الرئيس السيسي ونظيره الروسي يشهدان حدثا تاريخيا بمشروع الضبعة النووي اليوم    فى الإعادة إفادة    وزير الري يؤكد استعداد مصر للتعاون مع فرنسا في تحلية المياه لأغراض الزراعة    ندوات تدريبية لتصحيح المفاهيم وحل المشكلات السلوكية للطلاب بمدارس سيناء    أبناء القبائل: دعم كامل لقواتنا المسلحة    سعر الدولار في البنوك المصرية اليوم الأربعاء 19 نوفمبر 2025    أسعار اللحوم اليوم الأربعاء 19 نوفمبر 2025    وزير الزراعة: حرمان المتعدين على الأراضى من الحصول على الأسمدة المدعمة    سعر الجنيه الاسترلينى فى البنوك بداية تعاملات اليوم الأربعاء 19-11-2025    وزير التموين: إنشاء بيئة تشريعية مناسبة لتحفيز الاستثمار ودعم القطاع الخاص    تريليون دولار استثمارات سعودية .. الولايات المتحدة ترفع مستوى علاقاتها الدفاعية مع السعودية وتمنحها صفة "حليف رئيسي من خارج الناتو"    حريق هائل يلتهم أكثر من 170 مبنى جنوب غرب اليابان وإجلاء 180 شخصا    بولندا تستأنف عملياتها في مطارين شرق البلاد    وزير الإعلام البحريني يبحث في زيارة للشركة المتحدة للخدمات الإعلامية سبل التعاون الإعلامي ويشيد بنجاح احتفالية المتحف المصري الكبير    هل تكون الثالثة| صلاح ينافس حكيمي وأوسيمين على أفضل لاعب أفريقي في 2025.. اليوم    تنمية متكاملة للشباب    موعد إجراء القرعة الإلكترونية لاختيار حجاج الجمعيات الأهلية    أجواء باردة وسقوط أمطار.. الأرصاد تكشف حالة طقس الساعات المقبلة    مصرع 3 شباب فى حادث تصادم بالشرقية    الشيخ الإلكترونى.. ليلة سقوط نصّاب تحرش بالسيدات بدعوى العلاج الروحانى    مهرجان القاهرة السينمائي، العرض العالمي الأول لفيلم "كوندافا" الليلة    «اليعسوب» يعرض لأول مرة في الشرق الأوسط ضمن مهرجان القاهرة السينمائي.. اليوم    رانيا فريد شوقي تدعو لتامر حسني بعد الكشف عن أزمته الصحية    رحلة اكتشاف حكماء «ريش»    7 آلاف سنة على الرصيف!    المنتخبات المتأهلة إلى كأس العالم 2026 بعد صعود ثلاثي أمريكا الشمالية    بعد انسحاب "قنديل" بالثالثة.. انسحاب "مهدي" من السباق الانتخابي في قوص بقنا    طن عز بكام.... اسعار الحديد اليوم الأربعاء 19 نوفمبر 2025 فى المنيا    أبرزها دولة فازت باللقب 4 مرات، المنتخبات المتأهلة إلى الملحق الأوروبي لكأس العالم 2026    محكمة الاتحاد الأوروبي تعتزم إصدار حكمها بشأن وضع أمازون كمنصة كبيرة جدا    مواقيت الصلاه اليوم الأربعاء 19نوفمبر 2025 فى المنيا    خبراء: الأغذية فائقة المعالجة تعزز جائحة الأمراض المزمنة    طريقة عمل كيكة البرتقال الهشة بدون مضرب، وصفة سهلة ونتيجة مضمونة    شهر جمادي الثاني وسر تسميته بهذا الاسم.. تعرف عليه    أكثر من 30 إصابة في هجوم روسي بطائرات مسيرة على مدينة خاركيف شرق أوكرانيا    زيلينسكي يزور تركيا لإحياء مساعي السلام في أوكرانيا    ارتفاع أسعار الذهب في بداية تعاملات البورصة.. الأربعاء 19 نوفمبر    حقيقة ظهور فيروس ماربورج في مصر وهل الوضع أمن؟ متحدث الصحة يكشف    زيورخ السويسري يكشف حقيقة المفاوضات مع محمد السيد    ترتيب الدوري الإيطالي قبل انطلاق الجولة القادمة    النيابة العامة تُحوِّل المضبوطات الذهبية إلى احتياطي إستراتيجي للدولة    نشأت الديهي: لا تختاروا مرشحي الانتخابات على أساس المال    انقلاب جرار صيانة في محطة التوفيقية بالبحيرة.. وتوقف حركة القطارات    ما هي أكثر الأمراض النفسية انتشارًا بين الأطفال في مصر؟.. التفاصيل الكاملة عن الاضطرابات النفسية داخل مستشفيات الصحة النفسية    النائب العام يؤكد قدرة مؤسسات الدولة على تحويل الأصول الراكدة لقيمة اقتصادية فاعلة.. فيديو    أبرزهم أحمد مجدي ومريم الخشت.. نجوم الفن يتألقون في العرض العالمي لفيلم «بنات الباشا»    حبس المتهمين في واقعة إصابة طبيب بطلق ناري في قنا    آسر نجل الراحل محمد صبري: أعشق الزمالك.. وأتمنى أن أرى شقيقتي رولا أفضل مذيعة    أحمد الشناوي: الفار أنقذ الحكام    دينا محمد صبري: كنت أريد لعب كرة القدم منذ صغري.. وكان حلم والدي أن أكون مهندسة    قوات الاحتلال تطرد عائلة الشهيد صبارنة من منزلها وتغلقه    أحمد فؤاد ل مصطفى محمد: عُد للدورى المصرى قبل أن يتجاوزك الزمن    جامعة طيبة التكنولوجية بالأقصر تطلق مؤتمرها الرابع لشباب التكنولوجيين منتصف ديسمبر    مشروبات طبيعية تساعد على النوم العميق للأطفال    فيلم وهم ل سميرة غزال وفرح طارق ضمن قائمة أفلام الطلبة فى مهرجان الفيوم    داعية: حديث "اغتنم خمسًا قبل خمس" رسالة ربانية لإدارة العمر والوقت(فيديو)    هل يجوز أداء العشاء قبل الفجر لمن ينام مبكرًا؟.. أمين الفتوى يجيب    مواقيت الصلاه اليوم الثلاثاء 18نوفمبر 2025 فى المنيا....اعرف صلاتك    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



كتاب "التفاحة الذهبية" يسرد سير الفائزات ال 14 بنوبل الأدب
نشر في صوت البلد يوم 17 - 10 - 2019

في كتابه "التفاحة الذهبية: نساء نوبل الفائزات في الآداب"، الصادر حديثا عن "وكالة الصحافة العربية- ناشرون" في القاهرة، يتوقف الباحث خالد محمد غازي عند حقيقة أن الندرة هي سمة فوز امرأة بالجائزة الأبرز للآداب على مستوى العالم. فعدد مَن فُزن بتلك الجائزة حتى دورة العام 2017، هو 14 فقط، توزعن على قارات أوروبا وأميركا الشمالية وأميركا الجنوبية وأفريقيا. أحدث الفائزات قبل تلك الدورة كانت سفيتلانا أليكسيفيش (2015) من بيلا روسيا، والأولى كانت السويدية سلمى لاغرلوف (1909) والغلبة بالطبع كانت للأوروبيات.
يقول غازي: "لم ينطلق فوز هؤلاء النساء من فراغ، فالمشترك بينهن هو المعاناة الذاتية". ويضيف: كونهن نساءً ليس هو حافز تميزهن ومن ثم حصولهن على الجائزة". ويعكس فوز نساء بتلك الجائزة، على ندرته، ما نالته المرأة عموماً من حقوق، عبر نضال امتد لقرون عدة، انطلق من أوروبا، لإنجاز المساواة بالرجل، أساساً، وهو ما بات ملموساً في مجالات عدة، وإن اتسم تحققه عبر جائزة نوبل، بقدرٍ لا يتوازى مع انجازات المرأة عموماً، وفي الأدب بصفة خاصة. ولاحظ غازي في مقدمة الكتاب أن الحركات النسوية انقسمت إلى نوعين، الأول يدعو إلى حقوق مادية، منها التملك والتعليم والمساواة في الحقوق السياسية والقانونية، والثاني يدعو إلى حقوق معنوية وروحية، ومنها حرية الاعتقاد والفكر والثقافة. وترتب على ذلك استصدار مجموعة تشريعات أضافت الكثير إلى المرأة، منها المساواة في الأجور، وتحريم التمييز الجنسي في العمل، وإقرار الحق في الإجهاض.
