بدأت هيئة الرقابة الإدراية العام الجديد 2020، بالكشف عن واحدة من أخطر قضايا الفساد الإدارى واستغلال النفوذ، معلنة القبض على رئيس مصلحة الضرائب عبد العظيم حسين، أثناء تلقيه الرشوة من أحد المحاسبين، مستغلاً فى ذلك سلطات وظيفته والتدخل لدى مرؤوسيه لتخفيض قيمة الضرائب المستحقة على بعض العملاء. وجاء الإعلان عن هذه الواقعة؛ ليؤكد فلسفة عمل هيئة الرقابة الإدارية، القائمة على أنه لا يوجد أحد فوق المساءلة القانونية، ولا فرق أمام تنفيذ القانون بين وزير وخفير، كما جاء الإعلان إعلاء لحق المواطن فى التعرف على النتائج والجهود المبذولة فى تنفيذ استراتيجية مكافحة الفساد ومتابعتها. وفي التفاصيل، قالت الهيئة: «وردت معلومات تفيد ارتباط بعض المحاسبين القانونيين بعلاقات مصالح ومنافع مع عبد العظيم حسين، رئيس مصلحة الضرائب المصرية، من خلال استغلال سلطات وظيفته، والتدخل لدى مرؤوسيه لتخفيض قيمة الضرائب المستحقة على الممولين مقابل الحصول على رشاوى مالية وعينية، وبما يؤدي إلى الإضرار بالمال العام بملايين الجنيهات». وأضافت الهيئة، أنه «بالعرض على المستشار النائب العام تم استصدار الإذن القانونى اللازم الذى أسفر تنفيذه عن تأكيد المخالفات، وتم تصوير العديد من اللقاءات بين أطراف الواقعة فى الأماكن العامة والخاصة، وتم ضبط رئيس المصلحة حال تقاضيه جزء من مبالغ الرشوة من أحد المحاسبين القانونين». ولفتت الهيئة، إلى أنه «بعرض المتهمين على النيابة العامة ومواجهتهم بتحريات هيئة الرقابة الإدارية والأدلة اعترف المتهمون بصحة الوقائع المنسوبة لهم، قررت نيابة أمن الدولة العليا حبسهم على ذمة التحقيقات»، فيما أهابت الهيئة بكل الأشخاص والجهات والمحاسبين القانونيين المتعاملين مع مصلحة الضرائب المصرية، «الحرص على تقديم كل البيانات السليمة والدقيقة فى إقراراتهم الضريبية ضمانًا لاسترداد الدولة لمستحقاتها الضريبية طبقًا للقانون ووفقًا للإجراءات الصحيحة». وبالوقوف أمام بيان الهيئة بشأن واقعة القبض على رئيس مصلحة الضرائب متلبسًا، نجد أن رجال القبض على المتهم عبد العظيم حسين، لم يأخذوا بالشبهات أو البلاغات الكيدية ولكنهم تحركوا على أرض الواقع للتأكد من صحة المعلومات التى وصلتهم في هذا الشأن، وفي سبيل التأكد من صحة المخالفات المنسوبة لرئيس مصحلة الضرائب، قام رجال الرقابة الإدراية بإجراء التحريات اللازمة من خلال رصد تحركات المتهم، وكذا المكالمات التليفونية التي يجريها، للتحقق من مدى دقة المعلومات التي وصلت للهيئة. و خلال رحلة التحريات وجمع المعلومات عن المتهم (رئيس مصلحة الضرائب)، حرص رجال الرقابة على أن تتم الإجراءات فى سرية تامة؛ لعدم لفت الانتباه، أو الإساءة لسمعة وأسرة شخص قد يكون بريئًا مما هومنسوب إليه؛ إعلاء للمبدأ القانونى «المتهم برئ حتى تثبت إدانته». وزيادة في الحرص، قام رجال الرقابة بإبلاغ النيابة العامة، بما توصلوا إليه من معلومات، واستصدروا أمرًا بتصوير أطراف الواقعة في الأماكن العامة والخاصة، ومن بينها واقعة تلقي رئيس المصلحة الرشوة من