لتقديم التهنئة.. المستشار عاصم الغايش يستقبل رئيس المحكمة الدستورية العليا (صور)    ما موقف طالب الثانوية العامة المتخلف عن موعد أداء اختبارات القدرات 2025؟    كلية الألسن بجامعة الفيوم تعلن عن وظائف شاغرة لأعضاء هيئة التدريس.. تعرف على الشروط والأوراق المطلوبة    19 مرشحًا لانتخابات مجلس الشيوخ يخضعون للكشف الطبي في أسيوط    النائب أحمد علي يحصل على درجة الدكتوراه في العلوم السياسية بتقدير امتياز    أسعار الفراخ تعود للارتفاع.. فرصة التخزين خصلت    جلسة عاجلة أمام القضاء للمطالبة بصرف منحة استثنائية لأصحاب المعاشات    الإحصاء: 19.5% ارتفاعًا في حجم التبادل التجاري بين مصر ودول البريكس في 2024    بعد تطبيق قانون الإيجار القديم؟.. اعرف هتدفع كام؟    خريطة الحوادث.. مصراوي يرصد "مصائد الموت" على الدائري الإقليمي    فيديو.. استعراض مسلح ل حزب الله في بيروت والحكومة ترد    سلاح الجو الأمريكي يعترض طائرة فوق نادي ترامب بولاية نيوجيرسي    وزير الخارجية الإيراني يصل البرازيل للمشاركة في قمة بريكس    بسبب خلافات مع زوجته| نتنياهو يقيل متحدثه الرسمي "ماذا يحدث في إسرائيل؟"    بعد عودته للدوري المصري.. ماذا قدم أوناجم في تجربته مع الزمالك؟    عاجل.. تحديد مدة غياب جمال موسيالا    عرض رسمي من اتحاد الكره لنظيره القطري.. ما القصة؟    "أراك قريبا والرحلة لن تنتهي".. فينجادا يوجه رسالة قوية ل شيكابالا    مصدر في الأهلي : المفاوضات مستمرة في صفقة أسد الحملاوي .. وأوجستين خارج الحسابات    بذرة شيطانية.. ماذا قالت النيابة عن "سفاح المعمورة" أمام القضاء؟ (فيديو)    الأرصاد تحذر من 3 ظواهر جوية مؤثرة في طقس اليوم    لو هتطلع مصيف لمطروح بالقطر: اعرف مواعيد القطارات من القاهرة والعكس    إعدام 13 طن أغذية فاسدة خلال حملات رقابية مكثفة بالمنيا    تعرف على موعد حفل ميادة الحناوي في الأردن    هل تعدى عمرو دياب على أغنية محمد رحيم "كلمة مصر"؟ ناقد موسيقي يجيب    قصور الثقافة تنظم يوما ثقافيا ضمن مشروع جودة الحياة بالمناطق الجديدة الآمنة    «يساعدونك على حل مشاكلك بهدوء».. أكثر 5 أبراج تفهمًا للغير    محافظ الدقهلية يحيل مدير مستشفى دميرة للصحة النفسية للتحقيق    "معلومات الوزراء" يكشف تفاصيل أول جهاز تنفس صناعي مصري    تظهر في العين.. أعراض تكشف ارتفاع نسبة الكوليسترول بشكل خطير    حزب أمريكا.. إيلون ماسك يستهدف عددا قليلا من المقاعد فى الكونجرس    البحوث الإسلامية يطلق سلسلة الأطفال المرئية (أخلاقنا الجميلة) لتعزيز الوعي القيمي والتربوي    ورش للأطفال عن السمسمية والأمثال الشعبية ضمن مبادرة "مصر تتحدث عن نفسها"    إصابة 4 أشخاص فى حادث تصادم سيارتين بالدقهلية    الحكومة تستعرض بالإنفوجراف خطوات الدولة لتوطين وتعزيز صناعة السيارات .. اعرف التفاصيل    أرسنال يعلن ضم الإسباني مارتن زوبيمندي من ريال سوسييداد    خبير يوضح سبب عدم تأثر مصر في سنوات ملء سد النهضة وحجز مياه النيل    أموال الخليج أو العودة للصفاقسي.. علي معلول بين خيارين بعد الرحيل من الأهلي    تعيين رؤساء أقسام جدد بكليتي الزراعة والعلوم في جامعة بنها    تحرير 139 مخالفة للمحلات المخالفة قرار غلق ترشيد استهلاك الكهرباء    مستوطنون إسرائيليون يطردون رعاة فلسطينيين من مراعيهم.. وأخرون يقتحمون الأقصى    كما انفرد في الجول.. كهرباء الإسماعيلية يضم أوناجم    الذكرى الأولى لفقيد الكرة المصرية، كيف عاد أحمد رفعت من الموت ليكشف الحقيقة؟!.. مأساة وفاته أوجعت قلوب المصريين.. 35 صدمة كهربية أعادت قلبه للحياة.. من المتهم بالتسبب في رحيله؟!    