على الرغم من قرار الاتحاد الأوروبي الذي صدر مؤخراً بزيادة الدعم المُقدَم إلى البنوك الأسبانية، ترى مجموعة QNB أن هذه الإجراءات قد لا تكون كافية ولابد من الكشف عن تفاصيل إجراءات الإنقاذ وتعافي الاقتصاد الأسباني لوضع البنوك الاسبانية على ارض صلبة. ارتفعت القروض التي حصلت عليها البنوك الأسبانية من البنك المركزي الأوروبي إلى مستويات قياسية بلغت 337 مليار يورو بحلول شهر يونيو 2012، وهو ما يمثل سبعة أضعاف حجم القروض في يونيو عام 2011. ويأتي هذا الارتفاع المُفرِط في القروض التي حصلت عليها البنوك الأسبانية بشكل أساسي نتيجة لقرار البنك المركزي الأوروبي منح قروض للبنوك في منطقة اليورو بقيمة 1.1 تريليون يورو بفائدة مُخَفضة بنسبة %1 من خلال شريحتين صدرتا خلال شهر ديسمبر 2011 وشهر فبراير 2012. قروض البنك المركزي الأوروبي لأسبانيا وأسعار مقايضة الائتمان الافتراضي. غير أن توفير هذه السيولة الرخيصة أثبت أنه لم يكن كافياً وبالتالي قدم الاتحاد الأوروبي في 9 يونيو دعماً إضافياً بقيمة 100 مليار يورو، بل إنه في 29 يونيو قرر تقديم هذا الدعم مباشرة إلى البنوك وليس عن طريق الحكومة الأسبانية المثقلة بالديون. وترى مجموعة QNB أن هذه الإجراءات ما هي إلا البداية نظراً لأن البنوك الأسبانية تمر بعملية طويلة لتنظيف ميزانياتها العمومية. لا تزال البنوك الأسبانية تعاني من ضغوط الأصول المسمومة والتي يعود معظمها إلى انفجار فقاعة القطاع العقاري منذ أربع سنوات. فقد ارتفعت معدلات ملكية السكان للمنازل إلى أكثر من %75 نتيجة لتغيير قوانين الضرائب وتشجيع امتلاك المنازل مما أدى إلى زيادة قروض الرهن العقاري والتي وصلت حسب التقديرات إلى 627 مليار يورو في نهاية عام 2011. ويشير تقرير أصدره مؤخراً صندوق النقد الدولي إلى أن نسبة القروض المتعثرة في البنوك الأسبانية ارتفعت من %0.9 في عام 2007 إلى %7.6 في عام 2011 ليصل مجموعها إلى 136 مليار يورو من إجمالي القروض. وتمثل القروض المتعثرة في قطاع العقارات والإنشاء %72 من إجمالي هذه القروض المتعثرة. ستأتي حزمة إنقاذ الاتحاد الأوروبي للقطاع البنكي الأسباني من صندوق الاستقرار المالي لدول منطقة اليورو والذي وافق بالفعل على تقديم 30 مليار يورو في شهر يونيو. ومن المقرر تقديم 45 مليار يورو أخرى من خلال ثلاث شرائح خلال السنة القادمة والتي ستعتمد على دراسة وتقييم خطط زيادة رأس مال كل بنك على حِدة. كما سيتم توفير 25 مليار يورو لشراء الديون التي سيكون من الصعب بيعها في أسواق الدين. على الرغم من هذه الإجراءات، لا تزال الأسواق ومؤسسات التصنيف الائتماني غير مقتنعة بجدواها وترى أن جهود الإنقاذ غير كافية. وارتفعت أسعار مقايضة الائتمان الافتراضي، وهي وسيلة للتأمين ضد التعثر في السداد، على السندات الأسبانية المستحقة بعد خمس سنوات إلى 599 نقطة في شهر مايو. وبالرغم من الإعلان عن خطط الإنقاذ الجديدة ظلت أسعار مقايضة الائتمان الافتراضي مرتفعة عند 554 نقطة في 13 يوليو. كما أن مؤشر آخر على نظرة الأسواق وهو العائد على السندات الحكومية المستحقة بعد 10 سنوات ارتفع إلى مستويات جديدة ليتجاوز %7 خلال الشهر الجاري. ويظهر الارتفاع في مستوى المخاطر في التغييرات على التصنيف الائتماني حيث قامت مؤسسة موديز في 26 يونيو، أي قبل يوم واحد من القمة الأوروبية، بتخفيض التصنيف الائتماني لديون الحكومة الأسبانية بالإضافة إلى 28 بنكا أسبانيا. يرجع أحد أهم الأسباب وراء رد الفعل السلبي للأسواق إلى ضخامة النظام المصرفي الأسباني سواء بالنظر إليه في حد ذاته أو بالمقارنة مع الأنظمة المصرفية الأخرى حيث يتجاوز حجمه ثلاثة تريليونات يورو وهو أكثر ثلاث مرات من الناتج المحلي الإجمالي في أسبانيا. كما أن تطبيق إجراءات تشريعية جديدة يتطلب زيادة المخصصات ضد الديون المتعثرة من %7 حالياً إلى %30، وهو ما سيؤدي إلى فجوة في رأس مال البنوك في ميزانياتها العمومية بقيمة 30 مليار يورو. علاوة على ذلك، يتعين على البنوك الأسبانية إعادة تمويل سندات مستحقة خلال العام الجاري بقيمة 600 مليار يورو، والتي يبدو الإقبال عليها ضعيفاً في حين ترتفع تكلفة خدمة هذه الديون. يؤدي الضعف الاقتصادي والوضع المالي إلى مزيد من التعقيد في أوضاع القطاع البنكي نظراً لاستمرار الانهيار في القطاع العقاري الأسباني حيث تراجع المؤشر العقاري بنسبة %8.3 في شهر يونيو مقارنة مع نفس الشهر من عام 2011. كما ارتفعت معدلات البطالة إلى %24، وارتفع معدل الدين العام بالنسبة للناتج المحلي الإجمالي ليتجاوز %140، وبلغ العجز %8.5 من الناتج المحلي الإجمالي. وسط هذه الأوضاع، تصبح مقبولة تقديرات الأسواق والتي ترى أن أسبانيا بحاجة إلى أكثر مما هو معروض حالياً لكي تستطيع تحسين الأوضاع في النظام البنكي. وترى مجموعة QNB أن قيام الحكومة الاسبانية بمزيد من الجهود لاستعادة النمو في الاقتصاد سيكون العامل الأساسي في خروج النظام المصرفي من أزمته. المصدر: الوطن القطرية