شنوان.. القرية التي جعلت من القلقاس جواز سفر إلى العالم| صور    مشاركة فعالة لجامعة قناة السويس في مؤتمر تفعيل القيادات الطلابية باللجان الرياضية    «التنظيم والإدارة» يعلن توقف الامتحانات بمركز تقييم القدرات.. لهذا السبب    وزير الشؤون النيابية: الحكومة تقدم أجندة تشريعية مرنة كل دورة برلمانية    سعر الحديد مساء الجمعة 22 أغسطس 2025    محمود فوزي: الحكومة جادة في تطبيق قانون الإيجار القديم وحماية الفئات الضعيفة    وقفة للجالية المصرية بفرنسا دعماً لمصر ورفضاً لأي اعتداء على بعثاتها الدبلوماسية    حماس: تصريحات وزير الدفاع الإسرائيلي اعتراف بجرم يرقى للتطهير العرقي    المجاعة تهدد نصف مليون في غزة.. كيف يضغط المجتمع الدولي على إسرائيل؟    حماس: تصريحات كاتس «اعتراف بجرم يرقى للتطهير العرقي»    زيلينسكي: لا يوجد أي اتصال مع روسيا بشأن محادثات السلام    وزراء خارجية الاتحاد الأوروبي يدينون خطة إسرائيل الاستيطانية الجديدة    لا يخسر في بريميرليج و18 مساهمة.. هل يواصل صلاح إسقاط ضحيته "نيوكاسل"؟    فانتازي يلا كورة.. ارتفاع سعر ريتشارليسون.. وانخفاض عدة لاعبين    بروكسي يتعادل مع مالية كفر الزيات في افتتاح مباريات دوري المحترفين    «حماة الوطن» ينظم حلقة نقاشية حول تعديل قانون الرياضة    حبس متهم لإدارته ورشة لتصنيع الأسلحة البيضاء بالشرابية    «تسريب غاز».. مصدر أمني يكشف سبب صوت الانفجار بموقف سيارات ملحق بمطار القاهرة    ضبط سائق لاستيلائه على سيارة ومبلغ مالي من شركة بالسلام    بعد مداهمة وكر التسول.. حملات مكثفة لغلق فتحات الكباري بالجيزة| صور    6 مصابين من أسرة واحدة في حادث انقلاب سيارة ملاكي في بني سويف    "أحرج معجبة حاولت مصافحته".. علي الحجار يثير الجدل:"مينفعش يعني"    بادشاه لسعد القرش.. قصص فلسفية شاعرية تشتبك مع القضايا الكبرى    الوادي الجديد تبحث إنشاء منصة إلكترونية للمواقع السياحية والأثرية    "قالتلي إلحقني".. محامي شيرين عبد الوهاب يصدر بيان بشأن عودتها ل حسام حبيب    التفاؤل ماليهم.. ما هي الأبراج التي لها نظرة إيجابية ؟    خطيب الجامع الأزهر: أعداء الأمة يحاولون تزييف التاريخ ونشر اليأس    الحبس عامين ل تارك صلاة الجمعة في ماليزيا.. أحمد كريمة يكشف الحكم الشرعي    نجاح عملية دقيقة لاستئصال ورم بالمخ وقاع الجمجمة بمستشفى العامرية العام بالإسكندرية    الكروم ومرض السكر.. مكمل غذائي مساعد لا يغني عن العلاج الدوائي    عميد طب القصر العيني يتابع جاهزية البنية التحتية استعدادًا لانطلاق العام الدراسي    "درويش" يحقق قفزة كبيرة ويتخطى 20 مليون جنيه في 9 أيام    ضبط لص حاول سرقة حقيبة من شخص فى العمرانية    محافظ مطروح ورئيس جامعة الأزهر يفتتحان كلية البنات الأزهرية بالمحافظة    الكشف الطبى على 276 مريضا من أهالى قرى البنجر فى قافلة مجانية بالإسكندرية    فورين بوليسي: منطقة "دونباس" مفتاح الحرب والسلام في أوكرانيا    مصر تحصد فضية الريشة الطائرة بالبطولة العربية المدرسية بالأردن    حقيقة حرمان خريجي البكالوريا من الالتحاق بعدد من الكليات    مرموش: لم تفاجئني بداية إيكيتيكي مع ليفربول.. وصلاح الأفضل    ضبط 400 قضية مخدرات وتنفيذ 83 ألف حكم قضائي خلال