بين عشية وضحاها يتحدد مصير أمور قد يكون لها تأثير بالغ فى حياة الأشخاص والأوطان، ان ذلك ما ينطبق على انتخابات مجلس الشعب التى عقدت أمس الأحد فى جميع دوائر الجمهورية البالغة 222 دائرة والتى تنافس خلالها 5773 مرشحا يمثلون جميع الاتجاهات والتيارات السياسية فى مصر. وبين ما هو رسمى ومالم يتم الاعلان عنه حتى الأن تشير النتائج الأولية للانتخابات التى تمثل منعطفا هاما فى الحياة المصرية الى تقدم مرشحى الحزب الوطني على منافسيه ، بينما اتهمت أحزاب المعارضة الوطنى بالعمل على تزوير إرادة الشعب بعد أن خسرت ما كانت تأمل فى الحصول عليه من مقاعد، وهو ما ينطبق على جماعة الاخوان المسلمين التى لم يحالف النجاح أحد مرشحيها على الرغم من وجود بعض أعضائها سيخوضون الجولة الثانية من الانتخابات يوم الأحد القادم. وأكدت النتائج التى أعلنت فوز جميع المسئولين والوزراء المرشحين فى الانتخابات بالضربة القاضية حسبما ورد بوسائل الاعلام الرسمية بناءا على ما أعلنته الدوائر التى يترشح بها هؤلاء النواب فى المجلس الجديد والذى يأتى على رأسهم الدكتور فتحى سرور رئيس مجلس الشعب المنتهى ولايته والدكتور زكريا عزمى رئيس ديوان رئيس الجمهورية، وكل من الوزراء مفيد شهاب و محمد نصر علام وأمين أباظة وفايزة أبو النجا واللواء عبدالسلام المحجوب والمهندس سامح فهمى والدكتور على المصيلحى ويوسف بطرس غالى وسيد مشعل. واوضحت النتائج الأولية تحقيق مرشحو الوطنى انتصارات كبيرة على مرشحي أحزب المعارضة والمستقلين، على ان تجرى انتخابات الجولة الثانية " الإعادة" يوم الاحد القادم على نحو 50% من الدوائر الانتخابية بالدوائر الانتخابية للمحافظات، ولم تشير هذه النتائج الى فوز أى مرشح لجماعة الاخوان المسلمين بشكل نهائى، بينما استطاع حزب الوفد الحصول على 6 مقاعد فى فيما أعلن عنه للجولة الأولى، كذلك حصد حزب التجمع 3 مقاعد. وكانت العملية الانتخابية قد شهدت أعمال عنف مختلفة فى محافظات عدة أدت بعضها الى سقوط ضحايا مما جعل قوات الأمن تتدخل فى دائرة السيدة زينب لفض الاشتباكات التى حدثت بين أنصار المرشحين والتى استمرت قرابة الساعة وكانت اللجنة العامة للانتخابات قد اقتربت من اتخاذ قرار بوقف العملية التصويتية لهذه اللجنة بسبب أعمال الشعب، إلا ان المراقبون يروا أن السببب فى عدم حدوث ذلك هو وجود الدكتور فتحر سرور فى هذه الدائرة، كما شهدت دائرة الحامول انسحاب مرشح الفئات حمدين صباحى من الانتخابات عصر أمس بسبب اتهامه لمنافسه من الحزب الوطنى بإرتكاب تجاوزات من شأنها التأثير على العملية الانتخابية، وفور ذلك عقد المهندس أحمد عز أمين تنظيم الوطنى مؤتمرا صحفيا لنفى اتهامات صباحا قائلا: " انه لم يستطع منافسة مرشحنا الذى سيحقق نجاحا بالغا". ونظرا لأهمية هذه الانتخابات وما تمثله مصر من أهمية استراتيجية فى المنطقة حرصت وسائل الاعلام على تغطيتها لحظة بلحظة، وساعد ذلك على عرض الكثير من المحطات لوقائع التزوير فى بعض الدوائر المختلفة سواء بتسويد البطاقات أو تقفيل اللجان لصالح مرشحى الحزب الوطنى وهو ما ردده أنصار مرشحى الاخوان مضيفين عليه ان الوطنى تلاعب بالاصوات من خلال شرائها كما أنه استخدم مرشحيه العنف خارج مراكز الاقتراع، لذلك فإن الجماعة أكدت على انها سوف تتخذ خطوات للطعن على نتائج هذه الانتخابات والمطالبة بضرورة ابطال نتائجها، وعلى الجانب الاخر اتهم الحزب الوطنى جماعة الاخوان المسلمين بممارسة اعمال الشغب والبلطجة تجاه أنصار حزبه، كما أنه تقد ببلاغ ضد