"جودة الفكرة" هي الوقود والمحفز الأساسي للمستثمر لضخ التمويل المطلوب في الأفكار الشبابية سواء من ناحية الفكرة التى تخدم طبيعة العمل بالقطاع التكنولوجي بشكل عام أو الأفكار التى تحل أزمات ومشكلات محلية عاجلة على وجه الخصوص. المهندس كريم الفاتح المدير العام لشركة إنتل مصر يرى" ريادة الأعمال" محورًا أساسيًا لاستراتيجيات النمو على المستوى العالمي ويمكنها بناء مستقبل مصرالتي تأبى أن "تُستعبد" وهو ما أكده شبابها في ثلاث سنوات متصلة من الثورة السياسية والفكرية ويعتقد أن بناء تكنولوجيا تحل الأزمات الآنية للمجتمع يجب أن تعتمد في الأساس على عناصر داخلية بالكامل موضحًا أن الاعتماد على "حلول مستوردة" لن يسهم إلا في تفاقم المشكلات التى يعاني منها المجتمع من الأساس. اشار الفاتح في حواره مع "أموال الغد" إلى أن بعض الدول تعتمد في الأساس على الأفكار الجديدة والشابة لتغيير ملامح المجتمعات مثل الولاياتالمتحدةالأمريكية التى تشهد كل عام ما يقرب من 600 ألف فكرة جديدة وشركة ناشئة لتساهم التكنولوجيا بما يقرب من 14% في الناتج المحلي الإجمالي من شركات اعتمدت على أفكار شبابية لتصبح قيمتها السوقية تعادل الموازنة العامة لبعض الدول، لافتًا إلى أن الشرق الأوسط يشهد ذلك إلى حد ما في بعض الدول المجاورة مثل تركيا والأردن في رأيك ما أبرز الاستراتيجيات التي يجب تعميمها في السوق المحلية لدعم فكر ريادة الأعمال؟ من وجهة نظري يمكن استخدام الظروف الحالية في تطوير مشروعات تتوافق مع الاحتياجات الحالية ، وتسهم في احداث تغيير فى أفكار مشروعات تخدم توجهات استراتيجية للدولة , ونعتمد في انتل على التعريف بريادة الأعمال باعتبارها فكر وثقافة وليست مجرد توليد فكرة جديدة ،مركزين على النظر إلى الابداع باعتباره ثقافة لحل المشاكل القائمة في دولة معينة والاعتماد على الأفكار التى تخدم المجتمع مثل حل مشكلات التعليم والبنية التحتية والتوظيف خاصة في الدول التى تعاني مشكلات مماثلة كالدول النامية ومنها مصر ومابين التجارب الفاشلة يتحقق التطوير والابداع العقلى وهو ماامنت به معظم الدول المتقدمة فى تحقيق نهضتها فى كافة المجالات الا اننا فى مصرنحتاج الى رفع الاستثمارات بالعنصر البشرى ودعم رواد الأعمال من خلال التعليم الجيد ودعم الابحاث ذات القيمة وتهيئة المناخ المناسب لخروجها الى الواقع العملى ويجب ان نعترف ان المساهمات الحكومية لريادة الاعمال يجب الا تتخطى مرحلة الدعم بتسهيل الاجراءات نظرًا لعدم قدرتها على التواصل مع نوعية المشروعات المطروحة من الشباب من جهة وبطء الحركة لأي مبادرة للوزارات والهيئات الرسمية بما لا يتماشى مع الطبيعة السريعة للعملية الابداعية من وجهة نظرك ،هل ترى جهات التمويل وشركات الاستثمار سببًا في ضعف عملية ريادة الأعمال والابتكار في مصر باتخاذها اتجاهًا انكماشيًا في الإنفاق على الإبداع؟ على العكس تمامًا فأنا أرى أن الجهات الاستثمارية والصناديق العاملة في السوق المحلية على استعداد تام لضخ استثمارات هائلة لدعم الإبداع؛ ومن وجهة نظري فإن تكرار الأفكار وصعوبة إنتاج فكرة جيدة جاذبة للمستثمر وتخدم عمله بصورة أساسية وتحل مشكلة جذرية متأصلة في المجتمع المحلي قد تمثل هي حجر الزاوية في إحجام بعض المؤسسات عن تمويل المشروعات الناشئة للشباب. وعلى سبيل المثال تسعى إنتل في حالة عدم الاستثمار بصورة مباشرة في الشركات الناشئة وريادة الأعمال فإنها تقوم بتوفير نوع من الاستشارات الفنية؛ ومن ناحية أخرى تسعى لتوفير جهات تمويل بديلة عاملة بقطاع تكنولوجيا المعلومات أو لديها اهتمام للاستثمار به على المدى القصير والمتوسط لإيجاد حلول بديلة لرواد الأعمال تساعدهم في تنفيذ أفكارهم. ولاحظنا ضرورة تشبيك رواد الأعمال مع طبيعة الأعمال والجهات الاستثمارية فى مصر حيث يعمل كل منهم فى جزر منعزلة وذلك من خلال التشجيع المستمر الذي يحتاج إليه رواد الأعمال من قبل الجهات المختلفة لتحفيزهم على الاستمرار في العمل والسعي لتقديم خدمات جديدة وأفكار إبداعية مستمرة . وكيف يلعب التعليم دورًا في دعم ريادة الأعمال ..