عندما يرفع السلاح تتوارى الحلول السياسية حتى نفاذ الطلقات! طريق "مصر – الخليج " أصبح محفوفاً بمخاطر تهدد "أمن الجميع" بدءاَ من تنامى التنظيمات الارهابية ونهاية بضغوط دولية راغبة فى السيطرة أموال الدول لا تتحرك بينياً من باب "الزكاة والحسنة " لكنها فاتورة يجب أن تدفع! مشروع محور قناة السويس" باب نجاة " لاستعادة التوزان المفقود والسلام الاجتماعى . يجب أن تنتبه الدولة المصرية بكل مؤسساتها الإدارية والعسكرية لما يدور حولها حالياً من خطر داهم خارجياً وداخلياً، يهدد استقرارها النسبى وأمنها القومى، ويدفعها نحو القبول بالواقع وأنصاف الحلول المفروضة من الخارج. فالمتابع لما يحدث بالمنطقة العربية يجد ما يفوق "تخيله" أو توقعه منذ قيام ثورات الربيع العربى، فسلسال الدم لا ينقطع، والكوارث لاتنتهى من دمار وتشريد، وتحارب طائفى وتوحش صهيونى دائم ومستمر على الشعب الفلسطينى. وفى الوقت الذى لاينتظر فيه مواقف قوية من مصر نتيجة لما تشهده من ظروف اقتصادية سيئة وإنقسام مجتمعى واضح، نجد الجانب الأمريكى يضغط بقوة فالفرصة التى يتمناها منذ سنوات لعزل مصر عن القضية الفلسطنية والعربية جاءته على طبق من ذهب، فى مقابل فرض كلاً من قطر وتركيا باعتبارهما حمامة السلام التى يمكن من خلالهما مفاوضة "حماس" الرافضة للنظام الجديد فى مصر. موقف ظهر جلياً دون أي تزييف فى تصريحات نائبة المتحدث باسم وزارة الخارجية الأمريكية "مارى هارف"، فعندما سئلت عن مقارنة علاقة الولاياتالمتحدة بإسرائيل بعلاقتها بمصر، أجابت قائلة: "الوضع مختلف تماماً، فعلاقتنا بإسرائيل علاقة جيش بجيش وهى قوية للغاية وغير قابلة للمقارنة على الإطلاق مع علاقتنا بمصر"، مضيفة أن أموال المساعدات كانت تستخدم من قبل الحكومة المصرية ضد شعبها من خلال حملة قمعية ضد المتظاهرين السلميين، لكن إسرائيل تستخدمها فى قتال منظمة إرهابية وهو مانعتقد أنه دفاع مشروع". تصريحات تؤكد بما لا يدع مجالاً للشك أن السياسة الأمريكية لاتتغير فهى دائماً وأبداً ترمى إلى "أمن إسرائيل" فى المقام الأول حتى ولو على جثث الأطفال والنساء، أما نحن العرب والمسلمون غارقون فى حرب مزايدات على من سيوقف الحرب الدائرة حالياً ومن سيكون طرف المعادلة الأكبر على حساب مصر التى يرميها الجميع بأنها سبب الوباء والبلاء. لكن الجديد هى هذه الرؤية الضيقة والمتعمدة لقدرات مصر فى الفترة الأخيرة، والتلويح بالمساعدات دائماً فى جملة غير مفيدة، ونسى الجميع أن القضية الفلسطنية لن ولم تحل إلا والمصريون طرفاً فيها أيا من كان على رأس الحكم فيها فهى تمثل حقبة تاريخية لمصر، خاصة غزة التى كانت طرفاً أصيلاً فى الصراع المصرى الإسرائيلى أثناء حكم عبد الناصر. وأرى من وجهة نظرى أن إثارة البلبلة والفوضى فى قطاع غزة، يؤثر على مصر تأثيراً مباشراً فى فرض واقع خطير من الصعب معه إقامة أى تنمية على أرض سيناء ومحور قناة السويس الذى ترى الدولة أنهما فرصة لدعم الاقتصاد الباحث عن طوق نجاة، فشرق قناة السويس بما يضم من رفح والعريش والشيخ زويد أصبحت السيادة فيها لقوى التطرف من الجهاديين القدامى وجماعات السلفية الجهادية الحديثة والتي إتخمت بالأسلحة المتطورة التي جاءت إليها نتيجة إنهيار الوضع في ليبيا وأسلحة أيضا وصلت إليها من غزة ومن السودان ومن إيران وتحاربه الدولة حاليا من كل جانب. وإذا ما إنتقلنا إلى ليبيا، إحدي دول الربيع العربي المضطرب والأقل استقرارًا، نجد أن زمام الأمور قد فلت من عقاله، وأصبح من حكم المنطق أن ننتظر نتيجة تأخرنا فى البحث عن حلول للقضية الليبية والمشاركة فى تهدئة الأمور، فالسلاح عندما يرفع تتوارى الحلول السياسية حتى تنتهى الطلقات. وفى