شهدت القاهرة، اليوم، أجواء مفعمة بالتوتر والاحتجاجات، على خلفية أحداث ميدان العباسية الدامية، فتظاهر عدد من القوى السياسية والثورية والاحزاب بميدان التحرير، ومحيط وزارة الدفاع، بميدان العباسية، وسط هتافات معادية للمجلس الأعلى للقوات المسلحة، الذي يدير شئون البلاد خلال المرحلة الانتقالية الحالية، دون إحداث أية أعمال شغب أو عنف. شهد ميدان التحرير تظاهرة مليونية اختلفت مسمياتها بين (جمعة النهاية، وجمعة الزحف، وجمعة المصير، وجمعة الغضب الثانية.. وغيرها من المسميات)، بمشاركة رسمية من جماعة الإخوان المسلمين، الفصيل السياسي الأكثر تواجدًا أسفل قبة البرلمان المصري، وأحزاب غد الثورة والوسط والبناء والتنمية والحضارة، بالاضافة لمجموعة من القوى الثورية، أبرزها مجلس أمناء الثورة وحركة شباب 6 إبريل وحركة كفاية واتحاد الثورة وتحالف ثوار مصر وائتلاف شباب الثورة. طالبت المليونية بإلغاء المادة 28 من الإعلان الدستوري، التي تحصن قرارات اللجنة العليا للإنتخابات، بالإضافة لتغيير تلك اللجنة، فضلا عن مطالبة المجلس العسكري بتسليم السلطة لسلطة مدنية، بالإضافة لإجراء الإنتخابات الرئاسية في موعدها المُقرر، كما قام المتظاهرين بالتنديد بالأحداث الدامية التي شهدها ميدان العباسية، والتي أسفرت عن سقوط أكثر من 10 شهداء وجملة من المصابين بعد اشتباكات دارت في محيط وزارة الدفاع بين المعتصمين من أنصار الشيخ حازم صلاح أبوإسماعيل، وعدد من القوى الثورية الشبابية في مواجهة مجموعة من البلطجية والخارجين عن القانون. حمّل المتظاهرن المسئولية كاملة للمجلس الاعلى للقوات المسلحة فيما جرىب العباسية، مؤكدين على أنه هو المسئول الأول والأخير وراء الاشتباكات التي دارت وسقوط ضحايا، رافضين في الوقت ذاته ما قام المجلس الأعلى للقوات المسلحة بإعلانه في مؤتمره الصحفي الأخير، والذي نفى على خلفيته إمكانية تعديل المادة 28. قال محمود عطية، عضو مجلس أمناء الثورة، إن المجلس العسكري لا يلبي رغبات الشارع والوقوى السياسية، خاصة فيما يتعلق بالمادة 28 من الإعلان الدستوري، إذ أكد على أنها موجودة في العالم كله، بما يعني أنه ضرب برغبة الشارع والبرلمان عرض الحائط، في تحد واضح وصريح للإرادة الشعبية، بما يجعل الانتخابات الرئاسية المقبلة مشكوك في مدى شرعيتها بسبب وجود اللجنة العليا للإنتخابات الرئاسية محصنة القرارات ضد أي طعن. أكد على أن العسكري هو المسئول الأول والأخير وراء الأحداث الدامية التي دارت في ميدان العباسية، خاصة أنها كانت في محيط وزارة الدفاع، فإن لم يكن العسكري قد دفع هؤلاء البلطجية للتصدي للمعتصمين، فكيف فشل في حمايتهم على الرغم من كونهم في أكثر منطقة تأمينًا في مصر وهي محيط وزارة الدفاع. وكانت عدد من المسيرات قد انطلقت للمشاركة في التظاهرة المليونية، اليوم، أبرزها المسيرات التي تحركن عقب أداء صلاة الجمعة من مساجد رابعة العدوية (بمدينة نصر)، و(الأزهر الشريف) و(مسجد مصطفى محمود) إلى ميدان التحرير، للمشاركة في مليونية وصفها مراقبون على أنها سوف تسبب إزعاجًا شديدًا للمجلس العسكري، خاصة أنها تجعله في صف والشارع والقوى السياسية في صف