مدارس النيل: زودنا مدارسنا بإشراف وكاميرات مراقبة متطورة    إعلام أمريكي: غلق جميع الطرق المؤدية للبيت الأبيض    انقطاع واسع للكهرباء في كردستان بعد هجوم بطائرة مسيرة على حقل كورمور الغازي    من القمة إلى الانهيار.. ليفربول يسقط للمرة التاسعة في 12 مباراة!    الأضخم منذ 3 عقود، مصرع 40 شخصا في حريق الأبراج الشاهقة بهونج كونج (فيديو)    دفاع البلوجر أم مكة: تم الإفراج عنها وهي في طريقها لبيتها وأسرتها    بحضور نجوم الفن، محمد صبحي يتسلم وسام التفرد في الإبداع الثقافي من اتحاد المبدعين العرب (صور)    هل هناك جزء ثانٍ من مسلسل «كارثة طبيعية»؟ مخرج العمل يجيب    موعد أذان وصلاة الفجر اليوم الخميس 27نوفمبر2025.. ودعاء يستحب ترديده بعد ختم الصلاه.    ارتفاع البتلو والكندوز، أسعار اللحوم اليوم الخميس في الأسواق    فيتينيا يقود باريس سان جيرمان لمهرجان أهداف أمام توتنهام    إجراء مرتقب من رابطة التعليم المفتوح بعد حكم عودته بالشهادة الأكاديمية    الرئيس السيسي: يجب إتمام انتخابات مجلس النواب بما يتماشى مع رغبة الشعب    احترس: هيئة الأرصاد الجوية تحذر المسافرين على الطرق من كثافة الشبورة    مدير الFBI: حادث استهداف الحرس الوطني تهديد للأمن القومي وترامب على اطلاع كامل بالتفاصيل    الندية والمقاومة .. ما سر سعادة السوشيال ب"الهاكرز" المصري ؟    عادل حقي: "بابا" أغنية عالمية تحولت إلى فولكلور.. والهضبة طلب مني المزمار والربابة    وفاء حامد: ديسمبر حافل بالنجاحات لمواليد السرطان رغم الضغوط والمسؤوليات    «امرأة بلا أقنعة».. كتاب جديد يكشف أسرار رحلة إلهام شاهين الفنية    أنا ميتفرضش عليا شروط.. محمد صبحي يعلق على إمكانية تعاونه مع الدولة في مسرحيات الفترة المقبلة    هاني رمزي يقدم «ماستر كلاس» في مهرجان شرم الشيخ للمسرح الشبابي.. اليوم    مقتل عنصرين من الحرس الوطني بإطلاق نار قرب البيت الأبيض.. وترامب يتوعد    ماذا قدمت منظومة التأمين الصحي الشامل خلال 6 سنوات؟    وكيل زراعة الغربية يتابع منظومة صرف الأسمدة ويؤكد: دعم المزارعين أولوية    ضبط صاحب معرض سيارات لاتهامه بالاعتداء على فتاة من ذوي الهمم بطوخ    جيش الاحتلال يتجه لفرض قيود صارمة على استخدام الهواتف المحمولة لكبار الضباط    جمعيات الرفق بالحيوان: يوجد حملة ممنهجة ضد ملف حيوانات الشارع وضد العلاج الآمن    ضبط متهم بإصابة رئيس مدينة سابق بطلق ناري في قنا    مكتب التحقيقات الفيدرالي: الهجوم قرب البيت الأبيض مسألة أمن قومي    أتلتيكو مدريد يقتنص فوزا قاتلا أمام إنتر ميلان في دوري الأبطال    بسبب المصري.. بيراميدز يُعدّل موعد مرانه الأساسي استعدادًا لمواجهة باور ديناموز    ريال مدريد يكتسح أولمبياكوس برباعية في دوري أبطال أوروبا    آرسنال يحسم قمة دوري الأبطال بثلاثية أمام بايرن ميونخ    عبد الله جمال: أحمد عادل عبد المنعم بيشجعنى وبينصحنى.. والشناوى الأفضل    أتالانتا يفوز على فرانكفورت بثلاثية في دوري الأبطال    محمد الجوهري: التعاون المصري الجزائري ضمن التكامل الاقتصادي العربي والأفريقي    نشر 500 جندي إضافي في واشنطن بعد استهداف عنصرين من الحرس الوطني قرب البيت