للمرة الثالثة.. محافظ المنوفية يخفّض درجات القبول ببعض المدارس الفنية    رئيس الوزراء: أدعو الطلاب اليابانيين للدراسة في مصر    ارتفاع الكوسة والباذنجان.. أسعار الخضروات والفاكهة في سوق العبور اليوم    إزالة 24 حالة تعدٍ بالمباني على الأراضي الزراعية وأملاك الدولة بالشرقية    محافظة الإسكندرية تعلن تغيير اسم مطار برج العرب    وزير الصناعة: توجيهات فخامة الرئيس السيسي تؤكد دائمًا على مراعاة البعد الاجتماعي للعمال والمهندسين والحفاظ عليهم وعلى أسرهم وعلى ثروة مصر العقارية والصناعية    رئيس الوزراء الإسرائيلي السابق: احتلال مدينة غزة فخ مميت    رئيس الوزراء يشارك في الجلسة الافتتاحية لمؤتمر طوكيو الدولي للتنمية في أفريقيا    قافلة "زاد العزة" ال19 تعبر ميناء رفح لإيصال المساعدات إلى غزة    الخطيب يساند محمد الشناوي قبل مغادرة جثمان والده من المستشفى    الموعد والقناة الناقلة لمباراة الأهلي والقادسية في كأس السوبر السعودي    سنقاتل لتحقيق بكأس.. محمد صلاح يعلق على فوزه بجائزة أفضل لاعب في البريميرليج    فانتازي يلا كورة.. انخفاض سعر عمر مرموش    أحمد ياسر: زيزو لا يستحق الحصول على 100 مليون وإمكانياته أقل من ذلك    محافظ الإسكندرية يعتمد نتيجة الدور الثاني للشهادة الإعدادية بنسبة نجاح 98.2%    استمرار الموجة الحارة على مراكز وقرى الشرقية    ضبط عامل بكافيه في القاهرة لتصوير السيدات بهاتفه داخل دورة المياه    ضربة موجعة لتجار السموم.. إحباط تهريب مخدرات وأسلحة ب350 مليون جنيه في مطروح    عندما تحكمنا الإشعارات    حمزة نمرة: حلمي بالكمال كان بيرهقني جدًا    تحمل إسم الفنان الكبير يحيي الفخراني 1071 فيلم و100 دولة في النسخة الثانية من مهرجان الجامعة البريطانية لأفلام الطلبة    بعد تداعيات الجراحة الثانية.. شقيق أنغام يدعو لها بالشفاء    "حياة كريمة" تقدم خدماتها الطبية المجانية ل 1200 مواطن بالمنيا    «حكاية صوت»    «إيد واحدة»    رعاية القلوب    فيلم درويش لعمرو يوسف يحصد 16.2 مليون جنيه فى أول أسبوع له بالسينما    رئيس هيئة الاعتماد والرقابة الصحية يلتقى رئيس جامعة الإسكندرية    وزير الدفاع والإنتاج الحربى يلتقي بعدد من مقاتلي المنطقة الشمالية العسكرية    التضامن: التدخل السريع يتعامل مع حالات مسنين بلا مأوى    محافظ القاهرة يقرر النزول بدرجة الحد الأدنى لتنسيق القبول بالثانوي العام إلى 217 درجة    «مصفاة ميدور» ترفع طاقتها التشغيلية إلى 160 ألف برميل يومياً    عيار 21 الآن.. سعر الذهب اليوم الأربعاء 20-8-2025 بعد تراجعه 40 جنيهًا (آخر تحديث رسمي)    ويجز يحيي حفلا بمهرجان العلمين الجمعة 22 أغسطس (اعرف شروط الدخول)    مذكرة تفاهم للتعاون بين «قناة السويس» وحكومة طوكيو في مجال الهيدروجين الأخضر    تنسيق الدبلومات الفنية 2025 .. كليات ومعاهد دبلوم تجارة 3 سنوات وتوقعات الحد الأدنى للقبول    الرهائن ال20 والإعمار، ويتكوف يكشف وصفة إنهاء حرب غزة    "تفوق أبيض وزيزو الهداف".. تاريخ مواجهات الزمالك ومودرن سبورت قبل مباراة الدوري    شهداء وجرحى جراء في غارات إسرائيلية متواصلة على خان يونس    صعبة