أحد المحاسبين، وبعد إلقاء القبض عليهم متلبسًا، تم إبلاغ نيابة أمن الدولة العليا بالواقعة، التي أمرت بحبس المتهمين على ذمة التحقيقات. تلك الواقعة، لم ولن تكون الأخيرة، فى وقوع «الحيتان الكبيرة» بقبضة الرقابة الإدراية، بفضل «الاستراتيجية الوطنية لمكافحة الفساد»، التي أطلقها الرئيس «السيسي» في العام 2014، والتي عرّفت مفهوم الفساد ب «رشوة الموظفين العموميين الوطنيين ورشوة الموظفين العموميين الأجانب وموظفي المؤسسات الدولية العمومية واختلاس الممتلكات أو تبديدها أو تسريبها بشكل آخر من طرف موظف عمومي والمتاجرة بالنفوذ، وإساءة استغلال الوظائف والإثراء غير المشروع والرشوة في القطاع الخاص واختلاس الممتلكات في القطاع الخاص وغسل العائدات الإجرامية، إضافة إلى إخفاء الثروات المتحصلة من الفساد، وإعاقة سير العدالة». ويمثل الفساد، بأشكاله وصوره المختلفة، السوس الذى ينخر فى جسد أى مجتمع، لأنه يلتهم جهود التنمية مهما ارتفعت معدلاتها، وإذا لم تتحرك الدولة، أية دولة، بكل أجهزتها للقضاء، أو على الأقل تقويض وتحجيم هذا الفيروس، فعليك ألا تنتظر الأفضل. نعم.. لا توجد دولة فى العالم لا تعانى آثار فيروس الفساد وتداعياته الخطيرة، وينسحب هذا الأمر على دول العالم المتقدم والنامي على حد سواء، وإن كانت النسب متفاوتة من دولة إلى أخرى. ووفق آخر تقرير لمنظمة الشفافية الدولية، تقدمت مصر 12 مركزًا على مؤشر «مدركات الفساد، محتلة بذلك المركز 117 من بين 180 دولة. الطريق أمامنا ما زال طويلاً، خاصة أن عمر الفساد لدينا يعود لقرون مضت، حتى تجذر لدى قطاع عريض من المواطنين، ولكن أن تبدأ وتتحرك لمواجهة هذا الفيروس المدمر خير لك من أن تظل في موقعك محلك سر. الرئيس «السيسي» يدرك خطورة هذا المرض ويعي تمامًا مكامن خطورته على بقاء الدولة والشعب المصرى على حد سواء، ولذا فقد أطلق في التاسع من ديسمبر 2014، الاستراتيجية الأولى لمكافحة الفساد، والتي انتهت في العام 2018، ليبدأ بعدها مباشرة تطبيق الاستراتيجية الثانية لمكافحة الفساد، والتي تنتهي في العام 2022. خلال الفترة من 2014 حتى الآن، شاهدنا رؤوسًا كبيرة لم يكن أحد يتصور مجرد الاقتراب منها شاهدناها تتساقط فى أيدى الأجهزة الرقابية، وخرج «السيسي» ليعلن على الملأ أنه لا يوجد أحد فوق المساءلة والجميع أمام القانون سواء، وكانت عباراته واضحة خلال الاحتفال بالعيد الذهبى لهيئة الرقابة الإدارية، حيث أطلق منظومة جديدة من العمل للحرب على الفساد والمفسدين وأصحاب المصالح، مؤكدًا إصراره على أخذ حق الدولة، وتوجيه الأجهزة الرقابية بمحاربة كل أشكال النهب والفساد. الرئيس «السيسي» دعا إلى تبنى إستراتيجية وطنية لمكافحة الفساد في اليوم العالمي لمكافحة الفساد الموافق التاسع من ديسمبر، وأطلق تلك المبادرة من مقر هيئة الرقابة الإدارية فى ذات اليوم من العام 2014، وانتهت اللجنة الوطنية التنسيقية لمكافحة الفساد من تنفيذ ما يقرب من 99% من محاورها وأهدافها، حيث تمكنت هيئة الرقابة الإدارية من الارتقاء بمستوى أداء الجهاز الحكومي، وإرساء