الأبيض    الكرملين: الدعوات لإقالة ويتكوف تهدف إلى عرقلة المسار السلمي في أوكرانيا    رسالة طمأنة من مستشار الرئيس للصحة بشأن حقيقة انتشار فيروسات خطيرة في مصر    إنفوجراف| تعرف على أنشطة مديريات الزراعة والطب البيطري خلال أسبوع    مياه الفيوم تطلق برنامجًا تدريبيًا مكثفًا لإعداد كوادر فنية شابة.. صور    مصر للطيران تطلق أولى رحلاتها المباشرة بين الإسكندرية وبني غازي    رسائل الرئيس الأبرز، تفاصيل حضور السيسي اختبارات كشف الهيئة للمُتقدمين للالتحاق بالأكاديمية العسكرية    المؤتمر الدولي لكلية التمريض بجامعة المنصورة الأهلية يواصل فعالياته    انقطاع المياه عن بعض قرى مركز ومدينة المنزلة بالدقهلية.. السبت المقبل    الإدارية العليا تقضي بعدم قبول 14 طعنًا على نتيجة انتخابات النواب بالمرحلة الأولى    كلية الحقوق بجامعة أسيوط تنظم ورشة تدريبية بعنوان "مكافحة العنف ضد المرأة"    حسام حسني: المستشفيات الجامعية تلعب دورًا محوريا في مواجهة الفيروسات الجديدة    وفد الصحة العالمية يشيد بريادة سوهاج في تنفيذ مبادرة المدارس المعززة للصحة    وزير الصحة يلتقي كبير الأطباء بمستشفى أنقرة بيلكنت سيتي    خالد الجندي: ثلاثة أرباع من في القبور بسبب الحسد    السكة الحديد: إنشاء خطوط جديدة كممرات لوجيستية تربط مناطق الإنتاج بالاستهلاك    جامعة المنيا تخصص 10 ملايين جنيه لدعم الطلاب عبر صندوق التكافل المركزي    المستشار حامد شعبان سليم يكتب عن : استرح فى واحة الانس !?    وكيل تعليم القاهرة تتابع سير الاستعدادات لامتحانات شهر نوفمبر    رئيس الوزراء ونظيره الجزائرى يشهدان توقيع عدد من وثائق التعاون بين البلدين    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الأربعاء 26-10-2025 في محافظة الأقصر    دار الإفتاء تكشف.. ما يجوز وما يحرم في ملابس المتوفى    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



المفاجأة أن يفوز ساركوزى
نشر في أموال الغد يوم 23 - 02 - 2012

ثقة كبيرة فى النفس أم حب جارف للسلطة. ذلك الذى يدفع رئيس جمهورية بشعبية متدهورة إلى إعادة ترشيح نفسه لفترة رئاسية ثانية؟ فقد أعلن نيكولاس ساركوزى رئيس جمهورية فرنسا ترشيح نفسه لفترة ثانية رغم أن جميع استطلاعات الرأى، وبالتحديد اثنا عشر استطلاعا، أكدت أن شعبيته فى انحدار حتى قيل عنه إنه الرئيس الأقل شعبية فى تاريخ فرنسا.
تجرى الانتخابات على جولتين الأولى يوم 22 أبريل والثانية يوم 6 مايو، ويتنافس فيها عشرة مرشحين، يتصدرهم ساركوزى مرشح اليمين الديجولى وفرانسوا أولاند مرشح الاشتراكيين وماريين لوبين مرشحة اليمين المتشدد، وسوف يركز ساركوزى فى حملته الانتخابية على ثلاث قضايا رئيسية هى التقليل من مكانة وأهمية منافسه الاشتراكى، والهجرة غير المشروعة، وشعار الجهد والعمل طريق الرخاء.
ويؤخذ على سلوك ساركوزى كثرة اختلاطه بالطبقة الثرية وفى الوقت نفسه بمجموعات تحيط بزوجته كارلا برونى، وأغلب أفرادها من الموسيقيين والمطربين المتواضعين. ويؤخذ عليه أيضا عدم احترامه لوقار منصبه، بمعنى أنه لا يتصرف فى المؤتمرات الدولية والمحافل الرسمية كما يجب أن يتصرف رئيس الجمهورية الفرنسية.