وربنا يمنحني القوة، كاظم الساهر يعلن مفاجآت للجمهور قبل حفله بالسعودية (فيديو)    المناعة الذاتية بوابة الشغف والتوازن    عيار 21 الآن.. أسعار الذهب والسبائك اليوم الأربعاء 20 أغسطس 2025 بالصاغة بعد آخر انخفاض    موعد بدء تنسيق المرحلة الثالثة 2025 ونتيجة تقليل الاغتراب (رابط)    فلكيا.. موعد المولد النبوي الشريف 2025 في مصر وعدد أيام الإجازة الرسمية للموظفين والبنوك    حسام المندوه: بيع «وحدت أكتوبر» قانوني.. والأرض تحدد مصير النادي    مصدر أمني ينفي تداول مكالمة إباحية لشخص يدعي أنه مساعد وزير الداخلية    محافظ شمال سيناء يلتقى رئيس جامعة العريش    إدانة أممية: إسرائيل تقوّض العمل الإنساني وتقتل 181 إغاثيًا في غزة    مصطفى قمر يهنئ عمرو دياب بألبومه الجديد: هعملك أغنية مخصوص    الإليزيه: ربط الاعتراف بفلسطين بمعاداة السامية مغالطة خطيرة    انفجار إطار وراء انقلاب سيارة والد محمد الشناوي ومصرعه بطريق الواحات    بالزغاريد والدموع.. والدة شيماء جمال تعلن موعد العزاء.. وتؤكد: ربنا رجعلها حقها    المقاولون العرب يهنئ محمد صلاح    موعد مباراة منتخب مصر أمام الكاميرون في ربع نهائي الأفروباسكت    السيطرة على حريق بأسطح منازل بمدينة الأقصر وإصابة 6 مواطنين باختناقات طفيفة    هل الكلام أثناء الوضوء يبطله؟.. أمين الفتوى يجيب    تعدّى على أبيه دفاعاً عن أمه.. والأم تسأل عن الحكم وأمين الفتوى يرد    كيف تعرف أن الله يحبك؟.. الشيخ خالد الجندي يجيب    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



حافظ الشاعر يكشف الأسرار الخفية للإقتصاد المصرى: من رحم عصر الخديوى إسماعيل ، وُلِدَ أشهر رجال المال والأعمال في ذلك الزمان(3)
نشر في الزمان المصري يوم 19 - 03 - 2016

من رحم عصر الخديو إسماعيل ، وُلِدَ أشهر رجال المال والأعمال في ذلك الزمان ، ففي أواخر عهده برزت أسماء تجار ورجال بنوك أجانب ويهود امتلكوا مشروعات خاصة ووضعوا أيديهم على جزء كبير من ثروة البلاد ، والشاهد أن اليهود الذين زادت هجرتهم إلى مصر في عهد الخديو إسماعيل تمتعوا بكل الامتيازات الأجنبية ، ومن تسعة آلاف يهودي يقيمون في مصر في عهد محمد علي باشا ، ارتفع الرقم حسب تعداد السكان لعام 1898 إلى 25200 نسمة ، ثم زاد في تعداد 1927 إلى 55063 إلى أن أصبح 65639 ، وفق تعداد عام 1947 ، ويبدو أن التطور الاقتصادي في مصر كان عامل الجذب الأساسي لقدومهم واستقرارهم بها
رافائيل ساويرس
وهكذا تردد اسم عائلة سوارس التي امتدت أذرعها براً وبحراً ، وسوارس عائلة سفاردية وفدت من ليفورنو في إيطاليا ثم استقرت في مصر النصف الأول من القرن التاسع عشر ، وحصلت على الجنسية الفرنسية ، وقد أسَّس الإخوة الثلاثة ، رافائيل ( 1846 – 1902 ) ويوسف ( 1837 – 1900 ) وفيلكس ( 1844 – 1906 ) ، مؤسسة سوارس عام 1875 ، وفي عام 1880 قام رافائيل سوارس بالتعاون مع رأس المال الفرنسي ومع شركات رولو وقطاوي ، بتأسيس البنك العقاري المصري ، كما قام بالتعاون مع رأس المال البريطاني الذي مثَّله المالي البريطاني اليهودي سير إرنست كاسل بتأسيس البنك الأهلي المصري عام 1898 وتمويل بناء خزان أسوان .
