وكالات أكد تيموثي جايتنر وزير الخزانة الأمريكي أن السعودية لعبت دوراً أساسيا ضمن مجموعة ال 20 في تحقيق كثير من الاستقرار، وأنها ستكون صوتاً مهماً في بناء التعاون من أجل إطار أكثر صلابة لتفادي الأزمات المستقبلية. وقال أمام رجال الأعمال السعوديين في الغرفة التجارية الصناعية في جدة أمس» أعتقد أنه على العالم أن يبدي تقديره الكامل لمستوى الطموح والاستثمار الذي نراه في السعودية وفي منطقة الخليج من أجل إرساء أسس النمو المستقبلي». وأضاف» أمريكا وأغلب دول العالم بدأت تتعافى من الأزمة الاقتصادية العالمية التي اندلعت العام الماضي, كما أن وتيرة الانكماش في أوروبا بدأت تخف، وفي اليابان تبرز أيضا إشارات مماثلة لبدء الاستقرار، وفي الصين نجحت الحكومة في استخدام سياسة لرفع مستوى الطلب، وفي المقابل تساعد على تعزيز الآفاق الاقتصادية الآسيوية الأخرى». وعن السياسية الأمريكية أوضح أنها مصممه على وضع ركيزة لدولار قوي يقوم بتخفيف العجز المالي, وهي ملتزمة بحل الأزمة وبأسواق مفتوحة, ونظرا لدور الدولار في النظام المالي العالمي والتأثير الكبير للاقتصاد الأمريكي في الظروف الاقتصادية العالمية فإننا ندرك تماما أن الولاياتالمتحدةالأمريكية تتحمل مسؤولية خاصة. وحول الأمن الغذائي أكد أن هناك التزاما بتحقيق أمن غذائي عالمي لمعرفتنا أن الفقر السبب الرئيس للأزمات. وأبان جايتنر أن الهدف من زيارته إلى السعودية هو التأكيد على التزام الرئيس أوباما بترسيخ العلاقات الثنائية وتعزيز ومراجعة التقدم المحرز في استراتيجيتهما المنسقة لاستتباب النمو العالمي، واستعراض المخاطر والتحديات التي تنتظرنا والمضي قدما بأجندة الإصلاح لمجموعة ال (20). واعتبر وزير الخزانة الأمريكي تيموثي جايتنر، أن مخاطر كبيرة لا تزال تهدد نهوض الاقتصاد العالمي، لكن الدول الكبرى أحرزت تقدما في جهودها المشتركة للخروج من الأزمة. وتحدث عن استراتيجية الانتعاش الاقتصادي في معالجة الأزمة، التي ترتكز على أربعة عناصر تتضمن تثبيت استقرار النظام المالي الأمريكي, وإصلاحه للمساعدة على تعويض الانحسار الشديد على الطلب في القطاع الخاص, والعمل مع الاقتصادات الكبرى في العالم على برنامج منسق لتحفيز الاقتصادات الكلية وتثبيت الاستقرار المالي, والتركيز على المستقبل وحتى مع تعاملنا الحالي مع الأزمة الحالية وأضاف أن الاقتصاد العالمي يمر بواحدة من أشد المراحل صعوبة من الشدة والتحمل الاقتصادي منذ أجيال خلت، ففي كل قارة وكل دولة تتعرض مشاريع الأعمال والأسر إلى خسارة حادة في مستوى الثراء وارتفاع البطالة وإخفاق المشاريع. وزاد» كما أن قوة الركود العالمي تنحسر، وللمرة الأولى منذ عدة فصول, وبدأ صندوق النقد الدولي وعدد من المحليين في القطاع الخاص في مراجعة توقعاتهم للنمو للنصف الثاني من هذه السنة والسنة المقبلة وأخذت التجارة العالمية في التوسع مجددا، ففي الولاياتالمتحدة أسرعنا في العمل على إعادة الثقة في النظام المصرفي من خلال زيادة الشفافية والكشف التي تساعد على جلب بلايين الدولارات من رأسمال الخاص إلى البنوك كي تقي نفسها من انكماش أشد، ووضعنا حزمة من آليات مبتكرة للتمويل لمساعدة إعادة تشغيل أسواق الائتمان، وعززنا أسس شركات الإسكان التي ترعاها