التعليم تطلق دورات تدريبية لمعلمي الابتدائي على المناهج المطورة عبر منصة (CPD)    رسميا.. جامعة الأزهر 2025 تفتتح أول كلية للبنات في مطروح وتعلن عن تخصصات جديدة    نشرة التوك شو| موجة حارة جديدة.. وشعبة السيارات تكشف سبب انخفاض الأسعار    فلسطين.. مدفعية الاحتلال تكثف قصفها وسط جباليا بالتزامن مع نسف مباني سكنية شمالي غزة    طارق فهمي: الإعلان الأممي عن تفشي المجاعة في غزة يعكس حجم الكارثة الإنسانية    بوتين: واثق أن خبرة ترامب ستسهم في استعادة العلاقات الثنائية بين بلدينا    وزير الخارجية الأردني: على إسرائيل رفع حصارها عن قطاع غزة والسماح بإيصال المساعدات    الإنتاج الحربي يستهل مشواره بالفوز على راية الرياضي في دوري المحترفين    المستشار القانوني للزمالك يتحدث عن.. التظلم على سحب أرض أكتوبر.. وأنباء التحقيق مع إدارة النادي    بهدف رويز.. باريس سان جيرمان ينجو من فخ أنجيه في الدوري الفرنسي    مواعيد مباريات دوري المحترفين المصري اليوم السبت    رسميا.. مدرسة صناعة الطائرات تعلن قوائم القبول للعام الدراسي الجديد 2025/ 2026    ويجز يشعل حماس جمهور حفله في العلمين الجديدة بأغنيتي "الأيام" و"الدنيا إيه"    ويجز يغنى الأيام من ألبومه الجديد.. والجمهور يغنى معه    مدحت صالح يتألق بغناء حبيبى يا عاشق وزى المليونيرات بحفله فى مهرجان القلعة    ابنة سيد مكاوي عن شيرين عبدالوهاب: فقدت تعاطفي بسبب عدم مسؤوليتها    5 تصريحات جريئة ل محمد عطية: كشف تعرضه للضرب من حبيبة سابقة ويتمنى عقوبة «مؤلمة» للمتحرشين    تنسيق الشهادات المعادلة 2025، قواعد قبول طلاب الثانوية السعودية بالجامعات المصرية    وزير الري يشارك في جلسة "القدرة على الصمود في مواجهة التغير المناخي بقطاع المياه"    في ظهوره الأول مع تشيلسي، إستيفاو ويليان يدخل التاريخ في الدوري الإنجليزي (فيديو)    تشيلسي يقسو على وست هام بخماسية في الدوري الإنجليزي (فيديو)    مصدر ليلا كورة: كهربا وقع عقدا مع القادسية الكويتي    غزل المحلة يبدأ استعداداته لمواجهة الأهلي في الدوري.. صور    ارتفاع الكندوز 39 جنيها، أسعار اللحوم اليوم في الأسواق    اليوم، دار الإفتاء تستطلع هلال شهر ربيع الأول لعام 1447 هجريا    سليم غنيم يحافظ على الصدارة للعام الثاني في سباقات الحمام الزاجل الدولية    في لحظات.. شقة تتحول إلى ساحة من اللهب والدخان    سعر الأرز والسكر والسلع الأساسية في الأسواق اليوم السبت 23 أغسطس 2025    استقالة وزير الخارجية الهولندي بسبب موقف بلاده من إسرائيل    إسرائيل تشن هجومًا على مخازن تابعة لحزب الله في لبنان    قطع المياه عن بعض المناطق بأكتوبر الجديدة لمدة 6 ساعات    خطة عاجلة لتحديث مرافق المنطقة الصناعية بأبو رواش وتطوير بنيتها التحتية    تحت عنوان كامل العدد، مدحت صالح يفتتح حفله على مسرح المحكي ب "زي ما هي حبها"    3 أبراج على موعد مع التفاؤل اليوم: عالم جديد يفتح الباب أمامهم ويتلقون أخبارا مشجعة    خيرى حسن ينضم إلى برنامج صباح الخير يا مصر بفقرة أسبوعية على شاشة ماسبيرو    المنوفية تقدم أكثر من 2.6 مليون خدمة طبية ضمن حملة 100 يوم صحة    صحة المنوفية تواصل حملاتها بسرس الليان لضمان خدمات طبية آمنة وذات جودة    كتر ضحك وقلل قهوة.. طرق للتخلص من زيادة هرمون التوتر «الكورتيزول»    نجاح عملية جراحية دقيقة لاستئصال ورم ليفي بمستشفى القصاصين فى الإسماعيلية    