اليوم.. "إعلام النواب" تناقش أداء وزارة الثقافة في الربع الأول من عام 2024/2025    عن مصير الدولار.. عودة أخرى    اليوم.. "زراعة النواب" تبحث 7 طلبات إحاطة    التفاعل الرقمي للمراهقين.. كيف يمكن للذكاء الاصطناعي أن يكون قوة إيجابية أو سلبية؟    بابا من إفريقيا.. هل يحقق الفاتيكان المفاجأة؟    الدلالات الدينية والسياسية لتسميات الحروب الإسرائيلية    متغيرات تزيد تعقيدات الحرب فى السودان    حكاية المباراة رقم (39) فى البريمييرليج!    عملية اختيار مدرب الأهلى الجديد    مواعيد مباريات اليوم في الدوري المصري والقنوات الناقلة    مدرب ليفربول والريال السابق يرحب بتدريب الأهلي    موعد مباراة النصر القادمة في نصف نهائي دوري أبطال آسيا    بيان من وزارة التربية والتعليم بخصوص واقعة المدرسة الخاصة بالبحيرة    أيام الصحوة الخادعة    تكريم رواد النشر العربى    طفل البحيرة.. والحقائق الكامنة!    وليد سامي يساند مصطفى كامل في معركته لنصرة حقوق الموسيقيين: "متضامنين معاك حتى النهاية"    اليوم.. ندوة ريهام عبد الغفور ضمن فعاليات مهرجان الإسكندرية للفيلم القصير    المستشار حامد شعبان سليم يكتب عن : للصباح كلمة !?    أفضل وأسهل طريقة لتنظيف التكييف في المنزل    شارك صحافة من وإلى المواطن    رسميا بعد التحرك الجديد.. سعر الدولار اليوم مقابل الجنيه المصري اليوم الإثنين 28 أبريل 2025    محافظ الدقهلية في جولة ليلية:يتفقد مساكن الجلاء ويؤكد على الانتهاء من تشغيل المصاعد وتوصيل الغاز ومستوى النظافة    نبيه: أشكر الجماهير واللاعبين.. وأبحث عن العدالة في الاختيارات    وزير الرياضة وأبو ريدة يهنئان المنتخب الوطني تحت 20 عامًا بالفوز على جنوب أفريقيا    «مستقبل وطن».. أمانة الشباب تناقش الملفات التنظيمية والحزبية مع قيادات المحافظات    مأساة في كفر الشيخ| مريض نفسي يطعن والدته حتى الموت    اليوم| استكمال محاكمة نقيب المعلمين بتهمة تقاضي رشوة    بالصور| السيطرة على حريق مخلفات وحشائش بمحطة السكة الحديد بطنطا    تفاصيل حفل توزيع جوائز "صور القاهرة التي التقطها المصورون الأتراك" في السفارة التركية بالقاهرة    200 يوم.. قرار عاجل من التعليم لصرف مكافأة امتحانات صفوف النقل والشهادة الإعدادية 2025 (مستند)    لن نكشف تفاصيل ما فعلناه أو ما سنفعله، الجيش الأمريكي: ضرب 800 هدف حوثي منذ بدء العملية العسكرية    الإمارت ترحب بتوقيع إعلان المبادئ بين الكونغو الديمقراطية ورواندا    استشهاد 14 فلسطينيًا جراء قصف الاحتلال مقهى ومنزلًا وسط وجنوب قطاع غزة    امنح نفسك فرصة.. نصائح وحظ برج الدلو اليوم 28 أبريل    سعر الذهب اليوم الإثنين 28 أبريل محليا وعالميا.. عيار 21 الآن بعد الانخفاض الأخير    فيتنام: زيارة رئيس الوزراء الياباني تفتح مرحلة جديدة في الشراكة الشاملة بين البلدين    حقيقة انتشار الجدري المائي بين تلاميذ المدارس.. مستشار الرئيس للصحة يكشف (فيديو)    أهم أخبار العالم والعرب حتى منتصف الليل.. غارات أمريكية تستهدف مديرية بصنعاء وأخرى بعمران.. استشهاد 9 فلسطينيين في قصف للاحتلال على خان يونس ومدينة غزة.. نتنياهو: 7 أكتوبر أعظم فشل استخباراتى فى تاريخ إسرائيل    اليوم| جنايات الزقازيق تستكمل محاكمة المتهم بقتل شقيقه ونجليه بالشرقية    نيابة أمن الدولة تخلي سبيل أحمد طنطاوي في قضيتي تحريض على التظاهر والإرهاب    إنقاذ طفلة من الغرق في مجرى مائي بالفيوم    29 مايو، موعد عرض فيلم ريستارت بجميع دور العرض داخل مصر وخارجها    الملحن مدين يشارك ليلى أحمد زاهر وهشام جمال فرحتهما بحفل زفافهما    إحالة أوراق متهم بقتل تاجر مسن بالشرقية إلى المفتي    «عبث فكري يهدد العقول».. سعاد صالح ترد على سعد الدين الهلالي بسبب المواريث (فيديو)    نتنياهو يواصل