وزير الأوقاف يشارك في الندوة التثقيفية وافتتاح المرحلة الأولى من منتجع الفيروز السياحي بمحافظة الإسماعيلية    اتفاق بحثي بين جامعة حلوان والأعلى للثقافة لدراسة تفضيلات القراءة لدى المراهقين    أحمد الخطيب يكتب: «أكاديمية الشرطة» .. 50 عامًا من العطاء والانضباط    أحد أبطال أكتوبر يروي تفاصيل خطة العبور: التوقيت والتدريب وحائط الصواريخ كانت عوامل الحسم    وزيرة التنمية المحلية توجه بالتنسيق مع الجهات المعنية للسيطرة على مصادر التلوث المختلفة وتوعية المواطنين بأهمية الحفاظ على البيئة    أخبار مصر اليوم.. وزير الصحة يتابع تنفيذ 28 مشروعًا صحيًا في 12 محافظة.. البيئة: مصر تتبنى رؤية متقدمة لإدارة مواردها الطبيعية    قطاع السيارات المستعملة: نشهد انخفاضا في الأسعار.. واختفاء ظاهرة الزبون التاجر من السوق    ترامب يصل إلى مركز والتر ريد الطبى بولاية ماريلاند لإجراء فحوصات طبية    شيخ الأزهر يعزي المهندس إبراهيم محلب رئيس الوزراء الأسبق في وفاة شقيقته    رئيس وزراء لبنان: نحرص على بناء علاقات متوازنة مع سوريا    بعد التعاقد مع توروب.. الأهلي يوجه الشكر لعماد النحاس    ضياء السيد: الرئيس السيسي أنهى حرب غزة واتفاق شرم الشيخ يؤكد ريادة مصر    الاتحاد البرازيلي يخطط لتجديد عقد أنشيلوتي حتى 2030    انطلاق رالي «Fly In Egypt 2025» لتعزيز السياحة الرياضية والأنشطة الجوية    دكتور جامعي ينهي حياة 3 من أبناء وبنات شقيقاته بسبب الميراث بالأقصر    فيديوهات رقص تقود صانعة محتوى للسجن    «محتاج يراجع التاريخ».. عمر حسن يوسف ينتقد تجاهل والده في أغنية مهرجان «المهن التمثيلية»    محلل فلسطينى: اتفاق شرم الشيخ خطوة مهمة جداً لغزة.. وممتنون للدور المصرى    لحظة عقد قران إيناس الدغيدي.. وزغرودة من بوسي شلبي وهالة صدقي (فيديو)    عزيزة    إلهام عبدالفتاح تكتب: انتصارات أكتوبر    وكيل المخابرات المصرية السابق: حماس طلبت منا الوساطة لإطلاق سراح أسراهم مقابل شاليط    عماد كدواني: المنيا تستحوذ على أكثر من نصف المستهدفين بالتأمين الصحي الشامل في المرحلة الثانية    الصحة العالمية: 67 مليونا يعانون من مشاكل الصحة النفسية فى حالات الأزمات    حسام موافي: الكلى تعمل بضغط الدم فقط.. وانخفاضه المفاجئ يسبب الكارثة    جاهزون للتعامل مع أي تطورات في الإصابات.. مستشار الرئيس للصحة: لا داعي للقلق من متحور كورونا الجديد    وكيل المخابرات المصرية السابق: إسرائيل فشلت فشلا ذريعا بمعرفة مكان شاليط    نيابة العامرية تطلب تحريات العثور على جثة فتاة مقتولة وملقاة بالملاحات في الإسكندرية    الداخلية تكشف حقيقة فيديو "التحفظ على دراجة نارية دون سبب" بالجيزة    نائب محافظ المنيا يتفقد أعمال تطوير ميدان النيل ومجمع المواقف    سوريا: إلغاء الشيوخ الأمريكي قانون قيصر خطوة نحو تصويب العلاقات    أكشن وأحداث غير متوقعة.. موعد وقنوات عرض مسلسل المؤسس أورهان الموسم الأول    10 ملايين جنيه.. حصيلة قضايا الاتجار في العملات ب «السوق السوداء»    خبير قضايا الجرائم الإلكترونية: دليل سريع لتأمين الراوتر وكلمات المرور    الخارجية الفرنسية: علينا تقديم الدعم اللازم لاتفاق