نتيجة تنسيق رياض الأطفال والصف الأول الابتدائي الأزهر الشريف 2025 خلال ساعات.. «رابط مباشر»    سعر الدولار الآن أمام الجنيه والعملات العربية والأجنبية السبت 23 أغسطس 2025    قدم لكلية الطب وسبقه القدر.. وفاة طالب أثناء تركيبه ميكروفون لمسجد في قنا    ظهور مفاجئ ل «منخفض الهند».. تحذير بشأن حالة الطقس اليوم: القاهرة تُسجل 40 مئوية    القضاء على بؤرة إجرامية خطرة بأشمون خلال تبادل النار مع قوات الشرطة    ضبط 1954 مخالفة ورفع كفاءة طريق «أم جعفر – الحلافي» ورصف شارع الجيش بكفر الشيخ    أخبار × 24 ساعة.. موعد انطلاق العام الدراسى الجديد بالمدارس الدولية والرسمية    مقتل عنصر من الأمن السورى فى هجوم انتحارى نفذه "داعش" بدير الزور    أهم أخبار العالم والعرب حتى منتصف الليل.. الدفاع الروسية: سيطرنا على 9 بلدات فى أوكرانيا خلال أسبوع .. وزيرة خارجية سلوفينيا: المجاعة مرحلة جديدة من الجحيم فى غزة.. إسرائيل عطلت 60 محطة تحلية مياه فى غزة    منها الإقلاع عن التدخين.. 10 نصائح للحفاظ على صحة عينيك مع تقدمك فى العمر (تعرف عليها)    خدعوك فقالوا: «الرزق مال»    هل يجوز شرعًا معاقبة تارك صلاة الجمعة بالسجن؟.. أحمد كريمة يجيب    هل إفشاء السر بدون قصد خيانة أمانة وما حكمه؟ أمين الفتوى يجيب    خطيب الجامع الأزهر: أعداء الأمة يحاولون تزييف التاريخ ونشر اليأس    شنوان.. القرية التي جعلت من القلقاس جواز سفر إلى العالم| صور    محافظ مطروح ورئيس جامعة الأزهر يفتتحان كلية البنات الأزهرية بالمحافظة    إمام مسجد بكفر الشيخ: لابد أن نقتدى بالرسول بلغة الحوار والتفكير المنضبط.. فيديو    رابطة الصحفيين أبناء الدقهلية تؤكد انحيازها التام لحرية الإعلام    سعر طن الحديد الاستثماري وعز والأسمنت بسوق مواد البناء اليوم الجمعة 22 أغسطس 2025    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



مبدعون: لا ضوابط تحكم دور النشر خاصة أو حكومية
نشر في صوت البلد يوم 23 - 08 - 2020

لا تزال علاقة دور النشر بالكتاب والمبدعين مصريا وعربيا تشوبها الكثير من الأزمات، وتواجهها الكثير من المعوقات حيث لا توجد في أغلب الأحيان ضوابط حاكمة تحمي الناشر أو الكاتب والمبدع، الأمر الذي جعل كل منهما محل اتهام من الآخر، فأغلب دور النشر الخاصة تطالب بالدفع مقابل النشر، وتلك التي لا تطلب المال لا تعطي (تأكل) الحقوق بدم بارد، هذا على مستوى دور النشر الخاصة، أما دور النشر الحكومية التي تبدو من الخارج ذات ضوابط، فعلاقتها مع الكاتب والمبدع هي الأسوأ على الإطلاق، حيث تحكم ضوابطها العلاقات الخاصة والشللية والهوى والنفوذ والمزاج الشخصي للمسئول. وهكذا يتم وضع الكاتب والمبدع بين شقي رحي.
وفي هذا التحقيق نحاول تلمس المعوقات التي تؤرق الكاتب والمبدع في علاقته مع دور النشر خاصة وحكومية.
بداية ترى الشاعرة المغربية زكية المرموق أن الأديب في أوطاننا العربية شخص هامشي لا يرتقي لرجل السياسة أو الدين، لأن الثقافة آخر شيء يفكر به هنا، وبالتالي فالميزانية المخولة لوزارة الثقافة لا ترتقي لتطلعات الأدباء. أما قضية النشر مع دور النشر الحكومية فمما يؤسف له أنها محكومة بالعلاقات ومنطق الشللية والولاءات للأسف، لذا فالأديب الحر يلجأ الى دور النشر الخاصة ويطبع من ماله الخالص، وهذا ما قمت به، نشرت أربعة دواوين شعرية من مالي الخاص، والآن أبحث عن دار نشر محترمة كي تقوم بطباعة ديواني الخامس.
