تتصدر الصكوك والسندات خيارات الاستثمار في القطاع المالي بالنسبة للمستثمرين الراغبين بالحصول على عائد مقبول في ظل مخاطرة منخفضة، حيث تجمع هذه الإصدارات بين إيجابيات الاستثمار في أسواق الأسهم من حيث العائد وبين ضمان أو أمان الاستثمار في الودائع المصرفية، بحسب خبراء ومسؤولين في القطاع . استحوذت دولة الإمارات على نحو 23% من إجمالي إصدارات الصكوك والسندات الخليجية خلال النصف الأول من العام الجاري، وهو ما يعادل ما قيمته نحو 5 .8 مليار دولار (2 .31 مليار درهم)، لتحتل بذلك، وفقاً لتقرير المركز المالي الكويتي، المركز الأول خليجياً في عدد الإصدارات من حيث القيمة والعدد على السواء . ويقول سامح القبيسي مدير عام مجموعة تغطية المؤسسات والشركات في قطاع الأسواق المالية في بنك أبوظبي الوطني، إن السندات والصكوك أفضل الخيارات الاستثمارية الثلاثة في القطاع المالي، من حيث إنها تحقق للمستثمرين عائداً جيداً يشابه عوائد الأسهم، في ظل مخاطرة تقارب مخاطرة الاستثمار في الودائع المصرفية . ويتوقع القبيسي نمو الإصدارات الخليجية عموماً والإماراتية خصوصاً، من الصكوك والسندات على ثلاثة مستويات رئيسة، الأول هو إصدار مؤسسات وشركات تتمتع بسيولة جيدة وتسعى إلى تعزيزها بكلفة قليلة عبر إصدارات تتحكم بسعرها، لأن المستثمرين ببساطة يدركون سلفاً أن الشركة ليست بحاجة ملحة لهذا الإصدار . أما المستوى الثاني فهو يضم وفقاً للقبيسي، الشركات التي تتمتع حالياً بمعطيات أو مقومات ائتمانية جيدة وتحتاج إلى طرح أو إصدار السندات والصكوك لتغطية التزامات مالية مترتبة عليها خلال العام الجاري، وبالتالي فهي ستبدأ ترقب الفرصة المناسبة لطرح إصدارها بأقل كلفة ممكنة، على حد قوله . وينتمي للمستوى الثالث أو الفئة الثالثة في تقسيم مدير عام مجموعة تغطية المؤسسات والشركات، الشركات الخاصة أو المؤسسات غير المدرجة من جهة، على غرار برنامج الصكوك الذي طرحته مجموعة ماجد الفطيم، ومن جهة ثانية القطاعات الجديدة التي لم تشهد سابقاً طرحاً لسندات أو صكوك مثل قطاع الاتصالات . وتأثر إصدار الصكوك والسندات العام الماضي بأزمة الديون الأوروبية وتقلبات الأسواق الدولية، ولكن محلياً اختتم بنك الاتحاد الوطني وشركة “طاقة" ومصرف أبوظبي الإسلامي الربع الأخير منه بصفقات ناجحة، وكانت سندات شركة الاستثمارات البترولية الدولية الأضخم بقيمة 75 .3 مليار دولار وفترة استحقاق حتى 2041 . ووفقاً للإحصاءات الصادرة عن بنك أبوظبي الوطني، فقد بلغ حجم الصكوك المصدرة في منطقة الشرق الأوسط نحو 3 .5 مليار دولار في عام 2011 من خلال 11 إصداراً، وذلك بنسبة نمو بلغت 14% مقارنة مع عام 2010 الذي سبقه، كما شكلت الصكوك نحو 19% من إجمالي حجم أسواق الدين في منطقة الشرق الأوسط . وبحسب نائب الرئيس التنفيذي لأحد البنوك الوطنية، فإن العديد من البنوك والمؤسسات المدرجة في أسواق المال المحلية، لايزال بحاجة لإصدار سندات أو صكوك هذا العام والعام المقبل، وذلك لأسباب عدة يتصدرها الوفاء بالتزامات مالية ترتبت على قروض سابقة حصلت عليها هذه المؤسسات قبيل الأزمة العالمية عام 2008 . أما السبب الثاني في مبررات الشركات المدرجة إلى إصدارات جديدة من أوراق الدين، وفقاً للمصدر الذي فضل عدم ذكر اسمه، فهو حاجة هذه الشركات إلى السيولة الكافية لتعزيز ملاءتها المالية أوتنفيذ خططها التوسعية والتنفيذية، دون أن ترهق ميزانياتها وتضغط على أرباحها ونتائجها ما ينعكس على سعر سهمها في الأسواق . وشدد نائب الرئيس التنفيذي على أن الكثير من برامج الإصدارات التي أطلقتها الشركات والمؤسسات المحلية أو بتعبير آخر حصلت على موافقات رسمية حولها، لا تزال تنطوي على جزء كبير أو حصة كبيرة منها لم يطرح بعد، وهو ما يعزز التوقعات باستمرار تصدر دولة الإمارات لعمليات الإصدار الخليجية هذا العام والذي يليه . إقبال على الإصدارات الخليجية تتوقف جاذبية الاستثمار في أوراق الدين على عاملين اثنين بحسب الخبير المصرفي أمجد نصر، وهما الجهة المصدرة له والعائد منه، فإما أن يكون الإصدار جذاباً من حيث ضمانه أو ضعف المخاطرة فيه، كما هو الحال في الإصدرات الحكومية أو شبه الحكومية، أو أن يكون عائده كبيراً ومغرياً في حال ضعفت الملاءة المالية للمصدر . ويوضح الخبير نصر أن الصكوك والسندات تقف في المنطقة الوسطى بين الأسهم والودائع المصرفية من حيث العائد والمخاطرة بشكل عام، فالودائع تتفوق عليها بقلة المخاطرة ولكنها أقل عائداً، في حين تأتي الأسهم في مقدمة الخيارات الثلاثة من حيث العائد والمخاطرة معاً، رغم أن أسواق الأسهم تبدي تحسنا ملحوظاً هذا العام . وشدد نصر على ضرورة الانتباه إلى التصنيف الائتماني للشركات الخاصة الطارحة للصكوك والسندات، والتأكد من قدرتها على الوفاء بالتزامتها تجاه المستثمرين، وتحديداً في السندات التي لا تضمن حقوق المستثمرين في حالات التعثر، على عكس الصكوك التي تنطوي على ضمانات مادية أو حقيقية وفقا لأحكام الشريعة الإسلامية . ولفت نصر إلى إقبال المستثمرين على إصدارات دول مجلس التعاون الخليجي من سندات وصكوك، وخاصة الحكومية منها، نظراً لإيمان المستثمرين العالميين بأن هذه الإصدارات أفضل قيمة مقارنة بالسندات السيادية لدول أخرى، أوسندات شركات مماثلة في المجال وحاصلة على ذات التصنيفات الائتمانية في الدول المتقدمة . وشهدت الدولة خلال أول شهرين من العام فقط، إصدارات 6 شركات وطنية بلغت قيمتها الإجمالية نحو 2 .3 مليار دولار، تضمنت بنك الخليج الأول ومصرف الإمارات الاسلامي بقيمة 500 مليون دولار لكل منهما، شركة “دولفين" بقيمة 3 .1 مليار دولار، “طاقة" 650 مليون رينجت ماليزي، و"ماجد الفطيم" 400 مليون دولار . المصدر: الخليج الاقتصادي الإماراتية