الفائزة الاولى
وفي سرده لسيرة أول فائزة بجائزة نوبل في الآداب، توقف غازي عند مبادرتها في بداية الحرب العالمية الثانية بارسال ميدالية الجائزة إلى حكومة فنلندا لتعزيز جمع الأموال لمقاومة الغزو السوفييتي. كما أنها ساعدت الكثير من الكتاب والفنانين الألمان على الهرب من الاضطهاد النازي. بحلول عام 1895 قررت سلمى لاغرلوف ترك مهنة التدريس لتكرس نفسها للأدب. قامت برحلة إلى فلسطين في مطلع القرن العشرين وأقامت في القدس وعند عودتها لبلادها أصدرت كتاباً تضمَّن انطباعاتها عن هذه البقعة الفريدة من العالم. من أشهر مؤلفاتها: "رحلة نيلز هولغرسونز الرائعة عبر السويد" 1906 - 1907، "القدس" 1901 - 1902، "الروابط غير المرئية" 1894، "عجائب المسيح الدجال" 1897، "ملك البرتغال" و"البيت العتيق". كما تم اختيارها عضواً في الأكاديمية التي منحتها الجائزة في عام 1914. وفي عام 1928، حصلت على الدكتوراه الفخرية في الآداب من جامعة غريفس فالد الألمانية. وفي السويد، يوجد فندقان يحملان اسمها، كما أن منزلها الذي عاشت فيه في مدينة مورباكا، تحوَّل إلى متحف يضم مقتنياتها. وفي عام 1992، قررت الحكومة السويدية وضع صورتها على عملتها من فئة 20 كروناً.
والثانية كانت الإيطالية غراتسيا ديليدا (1926) ونوهت لجنة الجائزة بروايتها "الأم"، ومن أعمالها "البحر الأزرق" مجموعة قصصية نشرت عام 1890 ولاقت نجاحاً كبيراً، وروايات "نصوص سردينيا" 1892 و"زهور سردينيا" 1894 و"أرواح شريرة" 1896 ، و"عجوز الجبل" 1900 والتي تعتبر مفتاحاً للكثير من أعمالها ومنها روايات "الياس بورتولو"، "رماد" و"أموت أو احبك" 1903. وفي عام 1912 نشرت روايتين هما "أبيض غامض" و"الحب والحقد" وفي عام 1915 نشرت "الطفل المختبئ" و"ماريانا" ثم تلت ذلك برواية "الأم" عام 1920 و"إله الأحياء" في 1922.
والثالثة سيغريد اوندست (1928) من النرويج، وأبرز أعمالها ثلاثية روائية بعنوان "كريستين لا فراندراتر". ونوَّهت لجنة الجائزة بقدرتها عبر هذا العمل على وصف الحياة في البلاد الاسكندنافية خلال القرون الوسطى.
وجاءت في الترتيب الرابع الأميركية بيرل باك (1938) صاحبة رواية "الأرض الطيبة"، وهي كتبت في مذكراتها أنها تأثرت بقصة علاء الدين والفانوس السحري، وهي من قصص "ألف ليلة وليلة"، ولها إنتاج غزير ونظراً إلى أن معظم كتاباتها مستوحاة من الحياة في الصين لقبت ب"الكاتبة الصينية".وتلتها غابرييلا ميسترال (1945) وهي شاعرة من تشيلي واسمها الحقيقي لوثيا دي ماريا، ثم الشاعرة الألمانية نيلي زاكس (1966) وحصلت على الجائزة مناصفة مع شموئيل يوسف عجنون، وجمعهما الدفاع عن إسرائيل، ما أثار جدلاً واسعاً حول الاعتبارات السياسية التي تعمل وفقاً لها لجنة نوبل.