وتؤكد أن أزمة المؤلف تتسع يوماً تلو آخر مع دور النشر الخاصة والحكومية خاصة بعد أن تخلت الكثير من هذه الدور عن جديتها في التعامل مع الضوابط المهنية الناجعة، والتي كانت تمارسها دور النشر الرصينة فيما قبل. وهناك سببان رئيسان في تفشي هذا التخلي الذي أصبح يضارع الظاهرة، أولهما كثرة النشر على حساب النوع، والآخر يتعلق بالدار ذاتها بعد أن أصبحت الكثير من دور النشر الخاصة، ولا أقول كلها تنحو منحى تجارياً، ما يهمها فقط كم تكسب من هذه العملية التجارية التي تسمى النشر. أما بالنسبة للحكومية فهي عادة ما تدور ضمن الأطر الأيديولوجية التي تحددها الحكومة وما تفرضه العلاقات الشللية المعروفة حيث يكابد المبدع الحر من هذه الممارسات المقيتة.
وفي سياق تجربته مع النشر يقول د.حسام الضمراني: تمثلت المعوقات التي تواجهني عند نشر مؤلفاتي في دور النشر الخاصة في الأرقام المالية الكبيرة والمبالغ فيها التي يطلبها أصحاب دور النشر، والتي تتضمن "تصميم غلاف العمل، ومراجعته، وطباعته"، كذلك تسويق العمل بعد طباعته، حيث تفتقر غالبية دور النشر الخاصة - خاصة المتوسطة والصغيرة منها - للخطط التسويقية للعمل حتى يصل إلى القارئ المستهدف. أما أبرز المعوقات التي يواجها الكاتب عند عرض عمله على قطاعات النشر الحكومية تتمثل في تأخير البت في العمل؛ ما إذا كان قبل للطباعة أم تم رفضه، كذلك لا يوجد خطة زمنية لترتيب الأعمال المقدمة للنشر من خلالها وإعطاء المؤلف موعداً زمنياً محدداً لطباعة عمله، حيث مازالت تسود "الشللية" على علاقات العمل بين المؤلف والناشر الحكومي، إضافة الى افتقار دور النشر الحكومية للخطة التسويقية بشكل كبير، كذلك رداءة العمل على مستوى تصميمه وإخراجه بالشكل المطلوب.
ويشير إلى أن أبرز المعوقات المشتركة بين دور النشر الخاصة والحكومية، هي أنه إذا كان لديك عمل يتناول قضايا متخصصة للأسف الشديد قد لا يقبل، وقد علمت بحكم عملي كصحفي وباحث أن هناك بعض الأصدقاء المتخصصين مثلًا في مجالات العلوم التطبيقية لم تقبل أعمالهم للنشر في القطاعين الخاص والحكومي. أيضًا من بين المعوقات التي أواجها من قبل دور النشر الخاصة والحكومة تتمثل في سرقة العمل إلكترونياً دون أي حفاظ على حقوق الملكية الفكرية لي كمؤلف العمل، كذلك قد لا أستطيع إصدار طبعة ثانية من العمل بسبب صعوبة تسويقه، وهو ما قد يجعل الطبعة الأولى في أرفف المكتبات لأوقات طويلة.
وتقول الشاعرة الجزائرية سيليا عيساوي إن وضعية ومعوقات النشر تختلف باختلاف دور النشر، فلكل دار خبرتها ولكل منها طاقمها التقييمي، ولكل منها مدققها اللغوي حيث تختلف القدرات عامة بين دار وأخرى. المعوقات بصفة عامة مالية وقوانين ربما تعجيزية كطلب الخبرة من الكاتب "أي ضرورة مشاركة الكاتب بعمل أدبي ما في معرض أو في ملتقيات أدبية"، وكذلك قوانين تعاقدية تخص النشر والأرباح واحتكار ملكية العمل المنشور لمدة طويلة، دون أن نذكر الجوانب الفنية كنوع الورق والخط والتنظيم والتوزيع والنشر والإشهار.