يوم    إمام مسجد بكفر الشيخ: لابد أن نقتدى بالرسول بلغة الحوار والتفكير المنضبط.. فيديو    بنسبة تخفيض تصل 30%.. افتتاح سوق اليوم الواحد فى مدينة دهب    العين مرآة العقل.. وهذه العلامة قد تكشف مرضًا عقليًا أو اضطراب نفسي    محافظ مطروح يستقبل رئيس جامعة الازهر لافتتاح مقر لكلية البنات الأزهرية    الاقتصاد المصرى يتعافى    مصلحة الضرائب تنفي وجود خلاف بين الحكومة وشركات البترول حول ضريبة القيمة المضافة    وزارة التخطيط ووكالة جايكا تطلقان تقريرا مشتركا حول 70 عاما من الصداقة والثقة المصرية اليابانية    «التسامح والرضا».. وصفة للسعادة تدوم مدى الحياة    دعمًا للأجيال الواعدة.. حماة الوطن يكرم أبطال «UC Math» في دمياط    رابطة الصحفيين أبناء الدقهلية تؤكد انحيازها التام لحرية الإعلام    صحيفة عبرية: نتنياهو يشجع بن جفير وسموتريتش على تقويض فرص التوصل إلى اتفاق    ناقد رياضي: بن رمضان اللاعب الأكثر ثباتًا في الأهلي.. ومواجهة المحلة صعبة    ثائرٌ يكتُب    محافظ أسيوط يسلم جهاز عروسة لابنة إحدى المستفيدات من مشروعات تمكين المرأة    «خير يوم طلعت عليه الشمس».. تعرف على فضل يوم الجمعة والأعمال المستحبة فيه    سعر طن الحديد الاستثماري وعز والأسمنت بسوق مواد البناء اليوم الجمعة 22 أغسطس 2025    أزمة وتعدى.. صابر الرباعى يوجه رسالة لأنغام عبر تليفزيون اليوم السابع    نجم الأهلي السابق: أفضل تواجد عبد الله السعيد على مقاعد البدلاء ومشاركته في آخر نصف ساعة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



كتاب "التفاحة الذهبية" يسرد سير الفائزات ال 14 بنوبل الأدب
نشر في صوت البلد يوم 17 - 10 - 2019

في كتابه "التفاحة الذهبية: نساء نوبل الفائزات في الآداب"، الصادر حديثا عن "وكالة الصحافة العربية- ناشرون" في القاهرة، يتوقف الباحث خالد محمد غازي عند حقيقة أن الندرة هي سمة فوز امرأة بالجائزة الأبرز للآداب على مستوى العالم. فعدد مَن فُزن بتلك الجائزة حتى دورة العام 2017، هو 14 فقط، توزعن على قارات أوروبا وأميركا الشمالية وأميركا الجنوبية وأفريقيا. أحدث الفائزات قبل تلك الدورة كانت سفيتلانا أليكسيفيش (2015) من بيلا روسيا، والأولى كانت السويدية سلمى لاغرلوف (1909) والغلبة بالطبع كانت للأوروبيات.
يقول غازي: "لم ينطلق فوز هؤلاء النساء من فراغ، فالمشترك بينهن هو المعاناة الذاتية". ويضيف: كونهن نساءً ليس هو حافز تميزهن ومن ثم حصولهن على الجائزة". ويعكس فوز نساء بتلك الجائزة، على ندرته، ما نالته المرأة عموماً من حقوق، عبر نضال امتد لقرون عدة، انطلق من أوروبا، لإنجاز المساواة بالرجل، أساساً، وهو ما بات ملموساً في مجالات عدة، وإن اتسم تحققه عبر جائزة نوبل، بقدرٍ لا يتوازى مع انجازات المرأة عموماً، وفي الأدب بصفة خاصة. ولاحظ غازي في مقدمة الكتاب أن الحركات النسوية انقسمت إلى نوعين، الأول يدعو إلى حقوق مادية، منها التملك والتعليم والمساواة في الحقوق السياسية والقانونية، والثاني يدعو إلى حقوق معنوية وروحية، ومنها حرية الاعتقاد والفكر والثقافة. وترتب على ذلك استصدار مجموعة تشريعات أضافت الكثير إلى المرأة، منها المساواة في الأجور، وتحريم التمييز الجنسي في العمل، وإقرار الحق في الإجهاض.