مبادئ الشفافية والنزاهة لدى العاملين فيه، وبناء ثقة المواطنين فيى مؤسسات الدولة، وتعزيز التعاون المحلي والإقليمي والدولي بجانب مشاركة منظمات المجتمع المدني. مضت خمس سنوات، على إطلاق الاستراتيجية الوطنية الأولى لمكافحة الفساد، تضافرت خلالها جهود جميع وحدات الجهاز الإدارى للدولة مع جهات إنفاذ القانون من أجل تفعيل الإجراءات التنفيذية لتلك الاستراتيجية، وتولت اللجنة الوطنية الفرعية التنسيقية للوقاية من الفساد ومكافحته مهمة متابعة تنفيذ الاستراتيجية كما تولت أمانتها الفنية مهمة رصد ومتابعة أفضل الممارسات الناجحة وكذلك الوقوف على التحديات التى واجهت تنفيذ الاستراتيجية في نسختها الأولى. خلال تلك السنوات، ترسخت مبادئ المحاسبة والمساءلة دون أية مجاملة أو تمييز، وعبَرت الأجهزة الرقابية في أهدافها وإجراءاتها التنفيذية عن رسالة قوية مفادها أن محاربة الفساد والوقاية منه مسئولية مشتركة لجميع سلطات الدولة والمجتمع، وأعلنت حق المواطن فى التعرف على النتائج والجهود المبذولة في تنفيذ الاستراتيجية ومتابعتها. وتؤكد الخطوات المتسارعة التي قطعتها هيئة الرقابة الإدارية والجهات المعنية، أن مصر صارت واحدة من أكثر دول العالم مكافحة للفساد.. هذا لا يعنى أننا أصبحنا دولة خالية من هذا الفيروس المدمر، ولكننا على الأقل قطعنا خطوات جادة تجاه مواجهته والحد من خطورته، ويتبقى على المواطن الدفاع عن حقوقه ومكتسباته، عبر مساعدة الأجهزة الرقابية في قطع أيدي الفاسدين، والإبلاغ عنهم فورًا من خلال القنوات الرسمية، وعلى المواطن ألا يخشى سطوة أو نفوذ أحد أيًا كانت سلطاته أو صولجانه، خاصة أن رأس الدولة تعهد بمحاربة فيروس الفساد. لقد أطلق الرئيس «السيسي» يد الأجهزة المعنية، خاصة هيئة الرقابة الإدارية، لمحاربة الفساد، معتمدًا استراتيجية ترتكز على مجتمع يدرك مخاطر الفساد ويرفضه بدعم من جهاز إدارى يُعلي قيم الشفافية والنزاهة ومشهود له بالكفاءة والفعالية، وتؤكد رسالة الاستراتيجية تحديد وتقييم مخاطر الفساد في مصر والعمل على الوقاية منه ومكافحته من خلال تفعيل ثقافة مجتمعية رافضة للفساد ودعم قدرات واستقلال أجهزة وهيئات منع الفساد والارتقاء بمستويات الشفافية والنزاهة في الدولة بإشراك كل فئات المجتمع، وبالتعاون مع الجهات المعنية المحلية والاقليمية والدولية تحقيقًا لرؤية مصر 2030. وبفضل الجهود التي حققتها أجهزة الدولة، في مكافحة الفساد، أشادت الأممالمتحدة بما تم تنفيذه في هذا الشأن حيث أدرجت المنظمة الدولية الاستراتيجية الوطنية لمكافحة الفساد كإحدى أهم الممارسات الناجحة لمصر في مجال الوقاية من الفساد ومكافحته. وفي إطار دعم القيادة السياسية لهيئة الرقابة الإدارية، فقد حدد مهامها في البحث والتحري عن أسباب القصور في العمل والإنتاج، مع اقتراح وسائل تلافيها، والكشف عن عيوب النظم الإدارية والفنية والمالية، التي تعرقل السير المنتظم للأجهزة العامة، إلى جانب متابعة تنفيذ القوانين، والتأكد من أن القرارات واللوائح والأنظمة السارية وافية لتحقيق الغرض منها، إضافة