غورديمير وموريسون
لكن الفائزة التالية وهي نادين غورديمير (1991) لاقت ترحيباً واسعاً، لتميزها ككاتبة، ولنضالها الطويل ضد التفرقة العنصرية في بلدها، جنوب أفريقيا على الرغم من انتمائها لعائلة من البيض تناصب السود العداء. وغورديمر علقت على هذا الأمر بقولها إنها ليست شخصاً سياسياً بالفطرة. وقالت كذلك: "أنا أفريقية بيضاء البشرة ولست بيضاء من جنوب أفريقيا". وقوبل فوز التالية وهي الأميركية من أصل أفريقي توني موريسون (1993) بارتياح ، بما أنها امرأة بالطبع، فضلاً عن جدارتها ككاتبة، ولكونها أسهمت بقوة بعد جورديمر في كسر ما يشاع عن "عنصرية الجائزة".
وهنا يؤكد غازي أن "فوز موريسون لم يكن مجرد فوز مستحق، بل فتح فوزها الباب على مصراعيه لكل الكاتبات الزنجيات لأن يقلن للعالم نحن هنا". وقبل نوبل فازت موريسون في العام 1988 بجائزة بوليتزر. والتالية في القائمة (1996) هي الشاعرة البولندية فيسوافا شيمبوريسكا، التي جاء في حيثيات فوزها: "استطاعت من خلال شعرها المليء بالسخرية المريرة أن تعبر عن الواقع الإنساني المتشرذم. إن شعرها يكشف في سياق تاريخي وبسخرية دقيقة الحقيقة الإنسانية المشتتة". وبحسب ما ورد عنها في كتاب "التفاحة الذهبية"، تعد شيمبورسكا من أكثر الحاصلات على جائزة نوبل انخراطاً في العمل السياسي. لكن يأخذ عليها منتقدوها أنها شاركت في العام 1953 في التشهير بالرهبان الكاثوليك الذين حكم عليهم النظام الشيوعي في بولندا بالإعدام. وهي على أية حال سرعان ما انفصلت عن الحزب الشيوعي البولندي بعد العام 1966 وانخرطت في الجهود التي بذلها نشطاء للتصدي للمحاولات الشيوعية للتصدي لحرية الرأي. ربما لولا ذلك لما فازت بالجائزة التي كثيرا ما وجهت إليها تهمة محاباة مناوئي الشيوعية.
أما الفائزة التالية (2004) فهي النمسوية ألفريدي يلينيك، وتسبب فوزها في تقديم أحد أبرز أعضاء الأكاديمية السويدية، وهو كنوت أهنلوند استقالته، التي بررها بأن "لغتها الأدبية بسيطة، ونصوصها كتل كلامية، لا أثر لبنية فنية فيها، كما أنها خالية من الأفكار ومليئة بالخلاعة". وفي خلفية ذلك الاحتجاج الفني تجلى الاعتراض على أنه بالرغم من كونها ابنة لأب يهودي، "لم يعرف عنها ممارسة الطقوس اليهودية، في يوم من الأيام، واعتنقت الشيوعية بالرغم من أنها تلقت تعليماً دينياً متزمتاً في مدرسة كاثوليكية متشددة تضم عدداً لا بأس به من كارهي اليهود"! لكن الثابت هو أنها انشقت عن الحزب الشيوعي في النمسا لتشتهر كروائية وككاتبة مسرح تدافع بقوة عن حقوق المرأة. وكما امتنع نجيب محفوظ عن حضور حفلة تسليمه الجائزة في العام 1988، "لأنه لا يحب السفر"، فإن يلينيك اتخذت موقفاً مماثلاً لأنها "لا تحب الشهرة وتخاف من النجومية والزحام".
وفي العام 2007 فازت البريطانية دوريس ليسينغ بالجائزة، وتعد الأكبر عمراً بين من فزن بها، هي المولودة في العام 1919. لم تترك ليسينغ التي توفيت في العام 2013 نوعاً أدبياً إلا وطرقته، لتترك بعد رحيلها 60 كتابا في القصة القصيرة والرواية والشعر والنقد والمسر والأوبرا. وهي اعتمدت في كتبها غير الأدبية على التزامها الجاد بالشؤون السياسية والاجتماعية، معبرة عن الصدام بين الثقافات والظلم الفادح الناجم عن التفرقة العرقية والصراع بين عناصر متضاربة داخل شخصية الفرد، والانقسام بين ضمير الفرد ومصلحة الجماعة.