الفائزة الاولى
وفي سرده لسيرة أول فائزة بجائزة نوبل في الآداب، توقف غازي عند مبادرتها في بداية الحرب العالمية الثانية بارسال ميدالية الجائزة إلى حكومة فنلندا لتعزيز جمع الأموال لمقاومة الغزو السوفييتي. كما أنها ساعدت الكثير من الكتاب والفنانين الألمان على الهرب من الاضطهاد النازي. بحلول عام 1895 قررت سلمى لاغرلوف ترك مهنة التدريس لتكرس نفسها للأدب. قامت برحلة إلى فلسطين في مطلع القرن العشرين وأقامت في القدس وعند عودتها لبلادها أصدرت كتاباً تضمَّن انطباعاتها عن هذه البقعة الفريدة من العالم. من أشهر مؤلفاتها: "رحلة نيلز هولغرسونز الرائعة عبر السويد" 1906 - 1907، "القدس" 1901 - 1902، "الروابط غير المرئية" 1894، "عجائب المسيح الدجال" 1897، "ملك البرتغال" و"البيت العتيق". كما تم اختيارها عضواً في الأكاديمية التي منحتها الجائزة في عام 1914. وفي عام 1928، حصلت على الدكتوراه الفخرية في الآداب من جامعة غريفس فالد الألمانية. وفي السويد، يوجد فندقان يحملان اسمها، كما أن منزلها الذي عاشت فيه في مدينة مورباكا، تحوَّل إلى متحف يضم مقتنياتها. وفي عام 1992، قررت الحكومة السويدية وضع صورتها على عملتها من فئة 20 كروناً.
والثانية كانت الإيطالية غراتسيا ديليدا (1926) ونوهت لجنة الجائزة بروايتها "الأم"، ومن أعمالها "البحر الأزرق" مجموعة قصصية نشرت عام 1890 ولاقت نجاحاً كبيراً، وروايات "نصوص سردينيا" 1892 و"زهور سردينيا" 1894 و"أرواح شريرة" 1896 ، و"عجوز الجبل" 1900 والتي تعتبر مفتاحاً للكثير من أعمالها ومنها روايات "الياس بورتولو"، "رماد" و"أموت أو احبك" 1903. وفي عام 1912 نشرت روايتين هما "أبيض غامض" و"الحب والحقد" وفي عام 1915 نشرت "الطفل المختبئ" و"ماريانا" ثم تلت ذلك برواية "الأم" عام 1920 و"إله الأحياء" في 1922.
والثالثة سيغريد اوندست (1928) من النرويج، وأبرز أعمالها ثلاثية روائية بعنوان "كريستين لا فراندراتر". ونوَّهت لجنة الجائزة بقدرتها عبر هذا العمل على وصف الحياة في البلاد الاسكندنافية خلال القرون الوسطى.
وجاءت في الترتيب الرابع الأميركية بيرل باك (1938) صاحبة رواية "الأرض الطيبة"، وهي كتبت في مذكراتها أنها تأثرت بقصة علاء الدين والفانوس السحري، وهي من قصص "ألف ليلة وليلة"، ولها إنتاج غزير ونظراً إلى أن معظم كتاباتها مستوحاة من الحياة في الصين لقبت ب"الكاتبة الصينية".وتلتها غابرييلا ميسترال (1945) وهي شاعرة من تشيلي واسمها الحقيقي لوثيا دي ماريا، ثم الشاعرة الألمانية نيلي زاكس (1966) وحصلت على الجائزة مناصفة مع شموئيل يوسف عجنون، وجمعهما الدفاع عن إسرائيل، ما أثار جدلاً واسعاً حول الاعتبارات السياسية التي تعمل وفقاً لها لجنة نوبل.
