القاهرة «القدس العربي»: لم يعش أنصار الرئيس السيسي في الفضائيات والصحف المصرية في ورطة أكثر مما هم عليه اليوم، حيث وجدوا انفسهم مطالبين بلعن ما صفقوا له بالأمس، فلازالت الذاكرة تعي مشاهد هؤلاء وهم يرقصون ويهللون من أجل الدستور، الذي هاجمه الرئيس قبل أيام، فكان لزاماً على فريق الكورس في فرقة الأوبرا الإعلامية، أن تكون رهن إشارة المحظوظ، الذي ترشحه الأنباء والشواهد لاحتمال أن يكون رئيساً أبدياً، وهو الأمر الذي يتوق إليه أنصاره، ويحذر منه خصومه، متسائلين ما فائدة ثورة يناير/كانون الثاني، التي زهقت من أجلها أرواح العديدين؟ وما معنى أن نذهب بديكتاتور فاسد ومستبد، جرف مصر وأذل شعبها طيلة ثلاثة عقود، كي تعيد مصر سيرتها الأولى من جديد؟ في صحف الأيام الماضية، وبعد أن قال الرئيس قولته «الدستور لم يكتب بنوايا حسنة» التي حذفها التلفزيون المصري لاحقاً، لم تجد الآلة الإعلامية، التي لاهم لها سوى غسل أدمغة الجماهير، إلا أن تناقض نفسها من أجل إقناع المصريين بأن الدستور الذي وصفوه من قبل بأنه إنجاز تاريخي، ما هو إلا رجس من عمل الشيطان، وخطر على صحة المواطنين، كما أنه يهدد الأمن القومي، لذا دقت طبول الحرب على مدار الأيام الماضية، وأغلب الظن أنها ستدق لشهور مقبلة، حتى يتم تغيير بعض مواد الدستور مجدداً، وهو الأمر الذي أسفر عن اندلاع معارك صحافية ضد المؤيدين والمعارضين على النحو الذي سنرى في ما يلي: المصالحة ضرورة وطنية يرى المخلصون لهذا الوطن أنه لا نجاة لأهله إلا بإعادة اللحمة بين ابنائه، وهو ما يصر عليه الشيخ عبود الزمر في «المصريون»، ويؤكد أن «معركة الدولة مع بعض الفصائل من أبنائها ليس فيها غالب ولا مغلوب، فالخاسر الأكبر هو الوطن. كما أن من يتصور قيام ولاية داخل الدولة، في وجود حكومة مركزية وجيش قوي هو واهم بالدرجة الأولى. وشدد الزمر على أن التفجيرات العشوائية التي تصيب المواطنين، سواء من الجيش أو الشرطة أو المدنيين، هو ظلم وعدوان على الدماء المعصومة. كما أن استخدام القوة المفرطة في التعامل مع المواطنين يعتبر عملا خارج نطاق القانون، ومنتقدا على المستوى المحلي والدولي. كما أن البديل الواقعي عند عدم القدرة على التغيير هو الصبر والنضال السياسي السلمي، حتى تتحقق الأهداف. يضيف الزمر أن الثبات والتضحية في موضع لا يحقق المصلحة هو من باب إهلاك النفس والإمكانات بغير مسوغ شرعي «لا يكلف الله نفسا إلا وسعها» الحكومات أو الجماعات التي تترك المشورة حول القضايا الرئيسة في المجتمع تفقد كل يوم أنصارها، وربما شملتهم قائمة الخصوم. ويرى أن ما يريده المواطن إلى جوار المشروعات الاستراتيجية هو ذلك المشروع التنموي القريب العائد، الذي يظهر أثره على دخله ومستواه المعيشي. واشار إلى أن التغييرات الوزارية ليست مهمة بقدر تغيير السياسات التي يكون مردودها على الإصلاح ومقاومة الفساد وإقامة العدل