عشقت التمثيل منذ نعومة أظافرها، واشتركت في عروضًا مسرحية وهي في التاسعة من عمرها، لتمتد مسيرتها الفنية من خلال العديد من الأعمال المسرحية والسينمائية الناجحة، وكونت فرقة مسرحية حملت اسمها، لتصبح إحدى رائدات المسرح العربي في القرن العشرين، إنها "سارة برنارد الشرق"؛ الفنانة فاطمة رشدي التي نحيي اليوم ذكرى رحيلها. ولدت فاطمة رشدي في الثالث من فبراير عام 1908 بمحافظة الإسكندرية، وبدأت مشوارها الفني، حينما زارت فرقة "أمين عطا الله"، التي كانت تغني بها شقيقتها، فأسند إليها صاحب الفرقة دورًا صغيرًا في إحدى مسرحياته، ومن هنا كانت البداية حتى عرفها الجمهور، ثم انتقلت للعمل بفرقة "عبدالرحمن رشدي"، وانضمت بعدها إلى فرقة "الجزايرلي". وقد كان الفنان نجيب الريحاني شاهدًا على نبوغ موهبة فاطمة رشدي منذ طفولتها، وذلك حينما احتضنها بفرقته المسرحية، بعدما دعاها الفنان سيد دروش عام 1921 للعمل بفرقته التي كونها بالقاهرة، حيث كانت فاطمة رشدي تشارك بتأدية "منولوجات" الأغاني الخفيفة في كازينو "البسفور". وفي عام 1923 التقاها الفنان عزيز عيد، فضمها إلى فرقة "رمسيس" التي أسسها يوسف وهبي، وصارت حينها بطلة عروض الفرقة، وكانت تلك المرحلة من أهم المراحل الفنية التي ساعدت فاطمة رشدي على صعود سلم النجومية، حيث قدمت العديد من العروض المسرحية التي لاقت نجاحًا باهرًا ومن ضمنها مسرحية "النسر الصغير"، والتي كانت سببًا في تلقيبها ب"سارة برنار الشرق"، حيث كانت الفنانة العالمية "سارة برنار" قد قدمت تلك المسرحية لأول مرة، ومن هنا حصلت فاطمة رشدي على هذا اللقب. وتوالت أعمالها على خشبة المسرح لتقدم عددًا من المسرحيات الناجحة من أشهرها: "بين القصرين"، "ميرامار"، "غادة الكاميليا"، "الشرف"، "يوليوس قيصر"، "الذئاب"، "القناع الأزرق"، "الحرية"، "ليلة الدخلة"، "النزوات"، "مصرع كليوباترا". أما عن المسيرة السينمائية لفاطمة رشدي، فكانت بداياتها في عام 1928، مع "بدر لاما" من خلال أحداث فيلم "فاجعة فوق الهرم"، ثم انقطعت عن السينما لمدة خمسة أعوام، واستمرت في تقديم العروض المسرحية المتتالية، لتعود بعد ذلك للسينما من جديد بفيلم "الزواج" عام 1933، لتتوالى أفلامها ومن أشهرها: "العزيمة" عام 1933، مع حسين صدقي وأنور وجدي وماري منيب، و"الطريق المستقيم" عام 1944، مع يوسف وهبي وأمينة رزق وفردوس محمد، و"الطائشة" عام 1946 مع يحيى شاهين، و"دعوني أعيش" عام 1955، مع كمال الشناوي وشكري سرحان، و"الجسد" عام 1955، مع حسين رياض وهند رستم وسراج منير. واعتزلت الفن في أواخر الستينيات، لتنحسر عنها الأضواء بعد أن كانت النجمة المتفردة، لتعيش آخر أيامها في حجرة بسيطة بأحد الفنادق الشعبية بالقاهرة بعد أن داهمها المرض. وقد كشفت الصحف المصرية عن معيشتها الصعبة، ليتدخل حينها الفنان فريد شوقي لدى المسؤولين، لعلاجها على نفقة الدولة وتوفير المسكن الملائم لها، وبالفعل حصلت على شقة مناسبة، إلا أنها توفيت قبل أن تنعم بهذا الاهتمام، حيث رحلت في الثالث والعشرين من يناير عام 1996، عن عمر ناهز 87 عامًا، تاركة إرثًا فنيًا كبيرًا، وقد تم إحياء ذكراها من قِبَل الدولة؛ بإطلاق اسمها على أحد شوارع محافظة الجيزة.