نبهت الدراسة التي أجراها د.أحمد عبدربه، الباحث السياسي، واستاذ السياسة بكلية الإقتصاد والعلوم السياسية، والخاصة بشأن إمكانية حدوث إنقلاب عسكري ناعم على السلطة في مصر، والتي كانت "أموال الغد" قد انفردت بنشرها منذ أسابيع قليلة، لإمكانية حدوث سيناريوهات وخيمة قد تضرب بنتائج الإنتخابات الرئاسية عرض الحائط، وأن تعيد إفراز النظام العسكري من جديد، وأن تدخل مصر موجة من "الحرب الأهلية".. وأفرزت تلك التوقعات تكهنات موازية بإمكانية تكرار سيناريو الجزائر 1991، في ظل الصعود القوى لقوى التيار الإسلامي على الساحة السياسية وسيطرتهم على أغلبية البرلمان، في الوقت الذي يسعون فيه بقوة للفوز بكرسي الرئاسة. ويتلخص السيناريو الجزائري في أنه عقب الإنتخابات البرلمانية في أواخر العام 1991، التي حققت فيها الجبهة الإسلامية للإنقاذ فوزا كبيرًا، أنزعج قادة الجيش، فطلبوا من الرئيس الجزائري الشاذلي بن جديد إلغاء نتيجة الانتخابات لمنع الإسلاميين من تولي السلطة التشريعية في البلاد، لكنه رفض لأنه وعد شعبه باحترام نتائج صناديق الاقتراع فأجبره قادة الجيش على الاستقالة في 11 يناير 1992، وشكلوا مجلسا أعلى لحكم الجزائر برئاسة محمد بوضياف كما قاموا باعتقال 5 آلاف من أتباع الجبهة الإسلامية للإنقاذ وألقوا بهم في السجون بالصحراء الكبري.. و انزلقت الجزائر لنفق مظلم من الحرب الأهلية استمر أكثر من 10 سنوات دون أن تظهر نقطة ضوء واحدة تبشر بنهايته حتى سقط من الجزائريين ما بين 150 إلى 200 ألف قتيل. وحذّر عد من الخبراء والمراقبين من إمكانية تكرار هذا السيناريو مرة أخرى، أبرزهم كمال حبيب، رئيس حزب السلامة والتنمية، التابع لجماعة الجهاد في مصر، الذي أكد على إمكانية حدوث ذلك السيناريو الدامي، الذي يؤدي بدوره إلى نوع من "الحرب الأهلية".. وكان الشيخ حازم صلاح أبوإسماعيل، المرشح الإسلامي المستبعد من خوض الانتخابات الرئاسية، قد أكد على أن سيناريو الجزائر لن يتكرر في مصر، خاصة أن الجزائر كان صعود الاسلاميين من خلال "انتخابات تشريعية" أما الوضع في مصر فمختلف، خاصة أن صعودهم كان من خلال "الثورة الشعبية الهائلة التي أطاحت بنظام الرئيس السابق حسني مبارك". سيناريو 1954 ومن أبرز تداعيات الصدام الحادث الآن بين الشارع والمجلس العسكري، إعادة فكرة تحقق السيناريو الذي شهدته مصر من قبل في أعقاب ثورة يوليو، وبالتحديد في 1945 ، عندما تم حل مجلس الشعب، وتولى مجلس قيادة الثورة حكم مصر رسميًا، بما يعزز إمكانية تحقق سيناريو "الانقلاب الناعم على السلطة من قبل المجلس العسكري"، بعد تزايد عمليات التخوين والتشكيك، وارتفاع سقف الانتقادات التي توجه له، تزامنًا مع حالة الصدام الحالية التي يواجهها مع معظم القوى السياسية في مصر، والتي تطالب بعدم الخروج الآمن للمجلس العسكري، ومحاسبته عن الاخطاء التي اقترفها في إدارته للمرحلة الانتقالية، فضلا عن تحميله مسئولية كثير من الأحداث الدامية التي شهدتها مصر خلال تلك الفترة، بما يعني أن قيادات العسكري مهددة بمصير غامض يحيطه ضبابية كبيرة في حالة تسليم السلطة لرئيس مدني منتخب، خاصة في أعقاب ارتفاع نبرة المتظاهرين وتصعيدهم ضد العسكري خلال تظاهرات ميدان العباسية. وكان المجلس الأعلى للقوات المسلحة قد ألمح لإمكانية تحقيق هذا السيناريو بعد التعليقات التي كبتها الأدمن الخاص بصفحته للتواصل مع الشارع المصري عبر موقع الفيس بوك قائلا "الجيش سيحمي مصر من أبنائها إذا لزم الأمر"، وهو الأمر الذي فتح باب التكهنات أمام شكل هذا التدخل الذي يقصده العسكري، وهل ما إذا كان يعتزم التدخل بالقوة، وإعادة إفراز سيناريو 1954 مرة أخرى أم شكل آخر؟