غورديمير وموريسون
لكن الفائزة التالية وهي نادين غورديمير (1991) لاقت ترحيباً واسعاً، لتميزها ككاتبة، ولنضالها الطويل ضد التفرقة العنصرية في بلدها، جنوب أفريقيا على الرغم من انتمائها لعائلة من البيض تناصب السود العداء. وغورديمر علقت على هذا الأمر بقولها إنها ليست شخصاً سياسياً بالفطرة. وقالت كذلك: "أنا أفريقية بيضاء البشرة ولست بيضاء من جنوب أفريقيا". وقوبل فوز التالية وهي الأميركية من أصل أفريقي توني موريسون (1993) بارتياح ، بما أنها امرأة بالطبع، فضلاً عن جدارتها ككاتبة، ولكونها أسهمت بقوة بعد جورديمر في كسر ما يشاع عن "عنصرية الجائزة".
وهنا يؤكد غازي أن "فوز موريسون لم يكن مجرد فوز مستحق، بل فتح فوزها الباب على مصراعيه لكل الكاتبات الزنجيات لأن يقلن للعالم نحن هنا". وقبل نوبل فازت موريسون في العام 1988 بجائزة بوليتزر. والتالية في القائمة (1996) هي الشاعرة البولندية فيسوافا شيمبوريسكا، التي جاء في حيثيات فوزها: "استطاعت من خلال شعرها المليء بالسخرية المريرة أن تعبر عن الواقع الإنساني المتشرذم. إن شعرها يكشف في سياق تاريخي وبسخرية دقيقة الحقيقة الإنسانية المشتتة". وبحسب ما ورد عنها في كتاب "التفاحة الذهبية"، تعد شيمبورسكا من أكثر الحاصلات على جائزة نوبل انخراطاً في العمل السياسي. لكن يأخذ عليها منتقدوها أنها شاركت في العام 1953 في التشهير بالرهبان الكاثوليك الذين حكم عليهم النظام الشيوعي في بولندا بالإعدام. وهي على أية حال سرعان ما انفصلت عن الحزب الشيوعي البولندي بعد العام 1966 وانخرطت في الجهود التي بذلها نشطاء للتصدي للمحاولات الشيوعية للتصدي لحرية الرأي. ربما لولا ذلك لما فازت بالجائزة التي كثيرا ما وجهت إليها تهمة محاباة مناوئي الشيوعية.
أما الفائزة التالية (2004) فهي النمسوية ألفريدي يلينيك، وتسبب فوزها في تقديم أحد أبرز أعضاء الأكاديمية السويدية، وهو كنوت أهنلوند استقالته، التي بررها بأن "لغتها الأدبية بسيطة، ونصوصها كتل كلامية، لا أثر لبنية فنية فيها، كما أنها خالية من الأفكار ومليئة بالخلاعة". وفي خلفية ذلك الاحتجاج الفني تجلى الاعتراض على أنه بالرغم من كونها ابنة لأب يهودي، "لم يعرف عنها ممارسة الطقوس اليهودية، في يوم من الأيام، واعتنقت الشيوعية بالرغم من أنها تلقت تعليماً دينياً متزمتاً في مدرسة كاثوليكية متشددة تضم عدداً لا بأس به من كارهي اليهود"! لكن الثابت هو أنها انشقت عن الحزب الشيوعي في النمسا لتشتهر كروائية وككاتبة مسرح تدافع بقوة عن حقوق المرأة. وكما امتنع نجيب محفوظ عن حضور حفلة تسليمه الجائزة في العام 1988، "لأنه لا يحب السفر"، فإن يلينيك اتخذت موقفاً مماثلاً لأنها "لا تحب الشهرة وتخاف من النجومية والزحام".
وفي العام 2007 فازت البريطانية دوريس ليسينغ بالجائزة، وتعد الأكبر عمراً بين من فزن بها، هي المولودة في العام 1919. لم تترك ليسينغ التي توفيت في العام 2013 نوعاً أدبياً إلا وطرقته، لتترك بعد رحيلها 60 كتابا في القصة القصيرة والرواية والشعر والنقد والمسر والأوبرا. وهي اعتمدت في كتبها غير الأدبية على التزامها الجاد بالشؤون السياسية والاجتماعية، معبرة عن الصدام بين الثقافات والظلم الفادح الناجم عن التفرقة العرقية والصراع بين عناصر متضاربة داخل شخصية الفرد، والانقسام بين ضمير الفرد ومصلحة الجماعة.