بسبب تغيبه.. محافظ الدقهلية يقرر نقل مدير محطة مياه الشرب بدميرة للعمل موظفًا فنيًا بالجمالية    أحدث ظهور ل«هالة الشلقاني» زوجة الزعيم عادل إمام    مسؤولون: ارتفاع حصيلة قتلى فيضانات تكساس إلى 50 شخصًا    الصحة تنظم برنامجا تدريبيا في أساسيات الجراحة لتعزيز كفاءة الأطباء    «الداخلية»: ضبط سائق نقل ذكي تحرش بسيدة خلال توصيلها بمصر الجديدة    محافظ الدقهلية يحيل مدير جمعية زراعية للتحقيق لعدم تواجده وتعطيل أعمال صرف الأسمدة للمزارعين    محافظ الدقهلية:إحالة مديرة مستشفى مديرة للصحة النفسية للتحقيق لعدم تواجدها خلال مواعيد العمل    حياة كريمة توزع 2000 وجبة سبيل بمناسبة يوم عاشوراء    «كان بيتحكيلي بلاوي».. .. مصطفي يونس: الأهلي أطاح بنجلي بسبب رسالة ل إكرامي    دعاء الفجر | اللهم ارزقني سعادة لا شقاء بعدها    وداع مهيب.. المئات يشيعون جثمان سائق «الإقليمي» عبده عبد الجليل    عمرو الدجوي ينعى شقيقه الراحل بكلمات مؤثرة    آل البيت أهل الشرف والمكانة    يتم تحديده فيما بعد.. «المحامين»: إرجاء تنفيذ الإضراب العام لموعد لاحق    "أنا بغلط... وبأندم... وبرجع أكرر! أعمل إيه؟"    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الدكتور فؤاد بوعلي يكتب عن : القدس هي البوصلة
نشر في الزمان المصري يوم 09 - 01 - 2018

وصلني من الدكتور عزيز العصا، مقرر الثقافة والإعلام بالهيئة العامة العلمية الإسلامية العليا بالقدس وعموم فلسطين، مقاله الأخير الذي عنونه:"من القدس إلى الرباط.. مع التحية"، المنشور في جريدة القدس المقدسية، يحكي فيه عن زيارته الأخيرة للمغرب، والحفاوة التي أحيط بها خلال مقامه بين أبناء الوطن ومسؤوليه، مؤكدا على عمق الوشائج التي تربط المغاربة بأبناء القدس ويافا وعكا: "وقد صادف أن أعلن ترامب عن قراره نقل سفارة بلده إلى القدس، وأنا بين أبناء المغرب وعلى الطهور، فقرأت في عيونهم شزرًا ثراها وغضبًا وحنقًا وضيقًا، لا يقل كثيرًا عن مشاعر الفلسطينيين أنفسهم؛ وفي ذلك مثال حيّ على وحدة المشاعر لدى أبناء الأمة". وفي لقاء جمعني به مؤخرا تداولنا فيه قضية القدس وسألته عن رأيه من زيارتها، مبرزا له رأيي الخاص، الذي استقيته من لقاءات متكررة مع بعض الأصدقاء الذين يعيشون تحت نير الاحتلال الصهيوني، والذي يختلف كثيرا مع رأي العديد من فضلاء الصف النضالي الذين يتبنون فتوى الشيخ القرضاوي بتحريم الزيارة واعتبارها تطبيعا معلنا، اعتقادا مني أن حصار الأقربين أكثر مضاضة من حصار الأعداء، فقال لي: الزيارة حسب النية.
عديدة هي الدعوات التي تصدر عن بعض التيارات الهامشية، ولا وجود لها إلا في صفحات منابر الإعلام والتواصل الاجتماعي، التي تحاول النيل من القضية الفلسطينية والعمق المقدسي للمغرب. وفي كل مرة يثبت المغاربة أن اختيارهم لفلسطين قضية وطنية، منذ الاستعمار الفرنسي، ووفاءهم لها نظاما وشعبا، ليس قضية مزاجية أو تكتيكية تتغير بتغير الأحداث وموازين القوى، بل هي جزء من الوجدان المغربي وثابت من ثوابته التي لم تتغير على مر العقود والعهود. ويمكن الاستدلال على عمق الارتباط بالتاريخ القريب/ البعيد. فقدأشار ابن خلدون إلى العلاقة التي جمعت بين يعقوب المنصور الموحدي وصلاح الدين الأيوبي، والتي وصلت حد تجهيز الجيش الذي قاوم الصليبيين. وفي عهد الاستعمار الفرنسي، لم تمنع المواجهة ضد هذا الأخير من تبني موقف صارم ومساند للشعب الفلسطيني، قبل ظهور الأحزاب والتكتلات السياسية، عبرت عنها رسالة الاحتجاج التي رفعت بعد أحداث 1929 إلى رئيس الوزراء البريطاني ماكدونالد وجاء فيها: "نبلغكم استياء عموم المغاربة المسلمين استياء عميقاً للحوادث المؤلمة التي وقعت في فلسطين والظلم الفادح الذي أصاب المسلمين بتلك الناحية من جراء المساعي الصهيونية …. وان المساعدة التي تقدمها السلطة الانجليزية تجعل أربعمائة مليون من المسلمين في سخط تام على السياسة الانجليزية….».