كما اشترك سوارس مع كاسل وعائلة قطاوي في شراء 300 ألف فدان من أراضي الدائرة السنية وإعادة بيعها إلى كبار الملاك والشركات العقارية ، كذلك اشترك سوارس مع رأس المال الفرنسي في تأسيس شركة عموم مصانع السكر والتكرير المصرية عام 1897 والتي ضمتها عام 1905 شركة وادي كوم أمبو المساهمة ، وكانت من أكبر المشروعات المشتركة بين شركات قطاوي وسوارس ورولو ومنَسَّى ، كما كانت واحدة من أكبر الشركات الزراعية في مصر ، شارك سوارس في تأسيس شركة مياه طنطا ، وفي مجال النقل البري ، أسست العائلة شركة ( سوارس لعربات نقل الركاب ) ، حتى أن وسيلة النقل هذه سميت على اسم العائلة : السوارس .
وتعاونت سوارس مع عائلة قطاوي في إقامة السكك الحديدية ، كما امتلكت العائلة مساحات واسعة من الأراضي الزراعية وأراضي البناء في وسط القاهرة حيث سُمِّي أحد الميادين باسم ( ميدان سوارس ) نسبة إلى فليكس سوارس ، لكن اسم الميدان تغير إلى مصطفى كامل اعتباراً من عام 1939 ، كما امتلكت عائلة سوارس حصصاً وأسهماً في العديد من الشركات ، واحتل كثيرٌ من أفرادها مواقع رئاسية وإدارية في كثير منها ، فتولى ليون سوارس ( ابن فليكس سوارس ) إدارة شركة أراضي الشيخ فضل وإدارة شركة وادي كوم أمبو ، وعند وفاة أبيه ترك ليون مؤسسة سوارس ليخلف أباه في إدارة البنك الأهلي والبنك العقاري المصري .
وبمبادرة من إدغار سوارس – الذي تولَّى رئاسة الجماعة في الإسكندرية في الفترة من 1914 – 1917 اشترت شركة مساهمة كان من مؤسسيها آلاف الأفدنة ، وبعد استصلاحها تم بيعها بمساحاتٍ صغيرة للمزارعين وبقروض طويلة الأجل .
يعقوب قطاوى
وتقفز إلى الذاكرة عائلة قطاوي ، وهي عائلة مصرية يهودية برز عددٌ من أفرادها في النشاط السياسي والاقتصادي في مصر في أواخر القرن التاسع عشر وحتى النصف الأول من القرن العشرين ، وترجع أصولها إلى قرية قطا شمالي القاهرة
بدأ دور هذه العائلة مع نزوح أليشع حيدر قطاوي إلى القاهرة في أواخر القرن الثامن عشر ، حيث حصل ابنه يعقوب ( 1801 – 1883 ) على امتيازات من الحكومة للقيام بأنشطة تجارية ومالية ، وكان أول يهودي مصري يمنح لقب _ بك ) ، كما حصل على لقب ( بارون ) من الإمبراطورية النمساوية المجرية التي حملت العائلة جنسيتها ، وقد أوكلت إليه نظارة الخزانة في فترة حكم الخديو عباس الأول ( 1849 – 1854 ) ، واحتفظ بهذا المنصب خلال حكم الوالي سعيد والخديو إسماعيل .
وتولَّى في أواخر أيامه رئاسة الجماعة اليهودية في القاهرة التي كانت تُسمَّى ( الطائفة الإسرائيلية ) ، وبعد وفاته في قصره بشبرا في 13 إبريل نيسان 1883 ، خلفه ابنه موسى قطاوي ( 1850-1924 ) في رئاسة الطائفة ، واختير عضواً في البرلمان المصري ، كما مُنح لقب الباشوية .
وكان موسى قطاوي من كبار رجال المال والبنوك ، وتولَّى إدارة عدد من الشركات وساهم في تمويل مشروعات السكك الحديد في صعيد مصر وشرق الدلتا ومشروعات النقل العام في القاهرة بالتعاون مع عائلات سوارس ورولو ومنَسَّى .
لعبت هذه العائلة دورا كبيرا في تشييد معبد اليهود في شارع عدلي أحد أشهر أحياء القاهرة التجارية عام 1899 والذي تم تجديده عام 1988 بتبرع من المليونير اليهودي نسيم جاعون ، وافتتح رسمياً بحضور شمعون بيريس - الرئيس الإسرائيلي لاحقاً – عام 1990 .
