يشهد سوق الاستثمار الأوروبي خلال الفترة الحالية حالة من الانكماش نتيجة لصعود تكلفة الانتاج بمعدلات تتراوح بين 4 – 7% خلال الفترة الماضية نتيجة زيادة تكلفة العمالة وأسعار عدد من المواد الخام التي يستوردها السوق الأوروبي من الخارج. وتأتي هذه الزيادة في ظل التراجع النسبي في الطلب الكلي نتيجة لاجراءات الضبط المالي التي تتبعها عدد من الدول الأوروبية والتي أثرت علي الطلب سلباً مما يخفض لدي المنتجين من احتمالات دمج هذه الزيادة في الأسعار النهائية للمنتجات ، وبالتالي فإن هذه الزيادة تؤثر بالسلب علي هوامش الربح لدي المنتجين ، وهو ما دفع عدد كبير من مستثمري الدول الأوروبية إلي محاولة تخطيط استثماراتهم الجديدة في خارج أوروبا ، لتجري هناك عمليات الانتاج ويتم تصدير السلع النهائية إلي السوق الأوروبي وغيره من الأسواق . وانتشر علي مدار الفترة الماضية وفود كثير من رؤوس الأموال الأجنبية للسوق الصيني للاستثمار فيه واتخاذه مراكز انتاج وتصدير ، ولكن مع الصعود النسبي أيضاً في تكلفة الانتاج في الصين نتيجة لتحسن نوعية الحياة وتزايد فرص العمل المتاحة أصبح السوق الصيني ليس بمستوي التحفيز لاجتذاب رؤوس الأموال الأوروبية من جديد. الأوروبيون يعرضون نقل مصانعهم إلي مصر : وظهر الأوروبيون في الكادر خلال الشهور الماضية يبحثون عن أسواق بديلة ينقلون إليها مصانعهم وينفذون فيها توسعاتهم الانتاجية الجديدة ، وعليه جاء إلي مصر الايطاليين الذين عرضوا نقل نحو 140 مصنع في مجالات الغزل والنسيج والملابس للسوق المصرية ، نفذ منها أقل من 10 مصانع وفق ما صرح به مسئولو وزارة الصناعة والتجارة ، وبدء عدد من المستثمرين المصريين في عقد جلسات مكثفة علي مدار الفترة الماضية لتدشين شراكات مع الأوروبيين في نقل مصانعهم إلي مصر ، وهذا التوجه كان يقوده من قبل جمعية الأعمال والاستثمار الدولية "إيبيا" التي جمدت نشاطها مؤخراً ، كما يساهم في هذا التوجه مجلس الأعمال المصري الأوروبي الذي يعمل تحت رئاسة محمد أبو العنين ممثلا للجانب المصري. دور التسهيلات الحكومية : وفي السياق ذاته يري محمد السويدي رئيس اتحاد الصناعات المصرية أن التسهيلات الكبيرة التي تمنحها الحكومة للاستثمار في مصر ستساهم بشكل جيد من اجتذاب العديد من الاستثمارات الأجنبية خلال الفترة المقبلة ، وأن اطلاق خريطة الاستثمار في محور قناة السويس سيساهم من تسليط الضوء علي مصر خلال الفترة المقبلة باعتبار هذه المنطقة من أهم المناطق المؤهلة لأن تصبح وجهة الاستثمار الأولي في العالم مستقبلا في ظل الامكانيات الضخمة التي تمتلكها هذه المنطقة. وتوقع السويدي أن يكون للعنصرين الروسي والصيني أهمية كبري في هذه المنطقة فضلا عن العنصر الأوروبي الذي من المؤكد أن يدرس الاستثمار في مصر مستقبلا لتجنب الأزمات التي يعانيها السوق الأوروبي حاليا والتي قد تتطور في المستقبل بما يهدد مستقبل هذه الأموال والاستثمارات. وأكد رئيس اتحاد الصناعات ل"أموال الغد" علي ضرورة انتهاء الحكومة من الخطوات الإصلاحية التي بدأتها علي مدار الفترة الماضية والتي يعتبر أهمها تخفيض مستوي البيروقراطية العالية التي يعاني منها المستثمر في مصر والتي تقود لممارسات فساد تضر بمصالح الدولة وحقوقها قبل أن تضر بحقوق المستثمر ذاته. مجموعة جري الانجليزية: وعلي الجانب الآخر يري "جيف ماكلارين" نائب رئيس مجلس إدارة مجموعة جري البريطانية المتخصصة في مجال الطاقة أن الاستثمار في مصر بات أفضل من الاستثمار في كافة دول أوروبا خاصة في ظل ارتفاع تكلفة الانتاج هناك وتزايد مخاطر المديونية التي تدفع لسياسات ضبط مالي تضر بمستقبل الطلب الكلي هناك. وأضاف أنه جاء مع بعض شركاءه في مجموعة جري للتقدم بطلب للحكومة للاستثمار في مجال تحويل النفايات الصلبة إلي طاقة كهربائية إلا أنه لاحظ عدم عمل الجهاز الحكومي بالكفاءة المطلوبة بما أضاع له الكثير من الوقت والمجهود ، الأمر الذي جعله يفكر في بعض الأوقات في اختيار بدائل أخري عن مصر لتوجيه استثماراته إليها ، مشيرا إلي أنه ينتظر أن تصدر الحكومة قانون الاستثمار الجديد وتعطي القيادة السياسية تعليمات واضحة للقائمين علي شئون الاستثمار لتبسيط الأوضاع عليه.