، تزامنًا مع حملات التشكيك في مدى جدية المجلس العسكري في تسليم السلطة في الوقت المحدد، عقب الانتهاء من اجراء الانتخابات الرئاسية، والاتهامات الخاصة بقيام العسكرين نفسه بتدبير أحداث العنف والفوضى في مصر للتأكيد على مشروعة بقائه، واستخدام القاعدة العريضة من الشعب المصري (حزب الكنبة) لتأييده، والتأكيد على أهمية وجوده بالشارع المصري خلفًا لمبارك، لحفظ الأمن والأمان، في الوقت الذي تتصارع فيه كافة القوى السياسية الأخرى. سيناريوهات "حرب الأهلية" وفي السياق ذاته، عزز سيناريوهات إمكانية وجود حرب أهلية أو حرب شوارع في مصر بصورة كبيرة وعلى نطاقات أوسع الخلاف الدائر الآن بين كافة القوى السياسية والثورية، بالاضافة للخلاف الدائر بينها وبين الحكومة والمجلس العسكري، بما يجعل كافة أطراف المنظومة تتعارك وتختلف، ليدخل الخلاف مرحلة الصدام، بفعل مجموعة من المأجورين لإشعال الأجواء وتسخينها بصورة أكبر، بما يسهم في استفادة انصار النظام السابق بصورة كبيرة، في الوقت الذي يؤكد فيه كثير من المراقبين على أن معظم البلطجية مأجورين من النظام السابق.. يأتي هذا تزامنًا مع التوقعات القائلة بإمكانية حدوث اغتيالات لعدد من الرموز، فضلا عن حرائق في منشآت عامة، تهدف لزعزعة الاستقرار، وعدم المروق من المرحلة الإنتقالية الحالية بصورة طبيعية، كما هو مقررًا في الجدول الزمني الذي أعلنه المجلس العسكري، وبمقتضاه يترك السلطة في 30 يونيه المقبل، عقب تسليم البلاد لرئيس منتخب. وكان الشيخ جمعة محمد على، خطيب الجمعة بميدان التحرير، قد وصف المجلس الأعلى للقوات المسلحة على أنه يدعم وجود حرب شوارع في مصر، ويشعل نيران الحرب الأهلية، من خلال موقفه الذي وصفه ب "المتخازل" خلال الفترة الأخيرة، والذي أدى لإراقة دماء المصريين.. إلا أن الخبير الأمني اللواء فؤاد علام، وكيل جهاز أمن الدولة السابق، استنكر تلك التصريحات، مؤكدًا على أن المجلس العسكري ملتزم بتسليم السلطة في موعدها، وأنه يضع مصلحة مصر فوق كل اعتبار، مشيرًا في الوقت ذاته إلى أن العسكر هم جزء لا يتجزأ من مصر ولا يجوز أبدًا أن يتم اتهاماهم بإشعال نار الفتنة بالشارع المصري، متهمًا مجموعة من البلطجية والخارجين عن القانون بمحاولة اثارة الفتنة بالشارع المصري للاستفادة من حالة عدم الاستقرار الأمني والسياسي الحادثة الآن، لأنهم اكثر من يخافون من تطبيق القانون، ومن مصلحتهم بقاء الأوضاع على ما هي عليه الآن. من جانبه، أشار علي حافظ، عضو المكتب التنفيذي لمجلس أمناء الثورة أن إحتمالية حدوث اشتباكات على نطاق موسع قائمة في مصر الآن في فترة يغيب فيها الجانب الأمني، ويعد المجلس العسكري هو الأكثر استفادة من تلك الأحداث، خاصة أن مد الفترة الانتقالية في صالحه، على الرغم من نفيه تفكيره في مد تلك الفترة، مشيرًا إلى أن العسكري يتخوف من مصيره في مصر الجديدة، ومن فكرة محاكمة عن اخطاء المرحلة الانتقالية الحالية في إدارة الدولة، بما يجعل سيناريو الحرب الاهلية او حرب الشوارع واثارة الفوضى والبلبلة من ابرز السيناريوهات التي تخدم اجندته.