تمر اليوم الذكري الثامنة و الأربعون لإعتناق ملاكم و رياضي القرن (كاسيوس مارسيليوس كلاي جونيور) الشهير بعد إسلامه ب(محمد علي كلاي) حيث نجد في إسلامه قصة و عبرة و عظة و أيقونة لمن كان في الهاوية ثم وصل إلى صخرة صلبة ألا و هي (الإيمان) حيث تحول الملاكم الجبار (كاسيوس كلاي) إلى بطل في رحاب الإيمان باسم (محمد علي كلاي) كدليل قاطع على سماحة الإسلام و كرد عملي على كل من يتهم الإسلام بأنه دين عنف و تأخر و لكن في قصة (كلاي) الدليل القاطع على رُقي الإسلام و تعلقه بالتطور و التقدم. (مباراة لمحمد علي كلاي مع فريزر) تأتي قصة إسلام (كاسيوس مارسيليوس كلاي جونيور) و تعني كلمة (كلاي) بالإنجليزية بالفخار أو الطين و كانت تلك الكلمة تشعل مشاعرًا غاضبة في نفس الملاكم الجبار لما تحمله من نفحات عنصرية و لإلصاق هذا الاسم في أحد جدوده أثناء فترة العبودية و كان (كاسيوس مارسيليوس كلاي جونيور) قد فاز عام 1960 في دورة روما الأولمبية عام 1960 بالميدالية الذهبية للملاكمة في وزن الخفيف المتوسط ليرفع علم بلاده في المحافل الأولمبية بعزف السلام الوطني الأمريكي (فليحمي الله أمريكا) و يُرفع العلم كشرف يحلم به كل لاعب في أي رياضة في الأولمبياد و عند عودته من روما إلى أمريكا وجد الفتيات البيض يلتفن حوله لما يتمتع به من بطولة و جاذبية في نفس الوقت و كان قاب قوسين أو أدنى من الزواج من فتاة بيضاء أحبها و لكن جاء والدها رجل أعمال شهير يرفض هذا الزواج و يقول له (لو أتيت بمائة ميدالية ذهبية فأنت أسود و زنجي لا يصح أن تقترب من أسيادك). (كاسيوس كلاي يحرز ذهبية أولمبياد روما 1960) بعد هذه الواقعة شعر (كاسيوس كلاي) بالإهانة و وقف مجروحًا عند نهر المسيسيبي و شعور الغضب يزداد أجيجه في قلبه فأراد أن يطفيء تلك النيران التي لامست كرامته فقال بمنولوج فردي و كأنه يناجي النهر و معه الميدالية الذهبية (لقد أحرزت لكم هذا الإنجاز من أجل رفع رؤوسكم لكنكم لا تستحقون هذا المجد و الإنجاز) فإذ به يُلقي بالميدالية في النهر و الألم يعصر قلبه بسبب تلك الغرطسة الشرسة من أمريكا التي نهجت العنصرية و إزدادت شراسة العنصرية في الستينات و هنا تحدى كلاي نفسه بأن قام بالتدريب الشاق من أجل التحول من عالم الهواة إلى عام الإحتراف و بدأ مشواره الإحترافي عام 1960 ليتدرج من مباراة إلى أخرى لكي يصل إلى بطولة العالم في الوزن الثقيل. (محمد علي كلاي مع مالكولم إكس) في عام 1964 صُدم العالم صدمة كبيرة حينما وجد الملاكم الصغير ذو الثانية و العشرين من عمره (كاسيوس كلاي) يفوز على بطل العالم الملاكم الكبير ذو (الضربة الصارخة) سوني ليستون ليقتنص منه بطولة العالم حينما أصابه كلاي إصابة كبيرة في حاجبه فكان قرار الحكم بعدم إكمال اللقاء و فوز البطل الجديد (كاسيوس كلاي) ليصرخ صرخته الشهيرة (أنا الأعظم). (محمد علي يخطب بجماعة أمة الإسلام و من خلفه الأليجا محمد) في عام 1964 كان كلاي على صلة كبيرة ب(مالكولم إكس) الداعية الإسلامي الشهير و المتحدث باسم جماعة (أمة الإسلام) و أراد (كاسيوس كلاي) أن يغير اسمه من (كلاي) إلى اسم آخر فكان اختيار مالكولم إكس لاسم (كاسيوس إكس) و (إكس) تعني المجهول في علم الرياضيات حيث استخدم الأفروأمريكان هذا الاسم كناية على عدم معرفتهم بالأسماء الحقيقية لأجدادهم الأفارقة الذين نزحوا من براثن العبودية إلى بلاد العم سام و أراد