إلى الكشف عن المخالفات الإدارية والمالية والفنية التي تقع من العاملين فى الجهاز الإدارى للدولة أثناء مباشرتهم لواجبات وظائفهم أو بسببها، مع التشديد على كشف وضبط الجرائم الجنائية التي تقع من غير العاملين، التى تستهدف المساس بسلامة أداء واجبات الوظيفة أو الخدمة العامة، وغيرها من المهام. وحتى لا يغيب عن أحد مفهوم الفساد، نشير إلى أن «منظمة الشفافية العالمية»، عرَفته بأنه «سوء استغلال السلطة من أجل تحقيق المكاسب والمنافع الخاصة». وعلى ضوء هذا التعريف، حدّدت «الاستراتيجية الوطنية لمكافحة الفساد»، مفهوم الفساد فى «رشوة الموظفين العموميين الوطنيين ورشوة الموظفين العموميين الأجانب وموظفي المؤسسات الدولية العمومية واختلاس الممتلكات أو تبديدها أو تسريبها بشكل آخر من طرف موظف عمومي والمتاجرة بالنفوذ وإساءة استغلال الوظائف والإثراء غير المشروع والرشوة فى القطاع الخاص واختلاس الممتلكات في القطاع الخاص وغسل العائدات الإجرامية، إضافة إلى إخفاء الثروات المتحصلة من الفساد، وإعاقة سير العدالة». تستهدف المرحلة الثانية من الاستراتيجية الوطنية لمكافحة الفساد، تحقيق 9 أهداف، تتمثل في توفير خدمات عامة عالية الجودة وتفعيل آليات الشفافية والنزاهة في الوحدات الحكومية وتطوير الهيكل التشريعى لدعم مكافحة الفساد، وتحديث الإجراءات القضائية من أجل تحقيق العدالة الفورية وتقديم الدعم لوكالات إنفاذ القانون لمنع الفساد ومحاربته. إضافة إلى العمل على زيادة وعي المجتمعات المحلية بأهمية منع الفساد ومكافحته، وتنشيط التعاون الدولي والإقليمي في مجال منع الفساد ومكافحته، ومشاركة منظمات المجتمع المدني والقطاع الخاص في منع الفساد.
كما استندت المرحلة الثانية من استراتيجية مكافحة الفساد، على مبدأ سيادة القانون والفصل بين سلطات الدولة، مع الالتزام والإرادة السياسية، وهذا يشمل السلطات الثلاث فى الدولة (التشريعية والتنفيذية والقضائية)، والتى تعى أهمية وجود مجتمع خال من الفساد وتعمل مع بعضها البعض من أجل ضمان تنفيذ المرحلة الثانية من الاستراتيجية. وتقوم الاستراتيجية أيضًا على الالتزام الكامل بالتعاون والتنسيق بين جميع الاطراف المعنية الحكومية والقطاع الخاص والمجتمع المدنى بما يضمن وحدة وتجانس تنفيذ سياسات مكافحة الفساد، إلى جانب إعلاء مبدأ الحوكمة الذى يتعين على الحكومة تطبيقه فى اتباع مبادئ الشفافية والنزاهة والكفاءة والفاعلية والمساءلة والمحاسبة ووضع إجراءات واضحة وفعالة لتحقيق أهداف راسخة تتسم بالمرونة والقدرة على الاستجابة إلى الاحتياجات الاجتماعية. وتؤكد الاستراتيجية، في مرحلتها الثانية، على احترام حقوق الإنسان والمساواة بين جميع المواطنين أمام القانون، مع ترسيخ مبدأ المساءلة الذى بمقتضاه تكون سلطات الدولة مسئولة عن القيام بواجباتها في تنفيذ الاستراتيجية والخطة التنفيذية وضمان فعاليتها، وكذا التشديد على أن تكون الأولوية للمصلحة العامة بحيث يضطلع ممثلو المؤسسات والسلطات العامة بواجب مراعاة تلك المصلحة حتى تكون مقدمة على أية مصلحة أخرى . بدأت هيئة الرقابة الإدراية العام الجديد 2020، بالكشف عن واحدة من أخطر قضايا الفساد الإدارى واستغلال النفوذ، معلنة القبض على رئيس مصلحة الضرائب عبد العظيم حسين، أثناء تلقيه الرشوة من أحد المحاسبين، مستغلاً فى ذلك سلطات وظيفته والتدخل لدى مرؤوسيه لتخفيض قيمة الضرائب المستحقة على بعض العملاء. وجاء الإعلان عن هذه الواقعة؛ ليؤكد فلسفة عمل هيئة الرقابة الإدارية، القائمة على أنه لا يوجد أحد فوق المساءلة القانونية، ولا فرق أمام تنفيذ القانون بين وزير وخفير، كما جاء الإعلان إعلاء لحق المواطن فى التعرف على النتائج والجهود المبذولة فى تنفيذ استراتيجية مكافحة الفساد ومتابعتها. وفي التفاصيل، قالت الهيئة: «وردت معلومات تفيد ارتباط بعض المحاسبين القانونيين بعلاقات مصالح ومنافع مع عبد العظيم حسين، رئيس مصلحة الضرائب المصرية، من خلال استغلال سلطات وظيفته، والتدخل لدى مرؤوسيه لتخفيض قيمة الضرائب المستحقة على الممولين مقابل الحصول على رشاوى مالية وعينية، وبما يؤدي إلى الإضرار بالمال العام بملايين الجنيهات». وأضافت الهيئة، أنه «بالعرض على المستشار النائب العام تم استصدار الإذن القانونى اللازم الذى أسفر تنفيذه عن تأكيد المخالفات، وتم تصوير العديد من اللقاءات بين أطراف الواقعة فى الأماكن العامة والخاصة، وتم ضبط رئيس المصلحة حال تقاضيه جزء من مبالغ الرشوة من أحد المحاسبين القانونين». ولفتت الهيئة، إلى أنه «بعرض المتهمين على النيابة العامة ومواجهتهم بتحريات هيئة الرقابة الإدارية والأدلة اعترف المتهمون بصحة الوقائع المنسوبة لهم، قررت نيابة أمن الدولة العليا حبسهم على ذمة التحقيقات»، فيما أهابت الهيئة بكل الأشخاص والجهات والمحاسبين القانونيين المتعاملين مع مصلحة الضرائب المصرية، «الحرص على تقديم كل البيانات السليمة والدقيقة فى إقراراتهم الضريبية ضمانًا لاسترداد الدولة لمستحقاتها الضريبية طبقًا للقانون ووفقًا للإجراءات الصحيحة». وبالوقوف أمام بيان الهيئة بشأن واقعة القبض على رئيس مصلحة الضرائب متلبسًا، نجد أن رجال القبض على المتهم عبد العظيم حسين، لم يأخذوا بالشبهات أو البلاغات الكيدية ولكنهم تحركوا على أرض الواقع للتأكد من صحة المعلومات التى وصلتهم في هذا الشأن، وفي سبيل التأكد من صحة المخالفات المنسوبة لرئيس مصحلة الضرائب، قام رجال الرقابة الإدراية بإجراء التحريات اللازمة من خلال رصد تحركات المتهم، وكذا المكالمات التليفونية التي يجريها، للتحقق من مدى دقة المعلومات التي وصلت للهيئة. و خلال رحلة التحريات وجمع المعلومات عن المتهم (رئيس مصلحة الضرائب)، حرص رجال الرقابة على أن تتم الإجراءات فى سرية تامة؛ لعدم لفت الانتباه، أو الإساءة لسمعة وأسرة شخص قد يكون بريئًا مما هومنسوب إليه؛ إعلاء للمبدأ القانونى «المتهم برئ حتى تثبت إدانته». وزيادة في الحرص، قام رجال الرقابة بإبلاغ النيابة العامة، بما توصلوا إليه من معلومات، واستصدروا أمرًا بتصوير أطراف الواقعة في الأماكن العامة والخاصة، ومن بينها واقعة تلقي رئيس المصلحة الرشوة من