الحكومة وأطلقنا برنامجا شاملا لتخفيف حدة أزمة الإسكان، وعملنا على تعويض الانحسار الشديد على الطلب». وتابع الوزير يقول» بعد أسابيع من تبوئها السلطة بدأت إدارة الرئيس أوباما مع الكونجرس على وضع رزمة كبيرة للنهوض الاقتصادي هي الأكبر في تاريخ البلاد، وهو برنامج شامل للمحفزات الضريبية الفورية للمشاريع والأسر». وتطرق جايتنر إلى استراتيجية الرئيس أوباما، التي تقوم على التحرك بسرعة على الصعيد الوطني، كما عملت مع الاقتصادات الكبرى في العالم على برنامج منسق لتحفيز الاقتصادات الكلية وتثبيت الاستقرار المالي، مشيرا إلى أن الجميع اتفق معا على أن تبقى الأسواق مفتوحة أمام التجارة والاستثمار، وبيننا توافق على برنامج كبير استثنائي للدعم المالي من أجل الاقتصادات الناشئة والنامية من خلال صندوق النقد الدولي وبنوك التنمية المتعددة الأطراف. وشدد على أن كل هذه الإجراءات ساهمت في تخفيض آثار الأزمة وخطر تفاقم الركود العالمي، وقللت من تباطؤ معدل تدهور النشاط الاقتصادي وبدأت ثقة قطاع العمل والمستهلكين تتحسن وأخذت أسواق العقارات في الاستقرار وانخفضت تكلفة الائتمان بشكل كبير، وهذا التحسن ظهر بشكل أسرع مما توقعه كثيرون منا عندما صممنا هذه البرامج.كما أن اقتصادنا استقبل من منطقتكم استثمارات بأكثر من 25 مليار دولار خلال السنوات القليلة الماضية. وأشاد وزير الخزانة الأمريكي بمتانة الاقتصاد السعودي، وقال هنا في السعودية يواصل الاقتصاد غير المرتكز على النفط نموه وتعززه واحدة من أكبر أدوات التحفيز الاقتصادي لدى أي من دول مجموعة ال (20) وبفضل خطوات حثيثة في القطاعين النقدي والمالي. وأكد أن الدليل الأكثر على قوة سياسة الاستجابة العالمية وإشارات القوة المبذولة في الاستجابة المبدئية قيام صندوق النقد الدولي حديثا بترقية توقعاته العالمية إلى تزايد النمو بنسبة 2.5 في المائة عام 2010م. وأفاد أن مسار التعافي سيستغرق وقتا أطول, حيث إن تداعيات هذه الأزمة كانت قاسية وحادة في مدى الأضرار التي أصابت الاقتصادات حول العالم، وفي ضوء نطاق الضرر الذي لحق بالنظم المالية العالمية وفقدان الثراء والتعديلات الضرورية فترة طويلة من الاقتراض المفرط حول العالم. وتوقع حدوث نهوض تدريجي مع تأرجحات وانعكاسات سالبة مؤقتة، لكن النمو سينقلب إيجابا قبل بلوغ البطالة ذروتها، وستكون شروط الائتمان أشد صرامة عن العادة حتى مع تقدم وتيرة النمو. ورغم أن هذه الاستراتيجية قد أثبتت نجاحها حتى الآن في خفض المجازفة الكارثية، نحتاج إلى الاستمرار في التركيز في السياسة على النمو، فالهفوات والأخطاء المعهودة المأسوية في السياسة الاقتصادية هي التصرف في وقت متأخر وبقوة غير كافية وبعدها استخدام مكابح السياسة, مشيرا إلى أن الهفوات لن تتكرر. وشدد وزير الخزانة الأمريكي على التزام بلاده بالمحافظة على الانفتاح الذي يتحلى به الاقتصاد، والتركيز على النهوض الاقتصادي، والحاجة إلى إرساء ركيزة لنمو عالمي أكثر توازنا وأكثر قدرة على الاستدامة مع مؤسسات أقوى لتلافي الأزمات المستقبلية والتعامل معها، وأعتقد أن العالم لم يتوصل بعد إلى تقدير حجم الطموح والاستثمار الذي نشهده في المملكة ومنطقة الخليج لإرساء ركائز النمو المستقبلي. وخاطب رجال