المناضلة الرومانية
والتالية في نيل نوبل في الآداب التي يعتبرها غازي "تفاحة ذهبية"، هي الألمانية المولودة في رومانيا، هيرتا مولر، وقد فازت في العام 2009. وبحسب غازي فإن في كل أعمال هيرتا مولر لا توجد أي مساحات لغير مقاومة الظلم والديكتاتورية، فلا حب ولا مشاعر عاطفية، بل حزن غير مدرَك لشخصياتها، وسرد لأناس عانوا من الظلم والطغيان، وقد استقت مولر من سيرتها الذاتية ما مكَّنها من تشكيل مادة خام لصياغة أعمالها الأدبية، كالتذكير بديكتاتورية تشاوشيسكو في رومانيا، وصعوبة التأقلم مع الحياة في الغرب، وتجارب الأقلية الألمانية المهمشة في رومانيا.
والفائزة التالية هي الكندية أليس مونرو (2013) التي أخلصت لكتابة القصة القصيرة، ولم تكتب سوى رواية واحدة بعنوان "حياة الصبايا والنساء". كتبت أليس مونرو معظم أعمالها حول النساء، لكنها لم تزعم أنها مناضلة من أجل حقوقهن، وإن أقرت بأنها "نسوية"، "لأنني نشأت في جزء من كندا تكتب فيه النساء بشكل أسهل من الرجال. الكتاب الكبار والمهمون كانوا رجالاً، ولكن معرفة أن امرأة تكتب قصصا لن يشينها بقدر ما يشين الرجل الذي يكتب القصص، لأنها ليست مهنة رجال. هكذا كان الوضع عندما كنت شابة، لكنه لم يعد على ذلك النحو الآن". عندما فازت مونرو، باعتبارها "سيدة القصة القصيرة المعاصرة"، كانت قد تخطت الثمانين من عمرها وأعلنت أنها قررت التوقف عن الكتابة. ومنح جائزة نوبل لكاتب/ة يقتصر منجزه/ا على القصة القصيرة، هو حدث شديد الندرة. لكن الجائزة ذهبت في العام 2015 إلى البلاروسية سيفيتلانا أليكسيفيش، التي أعتبر فوزها كذلك "انتصاراً للقصة القصيرة"، في مواجهة هيمنة الرواية. وأليكسيفيش صحافية، لم يتوقع أحد أنها يمكن أن تفوز بالجائزة، بما أنها كانت في ذلك العام تنافس أسماء راسخة في الأدب العالمي، مثل الأميريكي فيليب روث والياباني هاروكي ماروكامي. والحقيقة أن "شهرة" هذه الكاتبة ارتبطت بأول رواية لها؛ "الوجه غير الأنثوي للحرب" التي نشرت في العام 1985 وباعت أكثر من مليون نسخة. لكنها أيضا وربما بمقدار أكبر أشتهرت بكونها محققة صحافية شغوفة بجمع الأدلة الوثائقية عن القتال ضد ألمانيا النازية، وكارثة تشيرنوبل وحرب أفغانستان.
في كتابه "التفاحة الذهبية: نساء نوبل الفائزات في الآداب"، الصادر حديثا عن "وكالة الصحافة العربية- ناشرون" في القاهرة، يتوقف الباحث خالد محمد غازي عند حقيقة أن الندرة هي سمة فوز امرأة بالجائزة الأبرز للآداب على مستوى العالم. فعدد مَن فُزن بتلك الجائزة حتى دورة العام 2017، هو 14 فقط، توزعن على قارات أوروبا وأميركا الشمالية وأميركا الجنوبية وأفريقيا. أحدث الفائزات قبل تلك الدورة كانت سفيتلانا أليكسيفيش (2015) من بيلا روسيا، والأولى كانت السويدية سلمى لاغرلوف (1909) والغلبة بالطبع كانت للأوروبيات.