ويتعين عدم إغفال عائلة رولو ، وهي عائلة يهودية سفاردية جاءت إلى مصر خلال النصف الأول من القرن التاسع عشر واحتفظت بالجنسية البريطانية ، وقد امتلك روبين رولو مؤسسة تجارية تخصَّصت أساساً في استيراد النيلة ( صبغة ) ، وفي عام 1870 ، أسس ولداه جياكومو ( يعقوب ) ( 1847 – 1917 ) وسيمون ، مع بعض الشركاء مؤسسة مالية وتجارية باسم ( روبين رولو وأولاده وشركاهم ) ، وتعاونت عائلة رولو من خلال هذه المؤسسة مع عائلتي قطاوي وسوارس في العديد من المشروعات التي أقاموها بالتعاون مع المالي البريطاني سير إرنست كاسل – خصوصاً مشروعات الدائرة السنية وإقامة سكك حديد حلوان وتأسيس البنك العقاري المصري والبنك الأهلي المصري
وأثناء الأزمة الاقتصادية التي حدثت عام 1907 ، صفَّى جياكومو المؤسسة ثم أقام مع أبنائه الثلاثة مؤسسة رولو وشركاه والتي جمعت بين الأنشطة المصرفية والمالية وتجارة الجملة في القطن والسكر والأرز والفحم والبن ، كما امتلكت حصصاً كبيرة في بعض الشركات العقارية الكبرى مثل : شركة وادي كوم أمبو وشركة أراضي الشيخ فضل وشركة مصانع السكر ، وعند وفاته ترك جياكومو رولو ثروة من العقارات تُقدَّر بنحو 70 ألف جنيه ، أما ابنه الأكبر روبير جياكومو رولو ( 1876 – ؟ ) ، فقد انتُخب رئيساً للطائفة اليهودية في الإسكندرية في الفترة 1934 – 1948 ، وكان روبير جياكومو مناهضاً للصهيونية ، واستقال من رئاسة الطائفة عام 1948 قبل اندلاع حرب فلسطين مباشرة بسبب خلافه مع حاخام الإسكندرية المؤيد للصهيونية .
أما روبير رولو ( 1869 – ؟ ) ، فحقق مكانة مهمة في الحياة الاقتصادية والاجتماعية في مصر ، إذ تولَّى رئاسة عدد من مجالس إدارة الشركات التي ساعد أباه في تأسيسها ، وكان مستشاراً قانونياً للملك فؤاد الأول ومقرباً له فقام بدور الوسيط بين القصر ودار المندوب السامي البريطاني ، وحصل على لقب ( سير ) عام 1938 .
وهناك أيضاً عائلة ( منَسَّى ) أو ( دي منَسَّى أو منَسَّه ) ، لكن النطق الشائع في مصر هو ( منشه ) ، ويُوجَد شارع في الإسكندرية يُسمَّى ( شارع منشَّه ) ، ومنَسَّه عائلة يهودية سفاردية جاءت إلى مصر من إسبانيا ، ويعود أول ذكر لوجودها في مصر إلى القرن الثامن عشر ، حيث بدأ يعقوب دي منَسَّى ( 1807 – 1887 ) حياته صرَّافاً في حارة اليهود ، وتدرَّج في عمله حتى أصبح صراف باشا للخديو إسماعيل ، ثم أسس بالتعاون مع يعقوب قطاوي مؤسسة مالية وتجارية ( بيت منَسَّى وأولاده ) أصبح لها أفرع في مانشستر وليفربول ولندن وباريس ومارسيليا وإسطنبول ، كما اشترك بالتعاون مع الخديو إسماعيل في تأسيس البنك التركي المصري ، وارتبط نشاطه بكثير من شركات ومشروعات عائلتي قطاوي وسوارس .
ومابين عامى 1872 و 1873 مُنح يعقوب دي منَسَّى الحماية النمساوية ، وفي عام 1875 مُنح لقب البارونية والجنسية النمساوية المجرية تقديراً للخدمات التي قدمها للتجارة النمساوية المجرية – المصرية ، وترأَّس يعقوب دي منَسَّى الطائفة اليهودية في القاهرة عام 1869 ، ثم انتقل عام 1871 إلى الإسكندرية حيث أسَّس معبد منَسَّى ومقابر منَسَّى ومدارس منَسَّى ، ورأس ابنه بيهور ( ديفيد ) ليفي دي منَسَّى ( 1830- 1885 ) الطائفة في الإسكندرية وخلفه في رئاستها ابنه جاك ( 1850 – 1916 ) الذي احتفظ بها حتى اندلاع الحرب العالمية الأولى حينما اعتبرته السلطات البريطانية عدواً لأنه كان يحمل الجنسية النمساوية المجرية .