•••
الواقع يشهد على كل حال بأن معظم الظروف المحيطة بساركوزى، وبخاصة مسألة إعادة انتخابه، غير مواتية. بل لعلها تؤثر سلبا على إمكانات فوزه فى الانتخابات. اقتصاديا مثلا، دخلت فرنسا فى عهده بأزمتين، أزمة داخلية لها علاقة بالأزمة العالمية التى انطلقت من الولايات المتحدة فى نهاية 2007 ومازالت تمسك بخناق النظام الرأسمالى العالمى بأسره، وأخرى متصلة مباشرة بأزمة منطقة اليورو، وقد راح ضحية الأزمتين عدد غير قليل من حكام أوروبا فى السنتين الأخيرتين، من هؤلاء برلسكونى رئيس وزراء إيطاليا، وثاباتيرو رئيس وزراء إسبانيا، وبابادوبولوس رئيس وزراء اليونان.
كذلك استمر فى عهد ساركوزى تراجع الناتج الصناعى الفرنسى وارتفع العجز التجارى إلى رقم قياسى لم تعرفه فرنسا من قبل، وبلغت نسبة البطالة 10٪، وهى من أعلى النسب فى المجتمعات الرأسمالية. كذلك وجهت مؤسسات التقييم المالى ضربة موجعة لساركوزى شخصيا وحكومته وفرنسا بأسرها حين أعادت تصنيف ثقة السوق بالوضع الاقتصادى لفرنسا.
إقليميا، استمر انحدار مكانة فرنسا فى أوروبا، وهى مسألة بالغة الأهمية بالنسبة للرأى العام الفرنسى وتعددت أسباب هذا الانحدار، منها مثلا الصعود المتتالى والمتسارع لمكانة ألمانيا فى أوروبا واستقرار اقتصادها ونفوذها السياسى فى القارة على حساب نفوذ فرنسا، منها أيضا تدهور مكانة فرنسا التنافسية بسبب ارتفاع الأجور فيها وفداحة تكلفة الرعاية الاجتماعية والصحية مقارنة بألمانيا ودول أخرى. هذا الانحدار الاقتصادى دفع ألمانيا إلى أن تطلب من معظم دول أوروبا ومنها فرنسا التزام برامج تقشف، وفى حالات معينة لم تكتف حكومة ألمانيا بطلب التقشف فراحت تفرضه فرضا. كانت نتيجة التطورات الاقتصادية فى فرنسا ومنطقة اليورو وتداعيات أزمات اليونان وإيطاليا وإسبانيا والبرتغال أن اختل توازن القوى فى القارة الأوروبية لصالح ألمانيا، وعلى حساب فرنسا.
ومع ذلك خرج المتفائلون بمستقبل ساركوزى متوقعين فوزه على منافسه الاشتراكى استنادا إلى تجربته الانتخابية الناجحة التى خاضها ضد السيدة رويال منافسته الاشتراكية فى عام 2007. إلا أن بعض المراقبين يعتقدون أن المقارنة بين رويال ومنافسه الحالى فرانسوا أولاند ليست فى محلها، فالسيدة رويال افتقرت إلى الخبرة السياسية والشخصية القوية بينما يشتهر المرشح الاشتراكى الجديد بأنه «داهية كالثعلب»، وإن كان مهذبا ورقيق الحاشية على عكس ساركوزى.
•••
حديث باريس هذه الأيام هو الدور الذى قامت به أنجيلا ميركل لدعم ساركوزى رئيسا لفترة ثانية. فالمعروف أنها تجاوزت حدود اللياقة السياسية عندما رشحته قبل أن يرشح هو نفسه، وترد على هذا الاتهام بقولها إنها ونيكولاس عائلة سياسية واحدة، فقد دعمها عندما أطلقت حملتها الانتخابية الثانية فى 2009، وهى الآن ترد له الجميل. لم يكن معروفا عن ألمانيا فى السابق انتهاجها سلوكا من هذا النوع، إذ إن ما فعلته ميركل قد يتسبب فى إغضاب أولاند إن فاز فى الانتخابات وصار رئيسا لفرنسا، فضلا عن أن مجرد دعم ميركل لساركوزى فى هذه المرحلة قد يضر بفرصته فى الفوز، لأن ألمانيا لا تحظى هذه الأيام برضاء معظم شعوب أوروبا، والشعب الفرنسى بخاصة. لذلك يبدو معقولا الرأى القائل بأن ميركل دعمت ساركوزى لأنها ضد وصول الاشتراكيين إلى قصر الاليزيه وليس حبا أو ثقة فى ساركوزى.