وانطلاقا من تجربته يوضح الشاعر المصري حسني الإتلاتي أن النشر الحكومي محبط لأي مبدع، فأنت مطالب بثلاث نسخ ورقية مع "سي دي" مكتوب عليه العمل في ملف وورد، لتدخل بعد ذلك في روتين الفحص ثم روتين الدور الذي قد يصل لسنوات الأمر الذي ينعكس سلبًا على الكاتب وكتابه، فقد تتجاوز رؤية المبدع للعمل بعد سنة أو اثنتين في حين كان متحمسا لها وقتها. يقال الكثير عن العلاقات التي تسمح لهذا أو ذاك بتعدد مرات النشر وتحرم هذا من مرة واحدة، لكن يدل الكتاب الصادر عنهما للحق هو الأخرس والأكثر انتشارا وإتاحة أمام الجمهور، أيضًا هناك سلاسل كثيرة في الهيئات لها شروط عمرية تحت الأربعين أو الخمسة والثلاثين، وهذا خطأ فربما مبدع من الأقاليم اتخذ خطوة النشر متأخرا.
ويضيف: أما عن دور النشر الخاصة فمشكلتها هي عدم المصداقية، تطلب منك مبالغ مالية طائلة ولا تفي بالنسخ المطلوبة، وأحيانًا تخدعك فتجمع وتصور ولا تطبع. أيضا هناك مشكلة التسويق حيث إن معظمها لا تملك منافذ للبيع كتلك التي تملكها دور النشر الحكومية، علاوة على أن سعر النسخة مبالغ فيه جدا، سمعت عن دواوين وكتب ثمنها يبدأ ب 50 جنيها حتى 150 جنيها، وهذا كارثي للقارئ، يضاف إلى ذلك أن معظم الكتاب والمبدعين فقراء إلا ما رحم ربي، فهم بين نارين؛ الانتظار أمام سلاسل الحكومة أو اقتطاع جزء من قوت عيالهم للنشر الخاص. كلمة حق هناك دور نشر خاصة بدأت توثق الإبداعات في نسخ محدودة حسب طلب المبدع وحسب قدرته المادية وهذه فكرة طيبة ،لا نعفي المناخ الاقتصادي والثقافي العام الذي أرهق الناس فجعل اقتناء كتاب رفاهية لا وقت لها.
ويحدد الشاعر والباحث المغربي سليمان محمد تهراست أهم العوائق التي تواجه الكتاب المقبلين على النشر في: أولا عدم وجود دور للنشر تعترف بكل الطاقات الإبداعية، فأغلبها يقتصر على "علية الكتاب" المغمورين، فدور النشر أصبحت تعترف بالأسماء مغيبة المحتوى، فأصبح فعل القراءة فعلا مرتبطا بالاسم لا بالمقروء، مما يؤثر سلبا على الوعي القرائي عامة. ثانيا؛ ارتفاع تكلفة النشر، بحيث يصبح الكاتب ملزما بتقديم مبالغ مالية مهمة للدار، بغية إخراج مصنفه إلى الوجود، إذاك يصطدم المبدع بالواقع المر، مما يعود بنكسة نفسية مؤثرة تبلغ حد الامتناع عن مواصلة فعل الكتابة، وهنا أتساءل بحرقة: متى كان المبدع المهمش يدفع من أجل إصدار إبداعه؟
ثالثًا؛ العلاقة الاهتزازية بين الكاتب والناشر، في الوعي الجمعي للكتاب، فالناشر يتلقى دعمًا ماليًا مهمًّا من وزارة الثقافة والكاتب لا يأخذ إلا الفتات، ولعلّ هذا راجع في نظري إلى عدم وجود الرقابة والمحاسبة، والمساطير الضامنة لحقوق الطرفين. رابعا؛ أزمة القراءة، والتوجه إلى الكتاب الإلكتروني، بحيث إن القارئ العربي عموما لم يعد يقرأ إلا النزر القليل، وإذا قرأ يكون محكومًا بإطار البحث، وجل مقروئة عبارة عن كتب إلكترونية "pdf" مما طرح إشكالية تراجع الكتاب الورقي.
