آخر كلمات الفنان لطفى لبيب قبل وفاته..متقلقوش عليا وراض بكل شىء    "حماة الوطن" يدعو المصريين بالخارج إلى المشاركة بكثافة في انتخابات "الشيوخ"    مخطط رأس الأفعى الإخوانية.. مصر تخوض معركة جديدة ضد التنظيم الإرهابي سلاحها الإعلام والفكر    دقت ساعة الحسم    «العمل» توفر فرص توظيف بمصنع هياكل معدنية في الأردن (الرواتب والمزايا)    وظائف الإسكان 2025.. التخصصات المطلوبة والشروط وآخر موعد للتقديم    وزيرة التخطيط والتعاون تطلق "منصة بيانات أهداف التنمية المستدامة بالمحافظات"    احسب قبضك.. تغذية ماكينات الATM لصرف معاشات أغسطس بالزيادة الجديدة خلال ساعات بالإسكندرية    النيابة العامة: الاتجار بالبشر جريمة منظمة تتطلب مواجهة شاملة    رصد أول موجة تسونامي في كاليفورنيا الأمريكية    الخارجية الفلسطينية: إعلان نيويورك فرصة تاريخية لتجسيد حل الدولتين    ملحمة مصرية ل«دعم غزة»    لافتة هادئة.. لاعبو ليفربول يرتدون قمصانا خاصة في مباراة اليوم    الزمالك يستعد للإعلان عن صفقة جديدة اليوم    "سمعنا كلام كتير".. شوبير يكشف تحرك الأهلي سريعا تجاه إمام عاشور    مصرع 3 فتيات وإصابة 14 في حادث انقلاب ميني باص على الصحراوي الشرقي بالمنيا    الأرصاد تُعلن تراجع الحرارة والقاهرة تسجل 35 درجة    انتشال جثمان غريق شهر العسل في الإسكندرية    بسبب السير عكس الاتجاه.. إصابة 5 أشخاص في تصادم 4 سيارات على الطريق الزراعي بالقليوبية    امتحانات تمهيدية.. تعليمات هامة من "التعليم" بشأن طلاب رياض أطفال المصريين بالخارج    تنسيق المرحلة الأولى 2025.. 3 خطوات للحصول على بطاقة الترشيح ورابط تحميلها    «التضامن» تستعرض جهود «التدخل السريع» في عدد من المحافظات    ما معنى (ورابطوا) في قوله تعالى (يا أيها الذين آمنوا اصبروا وصابروا ورابطوا)؟.. عالم أزهري يوضح    علي جمعة يكشف عن حقيقة إيمانية مهمة وكيف نحولها إلى منهج حياة    هل التفاوت بين المساجد في وقت ما بين الأذان والإقامة فيه مخالفة شرعية؟.. أمين الفتوى يجيب    «الرعاية الصحية» تطلق مشروع «رعايتك في بيتك» لخدمة المواطنين بمنازلهم    محافظ أسوان يوجه بسرعة الانتهاء من مبنى الغسيل الكلوي فى مستشفى كوم أمبو    مسؤول مستشفيات الأمانة الطبية بالإسكندرية: جاهزون لتطبيق منظومة التأمين الصحي الشامل    من هم «بنو معروف» المؤمنون بعودة «الحاكم بأمر الله»؟!    - هجوم بالشوم على موظف في قرية أبو صير بالبدرشين    أول رواية كتبها نجيب محفوظ وعمره 16 سنة!    «البترول» تعلن السيطرة على حريق سفينة حاويات بمنطقة رأس غارب    33 لاعبا فى معسكر منتخب 20 سنة استعدادا لكأس العالم    نجاح 37 حكمًا و51 مساعدًا في اختبارات اللياقة البدنية    رابطة الأندية: لن نلغي الهبوط في الموسم الجديد    ليلى علوي تعيد ذكريات «حب البنات» بصور نادرة من الكواليس    انخفاض أرباح مرسيدس-بنز لأكثر من النصف في النصف الأول من 2025    وزير الخارجية يبحث مع سيناتور أمريكي شواغل مصر حول السد الإثيوبى    ملك