رئيس البرلمان العربي: حرب الإبادة الإسرائيلية انتهاك لكل القوانين والأعراف    العراق وقطر يؤكدان توحيد المواقف بما يخدم القضية العادلة للشعب الفلسطيني    محتوياتها تفحمت.. كواليس حريق شقة سكنية بالهرم    تحقيقات موسعة في مقتل شاب على يد والده ببولاق الدكرور    "لا علاج.. لا شاهد.. لا نجاة".. خان يونس بين الموت والذاكرة    أخبار 24 ساعة.. مجلس الوزراء: الخميس 4 سبتمبر إجازة رسمية بمناسبة ذكرى المولد النبوي    إسرائيل على صفيح ساخن.. خلاف قوي بين نتنياهو ورئيس الأركان بسبب غزة    مباراة فاز بها دون أن يلعبها.. ليفربول ينجو من فخ نيوكاسل في الدوري الإنجليزي    أول تعليق من علاء عبدالعال بعد تعادل الأهلي أمام غزل المحلة    لفتة إنسانية.. وادي دجلة يدعم الأطفال في ليلة الانتصار الأول بالدوري    حسام حسن يشترط مشاركة فتوح أمام فاركو ودجلة لضمه إلى المنتخب    "استدعت تدخل الأمن".. مشادة كلامية بين لاعبي لافيينا ومسار في دوري المحترفين (فيديو)    ضياء السيد: ريبيرو «زيرو» ابتكار.. والأفضل تعاقد الأهلي مع مدرب أجنبي قوي    جمال عبد الحميد: مباراة الأهلي وبيراميدز حاسمة في مستقبل ريبيرو    التعليم العالي: إعفاء طلاب مدارس "STEM" من قيود التوزيع الجغرافي بالتنسيق    توتر دبلوماسي بين البرازيل والاحتلال بعد رفض تعيين سفير جديد    رئيس مدينة مرسى مطروح: شواطئنا آمنة ونناشد المواطنين تجنب الأماكن المفتوحة (فيديو)    ضبط مخالفات وإعدام أغذية فاسدة خلال حملة رقابية ببني سويف    أشرف ذكي ومحمد سري وشريف الدسوقي يشاهدون العرض المسرحي "العشاء الأخير"    شقيق شيرين عبد الوهاب: نرجو من وسائل الإعلام عدم تناقل أخبار عن العائلة    "أجمل صيف".. إلهام شاهين تستمتع بالإجازة على "بحر ورمال" الساحل الشمالي    انطلاق تنسيق المرحلة الثالثة بحد أدنى 50٪ للعلمى والأدبي اليوم    رئيس «القومي للمرأة» تشيد بدعم مجلس الدولة في اعتلاء المرأة منصة قضائه    تنسيق المرحلة الثالثة 2025 الثانوية العامة.. كليات ومعاهد متاحة لطلاب الأدبيِ    عيار 21 الآن بعد الزيادة الجديدة.. سعر الذهب اليوم الثلاثاء 26 أغسطس في الصاغة (تفاصيل)    رئيس الزمالك السابق يدافع عن مجلس حسين لبيب في أزمة سحب أرض النادي    رئيس الوزراء يستعرض جهود «حماية المستهلك» لمراقبة الأسواق    السيسي يوجه بتطوير الموانئ البحرية    دعم العلاقات العسكرية بين القوات المسلحة المصرية والأردنية    ذاكرة الكتب| «المجازر الإسرائيلية بحق الشعب الفلسطيني».. كتاب يكشف طبيعة كيان تأسس على الدم والتهجير والقهر    تأييد إنهاء خدمة مدرس جامعي عمل بالخارج دون إذن    المشدد 5 سنوات والعزل من الوظيفة لموظف استولى على عهدته بأحد البنوك    تحذير من «الأرصاد» بشأن حالة الطقس اليوم الثلاثاء: «حافظوا على سلامتكم»    تفاصيل تأجيل الحكم على توربينى كفر الدوار بالبحيرة    غرفة صناعة الدواء: غش الأدوية في مصر أقل من النسب العالمية    نشأت الديهي يكشف عن توجيهات السيسي خلال اجتماعه مع الحكومة اليوم    رئيس الوزراء يكلف بتشكيل مجموعة عمل وزارية لضمان استدامة مشروعات البنية الأساسية والمرافق    حدث بالفن | عودة أنغام وأزمة جديدة بين شيرين وحسام حبيب ووفاة مخرج    الفنان محمد ثروت: حصلت على بكالوريوس التجارة فى 7 سنوات وكنت بسقط عشان أمثل    «زي النهارده».. وفاة المطرب والممثل السوري فهد بلان 26 أغسطس 1997    واجهة المكتبات    في ذكرى رحيله ال 38.. فلسطين تستغيث بريشة «ناجي العلي»    «بعد ظهور أول إصابة بشرية في أمريكا».. تعرف على أعراض داء الدودة الحلزونية وطرق الوقاية    هيونداي تطلق سيارتيها "Hyundai i30 Fastback" و"Hyundai i30 Hatchback" في السوق المصري    محافظة الجيزة: قافلة طبية مجانية شاملة لأهالي مركز ومدينة البدرشين غداً الثلاثاء    رعايتك في بيتك.. الصحة تستعرض تفاصيل أول مشروع للرعاية الصحية المنزلية    رفعت قضية طلاق على زوجي وأعيش معه؟ أمين الفتوى يجيب    الأزهر يطلق مبادرة لقراءة القرآن كاملاً في جلسة واحدة يوم 30 أغسطس    فى زيارة مفاجئة.. محافظ أسوان يتابع مبادرة " خفض الأسعار " بالمجمع الإستهلاكى بالشيخ هارون    ما هي سنن الصلاة وهل نحاسب عليها؟.. عضو بمركز الأزهر تجيب    مفتي الجمهورية يلتقي رئيس البرلمان التايلاندي ويؤكد موقف مصر من القضية الفلسطينية    استبعاد مدير مدرسة بالجيزة بسبب مخالفات مالية وإدارية    المصريون فى حضرة النبى.. آلاف المعتمرين يحتفلون بالمولد النبوى في البقيع والروضة    انتخابات الشيوخ 2025.. استمرار تصويت المصريين في 3 دول عربية وأخرى إفريقية وأوروبية بجولة الإعادة    موعد إجازة المولد النبوي 2025.. تفاصيل الإجازات المتبقية خلال العام للقطاع العام والخاص    «الصحة» تطلق المرحلة الأولى من برنامج بناء قدرات 1000 كادر طبي في الصحة النفسية    محافظ البحيرة تعتمد تنسيق القبول للمرحلة الثالثة والأخيرة بالصف الأول الثانوي بحد أدنى 215 درجة ولفصول الخدمات 170 درجة    الرقابة الصحية تستعد لإطلاق معايير المنشآت الصحية الصديقة للأم والطفل    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الدكتور فؤاد بوعلي يكتب عن : القدس هي البوصلة
نشر في الزمان المصري يوم 09 - 01 - 2018

وصلني من الدكتور عزيز العصا، مقرر الثقافة والإعلام بالهيئة العامة العلمية الإسلامية العليا بالقدس وعموم فلسطين، مقاله الأخير الذي عنونه:"من القدس إلى الرباط.. مع التحية"، المنشور في جريدة القدس المقدسية، يحكي فيه عن زيارته الأخيرة للمغرب، والحفاوة التي أحيط بها خلال مقامه بين أبناء الوطن ومسؤوليه، مؤكدا على عمق الوشائج التي تربط المغاربة بأبناء القدس ويافا وعكا: "وقد صادف أن أعلن ترامب عن قراره نقل سفارة بلده إلى القدس، وأنا بين أبناء المغرب وعلى الطهور، فقرأت في عيونهم شزرًا ثراها وغضبًا وحنقًا وضيقًا، لا يقل كثيرًا عن مشاعر الفلسطينيين أنفسهم؛ وفي ذلك مثال حيّ على وحدة المشاعر لدى أبناء الأمة". وفي لقاء جمعني به مؤخرا تداولنا فيه قضية القدس وسألته عن رأيه من زيارتها، مبرزا له رأيي الخاص، الذي استقيته من لقاءات متكررة مع بعض الأصدقاء الذين يعيشون تحت نير الاحتلال الصهيوني، والذي يختلف كثيرا مع رأي العديد من فضلاء الصف النضالي الذين يتبنون فتوى الشيخ القرضاوي بتحريم الزيارة واعتبارها تطبيعا معلنا، اعتقادا مني أن حصار الأقربين أكثر مضاضة من حصار الأعداء، فقال لي: الزيارة حسب النية.
عديدة هي الدعوات التي تصدر عن بعض التيارات الهامشية، ولا وجود لها إلا في صفحات منابر الإعلام والتواصل الاجتماعي، التي تحاول النيل من القضية الفلسطينية والعمق المقدسي للمغرب. وفي كل مرة يثبت المغاربة أن اختيارهم لفلسطين قضية وطنية، منذ الاستعمار الفرنسي، ووفاءهم لها نظاما وشعبا، ليس قضية مزاجية أو تكتيكية تتغير بتغير الأحداث وموازين القوى، بل هي جزء من الوجدان المغربي وثابت من ثوابته التي لم تتغير على مر العقود والعهود. ويمكن الاستدلال على عمق الارتباط بالتاريخ القريب/ البعيد. فقدأشار ابن خلدون إلى العلاقة التي جمعت بين يعقوب المنصور الموحدي وصلاح الدين الأيوبي، والتي وصلت حد تجهيز الجيش الذي قاوم الصليبيين. وفي عهد الاستعمار الفرنسي، لم تمنع المواجهة ضد هذا الأخير من تبني موقف صارم ومساند للشعب الفلسطيني، قبل ظهور الأحزاب والتكتلات السياسية، عبرت عنها رسالة الاحتجاج التي رفعت بعد أحداث 1929 إلى رئيس الوزراء البريطاني ماكدونالد وجاء فيها: "نبلغكم استياء عموم المغاربة المسلمين استياء عميقاً للحوادث المؤلمة التي وقعت في فلسطين والظلم الفادح الذي أصاب المسلمين بتلك الناحية من جراء المساعي الصهيونية …. وان المساعدة التي تقدمها السلطة الانجليزية تجعل أربعمائة مليون من المسلمين في سخط تام على السياسة الانجليزية….».