الأعمال السعوديين قائلا: «أنتم تشيدون مؤسسات من المستوى العالمي للتعليم مترافقة مع الإصلاحات لتحسين مستوى التعليم الأساسي والثانوي، وتنوعون اقتصاداتكم من أجل بناء مستقبل أقل اعتمادا على النفط والغاز الطبيعي، وتقومون بهذا التنوع من أجل مستقبل أفضل لبلادكم». وأفصح عن حرصه في وقت مبكر على أن تنضم السعودية إلى مجموعة ال (20) وقال: عندما عملت في وزارة الخزانة في التسعينيات، بدأنا مسار بناء إطار أوسع بإنشاء مجموعة ال (20) وبذلك جلبنا السعودية والاقتصادات الناشئة الكبرى إلى الطاولة، وعلى مدار الأشهر القليلة الماضية لعبت المجموعة دورا رئيسا في بناء استراتيجية عالمية منسقة للتصدي للأزمة ولوضع أجندة للإصلاح في القطاع المالي والدولي، ولعبت السعودية دوراً أساسيا في هذا المسار، وسيكون للمملكة صوت مهما في بناء التعاون من أجل إطار أكثر صلابة لتفادي الأزمات المستقبلية وذلك كون المملكة انضمت كعضو جديد إلى المجلس الموسع لتثبيت الاستقرار المالي. وتحدث تيموثي جايتنر عن النمو الذي شهدته مدينة جدة وتاريخها العريق كمركز تجاري مهم في المنطقة، حيث كان عدد سكانها عام 1948م 30 ألف نسمة فقط، واليوم هي العاصمة التجارية للمملكة ويسكنها أكثر من ثلاثة ملايين نسمة، ونما حجم الاقتصاد السعودي في العقدين الأخيرين أربع مرات بمعدل يفوق الضعفين مساهمة في إجمالي الناتج المحلي في العالم، وأدى هذا النمو إلى روابط اقتصادية أكثر عمقا ووسعا بين منطقة الخليج والولاياتالمتحدةالأمريكية، وبات هناك 360 شركة أمريكية تعمل في السعودية، بخلاف 750 شركة في الإمارات و100 شركة في قطر. وتحدث عن الإرث الطويل من التعاون الوثيق بين السعودية والولاياتالمتحدةالأمريكية إلا أن مجموعة ال (5) ومجموعة ال (7) كانتا محافلا تتخذ فيها القرارات الكبرى بصدد هندسة النظام العالمي والاستراتيجيات في أوقات الأزمات. من جانبة تطرق محمد الفضل رئيس مجلس الغرف السعودية، رئيس غرفة جدة إلى العلاقات النموذجية التي تربط بين المملكة العربية السعودية والولاياتالمتحدة في كل المجالات، التي يجسدها الود القائم بين خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز وأخيه الرئيس باراك أوباما الذي نجح في فترة وجيزة في تعزيز وتقوية العلاقات بصورة لم يسبق لها مثيل. وقال الفضل: على الصعيد الاقتصادي تعد المملكة الشريك الأول للولايات المتحدة في منطقة الشرق الأوسط، حيث تجاوز حجم التبادل التجاري بينهما 200 مليار ريال، حيث حدث نمو كبير وصل إلى نسبة تزيد على 20 في المائة، في العامين الماضيين، بعد أن كان حجم التبادل التجاري في عام 2006م يصل إلى 157 مليار ريال. وبين أن الاقتصاديين السعوديين ينتظرون بشغف لقاء وزير الخزانة الأمريكي ليتعرفوا عن قرب على توابع الأزمة المالية العالمية التي اندلعت العام الماضي في أمريكا وعصفت بكثير من الدول، خاصة في ظل الأنباء التي تتردد عن استمرار الضغوط التضخمية. وكان وزير الخزانة الأمريكي الذي بدأ زيارة رسمية إلى السعودية أمس ضمن جولة يلتقي خلالها مسؤولين أوروبيين وعربا، قد عقد اجتماعا في غرفة جدة مع محمد الفضل وأعضاء مجلس الأعمال السعودي - الأمريكي وعدد من أصحاب الأعمال، قبل أن يلتقي رجال الأعمال والإعلام.