المغرب يؤكد استعداد بلاده لحوار صريح وأخوي مع الجزائر حول القضايا العالقة بين البلدين    انتخابات مجلس الشيوخ.. الآليات والضوابط المنظمة لتصويت المصريين فى الخارج    تنسيق الجامعات.. تفاصيل الدراسة ببرنامج الهندسة الإنشائية ب"هندسة حلوان"    نجاح التشغيل التجريبي للخط التجاري الإقليمي "القاهرة- أربيل" عبر ميناء سفاجا    وفري في الميزانية، طريقة عمل الآيس كوفي في البيت زي الكافيهات    قافلة طبية توقع الكشف على 1586 مواطنا في "المستعمرة الشرقية" بالدقهلية (صور)    فلكيًا.. موعد بداية شهر رمضان 1447-2026    حظك اليوم الأربعاء 30 يوليو وتوقعات الأبراج    "البترول" تتلقى إخطارًا باندلاع حريق في غرفة ماكينات مركب الحاويات PUMBA    وزير الثقافة: جوائز الدولة هذا العام ضمت نخبة عظيمة.. ونقدم برنامجا متكاملا بمهرجان العلمين    متابعة تطورات حركة جماعة الإخوان الإرهابية مع الإعلامية آلاء شتا.. فيديو    منافسة غنائية مثيرة في استاد الإسكندرية بين ريهام عبد الحكيم ونجوم الموسيقى العربية.. صور    الخارجية الباكستانية تعلن عن مساعدات إنسانية طارئة لقطاع غزة    عاجل- ترمب: زوجتي ميلانيا شاهدت الصور المروعة من غزة والوضع هناك قاس ويجب إدخال المساعدات    رسميًا بعد الانخفاض الجديد.. سعر الدولار مقابل الجنيه المصري اليوم الأربعاء 30 يوليو 2025    سبب غياب كريم فؤاد عن ودية الأهلي وإنبي وموعد عودته    السيطرة على حريق هائل بشقة سكنية في المحلة الكبرى    عمرو الجناينى: تفاجأت باعتزال شيكابالا.. ولم أتفاوض مع أحمد عبد القادر    عيار 21 الآن يسجل رقمًا جديدًا.. سعر الذهب اليوم الأربعاء 30 يوليو بعد الانخفاض بالصاغة    أمين الفتوى: الشبكة جزء من المهر يرد في هذه الحالة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



ثورة اللوتس أثبتت أن التاريخ يعيد نفسه
نشر في صوت البلد يوم 21 - 02 - 2011

التاريخ يعيد نفسه.. هذه المقولة تتردد كثيراً علي أفواه المحللين والمراقبين والباحثين في الأحداث التاريخية للدول، فالبعض يؤيدها- المقولة- والبعض الآخر ينفيها أو يؤكد علي لو أن التاريخ يعيد نفسه لكن تحت عناوين مختلفة.
وإذا كان التاريخ يعيد نفسه فهل يتعظ الحكام من سيناريوهات التاريخ المتكررة؟ وإذا كانوا يتعظون فلماذا يعيد التاريخ نفسه؟
لكن ما حدث في مصر من ثورة الشباب المطالب بالإصلاح والتغيير، أو ما أطلق عليه بثورة 25 يناير، أو ثورة "اللوتس" حيث خرج عشرات الآلاف من الشباب تطالب بضرورة الإصلاح بعد سيطرة الحزب الحاكم علي مقاليد البلاد ومقدرات العباد لأكثر من ربع قرن بما ترتب علي ذلك من تعميق الفساد الذي فاق كل حد تمثل في عمليات تزوير فاضحة في الانتخابات البرلمانية وتدخل سلطة المال والبلطجة في سير العملية الانتخابية، وأيضا لسوء الحياة الاقتصادية وتزايد حالات الفقر والجوع، وانهيار للخدمات التعليمية والصحية، وغيرها من القضايا التي أصبح يعاني منها المواطن المصري، وحكومته تعيش في واد آخر بعيداً عن تلك المعاناة.