المناضلة الرومانية
والتالية في نيل نوبل في الآداب التي يعتبرها غازي "تفاحة ذهبية"، هي الألمانية المولودة في رومانيا، هيرتا مولر، وقد فازت في العام 2009. وبحسب غازي فإن في كل أعمال هيرتا مولر لا توجد أي مساحات لغير مقاومة الظلم والديكتاتورية، فلا حب ولا مشاعر عاطفية، بل حزن غير مدرَك لشخصياتها، وسرد لأناس عانوا من الظلم والطغيان، وقد استقت مولر من سيرتها الذاتية ما مكَّنها من تشكيل مادة خام لصياغة أعمالها الأدبية، كالتذكير بديكتاتورية تشاوشيسكو في رومانيا، وصعوبة التأقلم مع الحياة في الغرب، وتجارب الأقلية الألمانية المهمشة في رومانيا.
والفائزة التالية هي الكندية أليس مونرو (2013) التي أخلصت لكتابة القصة القصيرة، ولم تكتب سوى رواية واحدة بعنوان "حياة الصبايا والنساء". كتبت أليس مونرو معظم أعمالها حول النساء، لكنها لم تزعم أنها مناضلة من أجل حقوقهن، وإن أقرت بأنها "نسوية"، "لأنني نشأت في جزء من كندا تكتب فيه النساء بشكل أسهل من الرجال. الكتاب الكبار والمهمون كانوا رجالاً، ولكن معرفة أن امرأة تكتب قصصا لن يشينها بقدر ما يشين الرجل الذي يكتب القصص، لأنها ليست مهنة رجال. هكذا كان الوضع عندما كنت شابة، لكنه لم يعد على ذلك النحو الآن". عندما فازت مونرو، باعتبارها "سيدة القصة القصيرة المعاصرة"، كانت قد تخطت الثمانين من عمرها وأعلنت أنها قررت التوقف عن الكتابة. ومنح جائزة نوبل لكاتب/ة يقتصر منجزه/ا على القصة القصيرة، هو حدث شديد الندرة. لكن الجائزة ذهبت في العام 2015 إلى البلاروسية سيفيتلانا أليكسيفيش، التي أعتبر فوزها كذلك "انتصاراً للقصة القصيرة"، في مواجهة هيمنة الرواية. وأليكسيفيش صحافية، لم يتوقع أحد أنها يمكن أن تفوز بالجائزة، بما أنها كانت في ذلك العام تنافس أسماء راسخة في الأدب العالمي، مثل الأميريكي فيليب روث والياباني هاروكي ماروكامي. والحقيقة أن "شهرة" هذه الكاتبة ارتبطت بأول رواية لها؛ "الوجه غير الأنثوي للحرب" التي نشرت في العام 1985 وباعت أكثر من مليون نسخة. لكنها أيضا وربما بمقدار أكبر أشتهرت بكونها محققة صحافية شغوفة بجمع الأدلة الوثائقية عن القتال ضد ألمانيا النازية، وكارثة تشيرنوبل وحرب أفغانستان.
في كتابه "التفاحة الذهبية: نساء نوبل الفائزات في الآداب"، الصادر حديثا عن "وكالة الصحافة العربية- ناشرون" في القاهرة، يتوقف الباحث خالد محمد غازي عند حقيقة أن الندرة هي سمة فوز امرأة بالجائزة الأبرز للآداب على مستوى العالم. فعدد مَن فُزن بتلك الجائزة حتى دورة العام 2017، هو 14 فقط، توزعن على قارات أوروبا وأميركا الشمالية وأميركا الجنوبية وأفريقيا. أحدث الفائزات قبل تلك الدورة كانت سفيتلانا أليكسيفيش (2015) من بيلا روسيا، والأولى كانت السويدية سلمى لاغرلوف (1909) والغلبة بالطبع كانت للأوروبيات.