عدوانه على غزة: إقامة دولة فلسطينية هي فكرة "عبثية"    رياضة ½ الليل| فوز فرعوني.. صلاح بطل.. صفقة للأهلي.. أزمة جديدة.. مرموش بالنهائي    لقاء الأبناء مع أبيهم.. البابا تواضروس يلتقي أقباط بولندا وأبناء الكنيسة الإثيوبية    مستشار الرئيس للصحة يكشف حقيقة انتشار مرض الجدري المائي    فريق طبي بأسيوط ينجح في استئصال طحال بوزن 2 كيلوجرام من مريضة شابة    هرمونات تؤثر على وزنك- إليك طرق تحسينها    علي جمعة: تعظيم النبي صلى الله عليه وسلم أمرٌ إلهي.. وما عظّمنا محمدًا إلا بأمر من الله    هل يجوز إعطاء الزكاة للمتسولين في الشوارع ؟.. واعظة ب«الأوقاف» تُجيب    مجلس أمناء الحوار الوطني يلتقي وزير الخارجية والهجرة الدكتور بدر عبدالعاطي    «لا يجوز».. بيان جديد من «السعودية» بشأن حكم الحج بدون تصريح (تفاصيل)    للمشاركة في فعاليات مؤتمر «مجتمعات الفرص 2025».. وزيرة التضامن تتجه إلى سنغافورة    خلال جلسة اليوم .. المحكمة التأديبية تقرر وقف طبيبة كفر الدوار عن العمل 6 أشهر وخصم نصف المرتب    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الدكتور فؤاد بوعلي يكتب عن : القدس هي البوصلة
نشر في الزمان المصري يوم 09 - 01 - 2018

وصلني من الدكتور عزيز العصا، مقرر الثقافة والإعلام بالهيئة العامة العلمية الإسلامية العليا بالقدس وعموم فلسطين، مقاله الأخير الذي عنونه:"من القدس إلى الرباط.. مع التحية"، المنشور في جريدة القدس المقدسية، يحكي فيه عن زيارته الأخيرة للمغرب، والحفاوة التي أحيط بها خلال مقامه بين أبناء الوطن ومسؤوليه، مؤكدا على عمق الوشائج التي تربط المغاربة بأبناء القدس ويافا وعكا: "وقد صادف أن أعلن ترامب عن قراره نقل سفارة بلده إلى القدس، وأنا بين أبناء المغرب وعلى الطهور، فقرأت في عيونهم شزرًا ثراها وغضبًا وحنقًا وضيقًا، لا يقل كثيرًا عن مشاعر الفلسطينيين أنفسهم؛ وفي ذلك مثال حيّ على وحدة المشاعر لدى أبناء الأمة". وفي لقاء جمعني به مؤخرا تداولنا فيه قضية القدس وسألته عن رأيه من زيارتها، مبرزا له رأيي الخاص، الذي استقيته من لقاءات متكررة مع بعض الأصدقاء الذين يعيشون تحت نير الاحتلال الصهيوني، والذي يختلف كثيرا مع رأي العديد من فضلاء الصف النضالي الذين يتبنون فتوى الشيخ القرضاوي بتحريم الزيارة واعتبارها تطبيعا معلنا، اعتقادا مني أن حصار الأقربين أكثر مضاضة من حصار الأعداء، فقال لي: الزيارة حسب النية.
عديدة هي الدعوات التي تصدر عن بعض التيارات الهامشية، ولا وجود لها إلا في صفحات منابر الإعلام والتواصل الاجتماعي، التي تحاول النيل من القضية الفلسطينية والعمق المقدسي للمغرب. وفي كل مرة يثبت المغاربة أن اختيارهم لفلسطين قضية وطنية، منذ الاستعمار الفرنسي، ووفاءهم لها نظاما وشعبا، ليس قضية مزاجية أو تكتيكية تتغير بتغير الأحداث وموازين القوى، بل هي جزء من الوجدان المغربي وثابت من ثوابته التي لم تتغير على مر العقود والعهود. ويمكن الاستدلال على عمق الارتباط بالتاريخ القريب/ البعيد. فقدأشار ابن خلدون إلى العلاقة التي جمعت بين يعقوب المنصور الموحدي وصلاح الدين الأيوبي، والتي وصلت حد تجهيز الجيش الذي قاوم الصليبيين. وفي عهد الاستعمار الفرنسي، لم تمنع المواجهة ضد هذا الأخير من تبني موقف صارم ومساند للشعب الفلسطيني، قبل ظهور الأحزاب والتكتلات السياسية، عبرت عنها رسالة الاحتجاج التي رفعت بعد أحداث 1929 إلى رئيس الوزراء البريطاني ماكدونالد وجاء فيها: "نبلغكم استياء عموم المغاربة المسلمين استياء عميقاً للحوادث المؤلمة التي وقعت في فلسطين والظلم الفادح الذي أصاب المسلمين بتلك الناحية من جراء المساعي الصهيونية …. وان المساعدة التي تقدمها السلطة الانجليزية تجعل أربعمائة مليون من المسلمين في سخط تام على السياسة الانجليزية….».