عليه تعيد "صوت البلد" قراءة الأحداث التاريخية كما حدثت، لعلها تجيب عن السؤال التاريخي، هل التاريخ يعيد نفسه؟.. نعم التاريخ يعيد نفسه لكن هل من قارئ، أو فاهم، أو متدبر في مجريات الأحداث؟ في البداية كان المشهد السياسي المصري واضحا تماما من خلال الاعتصامات والاضرابات التي كانت تخرج علي رصيف مجلس الشعب إذن كان المسرح السياسي يشهد قلقا وتوتراً وجواً مشحوناً نتيجة لتدهور الأوضاع التي تسببت في التفكك والغليان والغضب المكتوم، وكان إفرازاً لحالة الجمود في الحياة السياسية خلال الثلاثين عاماً الماضية والتي قد يختلف عليها البعض ويري هذا الجمود استقراراً أو سوء الحالة الاقتصادية، إنها نتيجة طبيعية للأزمات المالية العالمية!!، ولكن ماذا عن تردي الحالة الاجتماعية؟ فلا يظن أحد من المزايدين الذين قالوا إننا في أحسن حالاتنا كنا صادقين.. هؤلاء الذين يقفون ضد التغيير.
التغيير الذي تستحقه مصر لينقلها من دولة الفرد إلي دولة ديمقراطية حديثة ومتقدمة وقوية اقتصاديا، مع الاعتراف بأنه توجد سنن كونية تحكم الكون، ولا توجد دولة ما في العالم تقدمت بين ليلة وضحاها!!. ولكن أصرت الدولة والنظام الحاكم علي عدم التحرك نحو التغيير التحول الديمقراطي- وأصبحت الأوضاع لا تحتمل التغيير، ولم يفهم أحد من السادة المسيطرين علي مقاليد البلاد هذا المطلب، وقام بمرحلة انتقالية لتغيير بعض مواد الدستور كما يحدث الآن للتحول الديمقراطي مع إطلاق الحريات كحق إنشاء الأحزاب، وحريات تكوين الجمعيات الأهلية، وهاتان القوتان أساس المجتمع المدني في العمل السياسي والاجتماعي، بجانب حرية الصحافة والإعلام والدخول في الملفات الشائكة وشعارات الدولة المدنية والدولة الدينية، وفتح ملفات الفساد للوصول إلي انتخابات نزيهة لتقوم بمرحلة جديدة تالية بانتخاب هيئة تأسيسية لصياغة دستور جديد خال من الرقع والعيوب لينقلنا نقلة نوعية نحو مستقبل أفضل.
ولكن كيف؟ والحزب الوطني- المهيمن علي مقاليد البلاد يرفض الإصلاح ويقول تحول ديمقراطي تدريجي بغرض تهوين الموضوع وتفويت فرص الاصلاح، ويري الكثيرون من المتابعين لمجريات الاحداث أن الحزب الوطني هو المعطل الرئيسي لأي إصلاح سياسي ديمقراطي، لأنه ليس حزباً حقيقياً بل هو مجرد مجموعة موجودة في السلطة، وتريد أن تبقي للأبد ولهذا لديهم هدف استراتيجي بعدم التخلي عن تلك السلطة، وتمثل هذا في لجنة السياسات التي كان يترأسها "جمال مبارك" نجل رئيس الجمهورية وأصبحت لا تفعل شيئاً غير دفع "مبارك الابن" نحو السلطة بكل قوة وبأي وسيلة ولهذا كانت تدير أمور الدولة بطريقة لا تتناسب أبداً مع الواقع المصري وقضاياه، ولذلك أخرجت فكرة الرأسمالية المتوحشة، وظهر الفساد بتغول في كل مؤسسات الدولة، بل أصبح فساداً منهجياً ومتكامل الأدوار تحت رعاية ترزية القوانين ومساعدتهم بكل الطرق للوصول إلي الهدف المنشود ببقائهم في السلطة". ولم يستمع أحد من السادة القابعين علي كراسي السلطة إلي أي صوت غير صوتهم!!
ولكن فجأة أفاقوا علي ثورة الشباب في 25 يناير 2011 . تلك الثورة التي زلزلت أمنهم وبدلت قوتهم، وأطاحت بالكثير من السادة المسيرين الأمورنا إلي مكتب النائب العام ليسألوا عما فعلوا، وعما اكتسبوه، لأنهم لم يقرأوا التاريخ جيداً ولم يتدبروا أحداثه ولم يؤمنوا بأن التاريخ يعيد نفسه.