وما دور الشركات والقطاع الخاص لتنمية البرامج التعليمية لتتوافق مع ريادة الأعمال؟ من وجهة نظري المحتوى التعليمي وطريقته يؤثران بقوة على خلق جيل لديه "نزعة ريادة الأعمال" ؛وبالتالي فإن التعديل في المحتوى التعليمي من قبل الدولة وتبني القطاع الخاص استراتيجيات داعمة لنشر تكنولوجيا المعلومات وزيادة استخدامها في المدارس ،من شأنه أن يعدل في نوعية التفكير من ناحية ويساهم في خلق "رواد أعمال" مواكبين للمشكلات المحلية. وتسعى الشركات العالمية لتوفير نوعيات مخصصة من الحاسبات الآلية لطلاب المدارس والجامعات تساعد في توطين التكنولوجيا من ناحية وتساعد على وجود نوع من الأدوات المخصوصة لاحتياجات فئة الطلاب التى تعد الأهم في لبناء جيل من رواد الأعمال. وما الخطوات التي يجب على الشركات اتخاذها لتوطين تكنولوجيا المعلومات في المدارس ونشرها كإحدى المكونات الأساسية لعملية الإبداع؟ أتوقع وجود مبادرات جديدة من شركات وجهات أخرى تهدف إلى نشر استخدام الحاسبات الآلية والاعتماد على الانترنت والتكنولوجيا خاصة لدى الفئات الأصغر عمرًا. ومن وجهة نظري فإن توطين التكنولوجيا يعتمد على أربعة عوامل؛ أولها مبادرة نشر التكنولوجيا والأجهزة والتى تقدمها الشركات الأجنبية أو المحلية والتى تقدم أجهزة؛ ومن ناحية ثانية الشركات التى تقدم خدمات البرودباند، مثل مزودي خدمات الانترنت العاملة بالسوق. والعامل الثالث هو التطبيقات التى يتم طرحها على الحواسب ..وأخيرا تمويل المبادرات . وبتجميع هذه العوامل مع بعضها يمكن ضمان نجاح مبادرات التوطين التكنولوجي، وعلى المستوى الشخصي ،أتمنى دخول التمويل متناهي الصغر ضمن المبادرات للتمويل متناهي الصغر المدعومة من البنوك. وما أبرز الافكار التى تركز انتل على دعمها من خلال برامج الإبداع في مصر؟ نركز على دعم الأفكار الخاصة بالتعليم خاصة مع ارتفاع عدد الطلاب في مصر ليصل إلى 17 مليون طالب، وأكبر تحد يواجه المجتمع هو كيفية توظيف الأدوات التكنولوجية المتاحة في تفعيل برامج أكثر واقعية لخدمة التعليم. ويجب لفت النظر إلى أن برامج انتل للإبداع تعتمد على توظيف العقول المحلية في إيجاد حلول تتوافق والمشكلات التى تواجهها يوميا؛ مثل حل مشكلات توصيل المياه للفلاحين أو القضاء على الاختناق المروري وغيرها من المشكلات وثيقة الصلة بالمجتمع والاقتصاد المصري. من وجهة نظرك ،ما التحديات التي تواجه ريادة الأعمال في مصر؟ في البداية التفكير في ريادة الأعمال باعتبارها عملا جادا وخطيرا ،لذلك نستهدف نشر الإبداع كثقافة وليس معادلة خطرة ونعتمد على التركيز على أن ريادة الاعمال ليست بالعمل الجاد الخطر كما يتوقعه الناس ،لذلك تعتمد الشركة من خلال برامجها لدعم الابداع على التعامل بشكل "غير رسمي" وإتاحة الطرق المختلفة لتوصيل المعلومات بما ينعكس بطريقة ايجابية على رواد الأعمال خاصة في ظل استحواذ الشباب الأصغر سنا على النسبة الأكبر من خلق الأفكار الجديدة والمبدعة في مصر والتى يمثل الشباب ما يقرب من 60% من كتلتها السكانية. ومن ناحية أخرى نسعى للقضاء على فكرة أن الفشل "عيب مجتمعي " خاصة أن النظرة إلى الافكار غير الناجحة في المجتمعات النامية تسبب نوعا من الإحجام عن الأفكار الجديدة خشية الفشل، بالاضافة إلى الهدف الأهم الخاص بنشر ثقافة ريادة الأعمال في كل مناحي الحياة باعتباره ليس قاصرا على فئة محددة أو خاصا بسن محددة أو وظيفة واحدة. وماذا عن دور انتل كابيتال كبنك استثمار ودوره في تبني دعم ريادة الأعمال بالسوق المحلية؟ انتل كابيتال برأسمال مال خاص بالكامل من انتل وتهدف للربح ،وبالتالي لا تدخل أي استثمار بغير هدف الربح وفي مصر تستهدف خلال الفترة الحالية الاستثمار في عدد من الشركات المصرية غير أنه يستهلك وقتًا طويلاً ولدينا في الفترة الحالية عددًا من الأفكار الجيدة إن لم تستثمر بها انتل كابيتال سترشح الفكرة لعدد من الصناديق العالمية الأخرى. انتل كابيتال وضعت ما يقرب من 50 مليار دولار لمنطقة الشرق الأوسط وشمال افريقيا لتمويل المشروعات الجيدة في مصر ومن وجهة نظري لا توجد أزمة في السيولة في مصر خاصة مع توافر الجهات المستعدة لمنح الشركات التمويل مثل البنوك والصندوق الاجتماعي للتنمية وغيرها ، واعتقد أن الازمة لدعم ريادة الاعمال تتعلق بنوعية الأفكار المطروحة. فالمستثمر ينظر إلى الاستثمار كقيمة مضافة له في المنتجات التى يطرحها فمثلاً تنظر إنتل إلى المنتجات بقطاع تكنولوجيا المعلومات التى تدعم منتجاتها مثل زيادة عمر البطارية، وتحسين أداء الحاسبات مثلا، وبالتالي فإن الشركات تنظر إلى الشركات التى تخدم محور العمل الاساسي بها. هل الاستثمار في الأفكار الإبداعية وريادة الأعمال يعتبر مدخلا للاستحواذ على شركات ناشئة تعمل بالسوق المصرية مثلما استحوذت الشركة على "سيسد سوفت" في عام 2011؟ الاستراتيجية التى تتبعها انتل في مصر والقائمة على أربعة محاور تتعلق بالتعليم ودعم البنية التحتية والإبداع وريادة الاعمال والبحث والتطوير، والاستحواذ على سيسد سوفت يتعلق بزيادة قنوات البحث والتطوير، أما دعم ريادة الاعمال فيستهدف تزويد انتل مصر بخط انتاج للأفكار يمكنها التحول إلى منتجات ومشروعات قابلة للتطبيق. ومن ناحية أخرى تركز الشركة على توظيف الافكار الابداعية ليس فقط لخلق شركات جديدة تعمل بالسوق ولكن لنشر الافكار المبدعة داخل الشركات القائمة بالفعل في الوقت الحالي كأدوات تسويقية جديدة وتوظيف التكنولوجيا لتحسين القوام الاقتصادي بصفة عامة. ويجب التركيز على أن الهدف ليس فقط انتاج افكار جديدة بقدر ما تستهدف الشركة نشر التفكير الابداعي كمحور أساسي للتنمية، ثم تساعد الشركات الناشئة على تفعيل دورها من خلال خلق قنوات اتصال مع مستثمرين لضخ الاموال في تلك الافكار الابداعية. وما البرامج المستهدفة لدعم ريادة الأعمال في مصر خلال 2013؟ تستهدف انتل تدريب ما يقرب من 1000 طالب على ريادة الاعمال خلال العام الجاري بالتعاون مع مركز الابداع التكنولوجي وريادة الاعمال ووزارة الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات من خلال "معسكر الإبداع" ، وبدأت في معسكر أول لتدريب المتخصصين والمدرسين وبلغ عدد الحضور للمعسكر الأول حوالي 25 متدربا من مختلف المحافظات، بالاضافة إلى أن الخطة الموضوعة من قبل الشركة تقوم على تدريب 50 طالبا في كل معسكر على مفهوم ريادة الأعمال وكيفية إنشاء شركات جديدة وتأهيلهم لتبني المشروعات الخاصة بهم والتي تحل المشكلات المجتمعية القائمة بواقع 20 معكسرا على مدار العام على مستوى كافة المحافظات. وما الصعوبات التي تعكسها الاضطرابات السياسية الحالية على أداء إنتل في السوق المحلية؟ أهم الصعوبات التى تواجه انتل في مصر هي ثبات معدلات النمو بعد أن كانت تسجل أعلى معدلات نمو مرتفعة وربما كانت الأسرع نموًا في المنطقة،ومن ناحية أخرى تراجع المشروعات الحكومية العملاقة التي كانت من شأنها أن تسهم في تشغيل الشركات الكبيرة والصغيرة وتحريك السوق للأمام. وكانت الشركة تستهدف معدل نمو يتراوح بين 20-25% بما يتوافق مع معدلات نمو السوق وفي الوقت الحالي الشركة لا تحقق معدلات نمو، بل على العكس المعدل ثابت،والقطاع الحكومي يكاد يكون متوقفا تماما