أحد المحاسبين، وبعد إلقاء القبض عليهم متلبسًا، تم إبلاغ نيابة أمن الدولة العليا بالواقعة، التي أمرت بحبس المتهمين على ذمة التحقيقات. تلك الواقعة، لم ولن تكون الأخيرة، فى وقوع «الحيتان الكبيرة» بقبضة الرقابة الإدراية، بفضل «الاستراتيجية الوطنية لمكافحة الفساد»، التي أطلقها الرئيس «السيسي» في العام 2014، والتي عرّفت مفهوم الفساد ب «رشوة الموظفين العموميين الوطنيين ورشوة الموظفين العموميين الأجانب وموظفي المؤسسات الدولية العمومية واختلاس الممتلكات أو تبديدها أو تسريبها بشكل آخر من طرف موظف عمومي والمتاجرة بالنفوذ، وإساءة استغلال الوظائف والإثراء غير المشروع والرشوة في القطاع الخاص واختلاس الممتلكات في القطاع الخاص وغسل العائدات الإجرامية، إضافة إلى إخفاء الثروات المتحصلة من الفساد، وإعاقة سير العدالة». ويمثل الفساد، بأشكاله وصوره المختلفة، السوس الذى ينخر فى جسد أى مجتمع، لأنه يلتهم جهود التنمية مهما ارتفعت معدلاتها، وإذا لم تتحرك الدولة، أية دولة، بكل أجهزتها للقضاء، أو على الأقل تقويض وتحجيم هذا الفيروس، فعليك ألا تنتظر الأفضل. نعم.. لا توجد دولة فى العالم لا تعانى آثار فيروس الفساد وتداعياته الخطيرة، وينسحب هذا الأمر على دول العالم المتقدم والنامي على حد سواء، وإن كانت النسب متفاوتة من دولة إلى أخرى. ووفق آخر تقرير لمنظمة الشفافية الدولية، تقدمت مصر 12 مركزًا على مؤشر «مدركات الفساد، محتلة بذلك المركز 117 من بين 180 دولة. الطريق أمامنا ما زال طويلاً، خاصة أن عمر الفساد لدينا يعود لقرون مضت، حتى تجذر لدى قطاع عريض من المواطنين، ولكن أن تبدأ وتتحرك لمواجهة هذا الفيروس المدمر خير لك من أن تظل في موقعك محلك سر. الرئيس «السيسي» يدرك خطورة هذا المرض ويعي تمامًا مكامن خطورته على بقاء الدولة والشعب المصرى على حد سواء، ولذا فقد أطلق في التاسع من ديسمبر 2014، الاستراتيجية الأولى لمكافحة الفساد، والتي انتهت في العام 2018، ليبدأ بعدها مباشرة تطبيق الاستراتيجية الثانية لمكافحة الفساد، والتي تنتهي في العام 2022. خلال الفترة من 2014 حتى الآن، شاهدنا رؤوسًا كبيرة لم يكن أحد يتصور مجرد الاقتراب منها شاهدناها تتساقط فى أيدى الأجهزة الرقابية، وخرج «السيسي» ليعلن على الملأ أنه لا يوجد أحد فوق المساءلة والجميع أمام القانون سواء، وكانت عباراته واضحة خلال الاحتفال بالعيد الذهبى لهيئة الرقابة الإدارية، حيث أطلق منظومة جديدة من العمل للحرب على الفساد والمفسدين وأصحاب المصالح، مؤكدًا إصراره على أخذ حق الدولة، وتوجيه الأجهزة الرقابية بمحاربة كل أشكال النهب والفساد. الرئيس «السيسي» دعا إلى تبنى إستراتيجية وطنية لمكافحة الفساد في اليوم العالمي لمكافحة الفساد الموافق التاسع من ديسمبر، وأطلق تلك المبادرة من مقر هيئة الرقابة الإدارية فى ذات اليوم من العام 2014، وانتهت اللجنة الوطنية التنسيقية لمكافحة الفساد من تنفيذ ما يقرب من 99% من محاورها وأهدافها، حيث تمكنت هيئة الرقابة الإدارية من الارتقاء بمستوى أداء الجهاز الحكومي، وإرساء