مرشحى الجماعة التى قال الدكتور محمد كمال امين تثقيف الحزب ان مرشحى الاخوان يسعون الى تزييف ارادة الشعب من خلال ترشحهم مستقلين فى حين انهم يتبعون تنظيم غير مشروع. ومن جهتها نفت وزارة الداخلية على لسان المتحدث الرسمى لها اللواء طارق عطية، وجود أحداث عنف فى جميع الدوائر، مؤكدا على ان لانتخابات جرت في جو ديمقراطي بعد ان سيطر الهدوء على كافة الدوائر الانتخابية رغم بعض المناوشات والحوادث التي وقعت والتي تعتبر محدودة نسبيا بالنسبة للوضع الساخن. وأكد النتائج الأولية عدم فوز أى مرشح لجماعة الاخوان المسلمين بأى مقعد فى جميع دوائر القاهرة والإسكندرية وبور سعيد، ممما تسبب فى وجود احتجاجات كثيرة لأنصار الجماعة طيلة اليلة الماضية والتى استمرت حتى صباح اليوم الاثنين حيث تجمع المئات من أنصار الإخوان المسلمين أمام مراكز الاقتراع في مناطق متعددة بالقاهرة والإسكندرية، واتهموا الحزب الوطنى وحكومته بتزوير نتائج الانتخابات لصالح الحزب الوطني الذى اقتنص معظم المقاعد التى أعلنت نتائجها، إلا ان اللجنة العليا للانتخابات أكد خلال المؤتمر الصحفى الذى عقدته عقب الانتهاء من التصويت انه لم يتم أعمال شغب قد يكون لها تأثير على سير العملية الانتخابية ونزاهتها. وفى سياق مختلف فإن أحد أعضاء اللجنة العامة المشرفة للانتخابات المستشار أحمد شوقى تم احتجازه فى دائرة البدرشين بمحافظة 6 إكتوبر وتم الاعتداء عليه من أنصار أحد المرشحين بعد أن اكتشف عضو اللجنة وجود حالات تقفيل اللجان لصالحه، وبناء على ذلك قام المستشار شوقى بتقديم مذكرة الى النائب العام ورئيس اللجنة العليا للانتخابات يطالبهما بوقف هذه اللجنة. وكانت صناديق الاقتراع قد تم نقلها بعد وقف التصويت بواسطة إجراءات أمنية مشددة إلى مراكز الفرز التى تتمثل فى أقسام الشرطة ومراكز الشباب، وتم الاعلان عما تم الانتهاء من فرز الصناديق الخاصة بها، كما أعلنت اللجنة العليا للانتخابات أنها في حالة انعقاد دائم حتى إعلان النتائج النهائية بالكامل غدا الثلاثاء. وشهدت العملية الانتخابية فى دوائر عدة وجود رأس المال السياسى المتمثل فى الرشاوى الانتخابية، حيث شهدت دائرة دار السلام والبساتين اقبالا كبيرا من الناخبين بعد أن قام أنصار مرشح الحزب الوطنى رجال الأعمال أكمل قرطام باستقطاب الناخبين من خلال دفع 300 جنيه قيمة الصوت الانتخابى لكل منهم، وهو ما دفع هيئة الناخبين بالدائرة الى الهرولة الى التصويت، الا انه فى نهاية اليوم لم يحصل معظمهم على ما اتفقوا عليه، مما تسبب فى نشوب معارك بالأسلحة البيضاء بين الناخبين وأنصار مرشح الوطني وهو ما أدى الى إتلاف بعض المحلات المواجهة للجان وإصابة البعض. ووصل سعر الصوت في دائرة مصر القديمة إلى 250 جنيه بعد تنافس كبير بين أنصار مرشحى الحزب الوطنى تيسير مطر ومنافسة خالد القط ، أيضا مرشح وطني، و في دائرة الدرب الأحمر قال البعض ان انصار مرشحى الوطنى أحمد شيحة – فئات و ايمن ثابت – عمال تبنوا نفس الاسلوب مما مكنهم من حسم المقعدين. ونفس الأمر شهدته دائرة شبرا التى أكد الجميع بها على ان رجل الاعمال رامى لكح مرشح حزب الوفد دفع لكل من يعطيه صوته 500 جنيه وهو ما مكنه من الصعود الى الجولة الثانية فى الاعادة مع مرشح الوطنى اللواء فادى الحبشى، وهو الأمر الذى اتبعه مرشح الوطنى الذى فاز بمقعد العمال على دائرة المعهد الفنى الذى يساعده فيها وزير المالية الدكتور يوسف بطرس غالى، حيث قام الأول بشراء أصوات الناخبين من خلال دفع 200 جنيه مقابل الصوت الواحد.