ظل هذه الأوضاع الصعبة وغير المسبوقة ضاعت استثمارات مشتركة تصل قيمتها إلى أكثر من 18 مليار دولار بين الجانبين، تشمل قطاعات السياحة والبترول والخدمات المصرفية وصادرات الحاصلات الزراعية والصناعات الغذائية والكيماوية، وبات من المستحيل وصول أي من الشحنات أوالبضائع داخل الأراضي الليبية، سواء عن طريق النقل البري أوالجوي، كما أصبح ملف العمالة المصرية هناك، ويبلغ عددهم 1.6 مليون مصرى، سيئاً للغاية حيث يتعرضون بين الحين والأخر لأزمات عدة وصلت مؤخراً إلى الاستهداف والقتل. وعند النظر إلى المساعدات الخليجية المنتظرة نرى أنها فى محل خطر، فدول الخليج الآن تواجه ما يسمى بتنظيم دولة الإسلام في العراق والشام أو ما يُعرف ب"داعش" الذى يزعزع إستقرارها الكامل، وستطلب بالتأكيد من مصر " المقابل " المناسب لمواجهة هذا الخطر، فأموال الدول لاتخرج لبعضها من باب "الزكاة والحسنة " لكنها فاتورة يجب أن تدفع! . فطريق "مصر – الخليج " أصبح محفوف بمخاطر سياسية تهدد "أمن الجميع" بدءاً من تنامى التنظيمات الإرهابية فى العديد من الدول ونهاية بتدخل ضغوطات دولية راغبة فى السيطرة وعودة المياة المجمدة إلى قبضتها، إلا أن الظاهر على السطح حالياً لغة الارقام وبروتوكولات التهنئة. ومن المفارقات، أن تجد الإعلام المصرى الذى كان دائما مايأخذ بعين الجد والإعتبار القضايا الحيوية بالمنطقة لعرضها على الشعب لوضعه فى الصورة الكاملة، أصبح يلون الأمور ويحصرها فى قضايا فرعية لا تجدى ولا تنفع، متمادياً فى "عدم المبالاة" بتصريحاته وتحليلات ضيوفه التى لا تقدم ولا تؤخر أو تؤثر في الرأى العام. وفى محاكاة لهذا الواقع الذى يمكن أن تتابعه فى 5 دقائق بنشرة الأخبار حتى تكتئب، ترى مصر أمامها حرب ضروس تفوق مايدور ماحولها من قلاقل وعدم إستقرار من ليبيا وغزة والسودان، وهى حرب الإنعزال على النفس والنظر تحت الأقدام، وأيضا إهلاك الاقتصاد وحصاره من كافة الأوجة، لتدفع كل العناصر السابقة لتشكيل معادلة صعبة علي الرئيس والحكومة التعامل معها خلال الفترة المقبلة بتخطيط الأهداف من جديد ووضع استراتيجية تعظيم العائد من إستغلال الإمكانيات فضلاً عن توفير مقومات النجاح. ويجب أن يدرك القائمون على هذه الدولة التحرك فى عجلة لضبط إيقاع الأمور وإنهاء الانتخابات البرلمانية حتى ننهى خريطة الطريق وكافة الاستحقاقات الديمقراطية القائمة، ومحاولة لم الشمل لجميع الأحزاب والجماعات التى لم ترفع السلاح فى وجه الدولة. كما يجب على الحكومة أن تبدأ فوراً في إعداد أجندة المشروعات التي سيتم طرحها أمام المستثمرين في مؤتمر شركاء التنمية المقرر عقده خلال الفترة المقبلة، وتوجيه وإستخدام الاستثمارات المنتظر دخولها لمصر إلى مشروعات طاقة إنتاجية، وليست مشروعات استهلاكية، وذلك لمساهمة المشروعات الإنتاجية والاستثمارية في تحقيق التنمية المطلوبة، إلى جانب دورها في إنعاش الاقتصاد. ويعد مشروع تطوير محور قناة السويس بمثابة " الضربة الموجعة " لكافة المشككين فى قدرة الدولة على احداث التوازن فى اقتصادها ، فإعلان السيسى عن حفر قناة سويس جديدة بطول 72 كم بتكلفة 8.2 مليارات دولار، في إطار خطة لتطوير القناة كممر تجاري عالمي وتنشيط عجلة الاقتصاد المصري ، ستدعم الموقف المصرى داخليا وخارجيا من خلال جذب الاستثمارات المحلية من رجال الأعمال الذين أبدوا رغبة ملحة للأستثمار فى المحور ، وخارجيا عبر مؤسسات التمويل الدولية . ويعد المشروع نقلة بالنسبة للاقتصاد المصري، حيث سيوفر، وفقا للتقديرات الحكومية، مليون فرصة عمل و يدر إيرادات قد تصل إلى 100 مليار دولار سنويّا ، مما يوفر بعد اجتماعى مطلوب تحتاجه الدولة فى هذا التوقيت الحرج .