إن استدعاء التاريخ قد يفيد في حسن قراءة الوجدان المغربي ورسم معالم الانتماء الحقيقية. فالقدس ليست جدرانا أو بنايات، وليست فضاء يمكن استبداله أنى شاء الأقوياء، بل القدس في تمثل المغاربة هي اكبر من حجمها الترابي الجغرافي، هي عنصر من عناصر بناء الذات الوطنية، بل هي البوصلة المحددة لباقي العناصر. لذا فما عبر عنه الملك في موقفه الأخير، ومظاهرات المغاربة المكثفة كلما مست رمزيتها، تؤكد أن وجود المغرب مرتبط بوجود القدس. قد تختلف مع السياسيين في تدبيرهم للقضية لإكراهات الأنظمة، وقد تختلف مع رموز النضال الوطني ضد التطبيع مع الكيان الصهيوني لأسباب تكتيكية، خاصة حين يتحول المنهج إلى آلية تفتيشية، لكن لا يمكنك أن تختلف مع أي كان حول إلزامية الاصطفاف في قلب المعركة ضد كل مس بالعمق الفلسطيني للمغرب. ومن هنا يبدأ الفرز الحقيقي وتؤسس القضايا الوطنية. فَوَاهِمٌ من يتصور تحقيق مصالح الذات المغربية باسم الواقعية السياسية خارج عمقنا المقدسي الأصيل، أو يتخيل أن العلاقات الدولية المؤسسة على التطبيع مع الكيان الصهيوني تغني عن ثابت قيمي عنوانه الأسمى فلسطين، فالقضية واحدة وعناوينها متعددة. لأن التطبيع لا ينظر إليه فقط على أنه مفارق للبعد الأخلاقي، أو أنه انسياق مع واقع يحافظ للمغرب على وجوده داخل العالم الحديث، بل هو تهديد للأمن الوطني. والدليل هو قائمة الذين زاروا الكيان الصهيوني وعادوا ليبشروننا بكيانات قزمية وبمشاريع انقلابية على ثوابت الوطن بعد أن تلقوا اللقاحات الضرورية. لذا نعتقد أن القدس بوصلة حقيقية للفرز الوطني وبناء قضايا الوطن.
- فالوحدة الترابية لا يمكن الاستناد فيها على أناس يبيعون الأوطان،
- والديمقراطية لا تتحقق بأناس يساندون قتلة الأطفال،
- والحداثة: كيف تدعي الحداثة وأنت تنافح عن أكثر الأنظمة تخلفا وتطرفا في العالم؟،
- والهوية الوطنية لا يمكن بناؤها مع أناس يتدثرون بالخصوصية القطرية لهدم المشترك المغربي…
وفي مقابل كل هذا أنظر إلى من يدافع عن المرتزقة من الصهاينة وقيمهم وحداثتهم، ويفتخر بالصور المأخوذة مع القتلة من جنودهم أو رموز عصاباتهم، وينتشي فرحا وهو يزور مبكاهم، عم يدافع وأي هوية يرافع عنها وأي غاية يرمي لها؟ فالقضية واحدة والقدس بوصلتها.
إن فهم الحدود الحقيقية للوطن هي التي جعلت الدبلوماسية المغربية تتحرك ولو متأخرة لأعماق المغرب المتعددة جنوب الصحراء وفي أعماق آسيا. وقد سبق لمحمد علي أن عرف حدود مصر بمنابع مياه النيل وسط إفريقيا. ومن تصور حدود المغرب الاستراتيجية مساوية لحدوده القانونية فقد فَقَد بوصلة القراءة الاستراتيجية التي تتيح الرؤية الاستشرافية لعناصر القوة الذاتية. فالدوائر المحددة لكل وعي استراتيجي تفترض الانتقال من النموذج المصغر للوعي المرتبط بالذات إلى مستوى النموذج الأكبر في المجتمعات والحضارات من خلال تحديد معاني الحقيقة داخل البيئة الوطنية. والحقيقة تتحدد في عمقنا السياسي والحضاري. فالانخراط في دينامية الوجود الإقليمي والقومي هو الذي يحدد مدى قوتنا الذاتية واستقلالية القرار لدينا. فمهما تغنينا بشعارات السيادة والاستقلال فعمقنا القومي هو المحدد لوجودنا. وبمعنى أوضح، إن وجودنا رهين بقضية فلسطين سلبا أو إيجابا، ويكفي أن نعرف بأن العدو الصهيوني انتبه منذ مدة طويلة للأمر عندما سخر العديد من الفعاليات المتدثرة بالأمازيغية وهي منهم براء لضرب عمق المنعة، كما سخر بعض العرب في المشرق والعروبة منهم براء. إذن فالوطنية لا تتوقف عند حدود القانون وإنما عند حدود الانتماء. وتظل القدس هي البوصلة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.