قبل 1952 كان المشهد السياسي في مصر يشبه إلي حد كبير المشهد السياسي قبل 25 يناير 2011 من احتكار الثروة والسلطة في أيدي كثير من البشوات التابعين لأحزاب الأقلية معتمدين علي تدخل "الملك" في الحياة السياسية، لإبعاد حزب الوفد بأغلبيته الكاسحة وشعبيته الجارفة عن الوصول إلي الحكم بعدم فوزه بالأغلبية البرلمانية مما كرس حالات الفقر والجوع والتخلف والفساد بين جموع أفراد الشعب المصري.. وتحرك الجيش لإنقاذ الموقف وقامت ثورة 23 يوليو، وتقدم الضباط الاحرار مطالبين "الملك" بالتنحي عن السلطة والتنازل عن عرشه لوريثه ابنه الأمير "أحمد فؤاد".. وكأن التاريخ يعيد نفسه.
في يناير 2011، تظاهر مئات الآلاف من الشباب يعبرون عن آرائهم مطالبين الرئيس "مبارك" بالتنحي عن السلطة!! لكن الفارق بين "الملك" و"الرئيس" الملك رحل وتنازل عن السلطة.
كما قال الفريق أول "عبد المحسن مرتجي" بما أنه كان ضابطاً في الحرس الملكي عندما تصدي لمن جاء من الثوار خارج قصر رأس التين حتي لا يدخلوا إلي "الملك" ويطلبوا منه الرحيل، بأن عبد الله باشا النجومي جاء إليه وأخبره بأن جلالة الملك وافق علي التنازل عن العرش حتي يجنب القتال والصراع داخل الجيش، ولكن ما حدث في يناير 2011 أن الرئيس رفض التنحي وأقدم علي تقديم الإصلاحات التي طالب بها المتظاهرون الذين فاجأوا العالم وأثبتوا أن الشعب المصري مازال حيا ويطالب بحقوقه بعد أن ظنوا أن الشعب المصري أصبح شعباً سلبيا تحركه المقادير لا يهش ولا ينش لا يثور ولا ينتفض!! لا يطالب بحقوقه، ولايسأل عنها فلسف حياته بأنه مقهور، ومغلوب علي أمره، يترك مصيره للزمن والسادة من الحكام، ولا يتدخل في شيء من قريب أو بعيد.
في مارس 54 عندما احتشد الآلاف من المتظاهرين في ميدان الجمهورية "عابدين" مطالبين بالديمقراطية وبعودة الحياة النيابية ورجوع الضباط إلي ثكناتهم، وهذه المطالب وجدت تأييدا من اللواء "محمد نجيب" رئيس الجمهورية حينها.. ولكن حدث الالتفاف حول هذه المطالب، وتظاهر الضباط بالموافقة ثم انقلبوا علي المتظاهرين بل علي الدولة بالكامل.. وسيروا المظاهرات المضادة والمدبرة والتي قيل إن "عبد الناصر" قام بدفع الرشاوي إلي "صاوي أحمد صاوي" رئيس عمال هيئة النقل و"عادل طعيمة" من قيادات هيئة التحرير وقاما علي أثر ذلك بتدبير المظاهرات التي نادت بالديكتاتورية وبسقوط الديمقراطية وسقوط المثقفين، بل الأكثر من ذلك قاموا بضرب "عبد الرازق باشا السنهوري"، داخل مكتبه وهو وزير مجلس الدولة ليعلنوا سقوط القانون وسقوط مصر في براثن حكم عسكري ديكتاتوري عانت تحت وطأته الشديدة حتي مجيء كارثة يونيه 67 ولأن التاريخ يعيد نفسه، ففي 2011 تم حشد الآلاف من المتظاهرين لكن الموقع الجغرافي تحول إلي ميدان التحرير.. وقد سقط منهم أكثر من (300) قتيل وحوالي (5000) جريح ووافقت رجال الحكومة بالتعديلات والتغييرات التي رفعها