شرم الشيخ لوقف إطلاق النار بغزة    مواهب مصرية في الملاعب الأوروبية تنضم للمنتخبات    الزمالك: ندرس ضم مدرب عام مصري لجهاز فيريرا    مكتب رعاية المصالح الإيرانية يهنئ المنتخب بتأهله لكأس العالم: إنجاز للأبطال المصريين    إقبال واسع على تقديم طلبات الترشح لانتخابات مجلس النواب بمحكمة جنوب القاهرة    اسعار الحديد والأسمنت اليوم الجمعة 10 اكتوبر 2025    أحمد عمر هاشم يستحضر مأساة غزة باحتفال الإسراء والمعراج الأخير    مصر تستعد لتطبيق التوقيت الشتوي وبداية فصل الشتاء 2025    أصحاب الكهف وذي القرنين وموسى.. دروس خالدة من سورة النور    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الجمعة 10-10-2025 في محافظة الأقصر    أدعية يوم الجمعة.. نداء القلوب إلى السماء    الطرح الجديد لوحدات «جنة» و«سكن مصر» 2025.. أسعار مميزة وأنظمة سداد مرنة للمواطنين    إيرادات فيلم "فيها إيه يعني" تتجاوز ال30 مليون جنيه خلال 9 أيام عرض بالسينمات    «أوقاف المنيا» تعقد 109 ندوة علمية في «مجالس الذاكرين» خلال أسبوع    الحسابات الفلكية تكشف أول أيام شهر رمضان المبارك لعام 1447 هجريًا    «الخريف موسم العدوى».. كيف تحمي نفسك من الفيروسات الهوائية؟ (فيديو)    شرط يمنع التقدم لحج القرعة هذا العام.. تعرف عليه    نقل شعائر صلاة الجمعة من مسجد أبو بكر الصديق بالإسماعيلية (بث مباشر)    لليوم الثالث.. استمرار تلقي أوراق طالبي الترشح لانتخابات مجلس النواب    الأهلي يجيب.. هل يعاني أشرف داري من إصابة مزمنة؟    ترامب يدعو إلى طرد إسبانيا من «الناتو»    أمطار لمدة 24 ساعة .. بيان مهم بشأن حالة الطقس في القاهرة والمحافظات    انخفاض كبير في عيار 21 بالمصنعية.. مفاجأة ب أسعار الذهب والسبائك اليوم الجمعة بالصاغة    وليد صلاح: عقدنا اجتماعا مع مانشيني.. وتوروب مناسب لكل معاييرنا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



المفاجأة أن يفوز ساركوزى
نشر في أموال الغد يوم 23 - 02 - 2012

ثقة كبيرة فى النفس أم حب جارف للسلطة. ذلك الذى يدفع رئيس جمهورية بشعبية متدهورة إلى إعادة ترشيح نفسه لفترة رئاسية ثانية؟ فقد أعلن نيكولاس ساركوزى رئيس جمهورية فرنسا ترشيح نفسه لفترة ثانية رغم أن جميع استطلاعات الرأى، وبالتحديد اثنا عشر استطلاعا، أكدت أن شعبيته فى انحدار حتى قيل عنه إنه الرئيس الأقل شعبية فى تاريخ فرنسا.
تجرى الانتخابات على جولتين الأولى يوم 22 أبريل والثانية يوم 6 مايو، ويتنافس فيها عشرة مرشحين، يتصدرهم ساركوزى مرشح اليمين الديجولى وفرانسوا أولاند مرشح الاشتراكيين وماريين لوبين مرشحة اليمين المتشدد، وسوف يركز ساركوزى فى حملته الانتخابية على ثلاث قضايا رئيسية هى التقليل من مكانة وأهمية منافسه الاشتراكى، والهجرة غير المشروعة، وشعار الجهد والعمل طريق الرخاء.
ويؤخذ على سلوك ساركوزى كثرة اختلاطه بالطبقة الثرية وفى الوقت نفسه بمجموعات تحيط بزوجته كارلا برونى، وأغلب أفرادها من الموسيقيين والمطربين المتواضعين. ويؤخذ عليه أيضا عدم احترامه لوقار منصبه، بمعنى أنه لا يتصرف فى المؤتمرات الدولية والمحافل الرسمية كما يجب أن يتصرف رئيس الجمهورية الفرنسية.