أعتقد أن ميركل لن تغفر لأولاند وعده للناخبين بأنه سيعيد النظر فى اتفاقيات الإصلاح المالى لدول الاتحاد الأوروبى، وهى الاتفاقية التى يعتبرها الخبراء ركنا أساسيا فى هيكل السياسية الأوروبية لألمانيا، ويعتبرها المعارضون الأوروبيون وثيقة إذعان تفرضها ألمانيا كعقد اجتماعى جديد بين حكومات الاتحاد الأوروبى وشعوبها، يضمن لأوروبا الاستقرار الاقتصادى ولكن بشروط قاسية للغاية تتحملها الشعوب.
•••
المؤكد، من وجهة نظرى، أن أزمة اليورو وتداعياتها غيرت فى منظومة قواعد السياسة فى الاتحاد الأوروبى، إذ إنها «شرعت» حق التدخل الصريح والمباشر من جانب الدولة الأقوى فى أوروبا والمؤسسات الاقتصادية الأوروبية فى الشئون الاقتصادية والمالية والاجتماعية لأى دولة أوروبية تعانى عجزا ماليا أو تهددها أزمة اقتصادية. لم يكن متصورا أن يأتى يوم تعود فيه ألمانيا إلى التدخل فى أمور تتعلق بسيادة دول القارة، ولكنها فعلت عندما رشحت ساركوزى وهاجمت منافسه وعندما تدخلت لإسقاط بابادوبولس فى اليونان وسيلفيو برلسكونى فى إيطاليا.
ورغم حالة عدم الرضاء عن ألمانيا التى تسود أوروبا هذه الأيام، لايزال فى القارة رأى عام يخشى أن تتأثر العلاقة الفرنسية الألمانية فى حال فوز الاشتراكيين الفرنسيين. يدرك الجيل الحالى من الأوروبيين أن استقرار القارة السياسى، وإلى حد ما الاقتصادى الذى عاشت فى ظله أوروبا معظم سنوات العقود الثلاثة الأخيرة يعود الفضل فيه إلى قوة العلاقة التى ربطت بين البلدين منذ أيام كونراد أديناور، وتدعمت فى عهد هيلموت كول.
•••
مهمة جدا الانتخابات الرئاسية الفرنسية ليس فقط بالنسبة لفرنسا. ولكن أيضا لألمانيا وأوروبا. ولكن الأهم من هذه الانتخابات هو مستقبل أوروبا التى تمر حاليا فى أزمة لعلها، حسب رأى متطرف، الأخطر فى تاريخها. يذهب هذا الرأى المتطرف إلى حد التساؤل عما إذا كان دور أوروبا قد انتهى أو قارب الانتهاء. أو أنها حادت عن طريقها ومسارها الرئيسى فخرجت إلى طرق فرعية وفى الغالب مسدودة. يستند أصحاب هذا الرأى إلى أن مسيرة التقدم فى أوروبا توقفت خلافا لتوقعات وأيديولوجية الليبراليين والماركسيين الذين آمنوا دوما بأن التقدم لا يتوقف ولا يتراجع. ذهب المتطرفون فى التشاؤم إلى حد مقارنة حالة أوروبا الراهنة بحالة الامبراطورية العثمانية فى عام 1683، العام الذى دخلت فيه طريقا مسدودا وبدأت التراجع، وبحالة الامبراطورية الإسبانية فى القرنين السابع عشر والثامن عشر، وبحالة الامبراطورية الرومانية المقدسة فى القرن السابع عشر. فى كل هذه الحالات أصيبت الامبراطورية بأنيميا حادة، واستمرت تضعف فى إثرها مؤسساتها فتوقفت عن التوسع والازدهار. بمعنى آخر يتوقعون أن تستمر أوروبا، أقصد الاتحاد الأوروبى، مدة طويلة ولكن فى وضع التجمد. ويدللون بأن جميع عناصر الانحدار الامبراطورى متوافرة الآن، وأهمها انخفاض معدل المواليد وعدم القدرة على زيادة الإنفاق العسكرى وصعوبة تجديد الثروات القومية. وقبل هذا وذاك أزمة الثقة بين شعوب أوروبا وحكامها.
•••
ستكون مفاجأة لكثير من المراقبين والسياسيين فوز نيكولاس ساركوزى فى وقت تصوت أو تثور فيه الشعوب لإسقاط حكامها.
المصدر الشروق


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.