كلاي أن يزيح اسم (كلاي) لقسوة معناه. (محمد علي يصلي) في عام 1965 فاجأ كلاي العالم مثلما فاجأهم بهزيمة (سوني ليستون) في العام الذي يسبقه بالتحديد يوم 7 فبراير من عام 1965 بإعتناقه الإسلام حيث كان لمالكولم إكس دور كبير في إدخاله الإسلام و كان مستشاره الديني و ساهم في مقابلته بالأليجا محمد زعيم (أمة الإسلام) و قام (الأليجا محمد) بتسميته باسم (محمد علي) و تم حذف اسم كلاي ليكون لاسم محمد علي الأفضلية و الانتصار على اسم (كاسيوس كلاي) و (كاسيوس إكس) في وقت واحد و ليكون للإسلام دور في أن يشعره بأدميته و يفتخر بلونه و ليس بنبذ ما خلقه الله عليه ليؤكد للعالم أن الإسلام دين رقي و إحترام لا دين عنصرية و إقحام. كان محمد علي له إنتماء لجماعة أمة الإسلام و عندما ترك مالكولم إكس جماعة أمة الإسلام و حدث خلاف مع الأليجا محمد نتيجة لشعور مالكولم إكس بأن هذا الإسلام ليس بالإسلام الصحيح في تلك الجماعة مما دفعه للذهاب إلى الحج ليتعلم الإسلام الصحيح و يتجول في بلاد العالم الإسلامي ليتحول بمنتهى الأريحية من (مالكولم إكس) إلى (الحاج مالك شاباز). في مايو من عام 1965 إنتصر محمد علي على سوني ليستون للمرة الثانية بالضربة القاضية حيث أحرز رقمًا قياسيًا بأسرع ضربة قاضية في الجولة الأولى ليكون الفوز هنا و هو محمد علي و يسجد لله شاكرًا عكس ما كان يقول (أنا الأعظم) قائلاً: الأعظم هو الله. (محمد علي يقبل الحجر الأسود و هو يحج) بعد كل مباراة كان يقوم بعمل عمرة و حج إلى بيت الله في السبعينات و في فترة السبعينات حضر له إمام الدعاة (محمد متولي الشعراوي) مباراة و كان يدعو له بالنصر و كان كلاي بعد كل مباراة يسجد لله شاكرًا و يرفع المصحف عاليًا و يقبله ليثبت للعالم أن هذا الدين هو الذي جعله بطلاً للعالم لإستمساكه بكتاب الله الكريم. أختبر محمد علي في إسلامه حينما أستدعي للتجنيد عام 1966 حيث فشل في الإلتحاق بالتجنيد عام 1964 لعدم إجادته القراءة و الكتابة أما في عام 1966 صُنف بمستوى (أ) ليلتحق بالجيش لكن محمد علي رفض الإلتحاق بالجيش لخوض حرب فيتنام قائلاً: (هذه الحرب ضد تعاليم القرآن و إننا كمسلمين ليس من المفترض أن نخوض حروبًا إلا إذا كانت في سبيل الله و رسوله). و أضاف: (لن أحارب فيت كونج الجيش الشيوعي في فيتنام لأن هذا الجيش لم يلقبني بالزنجي). (محمد علي يلاكم جورج فورمان بمبارة القرن بزائير 1974) بسبب هذا الرفض تم سحب لقب بطولة العالم من محمد علي و أيده الكثير من مؤيدييه لموقفه الإنساني الذي نهله من الدين الحنيف و تأكد صحة رأي كلاي بعد الهزيمة النكراء التي تلقاها الجيش الأمريكي في فيتنام و عاد محمد علي كلاي بأمر المحكمة لحلبة الملاكة عام 1970 ليقابل (جون فريزر) ثلاث مرات فاز كلاي في مباراتين و خسر مباراة عام 1971 ليحاول كلاي إستعادة لقبه فكان يريد مقابلة فريزر الذي مني بهزيمة نكراء من (جورج فرومان) فقابله كلاي في (مباراة القرن) بزائير تحت رعاية الرئيس الزائيري (موبوتو سيسيكو) و سميت المباراة بمباراة الغابة ليفوز كلاي بالضربة القاضية على فورمان و يستعيد بطولة العالم و يسجد لله شاكرًا و يرفع المصحف عاليًا مؤكدًا أن هذا الدين حول اسم (كلاي) أو الفخار من معني عنصري به أشواكه إلى فخار به زهور الإيمان و لندعو الله عز وجل له بالشفاء العاجل و أن يصبر على تعب المرض ليكون في ميزان حسناته ، اللهم آمين.