آخر، في تأزم لعلاقته بجماعة الإخوان المسلمين والقوى الثورية أيضًا. وظهرت بالميدان خلال تظاهرة اليوم عدد من اللافتات المنددة بموقف البرلمان ووزارة الخارجية المصرية والمجلس العسكري نفسه من الأزمة التي دارت بين القاهرة والرياض، على خلفية أزمة المحامي المصري أحمد الجيزاوي، والتي أسفرت عن تطورات بالغة الخطورة بين البلدين، إذ استنكر مجموعة من الشباب والقوى الثورية اعتذار مصر بطريقة –من وجهة نظرهم- مُهينة للعلاقات الدبلوماسية بينها وبين السعودية. يأتي هذا تزامنًا مع الشعارات المنادية لإسقاط المجلس العسكري، والهتافات نفسها "يسقط حكم العسكر"، "المشير هو مبارك".. وما إلى ذلك من الهتافات.. عبر 3 منصات رئيسية بالميدان، كانت الأكبر من نصيب جماعة الإخوان المسلمين، ومنصة لأمناء الثورة، وثالثة لأنصار الشيخ حازم صلاح أبوإسماعيل، المستبعد من خوض الانتخابات الرئاسية. مسيرات للعباسية وفي السياق ذاته، انطلقت جملة من المسيرات نحو ميدان العباسية، بالقرب من وزارة الدفاع المصرية، للتنديد بالأحداث التي شهدها الميدان خلال الأسبوع الماضي، والتي أعادت نزييف الدماء يعود من جديد للشارع المصري، من أبرزها المسيرات التي دعت إليها جماعة الإخوان المسلمين، من مسجد الخازندار بشبرا ومسجد الفتح برمسيس ومسجد النور بالعباسية حتى وزارة الدفاع، في الوقت الذي نفت فيه القوى السياسية المشاركة في تلك المسيرات نحو الوزارة إمكانية تحول تلك الاحتجاجات لاعتصام مفتوح. حاول مجموعة من الشباب المتظاهرين (ملثمون) أمام وزارة الدفاع إزاحة الأسلاك الشائكة التي فرضتها قوات الشرطة العسكرية لتأمين محيط الوزارة من المتظاهرين، ليمرق داخل المنطقة الداخلية بالقرب من باب الوزارة، إلا أن قوات الجيش نجحت في التصدي لهم، ودرء أي أحداث عنف قد تنشب بين الطرفين تزيد جراح العباسية التي لم تهدأ حتى الآن. وسادت حالة من القلق في صفوف المتظاهرين، بالاضافة للسكان بالمنطقة المحيطة بميدان العباسية من تجدد الاشتباكات وهجوم مجموعة من البلطجية مجددًا لإراقة دماء المتظاهرين مرة أخرى.. في الوقت الذي ترددت فيه عدة شائعات بإمكانية حدوث هجوم مسح من مجموعة من البلطجية فجرًا. ردد المتظاهرون هتافات عدائية ضد المجلس الأعلى للقوات المسلحة، يخونونه، وينددون بأخطائه خلال المرحلة الانتقالية الحالية، ويحملونه المسئولية الكاملة عما حدث في الميدان، وأنه المدبر لها لإقصاء المتظاهرين من أمام وزارة الدفاع. وفي السياق ذاته، رفضت مجموعة من القوى السياسية فكرة الصدام مع المجلس العسكري أو الهجوم على مقر وزارة الدفاع بالقرب من ميدان العباسية، مؤكدين على أن أي احتكاك بين الطرفين من شأنه إفساد المرحلة الحالية بصورة أكبر مما هي عليه الآن، وأن يكون له تأثيرات سلبية وخيمة على الجميع، إذ نفت حركة شباب 6 إبريل، تورطها في أي هجوم على مقر الوزارة أو اعتزامها تصعيد الأمر ضد المجلس العسكري لدرجة الاشتباك معه بهذه الطريقة، مطالبينه بتسليم السلطة لرئيس مدني. وبذلك تحوّل ميدان العباسية من مكان لتظاهر أنصار الرئيس السابق، حسني مبارك، لميدان جديد للشهداء المصريين الذين أسقطتهم رصاصات الغذر أرضًا.