وتلفت الشاعرة آلاء فوده إلى تجربتها فتقول: قبل فوز ديواني بجائزة جريدة أخبار الأدب، نشرت الجريدة وقتها أن من حيثيات الجائزة أن الأعمال الفائزة سوف يتاح لها فرصة النشر بالهيئة العامة للكتاب وهيئة قصور الثقافة، في البدء تخيلت أن الأمر سيمر بشكل روتيني بمعنى أن إحدى الهيئتين ستتولى مهمة النشر بالتعاون مع الجريدة مع إخطار الكاتب ليكون له حق الموافقة أم لا. في الحقيقة كنت أظن الحياة وردية، ولأنني وقتها كنت أعيش خارج مصر، فكان التواصل مع هيئات النشر أمرا صعبا نسبيًا، توسط لي أصدقاء كثر لدور نشر خاصة؛ أتذكر أن دارا منهن أرسلت أن خطة النشر مكتملة حتى 2020، ودارا أخرى طلبت مبلغا ماليا كبيرا نسبياً. وفي هذه الأحيان اقترح علي بعض الأصدقاء أن أنشر داخل الهيئة ضمن سلسلة تنشر قصيدة النثر، ووقتها راسلت القائمين على هذه السلسلة، وطلبوا مني إرسال الديوان، وبعد فترة طويلة من الإرسال، جاءني الرد أن الديوان جيد ولاقى استحسان القائمين على النشر، لكن خطة النشر متوقفة الآن والديوان سيتأخر كثيرا، ونصحني بأن أطرق بابًا آخر. في الحقيقة ولظروف عدة منها اغترابي وبُعدي عن القاهرة وقلة علاقاتي في الوسط الأدبي زهدت في فكرة النشر، وأيقنت بداخلي أن الحياة تتغير، وأن الكتاب الورقي لم يعد هو الوسيلة الوحيدة للانتشار وللقراءة، وأن حائط الفيسبوك يُعد أكثر حضورًا ومرونةً من الكتب الورقية والمجلات، ونسيت تماما فكرة النشر.
وتضيف: حتى شهر أبريل/نيسان 2019 حين هاتفني أحد الأصدقاء سائلًا إياي عن مصير الديوان وأخبرته أنني لا أرغب بالنشر، فعرض عليّ أن يمكنه التوسط لي في الهيئة العامة للكتاب بغرض نشر الديوان، وبالفعل أرسلت الديوان في شهر مايو/آيار للهيئة وتابعت مع أحد الموظفين المختصين هناك على أمل أن يتم النشر في أقرب وقت. طالت فترة الانتظار وكثرت الاتصالات الهاتفية ولم يحدث شيئًا، في هذه الفترة بدأت أشعر بأن ديواني مهدد، أنشر منه قصائد على الفيسبوك لتصبح مشاعًا على العام يقتنص منها القاصي والداني وتتعرض للسرقات دون توثيقٍ بأن هذه الكتابة تعود لي وهي ملكي بالأساس وبدون كتابٍ منشور وموثق. حينها كتبت منشورًا على الفيسبوك أنتقد التأخير غير المبرر للنشر بعد مرور ثمانية أشهر على إرسالي الديوان، عندها تلقيت رسالةً من أحد الأصدقاء بأنه سيتابع أمر الديوان بنفسه وبالفعل راسلني بعدها بأن الديوان حصل على الموافقة بالنشر وبعدها انتقل الديوان لإدارة النشر.
ويرى الشاعر والناقد حسني التهامي أن المعوقات التي تواجه الكاتب والمبدع عند نشر أي مؤلف كثيرة، منها التأخير في تسليم الكتاب وعدم الالتزام بالموعد المتفق عليه. ويقول "في بداية مشواري الأدبي كانت دور النشر تطبع ألف نسخة تسوقها، وتسلمني منها 200 نسخة، والآن تقلص العدد إلى أقل من النصف، ففي الوقت الذي يصل طباعة الكتاب في الدول الأوربية إلى عشرين ألف نسخة وأكثر من ذلك، في عالمنا العربي تتضاءل أعداد النسخ المطبوعة للكتاب وهذا أمر محبط للمبدع.
وأوضح أنه بالنسبة لدور النشر الحكومية فلي تجربة معها حيث أرسلت إلى إحداها كتابًا جديدًا منذ أشهر وإلى الآن لم يأت رد بالقبول أو الرفض، وهذا في حد ذاته معاناة حقيقية لأي مبدع لأنه يجدف وحده بلا معين كي ينقل تجربته الإبداعية إلى القارئ العربي ويساهم في تشكيل المشهد الثقافي في وطنه.
لا تزال علاقة دور النشر بالكتاب والمبدعين مصريا وعربيا تشوبها الكثير من الأزمات، وتواجهها الكثير من المعوقات حيث لا توجد في أغلب الأحيان ضوابط حاكمة تحمي الناشر أو الكاتب والمبدع، الأمر الذي جعل كل منهما محل اتهام من الآخر، فأغلب دور النشر الخاصة تطالب بالدفع مقابل النشر، وتلك التي لا تطلب المال لا تعطي (تأكل) الحقوق بدم بارد، هذا على مستوى دور النشر الخاصة، أما دور النشر الحكومية التي تبدو من الخارج ذات ضوابط، فعلاقتها مع الكاتب والمبدع هي الأسوأ على الإطلاق، حيث تحكم ضوابطها العلاقات الخاصة والشللية والهوى والنفوذ والمزاج الشخصي للمسئول. وهكذا يتم وضع الكاتب والمبدع بين شقي رحي.