إن استدعاء التاريخ قد يفيد في حسن قراءة الوجدان المغربي ورسم معالم الانتماء الحقيقية. فالقدس ليست جدرانا أو بنايات، وليست فضاء يمكن استبداله أنى شاء الأقوياء، بل القدس في تمثل المغاربة هي اكبر من حجمها الترابي الجغرافي، هي عنصر من عناصر بناء الذات الوطنية، بل هي البوصلة المحددة لباقي العناصر. لذا فما عبر عنه الملك في موقفه الأخير، ومظاهرات المغاربة المكثفة كلما مست رمزيتها، تؤكد أن وجود المغرب مرتبط بوجود القدس. قد تختلف مع السياسيين في تدبيرهم للقضية لإكراهات الأنظمة، وقد تختلف مع رموز النضال الوطني ضد التطبيع مع الكيان الصهيوني لأسباب تكتيكية، خاصة حين يتحول المنهج إلى آلية تفتيشية، لكن لا يمكنك أن تختلف مع أي كان حول إلزامية الاصطفاف في قلب المعركة ضد كل مس بالعمق الفلسطيني للمغرب. ومن هنا يبدأ الفرز الحقيقي وتؤسس القضايا الوطنية. فَوَاهِمٌ من يتصور تحقيق مصالح الذات المغربية باسم الواقعية السياسية خارج عمقنا المقدسي الأصيل، أو يتخيل أن العلاقات الدولية المؤسسة على التطبيع مع الكيان الصهيوني تغني عن ثابت قيمي عنوانه الأسمى فلسطين، فالقضية واحدة وعناوينها متعددة. لأن التطبيع لا ينظر إليه فقط على أنه مفارق للبعد الأخلاقي، أو أنه انسياق مع واقع يحافظ للمغرب على وجوده داخل العالم الحديث، بل هو تهديد للأمن الوطني. والدليل هو قائمة الذين زاروا الكيان الصهيوني وعادوا ليبشروننا بكيانات قزمية وبمشاريع انقلابية على ثوابت الوطن بعد أن تلقوا اللقاحات الضرورية. لذا نعتقد أن القدس بوصلة حقيقية للفرز الوطني وبناء قضايا الوطن.
- فالوحدة الترابية لا يمكن الاستناد فيها على أناس يبيعون الأوطان،
- والديمقراطية لا تتحقق بأناس يساندون قتلة الأطفال،
- والحداثة: كيف تدعي الحداثة وأنت تنافح عن أكثر الأنظمة تخلفا وتطرفا في العالم؟،
- والهوية الوطنية لا يمكن بناؤها مع أناس يتدثرون بالخصوصية القطرية لهدم المشترك المغربي…
وفي مقابل كل هذا أنظر إلى من يدافع عن المرتزقة من الصهاينة وقيمهم وحداثتهم، ويفتخر بالصور المأخوذة مع القتلة من جنودهم أو رموز عصاباتهم، وينتشي فرحا وهو يزور مبكاهم، عم يدافع وأي هوية يرافع عنها وأي غاية يرمي لها؟ فالقضية واحدة والقدس بوصلتها.
إن فهم الحدود الحقيقية للوطن هي التي جعلت الدبلوماسية المغربية تتحرك ولو متأخرة لأعماق المغرب المتعددة جنوب الصحراء وفي أعماق آسيا. وقد سبق لمحمد علي أن عرف حدود مصر بمنابع مياه النيل وسط إفريقيا. ومن تصور حدود المغرب الاستراتيجية مساوية لحدوده القانونية فقد فَقَد بوصلة القراءة الاستراتيجية التي تتيح الرؤية الاستشرافية لعناصر القوة الذاتية. فالدوائر المحددة لكل وعي استراتيجي تفترض الانتقال من النموذج المصغر للوعي المرتبط بالذات إلى مستوى النموذج الأكبر في المجتمعات والحضارات من خلال تحديد معاني الحقيقة داخل البيئة الوطنية. والحقيقة تتحدد في عمقنا السياسي والحضاري. فالانخراط في دينامية الوجود الإقليمي والقومي هو الذي يحدد مدى قوتنا الذاتية واستقلالية القرار لدينا. فمهما تغنينا بشعارات السيادة والاستقلال فعمقنا القومي هو المحدد لوجودنا. وبمعنى أوضح، إن وجودنا رهين بقضية فلسطين سلبا أو إيجابا، ويكفي أن نعرف بأن العدو الصهيوني انتبه منذ مدة طويلة للأمر عندما سخر العديد من الفعاليات المتدثرة بالأمازيغية وهي منهم براء لضرب عمق المنعة، كما سخر بعض العرب في المشرق والعروبة منهم براء. إذن فالوطنية لا تتوقف عند حدود القانون وإنما عند حدود الانتماء. وتظل القدس هي البوصلة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.