يقول الروح في الكتاب مقدس: "حَيَاةُ الْجَسَدِ هُدُوءُ الْقَلْبِ" (أم 14: 30). حين تتأمل هذه الآية البسيطة، تدرك كم أن الله يعرفنا أكثر مما نعرف أنفسنا. لا يقول راحة الجسد في كثرة النوم ولا قوته في الطعام، بل يربط بين سلام القلب وحياة الجسد. فالقلب (...)
في تلك اللحظة التي نُغلق فيها أعيننا ونضمّ أيدينا كمن يُسلّم قلبه، لا أحد يرانا. لا أحد يسمع الصوت الخافت الذي يعلو فقط في حضرة الله. نحن نظن أننا نُصلّي، لكن الحقيقة أننا في كثير من الأحيان نُجيد الهروب ونحن نُصلّي.
الهروب هنا ليس من الناس، بل من (...)
ثمة صباحات لا نفهمها.. نستيقظ من نومٍ ثقيل، نحاول أن نبدأ يومنا كالمعتاد، لكن هناك شيئًا ما معلق في القلب.. لا حدث يُفسّر ذلك، ولا حزن واضح، فقط فراغ صامت، ووخز غامض في الروح، كما لو أنّ شيئًا بداخلنا يتحلل ببطء ونحن لا نعلم ما هو.
نفتح النافذة، (...)
في زمنٍ تزدحم فيه الأصوات وتتنافس فيه العبارات على لفت الانتباه، أصبح الصمت عملة نادرة. لم نعد نحتمل لحظة صمت واحدة دون أن نُسرع إلى هواتفنا أو نملأ الفراغ بالكلام. نخشاه، كأنه وحشٌ يهاجمنا من الداخل. لكن الصمت، حين يكون لله، يتحوّل من فراغ إلى (...)
ليس من السهل أن ترفع قلبك إلى السماء، بكل ما فيه من ضعفٍ وتوق، ثم لا يأتي الردّ.. أن تهمس لله بكل ما يوجعك، أن تُلقي أمامه حمل السنين، أن تنتظر صوتًا، علامة، لمسة... ثم لا يحدث شيء.
هناك نوع من الألم لا تصفه الكلمات، حين تُصلّي بكل صدق، ولا يتغيّر (...)
كان يا مكان.. كان إنسانٌ مؤمنٌ ينهض كل صباح، يفتح عينيه على صلاته، يبتسم للسماء ويُسلّم قلبه لله، ثم يخرج إلى العالم. وفي قلب العالم، تنهشه الحياة. يتعثر، يُجرَح، يُخذَل، يبكي في صمت، ثم يطرح على ربه سؤالًا بريئًا حد الوجع: يا رب، لماذا أُهزم وأنا (...)
من وهو صغير، كان كريم متعود يروح مع مامته في كل مشوار، بس دايمًا تلاقيه ساكت. مش من النوع اللي يزن أو يطلب. لما يدخلوا محل ألعاب، يبص شوية ويمشي، ولما يعدوا على عربية آيس كريم، يبلع ريقه ويكمل الطريق من غير كلمة.
مامته كانت دايمًا تقول عليه "ابن ناس (...)
في لحظات الانتظار، حيث يبدو الصمت ثقيلًا والسماء بعيدة، يتسلل إلى القلب شعور مبهم بالتيه: أين الله مما يحدث؟ أين يده التي اعتدنا أن نلمسها حين تضيق بنا السبل؟ لكن الحقيقة الراسخة، التي لا يهزها تأخر الاستجابة ولا يضعفها طول الطريق، أن الله يعمل، حتى (...)
في صباح القيامة، لم تشرق الشمس كعادتها فقط على الكون، بل أشرقت على تاريخ الإنسان كلّه. لم تكن القيامة حدثًا عابرًا في سِجل الزمن، بل كانت نقطة فاصلة بين عالمين.. عالم يسوده الخوف، وعالم يسكنه الرجاء.
خرج المسيح من القبر لا ليبهر أعيننا بمعجزة، بل (...)
ليلة خميس العهد ليست ليلة عادية في الذاكرة المسيحية. إنها الليلة التي انحنى فيها الله، وغسل فيها أرجل الإنسان، وقسّم فيها جسده بين محبيه، وأعطاهم من دمه شربًا لحياة لا تنتهي. إنها الليلة التي تتجلى فيها المحبة لا كعاطفة، بل كفعل، لا كوصية، بل (...)
في أسبوع الآلام، لا يمر يوم دون أن يكشف لنا المسيح فيه شيئًا من سرّ قلبه وسرّ قلوبنا. ويأتي الأربعاء المقدس، كأشد أيام البصخة صمتًا خارجيًا، وأكثرها صخبًا داخليًا. إنه اليوم الذي تهاوت فيه أقنعة، وتجلّت فيه قلوب.. قلب يحب حتى الكسر، وقلب يخون حتى (...)
في مشهد لاهوتي تتقاطع فيه الرموز والدعوات، تقف الكنيسة القبطية في الثلاثاء من البصخة المقدسة التي لمخلصنا الصالح أمام ثلاث من أعظم أمثال السيد المسيح، وقد رواها بنفسه في أيامه الأخيرة على الأرض، ليوقظ القلب الإنساني من غفلته، ويعلن بوضوح أن مجيئه (...)
في أحد أكثر المشاهد الإنسانية عمقًا، يقف السيد المسيح أمام قبر لعازر، وقد مرَّ عليه أربعة أيام في ظلمة الموت، ليرفع عينيه إلى السماء وينادي بصوتٍ عظيم: "لعازر، هلم خارجًا" (يوحنا 11: 43). نداء لم يكن مجرد دعوة لعودة الجسد إلى الحياة، بل إعلان إلهي (...)