وقد نقل جاك أعمال الأسرة من الأعمال المالية والمصرفية إلى تجارة القطن والسكر المربحة ، واشترى مساحات واسعة من الأراضي في دلتا وصعيد مصر ، ووصلت ثروته عند وفاته إلى ما بين 300 و500 ألف جنيه مصري
أما الشقيق الأصغر فليكس يهودا ( 1865 – 1943 ) ، فدرس في فيينا وأسَّس فرع بيت منَسَّى في لندن ورأس الطائفة اليهودية في الإسكندرية في الفترة ما بين عامي 1926 و1933 .
دور اليهود فى مصر فى انشاء البنوك
ولا يجاوز أحدٌ الحقيقة حين يقول إن اليهود كانوا يقفون وراء إنشاء العديد من البنوك في ذلك الوقت ، ومن أهم البنوك التي لعبوا دوراً في إنشائها البنك العقاري المصري الذي تأسس عام 1880 فقد اشترك في تأسيسه سوارس ورولو وقطاوي ، وقد كان رأسمال البنك عند تأسيسه 40 مليون فرنك فرنسي ، وصل إلى 8 ملايين جنيه عام 1942 ، وقد لعب هذا البنك دوراً مؤثراً في الاقتصاد الزراعي المصري ، إذ إنه نتيجة القروض التي منحها للملاك الزراعيين أصبح يتحكم في أكثر من مليون فدان مصري ، كما تأسس البنك الأهلي المصري عام 1898 بقيادة ميشيل سلفاجو وإرنست كاسيل ورافائيل سوارس ، وكان رأسماله 3 ملايين جنيه إسترليني ، وأسس جاك سوارس البنك التجاري المصري والذي عُرِفَ وقت تأسيسه عام 1905 باسم ( بنك التسليف الفرنسي ) ، ثم تحول إلى شركة مساهمة مصرية باسم البنك التجاري المصري عام 1920 وكان رأسماله مليوناً و200 ألف جنيه إسترليني ، كما تأسس بنك سوارس عام 1936 .
انشاء بورصة القاهرة
وساهم اليهود في ميلاد بورصة القاهرة ، ففي يوم الخميس الموافق 21 مايو أيار 1903 قامت اللجنة الخاصة برئاسة موريس قطاوي بك ( توفي عام 1924 ) باختيار المبنى القديم للبنك العثماني ( وهو الآن مبنى جروبي – فرع عدلي ) الكائن بشارع المغربي كمقر رسمي – ولكن بصفة مؤقتة للشركة المصرية للأعمال المصرفية والبورصة – المؤسسة حديثاً- شركة ذات مسؤولية محدودة .
وكان الأعضاء المؤسسون لبورصة القاهرة في عام 1903 هم : موريس قطاوي بك – الرئيس أربيب – كوكسن – جناروبولو أوزيول – ماكليفري – أدولف قطاوي ) هذا بالإضافة إلى ممثل عن كل من بنك كريدي ليونيه ، بنك مصر ، البنك الإمبراطوري العثماني ، البنك المصري البريطاني والبنك الأهلي المصري ، وكان السكرتير العام للبورصة في عام 1903 يدعى بوتيني ، ويكفي أن نشير إلى أن قائمة رؤساء بورصة القاهرة تضم كلاً من جوزيف حاييم بيريز ( 1925-1929 ) ، وإيلي نجار ( 1948 – 1947 ) وصامويل إميل ليفي ( 1948 – 1958 ) .
غير أن قوائم الأغنياء في مطلع القرن العشرين شهدت أسماء مصرية مثل أحمد المنشاوي باشا ، وهو من أعيان الغربية ، والذي قُدِرَت ثروته بنحو مليوني جنيه ، وخُصِصَ جزءٌ منها لأعمال الخير ، ويعد المنشاوي باشا والأمير عمر طوسون من أكثر المصريين في العصر الحديث إنفاقاً في المشروعات الخيرية ، وحسبنا أن نعلم أن المنشاوى باشا أوقف نحو ألف فدان على أعمال الخير والإصلاح ، ولا تزال آثار يديه شاهدة على ذلك .
كان المنشاوي باشا من أشهر كبار الملاك الذين اهتموا بإنشاء التكايا والوقف عليها في مطلع القرن العشرين الماضي ، ومن ذلك تكيته بمدينة طنطا ، التي جعلها كما ورد في نص حجة وقفه ، ( للعواجز واليتامى ) لتكون منازل ومساكن لهم وللسيارة والمارة ، وأبناء السبيل من المسلمين ، ولاسيما الذين يحضرون إلى مدينة طنطا من بلاد الترك والمغرب وغيرها وهم في طريقهم لأداء فريضة الحج ) .