وفي هذا التحقيق نحاول تلمس المعوقات التي تؤرق الكاتب والمبدع في علاقته مع دور النشر خاصة وحكومية.
بداية ترى الشاعرة المغربية زكية المرموق أن الأديب في أوطاننا العربية شخص هامشي لا يرتقي لرجل السياسة أو الدين، لأن الثقافة آخر شيء يفكر به هنا، وبالتالي فالميزانية المخولة لوزارة الثقافة لا ترتقي لتطلعات الأدباء. أما قضية النشر مع دور النشر الحكومية فمما يؤسف له أنها محكومة بالعلاقات ومنطق الشللية والولاءات للأسف، لذا فالأديب الحر يلجأ الى دور النشر الخاصة ويطبع من ماله الخالص، وهذا ما قمت به، نشرت أربعة دواوين شعرية من مالي الخاص، والآن أبحث عن دار نشر محترمة كي تقوم بطباعة ديواني الخامس.
وتؤكد أن أزمة المؤلف تتسع يوماً تلو آخر مع دور النشر الخاصة والحكومية خاصة بعد أن تخلت الكثير من هذه الدور عن جديتها في التعامل مع الضوابط المهنية الناجعة، والتي كانت تمارسها دور النشر الرصينة فيما قبل. وهناك سببان رئيسان في تفشي هذا التخلي الذي أصبح يضارع الظاهرة، أولهما كثرة النشر على حساب النوع، والآخر يتعلق بالدار ذاتها بعد أن أصبحت الكثير من دور النشر الخاصة، ولا أقول كلها تنحو منحى تجارياً، ما يهمها فقط كم تكسب من هذه العملية التجارية التي تسمى النشر. أما بالنسبة للحكومية فهي عادة ما تدور ضمن الأطر الأيديولوجية التي تحددها الحكومة وما تفرضه العلاقات الشللية المعروفة حيث يكابد المبدع الحر من هذه الممارسات المقيتة.
وفي سياق تجربته مع النشر يقول د.حسام الضمراني: تمثلت المعوقات التي تواجهني عند نشر مؤلفاتي في دور النشر الخاصة في الأرقام المالية الكبيرة والمبالغ فيها التي يطلبها أصحاب دور النشر، والتي تتضمن "تصميم غلاف العمل، ومراجعته، وطباعته"، كذلك تسويق العمل بعد طباعته، حيث تفتقر غالبية دور النشر الخاصة - خاصة المتوسطة والصغيرة منها - للخطط التسويقية للعمل حتى يصل إلى القارئ المستهدف. أما أبرز المعوقات التي يواجها الكاتب عند عرض عمله على قطاعات النشر الحكومية تتمثل في تأخير البت في العمل؛ ما إذا كان قبل للطباعة أم تم رفضه، كذلك لا يوجد خطة زمنية لترتيب الأعمال المقدمة للنشر من خلالها وإعطاء المؤلف موعداً زمنياً محدداً لطباعة عمله، حيث مازالت تسود "الشللية" على علاقات العمل بين المؤلف والناشر الحكومي، إضافة الى افتقار دور النشر الحكومية للخطة التسويقية بشكل كبير، كذلك رداءة العمل على مستوى تصميمه وإخراجه بالشكل المطلوب.
ويشير إلى أن أبرز المعوقات المشتركة بين دور النشر الخاصة والحكومية، هي أنه إذا كان لديك عمل يتناول قضايا متخصصة للأسف الشديد قد لا يقبل، وقد علمت بحكم عملي كصحفي وباحث أن هناك بعض الأصدقاء المتخصصين مثلًا في مجالات العلوم التطبيقية لم تقبل أعمالهم للنشر في القطاعين الخاص والحكومي. أيضًا من بين المعوقات التي أواجها من قبل دور النشر الخاصة والحكومة تتمثل في سرقة العمل إلكترونياً دون أي حفاظ على حقوق الملكية الفكرية لي كمؤلف العمل، كذلك قد لا أستطيع إصدار طبعة ثانية من العمل بسبب صعوبة تسويقه، وهو ما قد يجعل الطبعة الأولى في أرفف المكتبات لأوقات طويلة.