يقول غازي: "لم ينطلق فوز هؤلاء النساء من فراغ، فالمشترك بينهن هو المعاناة الذاتية". ويضيف: كونهن نساءً ليس هو حافز تميزهن ومن ثم حصولهن على الجائزة". ويعكس فوز نساء بتلك الجائزة، على ندرته، ما نالته المرأة عموماً من حقوق، عبر نضال امتد لقرون عدة، انطلق من أوروبا، لإنجاز المساواة بالرجل، أساساً، وهو ما بات ملموساً في مجالات عدة، وإن اتسم تحققه عبر جائزة نوبل، بقدرٍ لا يتوازى مع انجازات المرأة عموماً، وفي الأدب بصفة خاصة. ولاحظ غازي في مقدمة الكتاب أن الحركات النسوية انقسمت إلى نوعين، الأول يدعو إلى حقوق مادية، منها التملك والتعليم والمساواة في الحقوق السياسية والقانونية، والثاني يدعو إلى حقوق معنوية وروحية، ومنها حرية الاعتقاد والفكر والثقافة. وترتب على ذلك استصدار مجموعة تشريعات أضافت الكثير إلى المرأة، منها المساواة في الأجور، وتحريم التمييز الجنسي في العمل، وإقرار الحق في الإجهاض.
الفائزة الاولى
وفي سرده لسيرة أول فائزة بجائزة نوبل في الآداب، توقف غازي عند مبادرتها في بداية الحرب العالمية الثانية بارسال ميدالية الجائزة إلى حكومة فنلندا لتعزيز جمع الأموال لمقاومة الغزو السوفييتي. كما أنها ساعدت الكثير من الكتاب والفنانين الألمان على الهرب من الاضطهاد النازي. بحلول عام 1895 قررت سلمى لاغرلوف ترك مهنة التدريس لتكرس نفسها للأدب. قامت برحلة إلى فلسطين في مطلع القرن العشرين وأقامت في القدس وعند عودتها لبلادها أصدرت كتاباً تضمَّن انطباعاتها عن هذه البقعة الفريدة من العالم. من أشهر مؤلفاتها: "رحلة نيلز هولغرسونز الرائعة عبر السويد" 1906 - 1907، "القدس" 1901 - 1902، "الروابط غير المرئية" 1894، "عجائب المسيح الدجال" 1897، "ملك البرتغال" و"البيت العتيق". كما تم اختيارها عضواً في الأكاديمية التي منحتها الجائزة في عام 1914. وفي عام 1928، حصلت على الدكتوراه الفخرية في الآداب من جامعة غريفس فالد الألمانية. وفي السويد، يوجد فندقان يحملان اسمها، كما أن منزلها الذي عاشت فيه في مدينة مورباكا، تحوَّل إلى متحف يضم مقتنياتها. وفي عام 1992، قررت الحكومة السويدية وضع صورتها على عملتها من فئة 20 كروناً.
والثانية كانت الإيطالية غراتسيا ديليدا (1926) ونوهت لجنة الجائزة بروايتها "الأم"، ومن أعمالها "البحر الأزرق" مجموعة قصصية نشرت عام 1890 ولاقت نجاحاً كبيراً، وروايات "نصوص سردينيا" 1892 و"زهور سردينيا" 1894 و"أرواح شريرة" 1896 ، و"عجوز الجبل" 1900 والتي تعتبر مفتاحاً للكثير من أعمالها ومنها روايات "الياس بورتولو"، "رماد" و"أموت أو احبك" 1903. وفي عام 1912 نشرت روايتين هما "أبيض غامض" و"الحب والحقد" وفي عام 1915 نشرت "الطفل المختبئ" و"ماريانا" ثم تلت ذلك برواية "الأم" عام 1920 و"إله الأحياء" في 1922.
والثالثة سيغريد اوندست (1928) من النرويج، وأبرز أعمالها ثلاثية روائية بعنوان "كريستين لا فراندراتر". ونوَّهت لجنة الجائزة بقدرتها عبر هذا العمل على وصف الحياة في البلاد الاسكندنافية خلال القرون الوسطى.