مبادئ الشفافية والنزاهة لدى العاملين فيه، وبناء ثقة المواطنين فيى مؤسسات الدولة، وتعزيز التعاون المحلي والإقليمي والدولي بجانب مشاركة منظمات المجتمع المدني. مضت خمس سنوات، على إطلاق الاستراتيجية الوطنية الأولى لمكافحة الفساد، تضافرت خلالها جهود جميع وحدات الجهاز الإدارى للدولة مع جهات إنفاذ القانون من أجل تفعيل الإجراءات التنفيذية لتلك الاستراتيجية، وتولت اللجنة الوطنية الفرعية التنسيقية للوقاية من الفساد ومكافحته مهمة متابعة تنفيذ الاستراتيجية كما تولت أمانتها الفنية مهمة رصد ومتابعة أفضل الممارسات الناجحة وكذلك الوقوف على التحديات التى واجهت تنفيذ الاستراتيجية في نسختها الأولى. خلال تلك السنوات، ترسخت مبادئ المحاسبة والمساءلة دون أية مجاملة أو تمييز، وعبَرت الأجهزة الرقابية في أهدافها وإجراءاتها التنفيذية عن رسالة قوية مفادها أن محاربة الفساد والوقاية منه مسئولية مشتركة لجميع سلطات الدولة والمجتمع، وأعلنت حق المواطن فى التعرف على النتائج والجهود المبذولة في تنفيذ الاستراتيجية ومتابعتها. وتؤكد الخطوات المتسارعة التي قطعتها هيئة الرقابة الإدارية والجهات المعنية، أن مصر صارت واحدة من أكثر دول العالم مكافحة للفساد.. هذا لا يعنى أننا أصبحنا دولة خالية من هذا الفيروس المدمر، ولكننا على الأقل قطعنا خطوات جادة تجاه مواجهته والحد من خطورته، ويتبقى على المواطن الدفاع عن حقوقه ومكتسباته، عبر مساعدة الأجهزة الرقابية في قطع أيدي الفاسدين، والإبلاغ عنهم فورًا من خلال القنوات الرسمية، وعلى المواطن ألا يخشى سطوة أو نفوذ أحد أيًا كانت سلطاته أو صولجانه، خاصة أن رأس الدولة تعهد بمحاربة فيروس الفساد. لقد أطلق الرئيس «السيسي» يد الأجهزة المعنية، خاصة هيئة الرقابة الإدارية، لمحاربة الفساد، معتمدًا استراتيجية ترتكز على مجتمع يدرك مخاطر الفساد ويرفضه بدعم من جهاز إدارى يُعلي قيم الشفافية والنزاهة ومشهود له بالكفاءة والفعالية، وتؤكد رسالة الاستراتيجية تحديد وتقييم مخاطر الفساد في مصر والعمل على الوقاية منه ومكافحته من خلال تفعيل ثقافة مجتمعية رافضة للفساد ودعم قدرات واستقلال أجهزة وهيئات منع الفساد والارتقاء بمستويات الشفافية والنزاهة في الدولة بإشراك كل فئات المجتمع، وبالتعاون مع الجهات المعنية المحلية والاقليمية والدولية تحقيقًا لرؤية مصر 2030. وبفضل الجهود التي حققتها أجهزة الدولة، في مكافحة الفساد، أشادت الأممالمتحدة بما تم تنفيذه في هذا الشأن حيث أدرجت المنظمة الدولية الاستراتيجية الوطنية لمكافحة الفساد كإحدى أهم الممارسات الناجحة لمصر في مجال الوقاية من الفساد ومكافحته. وفي إطار دعم القيادة السياسية لهيئة الرقابة الإدارية، فقد حدد مهامها في البحث والتحري عن أسباب القصور في العمل والإنتاج، مع اقتراح وسائل تلافيها، والكشف عن عيوب النظم الإدارية والفنية والمالية، التي تعرقل السير المنتظم للأجهزة العامة، إلى جانب متابعة تنفيذ القوانين، والتأكد من أن القرارات واللوائح والأنظمة السارية وافية لتحقيق الغرض منها، إضافة