتحاد الأوروبي    حي الساحل: العقار النهار متهالك وصادر له قرار ترميم    انطلاق صيف الأوبرا.. فتحي سلامة ومحمود التهامي البوابة السحرية لعالم الروحانيات الصوفية    محمد رمضان ينتهي من تصوير إعلان جديد بالساحل الشمالي.. (تفاصيل)    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم السبت 19-7-2025 في محافظة قنا    رئيس هيئة البترول يتفقد منطقة أسيوط لمتابعة جاهزية المشروعات    «الأرصاد» تحذر: طقس اليوم شديد الحرارة على معظم الأنحاء    «حقوق القاهرة» تنظم دورة قانونية متخصصة حول الاستثمار العقاري    أحمد عبد الدايم: مصر تنطق بصوت أفريقيا وتسعى لتعزيز تكاملها الاقتصادى    هيجسيث يؤكد تدمير المواقع النووية الثلاثة في إيران بضربات أمريكية    مجزرة إسرائيلية جديدة.. 30 شهيدا و70 مصابا من منتظري المساعدات برفح    الزمالك يوضح حقيقة انقطاع فتوح عن معسكر الفريق    غيط: الإسماعيلي مهدد بخصم 9 نقاط من رصيده ثم الهبوط.. ويحتاج ل 1.8 مليون دولار    بالفيديو.. موعد نتيجة الثانوية العامة 2025 وبشرى سارة للطلاب    الطقس اليوم السبت 19-7-2025.. انخفاض طفيف بدرجات الحرارة وارتفاع بالرطوبة    تعرف على الحالة المرورية بالطرق السريعة بالقليوبية| اليوم    متخصصة فى الذكاء الاصطناعى.. شروط التقدم لمدرسة أبدا الوطنية للتكنولوجيا    غدًا.. أخر موعد لتنازل المرشحين بانتخابات مجلس الشيوخ عن الترشح    تحديث سعر الدولار اليوم بمستهل تعاملات السبت 19 يوليو 2025    هيو جاكمان يظهر في الجزء الجديد من فيلم Deadpool    مين عملها أحسن؟ حديث طريف بين حسين فهمي وياسر جلال عن شخصية "شهريار" (فيديو)    أسعار اللحوم الحمراء اليوم السبت 19 يوليو    رئيس هيئة الرعاية الصحية يلتقي الرئيس الإقليمي لشركة جانسن بمصر والأردن والسودان وليبيا وأثيوبيا    وزارة: حملة 100 يوم صحة قدمت أكثر من 5 ملايين خدمة طبية مجانية × 3 أيام    نائب وزير المالية للبوابة نيوز: دمج المراجعتين الخامسة والسادسة من البرنامج المصرى مع "النقد الدولي"غير مقلق    45 دقيقة تأخير بين قليوب والزقازيق والمنصورة.. السبت 19 يوليو 2025    بعد التوقف الدولي.. حسام حسن ينتظر استئناف تصفيات أفريقيا المؤهلة لكأس العالم    زينة.. عام سينمائي غير مسبوق    «مرض عمه يشعل معسكر الزمالك».. أحمد فتوح يظهر «متخفيًا» في حفل راغب علامة رفقة إمام عاشور (فيديو)    الحرف التراثية ودورها في الحفاظ على الهوية المصرية ضمن فعاليات ثقافية بسوهاج    أول ظهور ل رزان مغربي بعد حادث سقوط السقف عليها.. ورسالة مؤثرة من مدير أعمالها    «شعب لا يُشترى ولا يُزيّف».. معلق فلسطيني يدعم موقف الأهلي ضد وسام أبوعلي    عيار 21 يترقب مفاجآت.. أسعار الذهب والسبائك اليوم في الصاغة وتوقعات بارتفاعات كبيرة    ترامب يتوقع إنهاء حرب غزة ويعلن تدمير القدرات النووية الإيرانية    كل ما تريد معرفته عن مهرجان «كلاسيك أوبن إير» ببرلين    مصدر أمني يكشف حقيقة سرقة الأسوار الحديدية من أعلى «الدائري» بالجيزة    رئيس حكومة لبنان: نعمل على حماية بلدنا من الانجرار لأي