إن استدعاء التاريخ قد يفيد في حسن قراءة الوجدان المغربي ورسم معالم الانتماء الحقيقية. فالقدس ليست جدرانا أو بنايات، وليست فضاء يمكن استبداله أنى شاء الأقوياء، بل القدس في تمثل المغاربة هي اكبر من حجمها الترابي الجغرافي، هي عنصر من عناصر بناء الذات الوطنية، بل هي البوصلة المحددة لباقي العناصر. لذا فما عبر عنه الملك في موقفه الأخير، ومظاهرات المغاربة المكثفة كلما مست رمزيتها، تؤكد أن وجود المغرب مرتبط بوجود القدس. قد تختلف مع السياسيين في تدبيرهم للقضية لإكراهات الأنظمة، وقد تختلف مع رموز النضال الوطني ضد التطبيع مع الكيان الصهيوني لأسباب تكتيكية، خاصة حين يتحول المنهج إلى آلية تفتيشية، لكن لا يمكنك أن تختلف مع أي كان حول إلزامية الاصطفاف في قلب المعركة ضد كل مس بالعمق الفلسطيني للمغرب. ومن هنا يبدأ الفرز الحقيقي وتؤسس القضايا الوطنية. فَوَاهِمٌ من يتصور تحقيق مصالح الذات المغربية باسم الواقعية السياسية خارج عمقنا المقدسي الأصيل، أو يتخيل أن العلاقات الدولية المؤسسة على التطبيع مع الكيان الصهيوني تغني عن ثابت قيمي عنوانه الأسمى فلسطين، فالقضية واحدة وعناوينها متعددة. لأن التطبيع لا ينظر إليه فقط على أنه مفارق للبعد الأخلاقي، أو أنه انسياق مع واقع يحافظ للمغرب على وجوده داخل العالم الحديث، بل هو تهديد للأمن الوطني. والدليل هو قائمة الذين زاروا الكيان الصهيوني وعادوا ليبشروننا بكيانات قزمية وبمشاريع انقلابية على ثوابت الوطن بعد أن تلقوا اللقاحات الضرورية. لذا نعتقد أن القدس بوصلة حقيقية للفرز الوطني وبناء قضايا الوطن.
- فالوحدة الترابية لا يمكن الاستناد فيها على أناس يبيعون الأوطان،
- والديمقراطية لا تتحقق بأناس يساندون قتلة الأطفال،
- والحداثة: كيف تدعي الحداثة وأنت تنافح عن أكثر الأنظمة تخلفا وتطرفا في العالم؟،
- والهوية الوطنية لا يمكن بناؤها مع أناس يتدثرون بالخصوصية القطرية لهدم المشترك المغربي…
وفي مقابل كل هذا أنظر إلى من يدافع عن المرتزقة من الصهاينة وقيمهم وحداثتهم، ويفتخر بالصور المأخوذة مع القتلة من جنودهم أو رموز عصاباتهم، وينتشي فرحا وهو يزور مبكاهم، عم يدافع وأي هوية يرافع عنها وأي غاية يرمي لها؟ فالقضية واحدة والقدس بوصلتها.
إن فهم الحدود الحقيقية للوطن هي التي جعلت الدبلوماسية المغربية تتحرك ولو متأخرة لأعماق المغرب المتعددة جنوب الصحراء وفي أعماق آسيا. وقد سبق لمحمد علي أن عرف حدود مصر بمنابع مياه النيل وسط إفريقيا. ومن تصور حدود المغرب الاستراتيجية مساوية لحدوده القانونية فقد فَقَد بوصلة القراءة الاستراتيجية التي تتيح الرؤية الاستشرافية لعناصر القوة الذاتية. فالدوائر المحددة لكل وعي استراتيجي تفترض الانتقال من النموذج المصغر للوعي المرتبط بالذات إلى مستوى النموذج الأكبر في المجتمعات والحضارات من خلال تحديد معاني الحقيقة داخل البيئة الوطنية. والحقيقة تتحدد في عمقنا السياسي والحضاري. فالانخراط في دينامية الوجود الإقليمي والقومي هو الذي يحدد مدى قوتنا الذاتية واستقلالية القرار لدينا. فمهما تغنينا بشعارات السيادة والاستقلال فعمقنا القومي هو المحدد لوجودنا. وبمعنى أوضح، إن وجودنا رهين بقضية فلسطين سلبا أو إيجابا، ويكفي أن نعرف بأن العدو الصهيوني انتبه منذ مدة طويلة للأمر عندما سخر العديد من الفعاليات المتدثرة بالأمازيغية وهي منهم براء لضرب عمق المنعة، كما سخر بعض العرب في المشرق والعروبة منهم براء. إذن فالوطنية لا تتوقف عند حدود القانون وإنما عند حدود الانتماء. وتظل القدس هي البوصلة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.