وتقول الشاعرة الجزائرية سيليا عيساوي إن وضعية ومعوقات النشر تختلف باختلاف دور النشر، فلكل دار خبرتها ولكل منها طاقمها التقييمي، ولكل منها مدققها اللغوي حيث تختلف القدرات عامة بين دار وأخرى. المعوقات بصفة عامة مالية وقوانين ربما تعجيزية كطلب الخبرة من الكاتب "أي ضرورة مشاركة الكاتب بعمل أدبي ما في معرض أو في ملتقيات أدبية"، وكذلك قوانين تعاقدية تخص النشر والأرباح واحتكار ملكية العمل المنشور لمدة طويلة، دون أن نذكر الجوانب الفنية كنوع الورق والخط والتنظيم والتوزيع والنشر والإشهار.
وانطلاقا من تجربته يوضح الشاعر المصري حسني الإتلاتي أن النشر الحكومي محبط لأي مبدع، فأنت مطالب بثلاث نسخ ورقية مع "سي دي" مكتوب عليه العمل في ملف وورد، لتدخل بعد ذلك في روتين الفحص ثم روتين الدور الذي قد يصل لسنوات الأمر الذي ينعكس سلبًا على الكاتب وكتابه، فقد تتجاوز رؤية المبدع للعمل بعد سنة أو اثنتين في حين كان متحمسا لها وقتها. يقال الكثير عن العلاقات التي تسمح لهذا أو ذاك بتعدد مرات النشر وتحرم هذا من مرة واحدة، لكن يدل الكتاب الصادر عنهما للحق هو الأخرس والأكثر انتشارا وإتاحة أمام الجمهور، أيضًا هناك سلاسل كثيرة في الهيئات لها شروط عمرية تحت الأربعين أو الخمسة والثلاثين، وهذا خطأ فربما مبدع من الأقاليم اتخذ خطوة النشر متأخرا.
ويضيف: أما عن دور النشر الخاصة فمشكلتها هي عدم المصداقية، تطلب منك مبالغ مالية طائلة ولا تفي بالنسخ المطلوبة، وأحيانًا تخدعك فتجمع وتصور ولا تطبع. أيضا هناك مشكلة التسويق حيث إن معظمها لا تملك منافذ للبيع كتلك التي تملكها دور النشر الحكومية، علاوة على أن سعر النسخة مبالغ فيه جدا، سمعت عن دواوين وكتب ثمنها يبدأ ب 50 جنيها حتى 150 جنيها، وهذا كارثي للقارئ، يضاف إلى ذلك أن معظم الكتاب والمبدعين فقراء إلا ما رحم ربي، فهم بين نارين؛ الانتظار أمام سلاسل الحكومة أو اقتطاع جزء من قوت عيالهم للنشر الخاص. كلمة حق هناك دور نشر خاصة بدأت توثق الإبداعات في نسخ محدودة حسب طلب المبدع وحسب قدرته المادية وهذه فكرة طيبة ،لا نعفي المناخ الاقتصادي والثقافي العام الذي أرهق الناس فجعل اقتناء كتاب رفاهية لا وقت لها.
ويحدد الشاعر والباحث المغربي سليمان محمد تهراست أهم العوائق التي تواجه الكتاب المقبلين على النشر في: أولا عدم وجود دور للنشر تعترف بكل الطاقات الإبداعية، فأغلبها يقتصر على "علية الكتاب" المغمورين، فدور النشر أصبحت تعترف بالأسماء مغيبة المحتوى، فأصبح فعل القراءة فعلا مرتبطا بالاسم لا بالمقروء، مما يؤثر سلبا على الوعي القرائي عامة. ثانيا؛ ارتفاع تكلفة النشر، بحيث يصبح الكاتب ملزما بتقديم مبالغ مالية مهمة للدار، بغية إخراج مصنفه إلى الوجود، إذاك يصطدم المبدع بالواقع المر، مما يعود بنكسة نفسية مؤثرة تبلغ حد الامتناع عن مواصلة فعل الكتابة، وهنا أتساءل بحرقة: متى كان المبدع المهمش يدفع من أجل إصدار إبداعه؟
ثالثًا؛ العلاقة الاهتزازية بين الكاتب والناشر، في الوعي الجمعي للكتاب، فالناشر يتلقى دعمًا ماليًا مهمًّا من وزارة الثقافة والكاتب لا يأخذ إلا الفتات، ولعلّ هذا راجع في نظري إلى عدم وجود الرقابة والمحاسبة، والمساطير الضامنة لحقوق الطرفين. رابعا؛ أزمة القراءة، والتوجه إلى الكتاب الإلكتروني، بحيث إن القارئ العربي عموما لم يعد يقرأ إلا النزر القليل، وإذا قرأ يكون محكومًا بإطار البحث، وجل مقروئة عبارة عن كتب إلكترونية "pdf" مما طرح إشكالية تراجع الكتاب الورقي.