يقول غازي: "لم ينطلق فوز هؤلاء النساء من فراغ، فالمشترك بينهن هو المعاناة الذاتية". ويضيف: كونهن نساءً ليس هو حافز تميزهن ومن ثم حصولهن على الجائزة". ويعكس فوز نساء بتلك الجائزة، على ندرته، ما نالته المرأة عموماً من حقوق، عبر نضال امتد لقرون عدة، انطلق من أوروبا، لإنجاز المساواة بالرجل، أساساً، وهو ما بات ملموساً في مجالات عدة، وإن اتسم تحققه عبر جائزة نوبل، بقدرٍ لا يتوازى مع انجازات المرأة عموماً، وفي الأدب بصفة خاصة. ولاحظ غازي في مقدمة الكتاب أن الحركات النسوية انقسمت إلى نوعين، الأول يدعو إلى حقوق مادية، منها التملك والتعليم والمساواة في الحقوق السياسية والقانونية، والثاني يدعو إلى حقوق معنوية وروحية، ومنها حرية الاعتقاد والفكر والثقافة. وترتب على ذلك استصدار مجموعة تشريعات أضافت الكثير إلى المرأة، منها المساواة في الأجور، وتحريم التمييز الجنسي في العمل، وإقرار الحق في الإجهاض.
الفائزة الاولى
وفي سرده لسيرة أول فائزة بجائزة نوبل في الآداب، توقف غازي عند مبادرتها في بداية الحرب العالمية الثانية بارسال ميدالية الجائزة إلى حكومة فنلندا لتعزيز جمع الأموال لمقاومة الغزو السوفييتي. كما أنها ساعدت الكثير من الكتاب والفنانين الألمان على الهرب من الاضطهاد النازي. بحلول عام 1895 قررت سلمى لاغرلوف ترك مهنة التدريس لتكرس نفسها للأدب. قامت برحلة إلى فلسطين في مطلع القرن العشرين وأقامت في القدس وعند عودتها لبلادها أصدرت كتاباً تضمَّن انطباعاتها عن هذه البقعة الفريدة من العالم. من أشهر مؤلفاتها: "رحلة نيلز هولغرسونز الرائعة عبر السويد" 1906 - 1907، "القدس" 1901 - 1902، "الروابط غير المرئية" 1894، "عجائب المسيح الدجال" 1897، "ملك البرتغال" و"البيت العتيق". كما تم اختيارها عضواً في الأكاديمية التي منحتها الجائزة في عام 1914. وفي عام 1928، حصلت على الدكتوراه الفخرية في الآداب من جامعة غريفس فالد الألمانية. وفي السويد، يوجد فندقان يحملان اسمها، كما أن منزلها الذي عاشت فيه في مدينة مورباكا، تحوَّل إلى متحف يضم مقتنياتها. وفي عام 1992، قررت الحكومة السويدية وضع صورتها على عملتها من فئة 20 كروناً.
والثانية كانت الإيطالية غراتسيا ديليدا (1926) ونوهت لجنة الجائزة بروايتها "الأم"، ومن أعمالها "البحر الأزرق" مجموعة قصصية نشرت عام 1890 ولاقت نجاحاً كبيراً، وروايات "نصوص سردينيا" 1892 و"زهور سردينيا" 1894 و"أرواح شريرة" 1896 ، و"عجوز الجبل" 1900 والتي تعتبر مفتاحاً للكثير من أعمالها ومنها روايات "الياس بورتولو"، "رماد" و"أموت أو احبك" 1903. وفي عام 1912 نشرت روايتين هما "أبيض غامض" و"الحب والحقد" وفي عام 1915 نشرت "الطفل المختبئ" و"ماريانا" ثم تلت ذلك برواية "الأم" عام 1920 و"إله الأحياء" في 1922.
والثالثة سيغريد اوندست (1928) من النرويج، وأبرز أعمالها ثلاثية روائية بعنوان "كريستين لا فراندراتر". ونوَّهت لجنة الجائزة بقدرتها عبر هذا العمل على وصف الحياة في البلاد الاسكندنافية خلال القرون الوسطى.
