عدالة توزيع الدخل القومي، تخفيف التفاوت في الدخول بين طبقات المجتمع، حماية المواطن الفقير من بطش الرأسمالية .. مفاهيم مختلفة عبرت في نهايتها عن معني إنساني يحترم حق من لا يملك المال في الحياة الكريمة، ورغم إنسانية المفهوم إلا أن وزراء مصر ظلوا ينادون به أمام وسائل الإعلام دون تنفيذها ، فسار المفهوم مجرد شعار ، وسار الفقير نحو المجهول في دولة تحترم "من يملك المال" وتخشي "من يسيء استغلال هذا المال" وتحتقر "من لايملك" حتي وإن كان سبب الفقر "الشرف". لذا ارتبط تاريخ هذا المفهوم بتاريخ الفشل الحكومي منذ أن تحولت مصر للسياسات الرأسمالية علي يد "السادات" وتحديداً مع العام 1972 مرورًا بإمبراطورية "مبارك" التي سخرت الدولة في خدمة "رجال النظام" ونظام "مرسي" الذي ضغط أكثر علي الفقير بتطبيقه سياسة الإنكماش المالي تحت إشراف صندوق النقد الدولي .. فهل يرسم دستور 2014 بالتزامن مع تغيير حكومة "الببلاوي" واستقدام فريق محلب مستقبل أفضل للفقير علي أرض الواقع وليس علي صفحات وشاشات "وسائل الإعلام". ومن جانبه قال الدكتور جودة عبد الخالق، وزير التموين والتجارة الداخلية الأسبق، وأحد قيادات حزب التجمع أن السياسات الرأسمالية عادة ما ترتبط بنوع من الضغط علي المواطن الفقير وتضر من إمكانية تطبيق مفهوم العدالة الإجتماعية بين طبقات المجتمع. وأضاف عبد الخالق أن الإهتمام بالمواطن الفقير يكون في مقدمة أجندة كل حكومة من الحكومات التي تعاقبت علي تاريخ مصر بما فيها حكومة الجنزوري الذي كان وزيراً فيها إلا أنها لا تنجز كثيراً في هذا الملف بسبب طبيعة المشكلات التي يعاني منها الإقتصاد وتعقدها ومحدودية الموارد. ودعا عبد الخالق إلي ضرورة جمع كافة الأحزاب ذات التوجه الإجتماعي الإشتراكي في مصر تحت مظلة واحدة بما فيها حزب التجمع والحزب الناصري والمصري الديمقراطي والكرامة حتي تتمكن هذه الأحزاب من صياغة استراتيجية واضحة لرفع مستوي العدالة الاجتماعية في توزيع الدخل والثروة بين أفراد المجتمع حتي تستطيع المنافسة باسم هذا البرنامج في أي استحقاقات ديمقراطية قادمة ،نافيًا قدرة أى من هذه الأحزاب الحصول علي نصيب كبير من السلطة منفردة. ومن جانبه قال الدكتور عبد الحميد نوار، أستاذ المالية العامة بجامعة القاهرة، أن منظومة الدعم في مصر موضوعة لخدمة مصالح الأغنياء فهي تدعم مجموعة من السلع التي يكون نصيب الغني منها أكبر من نصيب الفقير وهو ما يمثل مفهوم "اللاعدالة". وطالب عبد الحميد نوار بضرورة صياغة خطة حكومية تهدف إلي إحلال منظومة الدعم النقدي محل الدعم العيني بحيث تبدأ الحكومة في تنسيق سياساتها علي دعم الفرد وليس السلعة والتمييز بين مختلف الأفراد في مدى استحقاقهم لهذا الدعم من عدمه. وأكد أن هذا الأجراء سيضمن نوعين من النتائج النوع الأول ترشيد منظومة الدعم من خلال ضمان وصوله للفقير الذي يمثل المواطن المستهدف من هذا الدعم في الأصل ، بينما يتعلق النوع الثاني من النتائج بتوفير مبالغ كبيرة لميزانية الدولة كان يتم إنفاقها علي دعم سلع ومستوي معيشة الأثرياء والتي يمكن الإستغناء عنها تماماً.