وقد بلغ نصيب هذه التكية من ريع الوقف 1500 جنيه مصري قبيل تسليم أطيان الوقف عام 1962 لهيئة الإصلاح الزراعي
وكان النَفَس الوطني واضحاً في أعمال الخير لديه ، من ذلك مثلاً أن المنشاوي باشا ، نص في وقفيته المحررة في عام 1903 على أنه ( لا حق لأحد من الموقوف عليهم في الوقف ، لا بنظر ولا استحقاق إذا تزوجت إحدى بناتهم بأحد من أهل الحمايات الأجنبية خلاف الدولة العلية ) (العثمانية) .
ولابد ان نشير هنا إلى إسهام الأوقاف في شراء أراضي الدولة التي بيعت أواخر القرن التاسع عشر وبدايات القرن العشرين ، وفاء لبعض أقساط الديون الأجنبية ، ذلك أن الحكومة اضطرت لبيع مساحات شاسعة من أراضي الأملاك الأميرية الحرة لمواجهة تلك الديون ، وكان المتنافسون الرئيسيون على شراء تلك الأراضي هم الأجانب من ناحية ، وكبار الملاك المصريين من ناحية ، وديوان عموم الأوقاف من ناحية ثالثة ، وهكذا اشترى ( احمد باشا المنشاوي ) في سنتي 1898 و 1900 نحو 4000 فدان ، ووقفها كلها سنة 1903 ، و ( علي باشا عبدالله مهنا ) اشترى في 1898 مساحة 689 فداناً ووقفها سنة 1900 و ( احمد مظلوم باشا ) اشترى في سنة 1904 مساحة 3130 فداناً ووقفها في سنة 1908 .
ومن أثرياء مطلع القرن العشرين ، ( فخري بك عبد النور ) الذي استغل موقع مدينة جرجا التجاري فنّمى ثروته ، و ( عمر سلطان ) الذي ورث عن أبيه ( محمد سلطان باشا ) مساحاتٍ شاسعة من الأراضي والأموال ، إلى جانب ( إدريس بك راغب ) الذي تخلى له الخديو محمد توفيق باشا عن رئاسة المحفل الأكبر الوطني المصري ( الماسوني ) في جلسة عُقِدَت في يناير كانون ثانٍ عام 1891.
وبالمناسبة فإن ( إدريس بك راغب ) شارك في الجلسة التأسيسية للنادي الأهلي المصري في 24 إبريل نيسان 1907 وكان عضو أول مجلس إدارة للنادي .
كان هناك ايضا ( إميل عدس ) الذى اسس الشركة المصرية للبترول برأسمال 75000 جنيه في بداية عشرينيات القرن العشرين ، في الوقت الذي احتكر فيه اليهودي إيزاك ناكامولي تجارة الورق في مصر ، كما اشتهر اليهود في تجارة الأقمشة والملابس والأثاث حتى أن شارع الحمزاوي والذي كان مركزاً لتجارة الجملة كان به عدد كبير من التجار اليهود ، كذلك جاءت شركات مثل شركة شملا ، وهي محال شهيرة أسسها كليمان شملا كفرع لمحال شملا باريس ، وقد تحولت إلى شركة مساهمة عام 1946 برأسمال 400.000 جنيه مصري .
مورينو شيكوريل
أما ( شيكوريل ) فقد أسستها عائلة شيكوريل الإيطالية الأصل عام 1887 ورئيس مجلس إدارتها مورينو شيكوريل عميد العائلة ، وكان رأسمال الشركة 500.000 جنيه ، وعمل بها 485 موظفاً أجنبياً و142 موظفاً مصرياً .
وفي عام 1909 ، افتتح محلاًّ جديداً في ميدان الأوبرا والذي حوَّله أبناؤه سولومون ويوسف وسالفاتور إلى واحد من أكبر المحال التجارية في مصر ، وفي عام 1936 ، انضمت إليهم عائلة يهودية أخرى ، فأصبحوا يمتلكون معاً مجموعة محلات أوريكو .
كان يوسف ( بك) شيكوريل من مؤسسي بنك مصر ( عام 1920 ) ، كما كان أخوه ( سالفاتور بك ) شيكوريل عضواً في مجالس إدارة العديد من الشركات وعضواً في مجلس إدارة الغرفة التجارية المصرية ثم رئيساً لها ، وكان ضمن البعثة الاقتصادية المصرية التي سافرت إلى السودان بهدف تعميق العلاقات التجارية بين البلدين وفتح مجالات جديدة أمام رؤوس الأموال المصرية في السودان .