ورد المظالم إلى أهلها. ويخلص عبود إلى أن وجود المظالم في المجتمع يعد مانعا أمام سبل النهضة». حظر النشر أداة الدولة المستبدة تحولت ظاهرة حظر النشر إلى انطباع سائد لدى الجميع الآن، إن أي حادثة أو واقعة تتعلق بشأن عام أو ورطة يكون طرفها الحكومة أو أجهزة تابعة لها، سيتم حظر النشر فيها مباشرة، بحيث يغيب عن الرأي العام، كما يقول جمال سلطان رئيس تحرير «المصريون»، أي معلومات عن الموضوع أو حوارات أو إضاءات إعلامية أو صحافية، وينتظر الناس البيانات التي تصدرها النيابة العامة فلا يجدون شيئا، ومن ثم يتحولون إلى المواقع الأجنبية والصحف الغربية لمحاولة تلمس أي معلومات حول الحادثة، لأن ستائر الصمت فرضت عليها في الداخل. وزير الخارجية المصري سامح شكري أصدر بيانا في صورة مقال مطول، ترجمته الخارجية إلى الإسبانية ولغات أخرى لنشره في المكسيك، تحدث فيها عن الواقعة وقدم العزاء للشعب المكسيكي وأسر الضحايا، ولكن الذي لفت انتباهي أن خطاب الحكومة المصرية، ممثلة في الخارجية، إلى العالم الخارجي كان مختلفا عن خطاب الحكومة وأجهزتها للداخل، فبينما توالت التصريحات والبيانات الرسمية في الداخل عن أن السياح هم الذين يتحملون المسؤولية لأنهم لم يحصلوا على تصريح، أي أنهم متسللون، وأنهم اقتحموا منطقة محظورا التجول فيها، وتلك جريمة بنص القانون المصري، إذ بخطاب الحكومة المصرية، عبر خارجيتها للشعب المكسيكي، يقول إن جهات التحقيق تبحث في ملابسات الموضوع ، وفي ما إذا كان هناك سوء استخدام للقوة في التعامل مع الموقف، وأن المعلومات ستوضح للرأي العام المكسيكي أولا بأول، وابتعد بيان الحكومة المصرية الذي أعدته للتصدير في الخارج عن أي اتهام للسياح بأنهم دخلوا مناطق محظورة، أو أنهم لم يحصلوا على تراخيص، وهكذا أصبح للواقعة خطابان، خطاب للشعب المكسيكي وخطاب للشعب المصري.. الصحافة المكسيكية تتابع وتنشر ولا تعبأ، والصحافة المصرية تلتزم بعدم الخوض في مجريات التحقيق، وإن كانت بعض الصحف تنشر تسريبات مجهولة عن مسؤولين في الداخلية أو «الغرف السياحية» تصر على إدانة السياح وتبرئة الحكومة... نتصرف في مختلف شؤون الدولة تصرفات عفوية أو عشوائية وغير مدروسة، ومتعجلة، وعندما يقع الخطأ من جراء ذلك نحاول احتواء الخطأ بتصرف آخر عشوائي هو الآخر وغير مدروس فيتعاظم الخطأ، وهكذا نظل نهرب من ورطة إلى حفرة ومن زلة إلى سقطة ومن مصيبة إلى كارثة، وهذه دائما من أمراض وعلامات المراحل الانتقالية القلقة» . القبض على وزير الزراعة لازال لغزاً لازالت قضية القبض على وزير الزراعة مصدر اهتمام الكثيرين، من بينهم يحيى حسن عمر في «الشعب»: «لا يكاد يشك عاقل في أن ملابسات سقوط وزير الزراعة المصري والقبض عليه هي في أقل أحوالها غامضة جدًا ومريبة، ولا يمكن تحليلها بمعزل عن السياق العام للأحداث، الذي تمر بها البلاد. الرجل أعلن أنه سيكشف قضية فساد