وجاءت في الترتيب الرابع الأميركية بيرل باك (1938) صاحبة رواية "الأرض الطيبة"، وهي كتبت في مذكراتها أنها تأثرت بقصة علاء الدين والفانوس السحري، وهي من قصص "ألف ليلة وليلة"، ولها إنتاج غزير ونظراً إلى أن معظم كتاباتها مستوحاة من الحياة في الصين لقبت ب"الكاتبة الصينية".وتلتها غابرييلا ميسترال (1945) وهي شاعرة من تشيلي واسمها الحقيقي لوثيا دي ماريا، ثم الشاعرة الألمانية نيلي زاكس (1966) وحصلت على الجائزة مناصفة مع شموئيل يوسف عجنون، وجمعهما الدفاع عن إسرائيل، ما أثار جدلاً واسعاً حول الاعتبارات السياسية التي تعمل وفقاً لها لجنة نوبل.
غورديمير وموريسون
لكن الفائزة التالية وهي نادين غورديمير (1991) لاقت ترحيباً واسعاً، لتميزها ككاتبة، ولنضالها الطويل ضد التفرقة العنصرية في بلدها، جنوب أفريقيا على الرغم من انتمائها لعائلة من البيض تناصب السود العداء. وغورديمر علقت على هذا الأمر بقولها إنها ليست شخصاً سياسياً بالفطرة. وقالت كذلك: "أنا أفريقية بيضاء البشرة ولست بيضاء من جنوب أفريقيا". وقوبل فوز التالية وهي الأميركية من أصل أفريقي توني موريسون (1993) بارتياح ، بما أنها امرأة بالطبع، فضلاً عن جدارتها ككاتبة، ولكونها أسهمت بقوة بعد جورديمر في كسر ما يشاع عن "عنصرية الجائزة".
وهنا يؤكد غازي أن "فوز موريسون لم يكن مجرد فوز مستحق، بل فتح فوزها الباب على مصراعيه لكل الكاتبات الزنجيات لأن يقلن للعالم نحن هنا". وقبل نوبل فازت موريسون في العام 1988 بجائزة بوليتزر. والتالية في القائمة (1996) هي الشاعرة البولندية فيسوافا شيمبوريسكا، التي جاء في حيثيات فوزها: "استطاعت من خلال شعرها المليء بالسخرية المريرة أن تعبر عن الواقع الإنساني المتشرذم. إن شعرها يكشف في سياق تاريخي وبسخرية دقيقة الحقيقة الإنسانية المشتتة". وبحسب ما ورد عنها في كتاب "التفاحة الذهبية"، تعد شيمبورسكا من أكثر الحاصلات على جائزة نوبل انخراطاً في العمل السياسي. لكن يأخذ عليها منتقدوها أنها شاركت في العام 1953 في التشهير بالرهبان الكاثوليك الذين حكم عليهم النظام الشيوعي في بولندا بالإعدام. وهي على أية حال سرعان ما انفصلت عن الحزب الشيوعي البولندي بعد العام 1966 وانخرطت في الجهود التي بذلها نشطاء للتصدي للمحاولات الشيوعية للتصدي لحرية الرأي. ربما لولا ذلك لما فازت بالجائزة التي كثيرا ما وجهت إليها تهمة محاباة مناوئي الشيوعية.
أما الفائزة التالية (2004) فهي النمسوية ألفريدي يلينيك، وتسبب فوزها في تقديم أحد أبرز أعضاء الأكاديمية السويدية، وهو كنوت أهنلوند استقالته، التي بررها بأن "لغتها الأدبية بسيطة، ونصوصها كتل كلامية، لا أثر لبنية فنية فيها، كما أنها خالية من الأفكار ومليئة بالخلاعة". وفي خلفية ذلك الاحتجاج الفني تجلى الاعتراض على أنه بالرغم من كونها ابنة لأب يهودي، "لم يعرف عنها ممارسة الطقوس اليهودية، في يوم من الأيام، واعتنقت الشيوعية بالرغم من أنها تلقت تعليماً دينياً متزمتاً في مدرسة كاثوليكية متشددة تضم عدداً لا بأس به من كارهي اليهود"! لكن الثابت هو أنها انشقت عن الحزب الشيوعي في النمسا لتشتهر كروائية وككاتبة مسرح تدافع بقوة عن حقوق المرأة. وكما امتنع نجيب محفوظ عن حضور حفلة تسليمه الجائزة في العام 1988، "لأنه لا يحب السفر"، فإن يلينيك اتخذت موقفاً مماثلاً لأنها "لا تحب الشهرة وتخاف من النجومية والزحام".