وقد كان شيكوريل متجراً للارستقراطية المصرية بما في ذلك العائلة الملكية ، لكنه احترق بكرات لهبٍ ألقيت عليه أثناء حرب فلسطين الأولى عام 1948 ، ثم دَُِمر مرة أخرى في حريق القاهرة مطلع عام 1952 ، وفي المرتين أعيد بناؤه بمساعدة الحكومة ، وبقي على حاله حتى وَُِضعَ تحت الحراسة بعد نشوب حرب السويس 1956 ، وسرعان ما تخلى أصحابه عنه ببيع أسهمه لرجال أعمال .
يوسف بك شيكوريل
وبالرغم من أنه في أعقاب ثورة يوليو 1952 حرص سالفاتور على مد جسور علاقات طيبة مع الضباط الأحرار ، خصوصاً أنه كان معروفاً كرياضي سابق وكابتن منتخب مصر للمبارزة الذي شارك في دورة أمستردام الأوليمبية عام 1928 ، فإنه لحق بباقي أفراد أسرته في أوروبا عام 1957 بعد أن نقل أرصدته إلى الخارج وباع أهم شركاته Les Grands Magasins Cicurel & Oreco S.A.E ذات رأس المال البالغ 600 ألف جنيه والتي كانت تعد جوهرة التاج في شارع فؤاد الذي أصبح الآن شارع 26 يوليو ، وسط القاهرة .
وتبرز أيضاً شركة ( بونتبوريمولي ) أشهر شركات الديكور والأثاث ، وأسسها هارون وفيكتور كوهين ، و( غاتينيو ) وهي سلسلة محال أسسها موريس غاتينيو الذي احتكر تجارة الفحم ومستلزمات السكك الحديد ، وكانت عائلة عدس من العائلات اليهودية الشهيرة في عالم الاقتصاد وأسست مجموعة شركات مثل بنزايون ، عدس ، ريفولي، هانو ، عمر أفندي .
ورئس فيكتور هراري ( 1857-1945 ) الذي جاء والده إلى مصر في الثلاثينيات من القرن التاسع عشر قادماً من بيروت عدداً من الشركات التي أُقيمت بالتعاون بين كاسل ومجموعة قطاوي ( سوارس – منَسَّى – رولو ) وانتخب عام 1929 عضواً بمجلس إدارة البنك الأهلي المصري ، وحصل على لقب سير عام 1928 تقديراً للخدمات التي قدَّمها للحكومة البريطانية .
كما احتكر اليهود صناعات أخرى مثل صناعة السكر ومضارب الأرز التي أسس ( سلفاتور سلامة ) شركة تحمل اسمها عام 1947 برأسمال 128.000 جنيه مصري ، وكانت تنتج 250 طناً من الأرز يومياً ، وشركة الملح والصودا التي أسستها عائلة قطاوي عام 1906 .
كذلك استثمر اليهود في قطاع الفنادق ، إذ ساهمت عائلة موصيري في تأسيس شركة فنادق مصر الكبرى برأسمال 145.000 جنيه وضمت فنادق كونتيننتال ، مينا هاوس ، سافوي ، سان ستيفانو ، و( موصيري ) هي عائلة يهودية سفاردية من أصل إيطالي استقرت في مصر في النصف الثاني من القرن الثامن عشر ، وقد احتفظت العائلة بالجنسية الإيطالية ، وحقَّق يوسف نسيم موصيري ثروته من التجارة ، وبعد وفاته عام 1876 ، أسَّس أبناؤه الأربعة مؤسسة يوسف نسيم موصيري وأولاده .
وتزوج الابن الأكبر ( نسيم بك ) موصيري ( 1848 1897 ) من ابنة يعقوب قطاوي ، وأصبح نائب رئيس الطائفة الإسرائيلية في القاهرة وهو منصب توارثته العائلة من بعده ، ولم تحقِّق عائلة موصيري انطلاقتها الحقيقية إلا في أوائل القرن العشرين ( 1904 ) عندما أسَّس إيلي موصيري ( 1879- 1940 ) ابن ( نسيم بك ) ، بالتعاون مع إخوته الثلاثة يوسف ( 1869 – 1934 ) وجاك ( 1884 – 1934 ) وموريس ، بنك موصيري .
