الزمان المصرى :ناصر البدراوى:بدت مصر على حافة المجهول، مع استمرار المظاهرات والاعتصامات المطالبة برحيل المجلس العسكري عن الحكم فورا، عشية انتخابات مقررة الاثنين، وتقرر تمديد التصويت فيها الى يومين تحسبا لضعف التصويت بسبب الاوضاع الامنية المتردية رغم التطمينات الرسمية بضمان امن اللجان. وشهد ميدان التحرير مليونية حاشدة شاركت فيها عشرات الائتلافات الشبابية، وغابت عنها الاحزاب وفي مقدمتها حزب الحرية والعدالة الذراع السياسية لجماعة الاخوان، بينما شهد ميدان العباسية مظاهرة بمشاركة عدة الاف تاييدا لبقاء المجلس العسكري بالحكم، وتحدث فيها محسوبون على نظام مبارك. وادى اختيار المجلس العسكري للدكتور جمال الجنزوري لتشكيل الحكومة الجديدة الى نتيجة عكسية، اذ تزايد الغضب في الميدان، واعلنت قوى سياسية وشبابية رفضها لهذا الاختيار باعتبار ان الرجل كان من رموز عهد مبارك لسنوات طويلة، وان كان اختلف معه وترك رئاسة الوزراء في العام 1999. واقترح متظاهرو ميدان التحرير المنتمون الى عدة حركات شبابية والذين يرفضون تعيين كمال الجنزوري رئيسا للوزراء قائمة اسماء للحكومة الجديدة، مطالبين بأن يترأسها المدير العام السابق للوكالة الدولية للطاقة الذرية محمد البرادعي. وكان البرادعي انضم ظهر الجمعة الى المتظاهرين في ميدان التحرير حيث ادى معهم صلاة الجمعة. واكد المتظاهرون انهم باقون في ميدان التحرير الى ان تتحقق مطالبهم. ورغم ذلك اكد المجلس العسكري ان الانتخابات التشريعية، التي ستجرى على ثلاث مراحل، ستبدأ في موعدها المحدد الاثنين المقبل. ويبدو ان مصير الانتخابات سيتحدد خلال الساعات المقبلة، مع اعتزام المحتجين مواصلة الاعتصامات في العديد من ميادين مصر، واتضاح ما سيثيره هذا من ردود افعال وان كانت ستحصل المزيد من الاشتباكات. وبدت الجهود للتوصل الى تسوية للأزمة بين الثوار والعسكر وقد وصلت الى طريق مسدود، اذ رفعت في الميدان تسعة مطالب تصدرها 'تشكيل مجلس رئاسي مدني' بديل عن المجلس العسكري، وهو امر غير قابل للنقاش بالنسبة للعسكر الذين يعتبرون ان تخليهم عن الحكم في هذا التوقيت نوع من 'خيانة الامانة' ويلوحون بانهم يحظون بقطاعات اكبر من الشعب. وتؤيد بعض الاحزاب وبينها حزب الاخوان، والجبهة الديمقراطية موقف المجلس الرافض لترك السلطة،وقال القيادي الاخواني محمود غزلان ان ذلك سيؤدي الى 'فوضى شاملة'. الا ان الامام الاكبر للازهر الشيخ احمد الطيب القى بثقله المعنوي الجمعة خلف المتظاهرين المحتشدين في ميدان التحرير. ووسط هتافات مدوية في ميدان التحرير تردد 'الشعب يريد اسقاط المشير'، القى رئيس المكتب الفني لمشيخة الازهر حسن الشافعي كلمة اكد فيها ان'الامام الاكبر الشيخ احمد الطيب يشارككم موقفكم ويدعو لكم بالتوفيق'. وهذه اول مرة منذ عقود يتبنى الازهر، الذي يتم تعيين امامه الاكبر من قبل رئيس الجمهورية، موقفا معارضا للسلطة في البلاد. ويعطي الدعم الصريح من قبل مشيخة الازهر ثقلا معنويا كبيرا لمطالب المتظاهرين في ميدان التحرير خصوصا ان جماعة الاخوان المسلمين، اكبر الحركات الاسلامية في البلاد واكثر القوى السياسية تنظيما، تقاطع هذه التظاهرات ولا تؤيدها. واعتبر مراقبون ان مصر تمر بمفرق طرق صعب قد يتحدد على ضوئه مصير ثورتها وربما ثورات اخرى في المنطقة، وان المعركة اكبر من اختيار رئيس للوزراء او اجراء الانتخابات من عدمه ، ولكن ان يتخلى العسكر بشكل كامل عن السلطة التي احتفظوا بها طوال العقود الستة الماضية. وبدت المظاهرات وقد سرقت الاضواء تماما من الانتخابات، حتى ان كثيرا من المرشحين اوقفوا حملاتهم الدعائية، حتى تتضح الصورة. ورغم عدم وجود مشكلة امنية في اغلب الدوائر الا ان الاحداث الاخيرة ربما تؤثر على طبيعة المشاركة ونوعيتها. واعتبر محللون ان ميدان التحرير ربما يعيد رسم الخريطة الانتخابية بعد ان اظهر الاحزاب السياسية بشكل عام في صورة الانتهازيين الذين لا يهمهم الا الوصول للحكم، في حين ان الثوار وحدهم تصدوا للمجلس العسكري لاسترداد اهداف الثورة. وعلى الصعيد الدولي، طالب البيت الابيض الجمعة المجلس العسكري بنقل السلطة الى حكومة مدنية 'بشكل عادل وشامل' على ان يجري ذلك 'في اسرع وقت ممكن'. وقال المتحدث باسم البيت الابيض جاي كارني في بيان ان 'الاهم هو اننا نعتقد ان النقل الكامل للسلطة الى حكومة مدنية يتعين ان يجري بشكل عادل وشامل يلبي التطلعات المشروعة للشعب المصري، في اسرع وقت ممكن'. ودان الاتحاد الاوروبي الجمعة استخدام السلطات المصرية 'المفرط' للعنف ضد المتظاهرين وحث المجلس العسكري على تسليم السلطة للمدنيين بسرعة. وقالت مايا كوزيانيتش المتحدثة باسم وزيرة خارجية الاتحاد الاوروبي كاثرين اشتون لوسائل الاعلام ان'الاتحاد الاوروبي قلق للغاية من الوضع الخطير في مصر ويدين استخدام السلطات المصرية المفرط للعنف ضد المدنيين'. ودعت المتحدثة 'جميع الاطراف'الى ممارسة ضبط النفس واوضحت ان الاتحاد الاوروبي ينتظر اجراء تحقيق مستقل عن الاحداث.