•••
الواقع يشهد على كل حال بأن معظم الظروف المحيطة بساركوزى، وبخاصة مسألة إعادة انتخابه، غير مواتية. بل لعلها تؤثر سلبا على إمكانات فوزه فى الانتخابات. اقتصاديا مثلا، دخلت فرنسا فى عهده بأزمتين، أزمة داخلية لها علاقة بالأزمة العالمية التى انطلقت من الولايات المتحدة فى نهاية 2007 ومازالت تمسك بخناق النظام الرأسمالى العالمى بأسره، وأخرى متصلة مباشرة بأزمة منطقة اليورو، وقد راح ضحية الأزمتين عدد غير قليل من حكام أوروبا فى السنتين الأخيرتين، من هؤلاء برلسكونى رئيس وزراء إيطاليا، وثاباتيرو رئيس وزراء إسبانيا، وبابادوبولوس رئيس وزراء اليونان.
كذلك استمر فى عهد ساركوزى تراجع الناتج الصناعى الفرنسى وارتفع العجز التجارى إلى رقم قياسى لم تعرفه فرنسا من قبل، وبلغت نسبة البطالة 10٪، وهى من أعلى النسب فى المجتمعات الرأسمالية. كذلك وجهت مؤسسات التقييم المالى ضربة موجعة لساركوزى شخصيا وحكومته وفرنسا بأسرها حين أعادت تصنيف ثقة السوق بالوضع الاقتصادى لفرنسا.
إقليميا، استمر انحدار مكانة فرنسا فى أوروبا، وهى مسألة بالغة الأهمية بالنسبة للرأى العام الفرنسى وتعددت أسباب هذا الانحدار، منها مثلا الصعود المتتالى والمتسارع لمكانة ألمانيا فى أوروبا واستقرار اقتصادها ونفوذها السياسى فى القارة على حساب نفوذ فرنسا، منها أيضا تدهور مكانة فرنسا التنافسية بسبب ارتفاع الأجور فيها وفداحة تكلفة الرعاية الاجتماعية والصحية مقارنة بألمانيا ودول أخرى. هذا الانحدار الاقتصادى دفع ألمانيا إلى أن تطلب من معظم دول أوروبا ومنها فرنسا التزام برامج تقشف، وفى حالات معينة لم تكتف حكومة ألمانيا بطلب التقشف فراحت تفرضه فرضا. كانت نتيجة التطورات الاقتصادية فى فرنسا ومنطقة اليورو وتداعيات أزمات اليونان وإيطاليا وإسبانيا والبرتغال أن اختل توازن القوى فى القارة الأوروبية لصالح ألمانيا، وعلى حساب فرنسا.
ومع ذلك خرج المتفائلون بمستقبل ساركوزى متوقعين فوزه على منافسه الاشتراكى استنادا إلى تجربته الانتخابية الناجحة التى خاضها ضد السيدة رويال منافسته الاشتراكية فى عام 2007. إلا أن بعض المراقبين يعتقدون أن المقارنة بين رويال ومنافسه الحالى فرانسوا أولاند ليست فى محلها، فالسيدة رويال افتقرت إلى الخبرة السياسية والشخصية القوية بينما يشتهر المرشح الاشتراكى الجديد بأنه «داهية كالثعلب»، وإن كان مهذبا ورقيق الحاشية على عكس ساركوزى.
•••
حديث باريس هذه الأيام هو الدور الذى قامت به أنجيلا ميركل لدعم ساركوزى رئيسا لفترة ثانية. فالمعروف أنها تجاوزت حدود اللياقة السياسية عندما رشحته قبل أن يرشح هو نفسه، وترد على هذا الاتهام بقولها إنها ونيكولاس عائلة سياسية واحدة، فقد دعمها عندما أطلقت حملتها الانتخابية الثانية فى 2009، وهى الآن ترد له الجميل. لم يكن معروفا عن ألمانيا فى السابق انتهاجها سلوكا من هذا النوع، إذ إن ما فعلته ميركل قد يتسبب فى إغضاب أولاند إن فاز فى الانتخابات وصار رئيسا لفرنسا، فضلا عن أن مجرد دعم ميركل لساركوزى فى هذه المرحلة قد يضر بفرصته فى الفوز، لأن ألمانيا لا تحظى هذه الأيام برضاء معظم شعوب أوروبا، والشعب الفرنسى بخاصة. لذلك يبدو معقولا الرأى القائل بأن ميركل دعمت ساركوزى لأنها ضد وصول الاشتراكيين إلى قصر الاليزيه وليس حبا أو ثقة فى ساركوزى.
