أحتفل اليوم الرئيس الأمريكي باراك أوباما باليوبيل الذهبي لخطاب الزعيم الكبير و المناضل العظيم مارتن لوثر كنج الذي صرخ في وجه العنصرية تلك الآفة البغيضة التي كادت أن تمزق الوحدة الأمريكية في عهد الرئيس الأمريكي رقم 16 إبراهام لينكولن أثناء الحرب الأهلية الأمريكية من العام 1861 حتى العام 1865 و كادت المأساة أن تتكرر في ستينيات القرن العشرين و لكن جاء هذا المارد ليدعو بسلميته المتزنة أبناء جلدته أن يواجهوا المأساة بالحلم عند النصب التذكاري لمحرر العبيد إبراهام لينكولن دلالة على أن الأفكار لا تموت ما دام الخير عنوانها في صفحات الخلود. جاءت تلك الفكرة لقس كنيستي أتلانتا و إليبنزر يوم 28 أغسطس من العام 1963 بعد أن تفشت العنصرية بأنيابها في الجسد الأمريكي و أصبح النفور سمةً أمريكية بين البيض و السود مما وضع أمريكا على مطاف حربًا أهلية جديدة كادت أن تنفجر لولا حكمة كنج الذي جمع أبناء جلدته و إنضم إليهم عددَا كبيرًا من البيض ليضعوا نقطة الفصل لهذا الخطر الكبير على الدولة العالمية الأولى. أختار كنج في العاصمة الأمريكية واشنطون دي سي نقطة الإلتقاء أمام تمثال إبراهام لينكولن و كأنه أراد مشاركته ولو بالروح و الرمزية حتى يدين النظام القائم على إغفاله لمنجز هذا الرئيس الذي أنقذ أمريكا من التشرذم في مرحلة غاية في الخطورة كادت أن تسبق بمئات السنين تشرذم الاتحاد السوفيتي و بدأ كنج خطابه بهذا المفتتح: (قبل مائة عام أعلن أحد الأمريكيين العظام و الذي الآن نقف في أثر من آثاره بيان التحرير كان ذلك القرار الخطير بمثابة شعلة تهتدي بها آمال الملايين من العبيد الزنوج الذين أنهكهم لهيب الظلم المُهلك فجاء القرار كالفجر المبتهج لُينهي ليل العبودية الطويل و لكن و بعد مائة عام لا يزال الزنجي غير حر ، بعد مائة عام لاتزال حياة الزنجي مكبلة بقيود العزل العرقي و أغلال العنصرية ، بعد مائة عام لايزال الزنجي يعيش على جزيرة فقر وحيدة في وسط محيط فسيح من الرخاء الاقتصادي). نجح مارتن لوثر كنج في حشد 250,000 من مناصري الحقوق المدنية ليُغير المفهوم المأخوذ عن الزنجي بالبلاهة و الإستكانة عبر بلاغته الخطابية و كاريزمته الزعامية و تأكد ذلك من خلال إختيار تلك الخطبة من أهم الخطب الأمريكية طبقًا لتصويت كتاب الخطب الأمريكيين و زاد من نجاح تلك الخطبة ما قاله النائب جون لويس في مجلس النواب الأمريكي: (لقد كان لدى الدكتور كنج المقدرة و القوة على تحويل درجات لينكولن التذكاري إلى منبر. و لقد ألهم و علم و أعلم كنج بالطريقة التي تحدث بها ليس فقط الحاضرين المستمعين و لكنه ألهم و علم و أعلم الناس في كل أمريكا و الأجيال القادمة التي لم تولد بعد). أضاف كنج في خاتمة الخطبة كلمة مرتجلة تشاطر الكلام المكتوب من أجل إرسال الحماس إلى القلوب بمقولة (لدي حلمًا) و التي إقتبسها من أغنية المطربة الأفروأمريكية (ماهاليا جاكسون) (قل لهم عن الحلم يا مارتن) و التي تحولت إلى حقيقة منطوقة تناقلتها الألسنة البيضاء و السوداء وقت هذا الحدث الكبير. حضر هذا الحدث الكبير كبار مشاهير أمريكا من مجالات مختلفة ما بين البيض و السود كالممثل الأمريكي مارلون براندو و النجم شارلتون هيستون و النجم الأفرو أمريكي سيدني بواتيه و الكاتب الأمريكي ذو النزعة الجارفية جيمس بولدوين و غيرهم من الشخصيات الشهيرة كناية عن جدية و أهمية هذا الحدث الذي أشرك الأمة في الحلم. إن هذا الحلم لم يكن وهمًا و ضربًا من ضروب أحلام اليقظة بل تحول هذا الحلم إلى واقع ملموس جيلاً بعد جيل في مجالات شتى أحرز فيها الأفروأمريكان إنتصارات مبهرة غيرت فكرة كسل الزنوج و ضعفهم إلى أن وصل باراك أوباما للمكتب البيضاوي بالبيت الأبيض ليذكر كلمات هذا المناضل الكبير في حفل تنصيبه الرئاسي يوم 20 يناير من العام 2009 الذي أثبت أن الجسد المدفون يظل حاضرًا بنورية حلمه المشروع. خطاب مارتن لوثر كنج الشهير (لدي حلمًا) العام 1963