العلاقات مش بتموت فجأة. الحب مابيختفيش في يوم وليلة. اللي بيحصل غالبًا، إن طرف في العلاقة بيصحى كل يوم وهو حاسس إنه مش متشاف.. موجود، لكن كإنه قطعة أثاث.. لا حد بيلاحظ تعبه، ولا يسمّع له كلمتين حلوين، ولا حتى يحس إنه فارق.
التقدير مش وردة في عيد (...)
فيه حاجات لما بتحصل في العلاقات، ما بتكسرش القلب بس.. دي بتكسر الصورة اللي كنا شايفين بيها نفسنا في عين اللي قدامنا. ومن أكتر الحاجات دي وجعًا، هي الاستهانة بالمشاعر. مش لازم تبقى ضربة كبيرة.. ساعات مجرد كلمة، نظرة، تجاهل بسيط، ممكن يهزّ عمر كامل (...)
في صباحٍ هادئٍ من زمنٍ قد فات ولكن نحيا بسببه، وفي مدينةٍ متواضعة تُدعى الناصرة، حدث ما غيّر وجه التاريخ. لم يكن هناك جمهور، ولا أضواء، ولا جموعٌ تهتف. فقط فتاةٌ عذراء، قلبها نقي كصفاء السماء، وأجنحة ملاكٍ تدخل بسكون، حاملةً رسالة الله إلى (...)
زمان، كانوا بيحكوا عن الحب وكأنه نار، وشعلة بتشتعل ومافيش حاجة تقدر تطفيها. بس محدش كان بيحكي عن اللحظة اللي النار دي لما تهدى، تبقى جمرة صغيرة، وبعدين تتحول لرماد. محدش قال إن الخطر مش في الغياب ولا حتى في الخلافات، لكن في الملل اللي بييجي من غير (...)
فيه لحظة غريبة بتحصل بين أي اتنين، لحظة مش واضحة، مفيهاش خناقة، مفيهاش صريخ، مفيهاش قرار بالبعد.. بس فيها حاجة أخطر بكتير. لحظة الصمت اللي مفيهاش رجوع، اللحظة اللي بيبقى فيها كل واحد فيهم قاعد قدام التاني، لكنه حاسس إنه في عالم لوحده.
في البداية، (...)
في صمت الموقرين، وتواضع العظماء، أنهى الأنبا باخوميوس رحلته الأرضية بعد تسعين عامًا من العطاء والمحبة، تاركًا وراءه أثرًا خالدًا في سجل الكنيسة والتاريخ. لم يكن مجرد رجل دين، بل كان أبًا ورمزًا، صخرة يستند إليها الجميع في لحظات الشدة، وحكيمًا (...)
في رحلة الحياة، نبحث عن المعنى، نتساءل عن الغاية، ونحاول أن نجد موطئ قدم في عالم يموج بالتغيرات. لكن وسط كل هذا، تأتي هذه الآية من رسالة رومية، لتضع الحقيقة الكبرى أمام أعيننا: "لِأَنَّ مِنْهُ وَبِهِ وَلَهُ كُلَّ 0لْأَشْيَاءِ. لَهُ 0لْمَجْدُ إِلَى (...)
تمرُّ بنا الأيامُ بين مدٍّ وجزرٍ، بين أفراحٍ وأحزانٍ، بين لحظاتِ يقينٍ وأخرى من الشكِّ ولكن قد نجدُ أنفسَنا في أوقاتٍ نبحثُ فيها عن يدٍ تُمسكُ بنا، عن كلمةِ طمأنينةٍ وسطَ ضجيجِ الخوفِ، عن نورٍ في عتمةِ الطريقِ. حينَ تضعُفُ قوانا، ونرى الأبوابَ (...)
تمرُّ بنا الأيامُ بين مدٍّ وجزرٍ، بين أفراحٍ وأحزانٍ، بين لحظاتِ يقينٍ وأخرى من الشكِّ والتساؤلِ. قد نجدُ أنفسَنا في أوقاتٍ نبحثُ فيها عن يدٍ تُمسكُ بنا، عن كلمةِ طمأنينةٍ وسطَ ضجيجِ الخوفِ، عن نورٍ في عتمةِ الطريقِ.
حينَ تضعُفُ قوانا، ونرى (...)
نحنُ نعيشُ في عالمٍ يبحثُ فيهِ الجميعُ عن الرضا، لكنَّ معظمَنا يبحثُ عنهُ في الأماكنِ الخاطئةِ. نُحاولُ أن نُرضيَ الناسَ، فنكتشفُ أنَّهم لا يكتفونَ أبدًا. نُحاولُ أن نُرضيَ أنفسَنا، فنتوهُ بينَ الرغباتِ التي لا تنتهي. لكن، ماذا لو كانَ الرضا (...)
هناك نوعانِ من الناسِ في الحياةِ: أشخاصٌ يصغونَ للحكمةِ فينضجونَ، وآخرونَ يتكلمونَ بلا وعيٍ فيسقطونَ. الحكيمُ لا يُقاسُ بكمِّ المعلوماتِ التي يملكُها، بل بقدرِ ما يستقبلُها ويتفاعلُ معها. والغبيُّ ليسَ فقط من يجهلُ، بل هو من يرفضُ التعلُّمَ رغمَ (...)
هناك شيءٌ وضعه اللهُ في كلِّ واحدٍ مِنَّا، شيءٌ مميزٌ، مختلفٌ، غيرُ مكرَّرٍ. قد يكونُ موهبةَ الكلامِ، أو الكتابةِ، أو العزفِ، أو القيادةِ، أو حتى القدرةِ على الاستماعِ إلى الآخرينَ بحبٍّ واحتواءٍ. لكن معَ انشغالِ الحياةِ وضغوطِها، نجدُ أنفسَنا (...)