وفي العام 2007 فازت البريطانية دوريس ليسينغ بالجائزة، وتعد الأكبر عمراً بين من فزن بها، هي المولودة في العام 1919. لم تترك ليسينغ التي توفيت في العام 2013 نوعاً أدبياً إلا وطرقته، لتترك بعد رحيلها 60 كتابا في القصة القصيرة والرواية والشعر والنقد والمسر والأوبرا. وهي اعتمدت في كتبها غير الأدبية على التزامها الجاد بالشؤون السياسية والاجتماعية، معبرة عن الصدام بين الثقافات والظلم الفادح الناجم عن التفرقة العرقية والصراع بين عناصر متضاربة داخل شخصية الفرد، والانقسام بين ضمير الفرد ومصلحة الجماعة.
المناضلة الرومانية
والتالية في نيل نوبل في الآداب التي يعتبرها غازي "تفاحة ذهبية"، هي الألمانية المولودة في رومانيا، هيرتا مولر، وقد فازت في العام 2009. وبحسب غازي فإن في كل أعمال هيرتا مولر لا توجد أي مساحات لغير مقاومة الظلم والديكتاتورية، فلا حب ولا مشاعر عاطفية، بل حزن غير مدرَك لشخصياتها، وسرد لأناس عانوا من الظلم والطغيان، وقد استقت مولر من سيرتها الذاتية ما مكَّنها من تشكيل مادة خام لصياغة أعمالها الأدبية، كالتذكير بديكتاتورية تشاوشيسكو في رومانيا، وصعوبة التأقلم مع الحياة في الغرب، وتجارب الأقلية الألمانية المهمشة في رومانيا.
والفائزة التالية هي الكندية أليس مونرو (2013) التي أخلصت لكتابة القصة القصيرة، ولم تكتب سوى رواية واحدة بعنوان "حياة الصبايا والنساء". كتبت أليس مونرو معظم أعمالها حول النساء، لكنها لم تزعم أنها مناضلة من أجل حقوقهن، وإن أقرت بأنها "نسوية"، "لأنني نشأت في جزء من كندا تكتب فيه النساء بشكل أسهل من الرجال. الكتاب الكبار والمهمون كانوا رجالاً، ولكن معرفة أن امرأة تكتب قصصا لن يشينها بقدر ما يشين الرجل الذي يكتب القصص، لأنها ليست مهنة رجال. هكذا كان الوضع عندما كنت شابة، لكنه لم يعد على ذلك النحو الآن". عندما فازت مونرو، باعتبارها "سيدة القصة القصيرة المعاصرة"، كانت قد تخطت الثمانين من عمرها وأعلنت أنها قررت التوقف عن الكتابة. ومنح جائزة نوبل لكاتب/ة يقتصر منجزه/ا على القصة القصيرة، هو حدث شديد الندرة. لكن الجائزة ذهبت في العام 2015 إلى البلاروسية سيفيتلانا أليكسيفيش، التي أعتبر فوزها كذلك "انتصاراً للقصة القصيرة"، في مواجهة هيمنة الرواية. وأليكسيفيش صحافية، لم يتوقع أحد أنها يمكن أن تفوز بالجائزة، بما أنها كانت في ذلك العام تنافس أسماء راسخة في الأدب العالمي، مثل الأميريكي فيليب روث والياباني هاروكي ماروكامي. والحقيقة أن "شهرة" هذه الكاتبة ارتبطت بأول رواية لها؛ "الوجه غير الأنثوي للحرب" التي نشرت في العام 1985 وباعت أكثر من مليون نسخة. لكنها أيضا وربما بمقدار أكبر أشتهرت بكونها محققة صحافية شغوفة بجمع الأدلة الوثائقية عن القتال ضد ألمانيا النازية، وكارثة تشيرنوبل وحرب أفغانستان.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.