مغامرة جديدة    عميد طب جامعة أسيوط: لم نتوصل لتشخيص الحالة المرضية لوالد «أطفال دلجا»    "صديق رونالدو".. النصر يعلن تعيين خوسيه سيميدو رئيسا تنفيذيا لشركة الكرة    ستوري نجوم كرة القدم.. ناصر منسي يتذكر هدفه الحاسم بالأهلي.. وظهور صفقة الزمالك الجديدة    مطران نقادة يلقي عظة روحية في العيد الثالث للابس الروح (فيدىو)    تطورات جديدة في واقعة "بائع العسلية" بالمحلة، حجز والد الطفل لهذا السبب    بشكل مفاجئ، الاتحاد الفلسطيني لكرة القدم يحذف البيان الخاص بوسام أبو علي    داعية إسلامي يهاجم أحمد كريمة بسبب «الرقية الشرعية» (فيديو)    مصرع طفلة غرقًا في مصرف زراعي بقرية بني صالح في الفيوم    «زي النهارده».. وفاة اللواء عمر سليمان 19 يوليو 2012    5 أبراج على موعد مع فرص مهنية مميزة: مجتهدون يجذبون اهتمام مدرائهم وأفكارهم غير تقليدية    أحمد كريمة عن العلاج ب الحجامة: «كذب ودجل» (فيديو)    تعاني من الأرق؟ هذه التمارين قد تكون مفتاح نومك الهادئ    وزير الخارجية اللبنانى لنظيره الأيرلندي: نطلب دعم بلدكم لتجديد "اليونيفيل"    "القومي للمرأة" يستقبل وفدًا من اتحاد "بشبابها" التابع لوزارة الشباب والرياضة    اليوم.. الاستماع لمرافعة النيابة في قضية «مجموعات العمل النوعي»    5 طرق فعالة للتغلب على الكسل واستعادة نشاطك اليومي    عبد السند يمامة عن استشهاده بآية قرآنية: قصدت من «وفدا» الدعاء.. وهذا سبب هجوم الإخوان ضدي    هل مساعدة الزوجة لزوجها ماليا تعتبر صدقة؟.. أمين الفتوى يجيب    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



يوسف رخا: نقلتُ إلى الرواية الريبورتاج والمقالة والقصيدة
نشر في صوت البلد يوم 05 - 05 - 2011

يوسف رخا كاتب وقاص وشاعر مصري، حصل على بكالوريوس الآداب من جامعة «هل» في انجلترا، يعمل في الصحافة الثقافية باللغة الإنكليزية منذ العام 1998. أصدر مجموعة قصص بعنوان «أزهار الشمس»، كما صدرت له بين بيروت والقاهرة ثلاثة كتب قصيرة عن المدن العربية ومجموعة قصائد ومقالات. كتاب «الطغرى» موضوع حديثنا مع رخا هنا ، هو أول أعماله الروائية.
«الطغرى» روايتك الأولى، وفيها على ما قرأنا ذلك التبلور لكل كتاباتك السابقة، مستوية في رواية أخيرا. هل الطغرى هي تصوّرك للرواية؟
^عندي تصور عن الرواية مقترن بأن تكون عملاً كبير الحجم تلعب الطبقة الوسطى في أحداثه دوراً رئيسياً ويكون الخيال بمعناه البسيط جانباً أساسياً في بنائه. لذلك كنت أشفق من كتابة قصة أو قصيدة نثر طويلة أسميها رواية، وكذلك من إقحام كلمة رواية على الريبورتاج أو السيرة الذاتية أو المتتالية السردية. أظن الطغرى حققت تصوري عن الرواية من جهة، ومن جهة أخرى بلورت كل ما جاء قبلها من خبرة في الكتابة على اختلاف أنواعها ومن تجربة حياة حتى عمر الثلاثين بما في ذلك معرفة شخصية جداً بمدينة القاهرة. أظن اللغة المكتوبة بها في مجملها – التي قد تزعج قارئ الرواية العربية التقليدي – هي الأخرى انعكاس للقاهرة في التناقض بين فصاحتها وعاميتها، إيمانها وكفرها، والتعدد المذهل لمشاهدها ومنعرجاتها الحياتية.