المتظاهرون وطالبوا بها، ولكن مازال رجال الحكم مصممين علي القيام بتغييرات تدريجية هادئة اختلفت علي شكل التغيير فمن طالب بتغيير الدستور كاملا، أو بتعديل بعض مواده أو بتغيير الهيكل السياسي الذي يعتبره الكثيرون أهم الإصلاحات. وتحويل مطلب التغيير إلي برامج واضحة ومحددة ولها أولويات بالمشاركة الشعبية الكاملة في رسم سياسة الدولة، وبين من يري أن التغيير لن يأتي إلا عن طريق صندوق الانتخابات حتي يجني الشعب ثمار التغيير.. وإلغاء قانون الطوارئ والقوانين الاستثنائية.. ومن يري أن الشعب مازال في إحتياج إلي توعية سياسية لاستخدام حقه في اختيار من يحكمه ويستأمنه علي مستقبله ومستقبل أولاده.. وأن التغيير أصبح مطلباً شعبياً لابد منه حتي لا تسوء الأمور أكثر من ذلك بعد أن تم حشد رجال الأمن ليتعاملوا مع المتظاهرين ولكن لصلابة المتظاهرين لم يستطيعوا إنهاء تظاهرهم حتي بعد ان استخدموا معهم كل وسائل القمع التي وصلت إلي استخدام الرصاص المطاطي والحي.. ثم تم تبعئة البلطجية والمأجورين ورأيناهم يخترقون ميدان التحرير وسط المتظاهرين راكبين الجمال والاحصنة وكأنها موقعة حربية بين قبائل عربية أو كأنها حرب "داحس والغبراء" ولم يفلحوا أيضا في لي عزيمة المتظاهرين وأصبحت موقعة غبراء علي البلطجية المأجورين لأنهم انسحبوا مدحورين.
ولأن التاريخ يعيد نفسه في يونيه 67 وبعد الهزيمة العسكرية التي منيت بها مصر علي أيدي القادة المسيطرين علي مقاليد البلاد والعباد.
فقد أعلن الرئيس "عبد الناصر" في خطابه الشهير عن تحمله المسئولية الكاملة عن ما حدث من هزيمة للجيش وأعلن تنحيه عن السلطة ولكن هذا الخطاب كان قد كتب بطريقة دراماتيكية قيل أن الكاتب الصحفي محمد حسنين هيكل هو الذي كتبه لعبد الناصر ولكنه لم يخل من دغدغة العواطف والمشاعر لدي المصريين وذلك عندما أعلن أنه سيعود جندياً في صفوف الجماهير لخدمة هذا الشعب.
فقام الشعب بالتعبئة والحشد ونزل إلي ميدان التحرير ولكن ليتمسك بالقائد والزعيم المهزوم بعد أن تأثر الشعب بخطاب الرئيس أو أنهم شعروا أنهم لن يتركوه يتهرب من الكارثة التي كان سبباً فيها، فلماذا يتنحي ويترك البلد مثقلة بهزيمة أتي بها إليهم.
وفي 2011 عاد التاريخ نفسه عندما أعلن الرئيس "مبارك" أنه يتفهم المطالب المشروعة التي يطالب بها المتظاهرون وأعلن أنه لم يتعود علي الهروب من المسئولية بل علي المواجهة والصراحة، وأنه قد خدم مصر في المحافل العسكرية والسياسية لأكثر من ستين عاما وعاش علي أرض هذه البلد وسيموت عليها لأنها وطنه الذي ضحي من أجله وبعد انتهاء الخطاب فوجئنا بتعبئة أخري من فئات الشعب ولكن هذه التعبئة كانت مؤيدة للرئيس "مبارك" وليست مطالبة بإسقاط النظام وتنحي الرئيس بل زاد الأمر صعوبة وقاموا بالهجوم علي المتظاهرين لاسقاط الرئيس .. وقيل أيضا أن الخطاب قد كتب بطريقة ما، تؤثر علي عواطف الشعوب.
