غريبه حقا هذه الحياة تأتيها مرغما وتعيشها مرغما وترحل منها مرغما من غير أى ميعاد…وما بين اتيانها والرحيل منها قصص وعبر عندما تخوض في طياتها تتحير تمام الحيرة من حكمتها وعبرتها تجول بأفكارك وخيالاتك متحيرا بين حكمة القصص وحكمة الحياه. فلكل منا حكمه من وجوده وهدف لوجوده وما بين الحكمه والهدف تعيش في خيالات الأمل الذى يختلف نسبيا من شخص لآخر فمنا من تمنى ونال وحقق هدفا ومنا من تمنى ولم ينل فى انتظار تحقيق الأمل ومنا من تمنى ولم ينل وما زال يتمنى ومنا من تمنى وعاش على الامل ورحل دون بلوغ أمله . فهى الحكمة التى قدرها المولى سبحانه وتعالى الذى يبدع فى احكامها وتقديرها وتحقيقها بالكيف الذى أراد…فلكل منا قدر محتوم وأجل معلوم ورزق مقسوم حتم وقدر وبالرغم من تلك الحقيقه الأزلية إلا اننا فى الحياة نعيش بأمل لبلوغ الهدف رغم حكمة الله وتصريفه . ففى الدنيا غرباء نعيش وفي أحوالها نفكر ونحلم وخالقها حى لايموت يدير ويدبر يعطى من شاء ويمنع بعلم معلوم واجل محتوم … فمنا من يسرت احواله وكثرت امواله وقويت عزوته وبنيته وفتحت الدنيا أبوابها له واعطته مختلف نعم الله فيها إلا أن حكمة الله فيها ان تمنعه املا تمناه ولله دعي ورفع يداه وبالخفاء توسل وناداه فما حجب عنه انساه فرحة ما من الدنيا لاقاه . نعيم عيشته وفرحة مكسبه ولذة مأكله ومشربه ..فتمنى زوال تلك النعم على ان يرزق نعمة ما تمنى ولم ينل… وايضا فينا من يعيش من عسرت احواله وجف رزقه وامواله وصعفت صحته وبنيانه واغلقت امام عينيه ابواب الرزق المقسوم فبالكاد يعيش بالكفاف ويلتحف من الدنيا ادنى ادنى ما فيها من نعيمها الزائل دون لذة يستسيغها او فرحة يعيشها ..ورغم هذا يعيشها بكدرها وضيقها فرحا مطمئنا غير عابس لها او مهتم بشؤنها حيت ان ما تمناه لاقاه فاطمئنت سريرته وهدأت نفسيته ويقضيها بأجل محتوم لقدر معلوم . فتلك أمور من أقل أمور الدنيا سيرها الله لحكمه وقدرها لعلم يعلمه فرزق لسبب ومنع لاسباب فسبحانه وتعالي كل شئ عنده بمقدار يهب ويعطى من أراد ويمنع ما يشاء عمن أراد..فسبحانه يرزق الكافر ويمتعه رغم كفره ويمنع المؤمن رغم ايمانه لحكمه يقدرها ويدبرها تتحير لها وفيها العقول والالباب. رزق المال والولد ومنع الصحه وتمام الجسد..واعطى الصحه ومنع المال ومنع الحكمه واعطى الولد فكثيرا ما تجده ضالا مع الغنى وبارا مع الفقر فتلك ايضا حكمه يعلمها ويقدرها وامور يسيرها ويدبرها.. . فالحياه اعتبرها دائرة مغلقة تبدأها من نقطه مهدك ثم فتيا صحيحا تذوب في احوالها بحلوها ومرها وفرحها وكدها وعسرها ويسرها ناسيا انك تمشى في قطرها لتجد نفسك عند نقطة النهايه ظناً بها أنها نقطه أخرى لكنها في الحقيقه نقطة البداية والنهاية عدت اليها كهلا ذائب العضلات واهن الجسد ضعيف البصر و البصيره لتنهى كفرد من افرادها جولة خاضها غيرك الكثير ..منهم من ترك اثرا تزروه وتمحوه اضعف الرياح.كأنه لم يكن فيها ..ومنهم من نحت فيها اثرا لا تؤثر فيه الريح العاتية ليعش بذكرى الاثر اضعاف الحياة التى عاشها في الحياة الدنيا . فلتأتها وإن كنت مرغما عليها فعشها كما أمرك المولى سبحانه وتعالي تفكر أحوالها ولا يغرنك منها تقلباتها لتترك فيها خير أثر وخير السيرة ..ومع كل ما ستترك خيرا أو شرا فسترحل مرغماً.