حقَّق إيلي موصيري مكانة مرموقة في عالم المال والأعمال في مصر ، وكان قد درس الاقتصاد في إنجلترا وتزوج من ابنة فليكس سوارس ، وكانت تربطه علاقات وثيقة بإسماعيل صدقي ، كما كانت له مصالح عديدة في فرنسا وعلاقات وثيقة ببيوت المال الأوربية اليهودية مثل بيوت روتشيلد ولازار وسليجمان ، كما كان يمثل المصالح الإيطالية في مصر ، وأسس جوزيف موصيري شركة ( جوزي فيلم ) للسينما عام 1915 والتي أقامت وأدارت دور السينما واستوديو للإنتاج السينمائي وتحوَّلت إلى واحدة من أكبر الشركات العاملة في صناعة السينما المصرية ، أما فيكتور موصيري ( 1873 – 1928 ) ، فكان مهندساً زراعياً مرموقاً وكانت له إسهامات مهمة في مجال زراعة القطن وصناعة السكر .
واشتركت عائلات يهودية أيضاً في تأسيس الشركات العقارية العديدة التي أقيمت في إطار مبيعات أراضي الدائرة السنية ثم في إطار الحجوزات العقارية بعد تَراكُم الديون على كبار وصغار الملاك المصريين نتيجة انخفاض الطلب على القطن المصري ، وقد تأسَّس أكثر هذه الشركات في الفترة ما بين عامي 1880 و1905 ، وقامت بامتلاك الأراضي واستغلالها وبإقامة المشروعات العقارية والصناعية عليها وكذلك المضاربة فيها لتحقيق تَراكُم سريع لرأس المال .
ومن أهم هذه الشركات شركة أراضي الشيخ فضل ، وشركة وادي كوم أمبو التي تأسست في 24 مارس آذار 1904 بامتياز مدته 99 عاماً ، ورأسمال 300.000 جنيه أسترليني ، وكان كبار المساهمين السير إرنست كاسل والسير إلوين بالمر والخواجات سوارس إخوان وشركاهم وفليكس سوارس ورافائيل سوارس ويوسف أصلان قطاوي بك وروبيرس رولو ، امتلكت هذه الشركة 30.000 فدان في كوم أمبو ، بخلاف 21.000 فدان ، وشقت 91 كيلومتراً من المصارف والترع و48 كيلومتراً من السكك الحديد ، كذلك برزت شركة مساهمة البحيرة التي تأسست في يونيو حزيران 1881 برأسمال 750.000 جنيه مصري وامتلكت 120 ألف فدان .
ويمكن تقدير مدى مساهمة أعضاء الجماعات اليهودية في مصر في الشركات والقطاعات الاقتصادية المختلفة من خلال عضويتهم في مجالس إدارة الشركات المساهمة التي سيطرت على أهم قطاعات الأعمال في مصر منذ أواخر القرن التاسع عشر ، وتشير بعض الإحصاءات إلى أن اليهود احتلوا 15,4% من المناصب الرئاسية و16% من المناصب الإدارية عام 1943 ، وانخفضت هذه النسبة إلى 12,7% و12,6% عامي 1947 و1948 ، وإلى 8,9% و9,6% عام 1951 ، وتشير إحصاءات أخرى إلى أن نسبة اليهود في مجالس إدارة الشركات المساهمة كانت 18% عام 1951 ، والواقع أن هذه نسب مرتفعة إذا ما قورنت بنسبتهم لإجمالي السكان والتي بلغت عام 1950 نحو 0,4% فقط .
ويمكن القول إن اليهود في مصر استطاعوا تحقيق مكاسب اقتصادية كبيرة بلغت أقصاها في الفترة من 1940 وحتى 1946 في الوقت الذي كان الاقتصاد العالمي يعاني فيه ركوداً نتيجة ظروف الحرب العالمية الثانية ، واستطاع يهود مصر أن يصبحوا أغنى طائفة يهودية في الشرق الأوسط ، ولم يتأثروا بإلغاء الامتيازات الأجنبية عام 1937 أو انخفاض معدلات الهجرة إلى مصر ، أو حتى صدور قانون الشركات رقم 138 والذي صدر في يوليو تموز 1947 لتنظيم الشركات المساهمة ، لكن كان قيام إسرائيل عام 1948 أثره في تحديد دور طائفة اليهود في مصر .
وبعد قيام ثورة يوليو 1952 ، ازداد الموقف اضطراباً ، بعد أن تغيرت موازين القوى بين العائلات اليهودية والسلطة الحاكمة في مصر ، في البداية شهدت الثورة مؤشرات إيجابية على العلاقة بين الجانبين ، إذ زار الرئيس محمد نجيب معبد ( اليهود القرائين ) في 25 أكتوبر تشرين ثانٍ 1952 لتهنئة المصريين اليهود بعيد كيبور ( الغفران ) .


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.