نرى في انفصال البطل (مصطفى) عن زوجته، حجة الكاتب لمجموعة تأملات ومقاربات للحياة، كما تبدو محاكاة تهكمية لكافة شخصيات الرواية في تباين بيئاتها وثقافاتها؟
^ الانفصال كان المنطلق، بالنسبة إلى مصطفى الشوربجي في رحلاته عبر القاهرة إلى أن يغادرها وبالنسبة إلي أنا في إنجاز العمل. هذا مفروغ منه. بدأتُ أكتب عن الانفصال من قبل أن تتبلور الحدوتة، وكانت نبرة الكتابة الأولى أكثر انكساراً و«جدية» إن أردتِ؛ كان الحزن غالباً عليها ولم يكن الضحك فيها صريحاً؛ أعتقد أن الضحك في الكتاب – لهذا السبب – مشوب بالأسى على طول الخط، وكذلك محاكاة الشخصيات: بالطبع هناك تهكم و«تهريج»، ليس ثمة تردد في بروزة الجوانب العبثية من أداء وفكر الناس (وفي ما يتعلق بما يمثله كل منهم على المستوى التاريخي خصوصاً: الإسلام السلفي، الطائفية القبطية، التوجه القومي، التربية الأزهرية، المجتمع الأبوي، الطبقة الوسطى...) ولا الجوانب الطريفة من لغتهم، لكن أملي مع ذلك أن أكون قد وُفقت في تقديم أشخاص مقنعين ومتكاملين، أشخاص ثلاثيي الأبعاد وليس «كاريكاتيورات» أو صوراً مسطحة، الأمر الذي يعني أن هناك تعاطفاً حقيقياً معهم حتى وهم يكشفون عن قبح.
أظن الفشل في الحياة الشخصية أرضية مناسبة لطرح سؤال الهوية الذي يدور حوله الكتاب، وهي زاوية نظر تسمح بالتحرر من قيود الانسجام المفترض مع المحيط الأوسع. من ناحية أخرى، الانفصال مجرد مدخل لفكرة الانهيار «المجتمعي» إن جاز التعبير في السياق، وهو انهيار يحدث على المستويين الشخصي والعام ليجعل سؤال الهوية قريباً وملحاً من المنظور الجغرافي فضلاً عن المنظور التاريخي. هناك سعي دائم ومتخفف من شروط الواقع إلى ربط انفصال مصطفى عن زوجته باندحار مدينة محورية في تاريخ الإسلام وتاريخ اللغة العربية؛ من هذه الزاوية تصبح إعادة صياغة المدينة، خريطة القاهرة التي يتمكن مصطفى من رسمها في النهاية، توظيفاً للخيال في استرداد تلك المدينة في حال قابلة للصعود، وربما في استردادها وهي على أعتاب ثورة... الانفصال بهذا المعنى ليس حجة للتأمل بقدر ما هو حجة لتجديد المعرفة بالذات وإعادة اكتشاف المكان.
تكتب متحرراً من سادية القوالب والنظم الروائية، ومن الاهتمام بالاحتمالات. ثمة مجازفات في سردك تتعّذر على الرواية الكلاسيكية العقلية...
^ لا أعرف إلى أي حد نجحتُ في خلق قالب خاص وفريد ومتصل بالتيمة الأساسية: هوية الفرد المسلم ما بعد العولمة و11 سبتمبر. أنا بالطبع علماني ولاديني ولا أشارك مصطفى ولعه بالدولة العثمانية، لكنني أظن ان هناك معنى لأن تكوني مسلمة كما أن هناك معنى لأن تكون القاهرة مدينة إسلامية. كانت فكرتي أن أعيد اختراع «اللغة الوسطى» للمؤرخين القاهريين من أمثال الجبرتي وابن إياس لكن بمنطق معاصر. هذا من ناحية، ومن ناحية أخرى كنت حريصاً على سرد حدوتة كاملة وإنجاز بناء محكم على المستوى الدرامي. الرواية الكلاسيكية (الغربية) لا تعنيني، أو لا تعنيني إلا من حيث يمكن أن تتقاطع أطروحاتها مع تراث الكتابة العربية وما ينطوي عليه من لاعقلانية (ألف ليلة) أو موسوعية (الأبشيهي) أو توظيف للوقائع والطرائف في التعامل مع أسئلة صعبة (الجاحظ) فضلاً عن تجاور مستويات الخطاب بما في ذلك الشعر مع النثر واليومي مع الفلسفي والاهتمام الذي تشيرين إليه وتسمينه مفرطاً بالإسناد والتدبيج والتوثيق المباشر.