ضخمة، وأشار إلى تغلغل الفساد في أروقة وزارته عدة مرات، ثم فجأة بعدها بأيام يُقال، ثم بعدها بدقائق يُلقى القبض عليه! الحقيقة بحسب الكاتب أن الحدث وملابساته تنتمي لعالم اللامعقول، فأول العجائب صدور حظر نشر فوري في القضية، وهذه الظاهرة وإن كانت قد بدأت تظهر في الفترة الأخيرة وتصادر الحريات المتبقية للصحافة المصرية! لكن لم يحدث أن صدر القرار بهذه السرعة إلا نادرًا، ورغم حظر النشر الفوري فقد علمنا قائمة الاتهامات الموجهة له، وهذه أول علامة استفهام، ثم أن بيان ذلك خرج تفصيليًا من النيابة، وخرج راصدًا للصغيرة قبل الكبيرة حتى رصد قيمة جهازي هاتف محمول قيمة كل منهما 5500 جنيه، في الوقت الذي أهلك فيه المستشار هشام جنينة نفسه وهو يشكو لطوب الأرض ويصدر مئات التقارير عن الفساد المستشري في أروقة الوزارات المختلفة. وأعجب منه، وفق الكاتب، أن يُقال الوزير ثم يقبض عليه في اليوم نفسه! ألا يقبض على مواطن بالشبهة فهذا منطقي، لكن أن يظل الموظف في موقعه من دون عزل أو إيقاف رغم تراكم الشبهات وتعاظم الشك فيه، فهذا هو عين المشاركة في الفساد، فأين كان رئيس الوزراء وحاكم البلاد من هذا؟». الأقصى خير شاهد... العرب لا يتعلمون من كوارثهم قليلون هم الكتاب الذين باتوا يهتمون بالقضايا الكبرى في عالمنا الإسلامي والعربي، وها هو عبداللطيف المغربي في «الشعب» ينتقد ما وصل له حالنا: «إن ما يحدث في عالمنا العربي والإسلامي، وما تمخض عنه مؤخرا من اقتحام المسجد الأقصى المبارك، وصمت دولي وعربي وإسلامي، كصمت أهل القبور، حتى الشجب والاستنكار أصبح يحدث‘ إذا حدث أصلا، على استحياء وخنوع وهوان، سببه الرئيسي والحقيقي الذي لابد أن نواجه به أنفسنا اولا وقبل أن نلقي اللوم على شماعة ما يسمى المجتمع الدولي، فهذا الأخير لا يعمل ولن يعمل إلا لمصلحته ومصلحته فقط، ولا سوى ذلك، وهو أفضل منا نحن العرب والمسلمين، للأسف الشديد، لماذا؟ يجيب الكاتب قائلا: لأنه ببساطة، وفي كل وقت، وحين يصرح بكل وضوح وصراحة بأنه يعمل من أجل مصلحته العليا، بل وبكل صراحة ووضوح من أجل أمن وحماية اسرائيل. ونحن وكما يرى ويشاهد ويعلم الجميع نعول عليه، بل نستنجد به لحماية مقدساتنا! فعندما يقتحم متطرفون صهاينة بحماية شرطتهم، الأقصى المبارك ويدنسونه ويطلقون النار على المصلين، ماذا نفعل بكل خضوع وهوان وذلة ومهانة، نلجأ إلى المحتل، وما يسمى القوى العظمى لإنقاذنا، وللأسف الشديد، لم نتعلم من الدرس، فنحن العرب حينما خُدع صدام حسين وزُج به لاقتحام دولة جارة، هي الكويت، هرولنا إلى أمريكا لإنقاذنا من صدام وغطرسته، فماذا كانت النتيجة، كانت احتلالا لأكبر دولة عربية بعد مصر، وتفتيت جيشها وجعل أهلها شيعا». أوباما.. حينما يكرم طفلاً ويقتل شعوباً «يجب علينا أن نشجع مزيدا من الأطفال مثلك على حب العلوم، هذا ما يجعل أمريكا عظيمة».. بهذه الكلمات دعم رئيس