وتلفت الشاعرة آلاء فوده إلى تجربتها فتقول: قبل فوز ديواني بجائزة جريدة أخبار الأدب، نشرت الجريدة وقتها أن من حيثيات الجائزة أن الأعمال الفائزة سوف يتاح لها فرصة النشر بالهيئة العامة للكتاب وهيئة قصور الثقافة، في البدء تخيلت أن الأمر سيمر بشكل روتيني بمعنى أن إحدى الهيئتين ستتولى مهمة النشر بالتعاون مع الجريدة مع إخطار الكاتب ليكون له حق الموافقة أم لا. في الحقيقة كنت أظن الحياة وردية، ولأنني وقتها كنت أعيش خارج مصر، فكان التواصل مع هيئات النشر أمرا صعبا نسبيًا، توسط لي أصدقاء كثر لدور نشر خاصة؛ أتذكر أن دارا منهن أرسلت أن خطة النشر مكتملة حتى 2020، ودارا أخرى طلبت مبلغا ماليا كبيرا نسبياً. وفي هذه الأحيان اقترح علي بعض الأصدقاء أن أنشر داخل الهيئة ضمن سلسلة تنشر قصيدة النثر، ووقتها راسلت القائمين على هذه السلسلة، وطلبوا مني إرسال الديوان، وبعد فترة طويلة من الإرسال، جاءني الرد أن الديوان جيد ولاقى استحسان القائمين على النشر، لكن خطة النشر متوقفة الآن والديوان سيتأخر كثيرا، ونصحني بأن أطرق بابًا آخر. في الحقيقة ولظروف عدة منها اغترابي وبُعدي عن القاهرة وقلة علاقاتي في الوسط الأدبي زهدت في فكرة النشر، وأيقنت بداخلي أن الحياة تتغير، وأن الكتاب الورقي لم يعد هو الوسيلة الوحيدة للانتشار وللقراءة، وأن حائط الفيسبوك يُعد أكثر حضورًا ومرونةً من الكتب الورقية والمجلات، ونسيت تماما فكرة النشر.
وتضيف: حتى شهر أبريل/نيسان 2019 حين هاتفني أحد الأصدقاء سائلًا إياي عن مصير الديوان وأخبرته أنني لا أرغب بالنشر، فعرض عليّ أن يمكنه التوسط لي في الهيئة العامة للكتاب بغرض نشر الديوان، وبالفعل أرسلت الديوان في شهر مايو/آيار للهيئة وتابعت مع أحد الموظفين المختصين هناك على أمل أن يتم النشر في أقرب وقت. طالت فترة الانتظار وكثرت الاتصالات الهاتفية ولم يحدث شيئًا، في هذه الفترة بدأت أشعر بأن ديواني مهدد، أنشر منه قصائد على الفيسبوك لتصبح مشاعًا على العام يقتنص منها القاصي والداني وتتعرض للسرقات دون توثيقٍ بأن هذه الكتابة تعود لي وهي ملكي بالأساس وبدون كتابٍ منشور وموثق. حينها كتبت منشورًا على الفيسبوك أنتقد التأخير غير المبرر للنشر بعد مرور ثمانية أشهر على إرسالي الديوان، عندها تلقيت رسالةً من أحد الأصدقاء بأنه سيتابع أمر الديوان بنفسه وبالفعل راسلني بعدها بأن الديوان حصل على الموافقة بالنشر وبعدها انتقل الديوان لإدارة النشر.
ويرى الشاعر والناقد حسني التهامي أن المعوقات التي تواجه الكاتب والمبدع عند نشر أي مؤلف كثيرة، منها التأخير في تسليم الكتاب وعدم الالتزام بالموعد المتفق عليه. ويقول "في بداية مشواري الأدبي كانت دور النشر تطبع ألف نسخة تسوقها، وتسلمني منها 200 نسخة، والآن تقلص العدد إلى أقل من النصف، ففي الوقت الذي يصل طباعة الكتاب في الدول الأوربية إلى عشرين ألف نسخة وأكثر من ذلك، في عالمنا العربي تتضاءل أعداد النسخ المطبوعة للكتاب وهذا أمر محبط للمبدع.
وأوضح أنه بالنسبة لدور النشر الحكومية فلي تجربة معها حيث أرسلت إلى إحداها كتابًا جديدًا منذ أشهر وإلى الآن لم يأت رد بالقبول أو الرفض، وهذا في حد ذاته معاناة حقيقية لأي مبدع لأنه يجدف وحده بلا معين كي ينقل تجربته الإبداعية إلى القارئ العربي ويساهم في تشكيل المشهد الثقافي في وطنه.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.