في الرواية الكلاسيكية الغربية، واستباقاً لسؤالك التالي، استفدتُ من كل ما قرأته تقريباً – وبالذات دون كيخوته – ومع ذلك لا بد من ذكر دوستويفسكي على وجه الخصوص.
تأثرات
هل من تأثير لقراءاتك على كتابتك، ليس في الطغرى تحديداً بل في مجمل أعمالك، النصوص والشعر، من مُلهمك أكثر؟ هل يُعجبك كونديرا مثلاً؟
^ التأثير مسألة بديهية، السؤال هو كيف يحدث وإلى أي حد يخدم مشروعاً متفرداً. أظن إحدى خطايا الثقافة العربية المعاصرة هي التنصل لمن علمونا وبالذات من علمونا دون ان نراهم. لذلك ولأن الصيغة تسمح ثبّتُ ضمن الملاحق قائمة حاولت أن أجعلها وافية بأسماء الكتب والكتاب وغيرهم ممن أرى لهم مساهمة ملموسة في كتاب الطغرى.
لا أحب كونديرا كثيراً وأكره تأثيره الفج على جيلي من الروائيين في مصر، لكنني أرى روايتي في مساحة أدبية لا شك في أنه ساهم في خلقها – ومعه سلمان رشدي – وهي مساحة تتضمن أسماء عدة معظمها في تراث الأدب الغربي وإن انتمت لثقافات متعددة. أحب باموك أكثر كثيراً، ربما هناك صلة أعمق بباموك. كان لموراكامي أثر كبير على التداعي السردي عندي مع أنني لم أعد أطيق قراءته. ماركيز مثلاً غير موجود بالمرة في اعتقادي، لكن ساراماجو هناك وكذلك – ربما بدرجة أكبر – بورخيس. إيكو وكالفينو وكويتزي وفيليب روث أسماء أساسية، لكن أكثر من أثّرت فيّ قراءته منذ انتهائي من الطغرى هو روبيرتو بولانيو.
هذا فيما يخص الرواية كرواية، لكن ريشارت كابوشينسك كاتب الريبورتاج البولندي وبروس تشاتوين الإنكليزي الذي يستعصي على التصنيف – وهما أيضاً مجرد مثالين – كان لهما تأثير جذري على مقاربتي للأماكن. كذلك وليام دالريمبل وبول باولز على اختلافهما.
في اللغة العربية هناك روايات بعينها لا أستطيع أن أتخيل الكتابة دون أن أكون قد قرأتها – مثلاً: زقاق المدق، موسم الهجرة للشمال، الخبز الحافي... وفي ما يخص كتاب الطغرى بالتحديد: السائرون نياماً، والعلامة – لكن أكثر قراءاتي في العربية، فضلاً عن التراث الذي أتعامل معه بعشوائية تامة وأسترشد على طريقه بأمثال نصر أبو زيد وعبد الفتاح كيليطو، تظل شعراً؛ وأعتقد أن الشعر المعاصر – سركون بولص على وجه التحديد – هو مدخل رئيسي إلى علاقتي مع اللغة: شعر النثر خصوصاً. أدين في هذا المجال ل«جيل التسعينيات» المصري ولبعض الشعراء الذين لم يكتبوا شعراً من أمثال إبراهيم أصلان ويحيى الطاهر ومحمد المخزنجي فضلاً عن الماغوط ووديع سعادة في بلاد الشام. الشعر غير العربي أقرأه بالإنكليزية سواء في لغته الأصلية أو مترجماً: أظنني من زمرة بودلير ونسله اللانهائي (من رامبو إلى بارا) لكنني أحب أيضاً شعراء البيت جينيريشن الأمريكان، وتيد هيوز، وبيساوا طبعاً، والسورياليين الفرنسيين، والبولندي هيربيرت...