الولاياتالمتحدةالأمريكية باراك أوباما الطفل أحمد محمد الحسن البالغ من العمر 14 عاما، المنحدر من أصول سودانية مسلمة، الذي اتهم بالإرهاب لأنه أحضر ساعة منزلية الصنع إلى مدرسته في ولاية تكساس الأمريكية. رد فعل الرئيس الأمريكي ليس مفتعلا أو تمثيلا أو واحدا من المشاهد الركيكة المبتذلة التي نراها في إعلامنا أو مسلسلاتنا، أو أيام الانتخابات البرلمانية.. كما يرى احمد سعيد طنطاوي في «الأهرام»: «دعا أوباما الطفل أحمد لزيارة البيت الأبيض ومعه ساعته، والمعنى واضح والمغزى أكثر وضوحا.. فلسان الحال يقول: لن نكرمك فقط يا أحمد ولكننا سنكرم أيضا اختراعك الذي يجب أن يراه كل العالم في كل مكان ليس لأنه الأفضل، ولكن لأنه من أحد أطفالنا المخترعين العباقرة».. وقد وافق أحمد على تلبيه دعوة أوباما. وأبرز ما يستشهد به الكاتب من اللقاء أن «أمريكا تحترم طلابها وتعليمها» وقد صدر منذ عدة أيام تقرير عن ترتيب أفضل جامعات العالم وبالطبع احتلت الجامعات الأمريكية الصدارة.. فمعهد ماساشويتس الأمريكي جاء في المرتبة الأولى، وخلفه جامعة هارفارد في المرتبة الثانية وغيرهما من جامعات أمريكا التي لا يتسع المجال لذكرها». ثروة مصر الكبرى بين يدي اللصوص وإلى باب من أهم ابواب الفساد يحدثنا عنه فاروق جويدة حيث يؤكد في «الأهرام» على أن «مسلسل توزيع الأراضي في مصر هو أوسع أبواب الفساد الذي ظهر في تاريخ مصر الحديث.. هذا المسلسل يقف وراء كل جرائم نهب المال العام.. هذا المسلسل كان وراء إنشاء طبقة جديدة من أصحاب المصالح، كانت سببا في كل مظاهر الخلل التي أصابت التركيبة الاجتماعية والاقتصادية للشعب المصري.. وهذا المسلسل هو الذي خلق كل التراكمات المالية التي حصل عليها عدد من الأشخاص الذين تكونت منهم الطبقة الجديدة.. ولهذا لم يكن غريبا أن تكون الأراضي هي القاسم المشترك في كل قضايا الفساد، سواء تلك التي كشفتها الأجهزة الرقابية أو تلك التي مازالت تبحث عن أيد أمينة تعيد للشعب ثرواته الضائعة.. ووفقاً للكاتب كانت الأراضي هي الغنائم التي سطا عليها عدد من الأشخاص تحت دعاوى الانفتاح حينا والخصخصة حينا آخر، في كل أنحاء المحروسة، ابتداء بالطرق الصحراوية وانتهاء بالشواطئ والبحيرات.. لا أحد يعلم حجم المساحات التي تم توزيعها، أو التي تم بيعها، ابتداء بالعقارات والمدن الجديدة وانتهاء بالأراضى الصحراوية، مرورا على تبوير الأرض الزراعية وتحويلها إلى مبان.. إن هذا التاريخ الأسود الذي خلفته عهود سابقة كان أكبر الجرائم في حق هذا الشعب ومستقبل أجياله القادمة.. ماذا يعنى أن يحصل شخص ما على ألف فدان لزراعتها بسعر 200 جنيه للفدان، ثم تتحول إلى قصور وفيلات يجمع منها مئات الملايين؟ ماذا يعني أن يتم توزيع مساحات رهيبة من الأراضي على الشواطئ في شرم الشيخ والغردقة بسعر دولار للمتر بالتقسيط ويباع في اليوم التالي بسعر 500 دولار للمتر نقدا؟».