إلى الكشف عن المخالفات الإدارية والمالية والفنية التي تقع من العاملين فى الجهاز الإدارى للدولة أثناء مباشرتهم لواجبات وظائفهم أو بسببها، مع التشديد على كشف وضبط الجرائم الجنائية التي تقع من غير العاملين، التى تستهدف المساس بسلامة أداء واجبات الوظيفة أو الخدمة العامة، وغيرها من المهام. وحتى لا يغيب عن أحد مفهوم الفساد، نشير إلى أن «منظمة الشفافية العالمية»، عرَفته بأنه «سوء استغلال السلطة من أجل تحقيق المكاسب والمنافع الخاصة». وعلى ضوء هذا التعريف، حدّدت «الاستراتيجية الوطنية لمكافحة الفساد»، مفهوم الفساد فى «رشوة الموظفين العموميين الوطنيين ورشوة الموظفين العموميين الأجانب وموظفي المؤسسات الدولية العمومية واختلاس الممتلكات أو تبديدها أو تسريبها بشكل آخر من طرف موظف عمومي والمتاجرة بالنفوذ وإساءة استغلال الوظائف والإثراء غير المشروع والرشوة فى القطاع الخاص واختلاس الممتلكات في القطاع الخاص وغسل العائدات الإجرامية، إضافة إلى إخفاء الثروات المتحصلة من الفساد، وإعاقة سير العدالة». تستهدف المرحلة الثانية من الاستراتيجية الوطنية لمكافحة الفساد، تحقيق 9 أهداف، تتمثل في توفير خدمات عامة عالية الجودة وتفعيل آليات الشفافية والنزاهة في الوحدات الحكومية وتطوير الهيكل التشريعى لدعم مكافحة الفساد، وتحديث الإجراءات القضائية من أجل تحقيق العدالة الفورية وتقديم الدعم لوكالات إنفاذ القانون لمنع الفساد ومحاربته. إضافة إلى العمل على زيادة وعي المجتمعات المحلية بأهمية منع الفساد ومكافحته، وتنشيط التعاون الدولي والإقليمي في مجال منع الفساد ومكافحته، ومشاركة منظمات المجتمع المدني والقطاع الخاص في منع الفساد. كما استندت المرحلة الثانية من استراتيجية مكافحة الفساد، على مبدأ سيادة القانون والفصل بين سلطات الدولة، مع الالتزام والإرادة السياسية، وهذا يشمل السلطات الثلاث فى الدولة (التشريعية والتنفيذية والقضائية)، والتى تعى أهمية وجود مجتمع خال من الفساد وتعمل مع بعضها البعض من أجل ضمان تنفيذ المرحلة الثانية من الاستراتيجية. وتقوم الاستراتيجية أيضًا على الالتزام الكامل بالتعاون والتنسيق بين جميع الاطراف المعنية الحكومية والقطاع الخاص والمجتمع المدنى بما يضمن وحدة وتجانس تنفيذ سياسات مكافحة الفساد، إلى جانب إعلاء مبدأ الحوكمة الذى يتعين على الحكومة تطبيقه فى اتباع مبادئ الشفافية والنزاهة والكفاءة والفاعلية والمساءلة والمحاسبة ووضع إجراءات واضحة وفعالة لتحقيق أهداف راسخة تتسم بالمرونة والقدرة على الاستجابة إلى الاحتياجات الاجتماعية. وتؤكد الاستراتيجية، في مرحلتها الثانية، على احترام حقوق الإنسان والمساواة بين جميع المواطنين أمام القانون، مع ترسيخ مبدأ المساءلة الذى بمقتضاه تكون سلطات الدولة مسئولة عن القيام بواجباتها في تنفيذ الاستراتيجية والخطة التنفيذية وضمان فعاليتها، وكذا التشديد على أن تكون الأولوية للمصلحة العامة بحيث يضطلع ممثلو المؤسسات والسلطات العامة بواجب مراعاة تلك المصلحة حتى تكون مقدمة على أية مصلحة أخرى .