مقتربك في الحب، في الجنس تحديداً يتقلب بين الحنان والسادية. هل نكون برأيك، نحن تماماً على طبيعتنا الأصلية في الحب أكثر من أيّ أمر آخر؟
^ الجنس أروع شيء في الدنيا، ولروعته بالتأكيد صلة بمثل ذلك التقلب والتحرر والتطرف. في الجنس نكون أنفسنا بالشكل الوحيد الحقيقي في اعتقادي، لا أعرف إن كان هذا يعني طبيعتنا الأصلية أو أي حالة أخرى ملتصقة بوجودنا الأعمق والأجدى. الحب وإن كان شرطاً ليصبح الجنس على هيئته المبتغاة فهو مع ذلك أعقد بكثير؛ وكي لا أطيل في الحديث عن الفرق والذي لست متأكداً من معرفته سأستعين هنا ببعض فقرات مشروعي الروائي المقبل، «التماسيح»:
«ليلة الألفية، ولو بنصف وعي، كنتُ أعرف. كنت أعرف أن أجسادنا تدلّنا، تكشف لنا أسرارنا وتملي علينا هويتنا الأصدق في الحياة، وأن هذا فضلها حتى بعد أن تَفسد أو تشيخ. الآن... تأكد لي أن في الدنيا أشخاصاً لا يمكنهم أن يستدلّوا بأجسادهم مهما استخدموها أو ورّطوا الآخرين معهم بواسطتها؛ وبدا لي ذلك أكثر مأسوية من أي شيء... أكثر شيء يرعبني فكرة أن يكون لكل واحد فينا قصة أقل أو أكثر مأسوية تزامنت مع بداية وعيه بجسده سيظل يكرّرها إلى أن يموت، مرة بعد مرة بعد مرة، وبمرور السنين والأشخاص، يتضح أنه لم يحب أو يكره بقدر ما استعمل الآخرين بحسب قابليتهم لجعل هذه القصة واقعاً، لأن قصتهم يمكن أن تركب على قصته إلى حين. أكثر شيء يرعبني أن لا يكون هناك سوى ذلك الاستعمال... كنت أعرف أن في الدنيا شيئاً أثمن من سواه... لكنني عرفتُ أيضاً أن حصولك على هذا الشيء، ولو موقتاً، متوقّف على استعدادك لأن تثمّنه. أنت تثمنه وتخاطر بأن لا يثمنه الطرف الثاني بالقدر نفسه، وحين يسترخصه بما يكفي تكف؛ أقصى ما يمكن أن تفعل هو أن تحجّم نوازع الشر المتنامية... ومنذ منتصف التسعينيات وأنا أبحث في دائرتنا عن واحدة قادرة على الانحياز لذلك الشيء فعلاً بأي صدق، واحدة فقط من كل مَن يتحدثن عن الاستقلال والتجاوز يمكنها أن تتخلّى، في مقابل رغبة تقول عنها حباً وتعني ما تقوله، عن مكاسب من قبيل زوج ديوث أو أسرة متفسخة، مشروع حياة أقل أو أكثر تفاهة، مكانة اجتماعية تحملها صداقات رجالية بمنافعها، أو شهرة عبثية لدرجة الكوميديا لأنها محدودة بالدائرة.»
في سردك يختبئ الشعر هنا وهناك، مع ذلك نجدهُ مُوظفّاً بشكل جيّد في المقاطع، أي يخدم السرد ولا يُعاديه. هل تتقصّد بعض الشاعرية في مواضع من النصّ؟
^ سعيتُ في النص إلى نقل كل الحالات المحتملة لخطابي ككاتب: الريبورتاج والحوار والحكي فضلاً عن المقال والقصة القصيرة والقصيدة بل والبحث الأكاديمي على مستوى ما. وبنفس المنطق: العدمية والرومانسية والعقلانية والفانتازيا، النقد الاجتماعي جنباً إلى جنب مع الشاعرية. بالطبع للشعر مكان محوري في ذلك الخطاب: الشعر بمعنى الكلام الحلو، ببساطة شديدة، الكلام الذي تُفرح حلاوته سواء أكانت في الصوتيات أو في الصور أو في تركيب العبارة.
عودة إلى بداية كلامي حول تصوري للرواية، أظن من شروط الرواية أيضاً أن تتعدد نبرات الخطاب داخل النص الواحد ولو أن هناك تسريب للشعر إلى النثر وللنثر إلى شعر فمعنى هذا أنني وفقت. لكن بينما هو صحيح أنني أتقصد الشاعرية في بعض المواضع، صحيح أيضاً أنني أتقصد دحضها في مواضع أخرى. مع هذا التعدد والتباين ربما يبلغ النص درك الشعرية وهو ما يختلف عن الشاعرية بشكل كبير. يسعدني جداً أن يكون النص قد حقق الشعرية.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.