وفي 1968 قام الطلبة بمظاهرات حاشدة في الجامعات المصرية والميادين العامة منددة ورافضه ما تم من محاكمات لقادة الجيش المصري معتقدين أنهم السبب في نكسة 1967 مطالبين بإعادة محاكمتهم وتشديد العقوبات التي يستحقونها من وجهة نظر المتظاهرين.. وبالفعل استجاب النظام لهذه المظاهرات وقدم بعض الاصلاحات التي تمثلت في بيان "30" مارس الذي أوصي بمزيد من الحريات العامة والشخصية والحريات الإعلامية.. ورضخ النظام لمطالب الطلبة وقدم كثيراً من قيادات الجيش إلي المحاكمات العسكرية وعرفت هذه المحاكمات بين كثير من أفراد الشعب بأنها كانت كبش فداء لتهدئة الرأي العام.
وفي 2011 أعاد التاريخ نفسه عندما خرجت المظاهرات تطالب بالتغيير، رضخ النظام مجبراً ومضطراً لأنه كان يرفض تلك المطالب طيلة ثلاثين عاما.. فقدم التنازلات والتضحيات ببعض الشخصيات التي تحسب عليه إلي النائب العام وكان منها وزراء ورجال أحزاب مثل اللواء حبيب العادلي وزير الداخلية، ووزير الاسكان ووزير التجارة والصناعة، والرجل الحديدي في الحزب الوطني "أحمد عز" أمين التنظيم ومازال مكتب النائب العام مفتوحاً لمزيد من ضحايا النظام أو الفاسدين المفسدين الذين أفسدوا المناخ السياسي والاقتصادي في مصر.
في مايو 1971 عندما أعلن الرئيس السادات الحرب علي مراكز القوي التي كانت مستفحلة، كالسرطان في مؤسسات الدولة، وقام بتصفيتها، فكان يحتاج إلي قوة كبري تقف بجانبه وتسانده، لأن الشعب كان مقهوراً بائسا لا يستطيع أن يملك من أمره شيئا أمام تلك القوي الجبارة المتمثلة في الاتحاد الاشتراكي، والمخابرات العامة، والإعلام، وبعض من قيادات القوات المسلحة أو بتحديد أكثر الفريق محمد فوزي وزير الحربية- قبل تغيير الاسم إلي وزارة الدفاع.. فسأل الرئيس "السادات" "الليثي ناصف" قائد الحرس الجمهوري.. مستفسرا عن موقفه وموقف القوات المسلحة فأجابوا بأنها مع الشرعية أي مع السادات فضرب الرئيس السادات ضربته وأنهي عليهم وحاكمهم وأودعهم في السجون المصرية.
تلك السجون التي أذاقوا فيها كل من فتح فمه بكلمة حق أو عدل أو نادي بمطالب حرية أو ديمقراطية.
ولأن التاريخ يعيد نفسه فنري في عام 2011 حينما اندلعت المظاهرات مطالبة بالتغيير وتنحي الرئيس مبارك عن السلطة أن القوات المسلحة تقف علي الحياد أو مع الشرعية الدستورية التي مازالت إلي الآن تميل إلي الرئيس "مبارك".
وفي 1990 بعد أن احتل "صدام حسين" الكويت وتكتلت القوي الدولية للإطاحة بصدام حسين وطرده من الكويت ناشده الرئيس مبارك مراراً وتكراراً بأن يبتعد ويخرج ويتراجع عن الكويت حقناً لدماء شعبه ولعدم زرع الفرقة بين الدول العربية ولكن هيهات ضاعت تلك المناشدات وطاشت في الهواء ومع أن التاريخ هنا لا يعيد نفسه في المواقف أو أن التشبيه يختلف تماما في 2011 عن عام 1990 أو حتي يختلف الشكل والمضمون لأن "مبارك" لم يحتل دولة أو يسطو علي الشرعية الدولية، ويحاول أن يمحو دولة ذات سيادة وعضواً في الأمم المتحدة ويضمها إلي السيادة الوطنية للدولة التي يحكمها.
بل التاريخ لا يعيد نفسه إلا في النداءات والمناشدات التي أرسلت إلي الرئيس "مبارك" في السماع لنداء شعبه أو للجزء الذي يطالبه بالرحيل. ولكن الرئيس مبارك لم يستمع إليهم متمسكاً باستكمال مدته الرئاسية والإقدام علي إصلاحات تأخر نظامه في تطبيقها طيلة ثلاثين عاماً.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.