وجاءت في الترتيب الرابع الأميركية بيرل باك (1938) صاحبة رواية "الأرض الطيبة"، وهي كتبت في مذكراتها أنها تأثرت بقصة علاء الدين والفانوس السحري، وهي من قصص "ألف ليلة وليلة"، ولها إنتاج غزير ونظراً إلى أن معظم كتاباتها مستوحاة من الحياة في الصين لقبت ب"الكاتبة الصينية".وتلتها غابرييلا ميسترال (1945) وهي شاعرة من تشيلي واسمها الحقيقي لوثيا دي ماريا، ثم الشاعرة الألمانية نيلي زاكس (1966) وحصلت على الجائزة مناصفة مع شموئيل يوسف عجنون، وجمعهما الدفاع عن إسرائيل، ما أثار جدلاً واسعاً حول الاعتبارات السياسية التي تعمل وفقاً لها لجنة نوبل.
غورديمير وموريسون
لكن الفائزة التالية وهي نادين غورديمير (1991) لاقت ترحيباً واسعاً، لتميزها ككاتبة، ولنضالها الطويل ضد التفرقة العنصرية في بلدها، جنوب أفريقيا على الرغم من انتمائها لعائلة من البيض تناصب السود العداء. وغورديمر علقت على هذا الأمر بقولها إنها ليست شخصاً سياسياً بالفطرة. وقالت كذلك: "أنا أفريقية بيضاء البشرة ولست بيضاء من جنوب أفريقيا". وقوبل فوز التالية وهي الأميركية من أصل أفريقي توني موريسون (1993) بارتياح ، بما أنها امرأة بالطبع، فضلاً عن جدارتها ككاتبة، ولكونها أسهمت بقوة بعد جورديمر في كسر ما يشاع عن "عنصرية الجائزة".
وهنا يؤكد غازي أن "فوز موريسون لم يكن مجرد فوز مستحق، بل فتح فوزها الباب على مصراعيه لكل الكاتبات الزنجيات لأن يقلن للعالم نحن هنا". وقبل نوبل فازت موريسون في العام 1988 بجائزة بوليتزر. والتالية في القائمة (1996) هي الشاعرة البولندية فيسوافا شيمبوريسكا، التي جاء في حيثيات فوزها: "استطاعت من خلال شعرها المليء بالسخرية المريرة أن تعبر عن الواقع الإنساني المتشرذم. إن شعرها يكشف في سياق تاريخي وبسخرية دقيقة الحقيقة الإنسانية المشتتة". وبحسب ما ورد عنها في كتاب "التفاحة الذهبية"، تعد شيمبورسكا من أكثر الحاصلات على جائزة نوبل انخراطاً في العمل السياسي. لكن يأخذ عليها منتقدوها أنها شاركت في العام 1953 في التشهير بالرهبان الكاثوليك الذين حكم عليهم النظام الشيوعي في بولندا بالإعدام. وهي على أية حال سرعان ما انفصلت عن الحزب الشيوعي البولندي بعد العام 1966 وانخرطت في الجهود التي بذلها نشطاء للتصدي للمحاولات الشيوعية للتصدي لحرية الرأي. ربما لولا ذلك لما فازت بالجائزة التي كثيرا ما وجهت إليها تهمة محاباة مناوئي الشيوعية.
أما الفائزة التالية (2004) فهي النمسوية ألفريدي يلينيك، وتسبب فوزها في تقديم أحد أبرز أعضاء الأكاديمية السويدية، وهو كنوت أهنلوند استقالته، التي بررها بأن "لغتها الأدبية بسيطة، ونصوصها كتل كلامية، لا أثر لبنية فنية فيها، كما أنها خالية من الأفكار ومليئة بالخلاعة". وفي خلفية ذلك الاحتجاج الفني تجلى الاعتراض على أنه بالرغم من كونها ابنة لأب يهودي، "لم يعرف عنها ممارسة الطقوس اليهودية، في يوم من الأيام، واعتنقت الشيوعية بالرغم من أنها تلقت تعليماً دينياً متزمتاً في مدرسة كاثوليكية متشددة تضم عدداً لا بأس به من كارهي اليهود"! لكن الثابت هو أنها انشقت عن الحزب الشيوعي في النمسا لتشتهر كروائية وككاتبة مسرح تدافع بقوة عن حقوق المرأة. وكما امتنع نجيب محفوظ عن حضور حفلة تسليمه الجائزة في العام 1988، "لأنه لا يحب السفر"، فإن يلينيك اتخذت موقفاً مماثلاً لأنها "لا تحب الشهرة وتخاف من النجومية والزحام".