أعتقد أن ميركل لن تغفر لأولاند وعده للناخبين بأنه سيعيد النظر فى اتفاقيات الإصلاح المالى لدول الاتحاد الأوروبى، وهى الاتفاقية التى يعتبرها الخبراء ركنا أساسيا فى هيكل السياسية الأوروبية لألمانيا، ويعتبرها المعارضون الأوروبيون وثيقة إذعان تفرضها ألمانيا كعقد اجتماعى جديد بين حكومات الاتحاد الأوروبى وشعوبها، يضمن لأوروبا الاستقرار الاقتصادى ولكن بشروط قاسية للغاية تتحملها الشعوب.
•••
المؤكد، من وجهة نظرى، أن أزمة اليورو وتداعياتها غيرت فى منظومة قواعد السياسة فى الاتحاد الأوروبى، إذ إنها «شرعت» حق التدخل الصريح والمباشر من جانب الدولة الأقوى فى أوروبا والمؤسسات الاقتصادية الأوروبية فى الشئون الاقتصادية والمالية والاجتماعية لأى دولة أوروبية تعانى عجزا ماليا أو تهددها أزمة اقتصادية. لم يكن متصورا أن يأتى يوم تعود فيه ألمانيا إلى التدخل فى أمور تتعلق بسيادة دول القارة، ولكنها فعلت عندما رشحت ساركوزى وهاجمت منافسه وعندما تدخلت لإسقاط بابادوبولس فى اليونان وسيلفيو برلسكونى فى إيطاليا.
ورغم حالة عدم الرضاء عن ألمانيا التى تسود أوروبا هذه الأيام، لايزال فى القارة رأى عام يخشى أن تتأثر العلاقة الفرنسية الألمانية فى حال فوز الاشتراكيين الفرنسيين. يدرك الجيل الحالى من الأوروبيين أن استقرار القارة السياسى، وإلى حد ما الاقتصادى الذى عاشت فى ظله أوروبا معظم سنوات العقود الثلاثة الأخيرة يعود الفضل فيه إلى قوة العلاقة التى ربطت بين البلدين منذ أيام كونراد أديناور، وتدعمت فى عهد هيلموت كول.
•••
مهمة جدا الانتخابات الرئاسية الفرنسية ليس فقط بالنسبة لفرنسا. ولكن أيضا لألمانيا وأوروبا. ولكن الأهم من هذه الانتخابات هو مستقبل أوروبا التى تمر حاليا فى أزمة لعلها، حسب رأى متطرف، الأخطر فى تاريخها. يذهب هذا الرأى المتطرف إلى حد التساؤل عما إذا كان دور أوروبا قد انتهى أو قارب الانتهاء. أو أنها حادت عن طريقها ومسارها الرئيسى فخرجت إلى طرق فرعية وفى الغالب مسدودة. يستند أصحاب هذا الرأى إلى أن مسيرة التقدم فى أوروبا توقفت خلافا لتوقعات وأيديولوجية الليبراليين والماركسيين الذين آمنوا دوما بأن التقدم لا يتوقف ولا يتراجع. ذهب المتطرفون فى التشاؤم إلى حد مقارنة حالة أوروبا الراهنة بحالة الامبراطورية العثمانية فى عام 1683، العام الذى دخلت فيه طريقا مسدودا وبدأت التراجع، وبحالة الامبراطورية الإسبانية فى القرنين السابع عشر والثامن عشر، وبحالة الامبراطورية الرومانية المقدسة فى القرن السابع عشر. فى كل هذه الحالات أصيبت الامبراطورية بأنيميا حادة، واستمرت تضعف فى إثرها مؤسساتها فتوقفت عن التوسع والازدهار. بمعنى آخر يتوقعون أن تستمر أوروبا، أقصد الاتحاد الأوروبى، مدة طويلة ولكن فى وضع التجمد. ويدللون بأن جميع عناصر الانحدار الامبراطورى متوافرة الآن، وأهمها انخفاض معدل المواليد وعدم القدرة على زيادة الإنفاق العسكرى وصعوبة تجديد الثروات القومية. وقبل هذا وذاك أزمة الثقة بين شعوب أوروبا وحكامها.
•••
ستكون مفاجأة لكثير من المراقبين والسياسيين فوز نيكولاس ساركوزى فى وقت تصوت أو تثور فيه الشعوب لإسقاط حكامها.
المصدر الشروق


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.