وفي العام 2007 فازت البريطانية دوريس ليسينغ بالجائزة، وتعد الأكبر عمراً بين من فزن بها، هي المولودة في العام 1919. لم تترك ليسينغ التي توفيت في العام 2013 نوعاً أدبياً إلا وطرقته، لتترك بعد رحيلها 60 كتابا في القصة القصيرة والرواية والشعر والنقد والمسر والأوبرا. وهي اعتمدت في كتبها غير الأدبية على التزامها الجاد بالشؤون السياسية والاجتماعية، معبرة عن الصدام بين الثقافات والظلم الفادح الناجم عن التفرقة العرقية والصراع بين عناصر متضاربة داخل شخصية الفرد، والانقسام بين ضمير الفرد ومصلحة الجماعة.
المناضلة الرومانية
والتالية في نيل نوبل في الآداب التي يعتبرها غازي "تفاحة ذهبية"، هي الألمانية المولودة في رومانيا، هيرتا مولر، وقد فازت في العام 2009. وبحسب غازي فإن في كل أعمال هيرتا مولر لا توجد أي مساحات لغير مقاومة الظلم والديكتاتورية، فلا حب ولا مشاعر عاطفية، بل حزن غير مدرَك لشخصياتها، وسرد لأناس عانوا من الظلم والطغيان، وقد استقت مولر من سيرتها الذاتية ما مكَّنها من تشكيل مادة خام لصياغة أعمالها الأدبية، كالتذكير بديكتاتورية تشاوشيسكو في رومانيا، وصعوبة التأقلم مع الحياة في الغرب، وتجارب الأقلية الألمانية المهمشة في رومانيا.
والفائزة التالية هي الكندية أليس مونرو (2013) التي أخلصت لكتابة القصة القصيرة، ولم تكتب سوى رواية واحدة بعنوان "حياة الصبايا والنساء". كتبت أليس مونرو معظم أعمالها حول النساء، لكنها لم تزعم أنها مناضلة من أجل حقوقهن، وإن أقرت بأنها "نسوية"، "لأنني نشأت في جزء من كندا تكتب فيه النساء بشكل أسهل من الرجال. الكتاب الكبار والمهمون كانوا رجالاً، ولكن معرفة أن امرأة تكتب قصصا لن يشينها بقدر ما يشين الرجل الذي يكتب القصص، لأنها ليست مهنة رجال. هكذا كان الوضع عندما كنت شابة، لكنه لم يعد على ذلك النحو الآن". عندما فازت مونرو، باعتبارها "سيدة القصة القصيرة المعاصرة"، كانت قد تخطت الثمانين من عمرها وأعلنت أنها قررت التوقف عن الكتابة. ومنح جائزة نوبل لكاتب/ة يقتصر منجزه/ا على القصة القصيرة، هو حدث شديد الندرة. لكن الجائزة ذهبت في العام 2015 إلى البلاروسية سيفيتلانا أليكسيفيش، التي أعتبر فوزها كذلك "انتصاراً للقصة القصيرة"، في مواجهة هيمنة الرواية. وأليكسيفيش صحافية، لم يتوقع أحد أنها يمكن أن تفوز بالجائزة، بما أنها كانت في ذلك العام تنافس أسماء راسخة في الأدب العالمي، مثل الأميريكي فيليب روث والياباني هاروكي ماروكامي. والحقيقة أن "شهرة" هذه الكاتبة ارتبطت بأول رواية لها؛ "الوجه غير الأنثوي للحرب" التي نشرت في العام 1985 وباعت أكثر من مليون نسخة. لكنها أيضا وربما بمقدار أكبر أشتهرت بكونها محققة صحافية شغوفة بجمع الأدلة الوثائقية عن القتال ضد ألمانيا النازية، وكارثة تشيرنوبل وحرب أفغانستان.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.